أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - أنا مؤمن والمؤمن مُصاب، بس انتم لأ!














المزيد.....

أنا مؤمن والمؤمن مُصاب، بس انتم لأ!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2505 - 2008 / 12 / 24 - 09:03
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يقول الشيخُ الكفيف عبد الباري: "أنتمْ لا تستحقونَ أيَّ شيء! ربنا عماكم لسواد قلوبكم فسوَّد الدنيا أمامكم". ردّ عليه زميلُه المثقف، الكفيف أيضا، باستنكار: "الله! هو انت مش معانا برضو واللا ايه يا مولانا، يعني أعمى زينا برضو؟!" فهتف الشيخ: "لااااااااا! أنا مؤمن، والمؤمن مُصاب!"
ليس هذا، وحسب، مقتطفا من حوار في مسرحية "وجهة نظر" الفاتنة، شأن كل أعمالهما المشتركة، محمد صبحي ولينين الرملي، (خسارة فادحة أن انفصلا!)، بل أن هذا القولَ وهذه الرؤية إن هي إلا ثقافةٌ ووعيٌ وطريقةُ نظر إلى العالم. ثقافةُ تفسير الأمر حسب الهوى واللحظة والمِزاج والمصلحة الشخصية. المسرحية، وإن دارت في الحقل المحدود لفاقدي البصر، إلا أنها تنسحب على شريحة ضخمة من مجتمعنا، من أسف. فاقدُ البصر، بالمعنى الأشمل، ليس من فقد عينيه، بل من فقد المقدرة على رؤية الحقّ والجمال، وإن اتسعت عيناه. فضلا عن المقدرة على إنتاجه، ثم المحافظة عليه. كل ما نحياه الآن من ظواهرَ سالبة حدثت في اطّراد منتظم مع تدهور الوعي، المطّرد كذلك مع انخفاض قيم الجمال في مصر، الراهنة، التي كانت واحدة من أعظم وأجمل وأرقى دول العالم، حتى الستينيات الماضية.
كلماتُ المفتتح ليست حوارا بين اثنين من المكفوفين، أحدهما واعٍ مثقف عاقل، والآخر مُغيَّب جاهلٌ ناقل، بل هي تلخيصٌ وافٍ لثقافة أمة وسلوكها في مواجهة الكوارث. إذا حدث زلزالٌ في الصين، فهو غضبٌ من الله لأنهم كفرة، وإنْ ضرب إعصارٌ سانت كارولينا فذاك عقابٌ أنزله المولى تعالى على أمريكا الظالمة التي لا تنصرُ العربَ، خيرَ أمّة أُخرجت للناس، على إسرائيل، الحقيرة عدو الله. أما إذا ضرب الزلزالُ ذاته تركيا فهي مجرد "قرصة ودن" لكي تفيق من غِيّها وتطبق الإسلام الصح، يعني الطالباني الوهابي الذي شرّعه الله(!)، وليس على النهج الأتاتوركي العلماني الخليع المودرن. وأنْ تشتعل الحرائقُ كلَّ يوم في بقعة من بقاع مصر، مجلس الشورى، المسرح القومي، مصانع ومدارس وعمارات وصخور تندكُّ فوق رؤوس قاطنيها الخ، فلأننا مؤمنون، والمؤمنُ مُصاب! أو، على أسوأ الفروض، هو إنذار من الله لأن المصريين لم يطبقوا الشعارَ الذي رفعه المدُّ الديني: الإسلام هو الحل، ولأن النساءَ لسن محجبات كلّهن، (مع أن 90% من المصريات تحجبن، إما ذاك الحجاب الكوميدي الفاضح الذي نراه في الجامعة والشارع والنادي، أو ذاك الزيّ الوهابيّ المخيف الذي استوردناه من الخليج بعدما أضحى النموذجُ البترو-دولاري هو الأرقى!)، لكنه ليس غضبا من الله علينا بسبب الرشاوى والفساد وتجويع الناس، والظلم، والسكوت على الظلم، وبطش رجال الشرطة بالمواطنين، وانعدام العمل، وإهدار الوقت، وكراهة النجاح ومحاربته، وقمع الرأي، وذبح الأشجار، وتلويث الطبيعة، وانسحاق قيمة الجمال، وقذارة الماء والطعام والهواء والأدوية والبيئة، وأعمدة الإنارة التي تصعق الأطفال، وبالوعات الصرف التي تبتلعهم، والبنايات التي تنهار فوق رؤوس الخلق، والكباري التي تسقط، والشوارع المدغدغة رغم جبي الضرائب، وسرقات الأعضاء البشرية في المستشفيات، إلى آخر ما لو طرحتُه لاحتجتُ سِفرا ضخما لا ينتهي! اللهُ يتربصُ بمن تكشفُ شعرَها، لكنه يسامح زاهقَ ال 99 روحا مادام اعتذر في الأخير ووعد أنْ لن يكررها!
رموزٌ لا تُحصى سرّبها لينين الرملي في مسرحيته لفضح الواقع المشوَّه المشوِّه الذي نحياه. كتاب "حقوق الإنسان" في يد المكفوف، صادره رئيسُ المؤسسة (يعني الحكومة)، واعتبره أحدَ الكتب الممنوعة! طبعا! فمِن أخطرِ الأخطريْن على النُظم الحاكمة الفاشية أن يعرف المواطنون حقوقَهم. لو قرأ الكفيفُ هذا الكتابَ لأبصر. ولو عرف المواطنُ حقّه لدى حاكمه لاشتعلت ثورةٌ في اليوم التالي. لكن الحكومةَ وفقهاءَ التغييب، يُعبّئون وعيَ الناس بأن كلَّ ما نحياه من مِحنٍ هو قدرٌ مقدور أو امتحانٌ من الله لقياس مدى صبرنا! ثم: "الحمدُ لله أنْ أعمى عيونَنا حتى لا نراهنّ، صدقوني يا إخوان، النسااااءُ فتنة، الأمواااالُ فتنة، الطعاااامُ فتنة"، هكذا يهتفُ الشيخُ عبد الباري، على أنه سيكون الأسرعَ ركضا نحو قاعة الطعام بمجرد سماع جرس الغداء!



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليلةُ غفران
- ليلةٌ تضيئُها النجوم
- الرغيفُ أمْ القيثارة؟
- أنتِ جميعُ أسبابي!
- خلسة المختلس
- العصافيرُ ستدخلُ الجنة
- يا مولانا رفقا بالصبيّ!
- انظرْ أمامَك بغضب
- الجميلة بحق!
- تلصّصٌ على بيتِ شاعر
- فنجان نسكافيه لكل متهم
- تعالوا نركب عَجَل!
- شيءٌ من -الحبِّ- و-العدل- يا -حبيب العادلي-!
- اِرجعْ للخلفِ قليلا حتى ترى
- وجهُكِ الذي يغيبُ من شباك الفصل
- مسيحي -بس- طيب!
- فنجانُ الشاي العُنصريُّ
- هذه ليست كُرَة، إنها صديقي!
- اللعنةُ تريدُ أن تضحك
- طبلةُ المسحراتي


المزيد.....




- جدل في مصر حول من يحق له الإفتاء.. والأزهر يحسم الأمر
- الكرادلة ينتقلون إلى الفاتيكان عشية بدء التصويت لاختيار حبر ...
- حدثها الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل سات وعرب سات ل ...
- الفاتيكان يلغي رمزين من رموز سلطة البابا فرنسيس
- بنعبد الله يستقبل وفدًا روسيًا والمتحدث باسم جماعة “ناتوري ك ...
- الاحتلال يعتدي على أحد المعالم التاريخية الملاصقة لأسوار الم ...
- المسجد التذكاري.. رمز لبطولات المسلمين
- الكرادلة ينتقلون إلى الفاتيكان عشية بدء التصويت لاختيار حبر ...
- طريقة تنزيل تردد قناة طيور الجنة الجديد على النايل سات والعر ...
- الكرادلة ينتقلون إلى الفاتيكان عشية انعقاد المجمع المغلق


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - أنا مؤمن والمؤمن مُصاب، بس انتم لأ!