أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - جودت هوشيار - عودة ظاهرة بشير مشير















المزيد.....

عودة ظاهرة بشير مشير


جودت هوشيار
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 2510 - 2008 / 12 / 29 - 02:17
المحور: القضية الكردية
    


بشير مشير من أطرف و أظرف الشخصيات فى تأريخ الثقافة الكردية الحديثة ، رغم أنه لم يكن يربطه بالثقافة أى رابط ماعدا صداقته الوطيدة مع أغلب المثقفين الكرد و بخاصة الكناب و الشعراء و الصحفيين منهم .
كان بشير مشير يمتلك محل خياطة فى منطقة الحيدرخانة فى وسط مدينة بغداد فى خمسينات و ستينات القرن الماضى ثم حوله الى مكتبة صغيرة لبيع الكتب و الصحف .

و لم يكن شاعرا او كاتبا او صحفيا أو حتى مثقفا او متعلما على درجة من المعرفة العلمية ، و لكنه كان يمتلك تلك الموهبة النادرة التى يفتقر اليها معظم المثقفين الكرد و غير الكرد وهى السخرية اللاذعة و روح الفكاهة و الدعابة ، حيث لم يكن يمر اسبوع من دون أن تظهر للوجود احدى حكاياته الساخرة او دعابة من دعاباته و نوادره التى كانت تنتشر بين المثقفين الكرد المقيمين فى بغداد انتشار النار فى الهشيم و منها تنتقل الى مدن كردستان . و الطريف فى الأمر ان بشير مشير –رحمه الله – كان يطلب من أصدقائه الكتاب و الصحفيين الكرد تدوين حكاياته اللاذعة و قصصه الساخرة و الفكاهية او المقالات المعبرة عن آرائه القومية و نشرها فى صحف بغداد بأسمه .

و يجمع كناب سيرة بشير مشير اته كان قوميا متعصبا ان خاطبته باللغة العربية و قلت له مثلا : صباح الخير ، يرد عليك باللغة الكردية ( روز باش ) أى نهارك سعيد . و لكننا نعتقد ان ذلك يعود الى بساطته و عفويته واخلاصه العميق لوطنه و شعبه المظلوم و أن وطنيته الصادقة كانت تدفعه الى اختراع القصص و الحكايات الخيالية و المبالغة فى تصوير كل ما يمت الى الكرد بصلة و كان يعتقد أنه بذلك يسدى خدمة جليلة الى قضية شعبه العادلة. .. و قد استغل بعض الكتاب رغبة بشير مشير فى الشهرة وأخذوا ينشرون المقالات النارية المطالبة بحقوق الكرد و ينشرونها بأسمه ،

ولما كان معظم ما يرويه و يتحدث عنه بشير مشير يتعلق بأمجاد الكرد فى الماضى و الظلم الذى لحق بهم فى الحاضر من جراء السياسات الشوفينية المتبعة من قبل دول التقسيم ، فقد جلب له ما نشر من نوادره و آرائه - فى العهد الملكى و بعدالأنقلاب الفاشى فى 8 شباط عام 1963 - الكثير من المتاعب و المشاكل ، حيث سجن بسبب بعض تلك الكتابات المنشورة بأسمه ولكنه ظل صامدا أمام كل ما صادفه من اضطهاد و ملاحقة .

فى أواخر الخمسينات لم يكن أجمالى عدد السكان الكرد فى أجزاء كردستان وفى البلدان الأخرى مجتمعة يزيد عن(20 ) مليون شخص و لكن بشير مشير كان يصر على القول ان العدد الأجمالى للسكان الكرد فى العالم لا يقل عن ( 50 ) مليون نسمة بالتمام والكمال ! و كان أصدقائه من المثقفين الكرد يقولون له ان هذا العدد مبالغ فيه يا كاكه بشير ولكن الكاكه كان يرد عليهم بالقول : ( ان عدد نفوس الصين أكثر من مليار نسمة ، فهل يعقل ان لا يكون بينهم ثلاثون مليون كردى ) .

ربما يتساءل القارىء : ما الذى ذكرنا ببشير مشير ؟

و جوابا على هذا التساؤل نقول : اذا كان لدينا فى الخمسينات و الستينات بشير مشير واحد ، فأن الساحة السياسية و الثقافية الكردية يزخر اليوم بعشرات النماذج الكاريكاتيرية لظاهرة بشير مشير و التى تتمثل فى المبالغة الشديدة و الآراء السطحية الساذجة حول كل ما يتعلق بماضى الكرد و حاضرهم .

هنالك أساتذة جامعات و كتاب و اعلاميون كرد ، همهم الأكبر البحث فى ثنايا صفحات التأريخ و فى الثقافات الأخرى و فى وسائل الأعلام العربية و الأجنبية عن أية اشارة مهما كانت بسيطة و عابرة لها علاقة بالكرد و بخاصة فى سير العباقرة و العلماء المسلمين و غير المسلمين و تضخيم ذلك على نحو غير معقول ، لا يقبله العقل او المنطق.
أعرف ان هذا المقال سيجابه بسيل من الأنتقادات و الردود الأنفعالية السطحية و لكن لا احد يستطيع ان يزايد علينا فى هذا المجال فقد قضينا نصف عمرنا فى التنقيب فى ثنايا المخطوطات الكردية و التراث الكردى و استجلاء كنوزها الرائعة و ابراز الدور الكردى فى الحضارة الأسلامية و تقديمها الى القراء الكرد والعرب .

يقول المستشرق الروسى الراحل ( كراجكوفسكى ) : لا توجد حضارة يمكن ان نطلق عليها اسم ( الحضارة العربية ) و لكن ثمة ( حضارة اسلامية ) أسهمت فيها الشعوب الأسلامية قاطبة . ومما لا شك فيه وكما بينا فى دراسات سابقة ، كان للكرد دور مشرف و أساسى فى بناء هذه الحضارة . و لكن هذا لا يبرر على الأطلاق ، تلك النزعة السطحية – التى تنم عن الجهل و السذاجة – فى جعل كل عظيم من عظماء التأريخ القريب و البعيد كردى الأصل ، لمجرد تشابه اسمه مع أى اسم كردى أو أية اشارة أخرى تنم عن علاقته بالكرد مهما كانت عابرة و واهية .

ولعل أطرف ما قرأته هذه الأيام - وهو الذى دعانى الى كتابة هذه السطور – مقال نشرفى احدى الصحف الكردية المركزية - او القومية على حد تعبير الأخوة المصريين - يزعم فيه الكاتب " ان سيدنا آدم كان كرديا و يتكلم اللغة الكردية و أن اسم ( آدم ) مشتق من كلمة ( واديم ) أى سآتى حالا وهى رد آدم على نداء ( حواء ) تعال لنأكل التفاح . هذه ليست اسطورة أو نكتة بل كلام جدى ينسب لأحد الملالى تارة و الى بشير مشير تارة أخرى .
و قبل ذلك قرأت مقالا لكاتبة كردية فى صحيفة محلية رصينة عن وجود قرية فى صعيد مصر تحمل اسم ( كوند ) أى القرية باللغة الكردية و أن الكرد قد سكنوا صعيد مصر منذ مئات السنين .

و قد بلغ بها الحماس حد جمع المعلومات حول اهل القرية و اجدادهم الكرد – على حد زعمها - من اجل اثبات نظريتها الجديدة و لكن دون جدوى و لما يأست من الحصول على اية معلومة تؤيد زعمها ، قالت ان اهل القرية قد استعربوا و نسوا لغتهم الكردية ،
كما زعم كاتب آخر ان زوجة نبوخذ نصر كانت كردية الأصل و ان الجنائن المعلقة قد شيدت من اجل خلق اجواء فى بابل تشبه اجواء كردستان .

وقبل فترة وجيزة ذهب وفد اعلامى كردى الى كوريا الجنوبية للأطلاع على جوانب الحياة فى هذا البلد و بخاصة فى مجال وسائل الأعلام المختلفة و بدلا من دراسة التجربة الكورية فى تحديث المجتمع و التقدم السريع فى كافة مجالات الحياة و استخلاص ما يفيد مجتمعنا و ثقافتنا المعاصرة من تجارب و دروس و تمتين التعاون الثقافى و الأعلامى بين البلدين و الشعبين ، راح احد اعضاء الوفد يسأل عن كورد كوريا الجنوبية وبعد بحث طويل و مضنى - على حد تعبيره – تمكن من العثور على بعض اللاجئين الكرد فى هذا البلد النائى و نشر على صفحات الصحف المحلية ريبورتاجات و تحقيقات مسهبة معززة بالصور عن لا جئين كرد يمتهنون بعض الحرف البسيطة فى هذا البلد البعيد ، بل ان احدهم يقدم لزبائنه الكوريين و الشرقيين كباب اربيل الشهير .

و جاء فى موقع الكترونى كردى ان محافظة كردفان السودانية كردية و أن سكان دارفور أكراد و أن اسم هضبة جولان السورية كردى لأن ( جولا ن او كولان ) أسم أحد الأشهر الكردية و الأغرب من ذلك كله ما ورد فى هذا الموقع عن وجود ( 70 ) ألف كردى بين سكان أسبانيا الأصلاء ..
و يقول كاتب أسمه محمد امين بنجويني : سمعت ( البروفيسور !!! ) بشير مشير يقول : وصلنا كتاب من باكستان عن البلوج ( كورد كهل نامه ) باللغة الأوردوية و ترجم الى الكردية يؤكد بان البلوج اكراد . !
و كثيرا ما نقرأ فى صحافتنا المحلية بأن المخرج المصرى الفلانى او الكاتب التركى الشهير او الشاعر العربى المعروف صرح بأنه يعتز بقوميته الكردية و جاء الى ارض الآباء و الأجداد لشم هواء كردستان العليل و يتذوق لبن اربيل الشهير و هو الذى لا يعرف كلمة كردية واحدة و لم يسبق له الأشارة الى أصله الكردى لا من فريب و لا من بعيد و لم يخرج فيلما او كتب رواية او نشر قصيدة له علاقة بالكرد و لكنه على غرار كثير من الكتاب و الشعراء و الأعلاميين العرب الذين يسيل لعابهم للكرم الكردى ، لا مانع لديه ان يقول ما يثلج صدور بعض الأعلاميين الكرد الذين يعتقدون بأن مثل هذا الكلام يخدم القضية الكردية المشروعة.
و لا يقتصر الأمر على الأعلاميين و الكتاب ، بل أن معظم المثقفين الكرد معجبون ببشير مشير أيما أعجاب و يكنون له أعمق مشاعر الود و المحبة و الأجلال .

وقد حدثنى صديق عزيز يحتل موقعا رفيعا فى شركة ألمانية ، بأنه و مجموعة من المثقفين الكرد من محبى بشير مشير قد شكلوا جمعية فى ألمانيا تحمل أسم ( البشيريون ) و أن المهمة الأساسية للجمعية هى السير على منوال المرحوم بشير مشير و تشجيح روح الفكاهة و الدعابة بين أعضاء الجمعية ، ولا شك بأن هذه الجمعية هى أعجب و أطرف جمعية كردية على الأطلاق .
و لا شك أن السخرية و النكات اللاذعة سلاح ماض بيد الشعوب المضطهدة لمقاومة الظلم أينما كان و بخاصة فى ظل الأتظمة القمعية ، لذا يمكن تفسير لجؤ المثقفين الكرد الى استخدام هذا السلاح لتعرية النظام الملكى الفاسد و نظام صدام الفاشى فى العراق ، دفاعا عن الحقوق القومية المشروعة للشعب الكردى ، و لكن من غير المفهوم اللجؤ الى أختلاق ما لا وجود له على ارض الواقع و المبالغة فى ما هو موجود فعلا . و لم يكن الأختلاق أو المبالغة سلاحا فى يوم من الأيام ، بل اسلوب يسىء الى من يمارسه و يقلل من أهمية ما يقول او يحاول أثباته و جذب الأنظار اليه ..

.ايها المثقفون الكرد : لقد صبرنا و تحملنا الكثير مما هو فوق طاقة البشر و قطعنا اشواطا طويلة و حدنا و لم يكن لنا من نصير اوصديق سوى جبالنا الشماء . لسنا بحاجة الى اكراد الدولار و لا الى انتزاع المشاهير من شعوبهم و لا الى أختراع القصص و الحكايات مهما كانت لطيفة و مسلية ، فما هو موجود فى تأريخنا و تراثنا يشرف أى شعب ، والمهم ما نفعله اليوم و ليس فقط ما كنا نفعله فى الماضى .
دعونا من هذه الترجسية و لنركز جهودنا على ما يفيد شعبنا و يضمن حقوق أبنائه و حريتهم و تحقيق تطلعاتهم الأنسانية فى غد أفضل .



#جودت_هوشيار (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أسبرانتو - لغة المستقبل
- عراق غيت
- صك الأنتداب الأميركى الجديد للعراق
- البيت الأبيض فى اليوم الأسود
- النفط و الديمقراطية
- دروس و عبر من تجربة صحفية ناجحة
- كلاشنيكوف و الحكومة العراقية
- الأمبراطور الفنان
- حول النتاجات الفكرية للكتاب الكورد المدونة باللغات الأخرى
- من ينقذ العراق من زعماء المحاصصة ؟
- الصحافة الكردية بين الأمس واليوم
- موسم سقوط اوراق التوت
- مسرات العصر الرقمى
- اغلق التلفزيون وابدأ الحياة
- حكومة الرجل القوى الأمين : انجازات باهرة فى فترة قياسية
- دكاكين السياسة فى العراق
- الحركات المناهضة للعولمة : ما لها وما عليها
- العولمة و منطق التأريخ
- ملحمة قلعة دمدم : حكاية الأمير ذو الكف الذهب والحسناء كولبها ...
- التسلح النووى الأيرانى :تهديد مباشر لأمن العراق


المزيد.....




- ترامب يُعين والتز سفيرا لدى الأمم المتحدة ويختار خليفته لمنص ...
- لقطة جوية لرمز الاستغاثة “SOS” شكلها معتقلون بأجسادهم من داخ ...
- برنامج الأغذية العالمي يعلن خواء مخازنه في غزة
- حماس تدين الموقف الأمريكي الداعم لحظر عمل -الأونروا-
- صحة غزة تطالب بتحرك دولي عاجل لإنقاذ القطاع من المجاعة والأم ...
- الأونروا: قطاع غزة لم يتلقَ أي إمدادات إنسانية أو تجارية منذ ...
- ترامب يرشح مستشاره للأمن القومي مايك والتز لمنصب سفير الولاي ...
- الأونروا: الحصار الإسرائيلي يمنع 3 آلاف شاحنة مساعدات من دخو ...
- -حماس- تدين الموقف الأمريكي الداعم لقرار إسرائيل حظر عمل وكا ...
- ترامب يعد بتحرير الأسرى في القريب العاجل ويتهم -حماس- باستخد ...


المزيد.....

- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - جودت هوشيار - عودة ظاهرة بشير مشير