أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فاطمة ناعوت - هذه ليستْ تفاحة!














المزيد.....

هذه ليستْ تفاحة!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2510 - 2008 / 12 / 29 - 09:34
المحور: سيرة ذاتية
    


"لو أن الأفكارَ يمكن أن تُرى!" هكذا تمنى رينيه ماجريت، الفنان البلجيكي(1898-1967)، أن يرسمَ "الأفكارَ" المجنونةَ، التي قد تعنُّ لخيالنا الجامح، فلا يقدر أن يصوغَها الشعراءُ كلماتٍ، ولا الفنانون ألوانا، ولا الموسيقيون نغمًا. قد لا يكون ماجريت أكثرَ من أحبُّ من سُرياليين، لكنه الأكثرُ استفزازا لخيالي. مرّةً يرسم تفاحةً، ويكتب تحتها: "هذه ليست تفاحة!" ومرّةً يرسم غُليونا وأيضا يكتب: "هذا ليس غليونا!" (طالع اللوحة في الصفحة الأخيرة من الجريدة). ثم يعطي اللوحات عنوان: "خيانة الصور". والأمرُ قد يُفهم على معنيين. 1- أن الغليون المرسوم، ليس غليونا بالفعل؛ إن هو إلا صورةُ غليون. مجرد ورقة مرسومٌ عليها غليون. وهنا الخيانةُ؛ لأنك لن تقدر أن تمدَّ يدَك وتحشو الغليونَ تبغا، وتدخن، أو أن تقضم التفاحة! المعنى الآخر هو الدعوة لأن ننظرَ إلى عمق الأشياء لا إلى ظاهرها. لأن اسم الشيء لا يعني الشيء نفسه. فكلمة "وردة"، لا تحمل لونَ الوردة ولا رائحتَها ولا جمالَها. هي كلمة أطلقها أحدُهم من قديم على هذا الكائن البديع، وورثنا نحن الكلمةَ كدالٍّ على مدلولٍ هو الوردة، لكن الدلالةَ والجمالَ والشكلَ والعطرَ لا تكون إلا في الوردة ذاتها. فاللغةُ، أيّةُ لغةٍ، عاجزةٌ بامتياز عن كشف هُوية الشيء. والأسماءُ اعتباطيةٌ لا معنى لها. لذا سنجده في لوحة أخرى يرسمُ مجموعةً من الأشياء: حذاء، بيضة، شمعة، قبعة، مِطرقة، كوب؛ ثم يكتب جوار كلّ شيء اسما مخالفا لاسمه المعروف: الحذاءُ= قمرٌ، البيضةُ= شجرةُ أكاسيا، الشمعةُ= سقفٌ، القبعةُ السوداء= ثلجٌ، المطرقةُ= صحراءُ، الكوبُ= رعدٌ. ثم يؤلف ميشيل فوكو، الفيلسوف والناقد الفرنسي، كتابا عنوانه: This Is Not a Pipe ، يناقش فيه فكرة التناقض في لوحة الغليون. وفي لوحة أخرى رسم ماجريت سمكةً نائمة على شاطئ لكن ذيلها ساقا امرأة، عكس عروس البحر كما صورتها لنا الأساطير: امرأةً بذيل سمكة. وفي أخرى رسم جسدَ امرأةٍ عارية، نصفُها العلويّ بلون السماء، والسفلي بلون طمي الأرض.
في العام 1937 رسم ماجريت رجلا ينظر في المرآة وظهره لنا. من الطبيعي أن نشاهد على صفحة المرآة انعكاسَ وجه الرجل ظاهرا لنا. لكننا لن نرى إلا ظهر الرجل أيضا. لن نرى وجهه أبدا. وسمى اللوحة: "لا يمكن إعادة انتاجه". وفي لوحة أخرى اسمها "العاشقان"، نرى رجلا يُقبّل امرأةً، لكن رأسيْ العاشقينْ مُغطيان بقطعتيْ قماش تُخفي ملامحَهما. وفي أخرى نجد وجه رجل أمامه كرةٌ ضخمة تخفي ملامحه. وفي أخرى رأسُه ليس إلا كتلةَ ضوءٍ صماء. وفي أخرى رسم حذاءً تطلُّ منه أصابع قدم. بلا ساقين ولا إنسان. والشاهد أن الملامح البشرية مختفية في معظم أعمال ماجريت، ربما فلسفته في ذلك أن التعيينَ والتحديدَ محضُ عبث. فمثلما أسماءُ الأشياء لا تحددها ولا تميزها، فالملامحُ كذلك لا تحدّد البشرَ ولا تميزهم. ثمة شيءٌ أعمقُ مطلوبٌ لتحديد الأشياء والأشخاص. ربما الهُوية، ربما الجوهر، وليس الاسم والشكل الظاهري.
أما أجمل لوحاته فعنوانها "محاولة المستحيل". رسم فيها فنانا يمسك ريشةً وباليتة ألوان، ويرسم في الهواء امرأة. وتتشكل المرأةُ بالفعل لتستوي أمامه بشرا سويا. واقفةً قبالته هناك على أرضية الغرفة، وليس فوق لوحة الرسم.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذه هي الكواليس، سيدي الرئيس
- أنا مؤمن والمؤمن مُصاب، بس انتم لأ!
- ليلةُ غفران
- ليلةٌ تضيئُها النجوم
- الرغيفُ أمْ القيثارة؟
- أنتِ جميعُ أسبابي!
- خلسة المختلس
- العصافيرُ ستدخلُ الجنة
- يا مولانا رفقا بالصبيّ!
- انظرْ أمامَك بغضب
- الجميلة بحق!
- تلصّصٌ على بيتِ شاعر
- فنجان نسكافيه لكل متهم
- تعالوا نركب عَجَل!
- شيءٌ من -الحبِّ- و-العدل- يا -حبيب العادلي-!
- اِرجعْ للخلفِ قليلا حتى ترى
- وجهُكِ الذي يغيبُ من شباك الفصل
- مسيحي -بس- طيب!
- فنجانُ الشاي العُنصريُّ
- هذه ليست كُرَة، إنها صديقي!


المزيد.....




- هاجمتها وجذبتها من شعرها.. كاميرا ترصد والدة طالبة تعتدي بال ...
- ضربات متبادلة بين إيران وإسرائيل.. هل انتهت المواجهات عند هذ ...
- هل الولايات المتحدة جادة في حل الدولتين؟
- العراق.. قتيل وجرحى في -انفجار- بقاعدة للجيش والحشد الشعبي
- بيسكوف يتهم القوات الأوكرانية بتعمد استهداف الصحفيين الروس
- -نيويورك تايمز-: الدبابات الغربية باهظة الثمن تبدو ضعيفة أما ...
- مستشفى بريطاني يقر بتسليم رضيع للأم الخطأ في قسم الولادة
- قتيل وجرحى في انفجار بقاعدة عسكرية في العراق وأميركا تنفي مس ...
- شهداء بقصف إسرائيلي على رفح والاحتلال يرتكب 4 مجازر في القطا ...
- لماذا يستمر -الاحتجاز القسري- لسياسيين معارضين بتونس؟


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فاطمة ناعوت - هذه ليستْ تفاحة!