أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - مصطفى القرة داغي - عراقية الأكراد .. عريقة عراقة دجلة و الفرات















المزيد.....

عراقية الأكراد .. عريقة عراقة دجلة و الفرات


مصطفى القرة داغي

الحوار المتمدن-العدد: 772 - 2004 / 3 / 13 - 09:25
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


هناك حقيقة واقعة لا يختلف عليها أثنان و هي أن أغلب دول العالم اليوم هي ليست مساحات جغرافية محددة لمجموعة من البشر يربطهم رابط القومية و السلالة البشرية الواحدة و أنما هي دول لخليط من القوميات و المجموعات الأثنية و الدينية المختلفة كأمريكا على سبيل المثال أو كندا أو نيوزيلاندا أو غيرها من الدول .. بل أن بعض الدول التي كانت حتى الأمس القريب حكر على مجموعة أثنية خاصة من الجنس البشري كألمانيا ( بلاد الجنس الجرماني الآري ) أو السويد و النرويج ( بلاد شعوب الفايكنغ الآرية ) أصبحت اليوم مثالاً رائعاً للتعايش السلمي بين مختلف القوميات و الأجناس و الأديان التي هاجر أفرادها الى هذه الدول من بلدانهم الأصلية لأسباب سياسية و أجتماعية مختلفة .
و العراق بأعتباره أول بقعة على هذه الأرض أستوطنها البشر و أقاموا عليها أولى الحضارات الأنسانية كان خلال تأريخه الطويل غايةً و محطاً و مستقراً للكثير من السلالات البشرية على أختلاف أجناسها و أصولها .. فقد أستوطنه في البدء السومريون ( وهُم آريون ) ثم جاء الأكديون و البابليون و الآشوريون ( وهُم ساميون ) بالأضافة الى الأكراد الذين سكنوا أجزائه الشمالية و أسسوا فيها قبل آلاف السنين أمبراطورية ميديا الشهيرة و كذلك العرب الذين سكنوا أجزائه الوسطى و الجنوبية و أسسوا هناك مجموعة من الممالك الصغيرة كان أشهرها على الأطلاق مملكة الحيرة .. كما توالت غزوات دول الجوار على أرض العراق لأحتلاله منذ زمن السومريين و حتى تأسيس الدولة العراقية الحديثة كالعيلاميين و الأموريين و الساسانيين و أخيراً العثمانيين .. و قد أدى أحتلال بعض هذه الدول للعراق في بعض مراحل التأريخ و لفترات طويلة الى أنتقال الكثير من رعاياها للعيش و الأستقرار في العراق ليصبحوا جزئاً من فسيفساء شعبه.. بعد ذلك توالت الهجرات البشرية الى العراق من أتراك و فرس و هنود و باكستانيين و حتى عرب خصوصاً بعد ظهور الأسلام و أنتقال عاصمة الدولة الأسلامية الى الكوفة في زمن الأمام علي (ع ) و من ثم الى بغداد في زمن الخليفة أبو جعفر المنصور .. و ظل العراق طوال مئات السنين مثالاً رائعاً للتعايش السلمي بين هذه القوميات المختلفة التي أرتبطت فيما بينها بروابط عديدة أقتصادية و أجتماعية كالتجارة و الزواج و كانت لكل قومية من هذه القوميات ثقافتها و لغتها و أعيادها الخاصة التي كانت تحتفل بها مع باقي القوميات و بالعكس .
و عند الحديث عن الأكراد في العراق بشكل خاص يجب أن يتذكر جميع العراقيين و قبلهم أكراد العراق أنفسهم بأن الأكراد أقدم أنتمائاً الى تلك الرقعة الجغرافية التي كانت تعرف سابقاً و لا تزال ببلاد الرافدين أو بلاد ما بين النهرين و التي تسمى اليوم بدولة العراق من أغلب القوميات الأخرى الموجودة في البلاد و بضمنهم العرب الذين يشكلون الآن أغلبية سكان العراق طبعاً بأستثناء الآشوريين الموجودين في شمال البلاد و أحفاد السومريين الذي يقطنون الأهوار و اللذان يمثلان و بدون منازع أول من سكن و أرسى دعائم بلاد ما بين النهرين .. و هذا الكلام عن الأكراد ليس كلاماً عابراً كما يظن البعض بل أنه كلام موثّق تثبته الأدلة و الوقائع التأريخية فالأكراد موجودون في العراق منذ زمن الأسكندر الأكبر بل و أقدم من هذا التأريخ و حادثة الأكراد مع جنود حملته التي أرسلها لمحاربة الفرس مشهورة و ترويها أغلب كتب التأريخ اليوناني .. أذ تروي هذه الكتب بأن الأسكندر كان قد أرسل حملة عسكرية قوامها 10 آلاف مقاتل لمحاربة الفرس لكن ما حدث أن جنود هذه الحملة أشتبكوا عند مرورهم بسلاسل الجبال الواقعة شمال بلاد ما بين النهرين مع الأكراد و حدثت حينها معركة كبرى أبيد بعدها جيش الأسكندر عن بكرة ابيه .. كما يروي ( زينفون ) أحد تلامذة الفيلسوف اليوناني الشهير سقراط و هو أول كاتب يوناني أتى على ذكر الأكراد و ذلك في كتابه ( أناباسيس ) بأنه عندما أرسل أحد ملوك فارس آنذاك جيشاً قوامه 100 ألف محارب الى جبال الكردوخيين ( أي الأكراد ) قبل فترة وجيزة من حملة الأغريق ( أي حملة الأسكندر ) المؤلفة من 10 آلاف محارب قضى الأكراد على ذلك الجيش .
و أذا لم تكن للأكراد دولة واحدة تجمعهم حتى الآن فهذا ليس أستثنائاً لأن أغلب القوميات الموجودة على الأرض الآن لا تجمعها دولة واحدة فلا العرب و لا الرومان ( سكان أوروبا ) كانت لهم في يوم من الأيام دولة واحدة بل كانوا على مر التأريخ و لا يزالون موزعين على مجموعة من الدول .. فالعرب على سبيل المثال لم تكن لهم على مر التأريخ دولة موحدة تجمعهم و حتى في زمن الأسلام كانت الدولة الأسلامية دولة دينية و لم تكن دولة قومية للعرب بدليل أن القائد الكردي المسلم صلاح الدين الأيوبي حكم أجزاء واسعة من هذه الدولة في فترة من الفترات رغم كونه كردي الأصل لأن الأساس كان آنذاك دينه و ليس قوميته .. و الى الآن لا يزال العرب موزعون على بلدان المشرق و المغرب فهم موجودون في العراق و في بلاد الشام و في دول الخليج و في دول شمال أفريقيا يشاركهم العيش في هذه الدول أناس من قوميات أخرى كالأكراد و التركمان و الآشوريين في العراق و أحفاد الفينيقيين في بلاد الشام و الأمازيغ في دول المغرب و أحفاد الفراعنة من الأقباط في مصر و السودان و حتى دول الخليج تسكنها نسبة كبيرة من ذوي الأصول الفارسية و الهندية و الذين أصبح بعضهم اليوم مواطنون في هذه البلدان .. و لو تمعنّا قليلاً لوجدنا بأن النخب العربية الواعية في أغلب هذه الدول بدأت تعي فشل الخطاب القومي و لا واقعيته لأنه ببساطة يجيّر البلاد لقومية معينة مما يعني أستبعاد مواطني البلد من القوميات الأخرى و أعتبارهم مواطنون من الدرجة الثانية و الأتجاه العام يميل الآن لدى أغلب هذه النخب نحو القُطرية التي هي أمر واقع و من ثم العالمية خصوصاً وأن العالم بمجمله بدأ يتحول الآن و كما يصفه علم الأجتماع الحديث الى قرية صغيرة و قليلون هم اليوم من يفكرون بطريقة ( أن البلاد الفلانية هي بلاد الجنس أو العرق أو القومية الفلانية ) .. فهذه الفكرة تخلت عنها حتى أكثر الشعوب تعصباً لعرقها و لقوميتها كالألمان على سبيل المثال و بدؤا الآن برضاهم أو رغماً عنهم يتعايشون شيئاً فشيئاً مع مهاجري دول آسيا و أفريقيا الذين أصبح و جودهم في ألمانيا أمر واقع بعد تجنّس أغلبيتهم بالجنسية الألمانية .
لذا يجب اليوم على جميع العراقيين و خصوصاً بعد سقوط نظام العفالقة الفاشي الذي كان متستراً وراء خطاب قومجي مقيت أن يركزوا على بناء العراق الجديد الذي نتمنى أن يكون مظلة و خيمة لجميع العراقيين و التأكيد على الهوية العراقية التي تسع الجميع دون النظر الى قوميتهم أو دينهم أو معتقدهم أو لونهم .. بالمقابل فأننا حينما ندعوا الى أن تكون الهوية العراقية هي الأساس فذلك لا يعني الدعوة لألغاء الهويات الأخرى فشعور المرء بأنتمائه للعراق لا و لن يلغي شعوره بالأنتماء لقوميته أو لدينه .. و وجود هذه الظاهرة في المجتمع العراقي لا يعد كما يراه البعض أشكالاً في الحالة العراقية و لا ينقص منها فهو موجود في أكثر دول العالم تقدماً .. ففي كندا على سبيل المثال نرى أن أكثر الكنديين ذوي الأصول الفرنسية يعيشون في ولاية ( كويبك ) الكندية ذات الطابع الفرنسي في كل شيء الى جانب أحتفاظهم بالهوية الأساسية للدولة و هي الكندية دون أن يسبب ذلك أشكالاً لهم أو لدولتهم .. و أذا كان البعض من العراقيين يرى أن أنتمائه القومي أو الديني أو العشائري يسبق أو أهم من أنتمائه للعراق فعلينا أن نبني معه جسور للحوار بآليات ديمقراطية و لندعه يتمتع لفترة بهذه الفكرة التي سيكتشف عاجلاً أو آجلاً أنها لن توصله الى شيء .



#مصطفى_القرة_داغي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأرهاب ملّة واحدة .. صدام و بن لادن
- المتقاعدون .. لماذا لم ينصفهم العراق الجديد ؟
- مجلس الحكم و سياسة المحاصصة و التوافق
- لسنا فقط أمة قاصرة .. بل أننا القصور بعينه
- مرتزقة و مزورون
- نعم للفدرالية .. من أجل عراق مستقر و آمن
- العرق الجديد .. و خطوة الى الوراء
- وزير الدفاع الأمريكي وأسير حربه !
- لماذا ما هو حلال لكم حرام علينا ؟
- و أَ سكَتوا صوت الحق
- العراق الجديد و هيستيريا القومجيون العرب
- العراق الجديد و بعض الأصوات النشاز
- رياح التغيير و الأنظمة العربية
- هل أصبح للطغاة حقوق يدافَع عنها ؟
- هكذا ينتهي الطغاة
- الحوار المتمدن .. تجربة نتمنى أن تكون نموذجاً لحوار متمدن عر ...
- مروجوا نظرية المؤامرة من العرب يتآمرون على العراق
- وليمة لآكلي لحوم البشر
- بوش في بغداد .. موتوا بغيظكم يا أيتام صدام
- مسلسل - العمة نور - والمثقفون العرب


المزيد.....




- حمزة يوسف.. الوزير الأول بإسكتلندا يعلن أنه سيستقيل من منصبه ...
- مصادر لـCNN: حماس تناقش مقترحًا مصريًا جديدًا لإطلاق سراح ال ...
- رهينة إسرائيلية أطلق سراحها: -لن أسكت بعد الآن-
- لا يحق للسياسيين الضغط على الجامعات لقمع الاحتجاجات المناصرة ...
- باسم خندقجي: الروائي الذي فاز بالجائزة العالمية للرواية العر ...
- بلينكن يصل إلى السعودية لبحث التطبيع مع إسرائيل ومستقبل غزة ...
- ظاهرة غريبة تثير الذعر في تايوان.. رصد أسراب من حشرات -أم أر ...
- مصري ينتقم من مقر عمله بعد فصله منه
- لردع الهجمات الإلكترونية.. حكومة المملكة المتحدة تحظر استخدا ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة في دونيتسك والقضاء على 975 جن ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - مصطفى القرة داغي - عراقية الأكراد .. عريقة عراقة دجلة و الفرات