أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - جودت هوشيار - النفط و الديمقراطية















المزيد.....

النفط و الديمقراطية


جودت هوشيار
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 2135 - 2007 / 12 / 20 - 11:43
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


معظم بلدان العالم الثالث الغنية بالنفط تحكمها أنظمة غير ديمقراطية و تعيش شعوبها فى فقر مدقع ، ذلك لأن وجود النفط أو الثروات الطبيعية الأخرى يؤدى الى اهمال " الثروة البشرية " الكامنة فى طاقات الأنسان الخلاقة و تأثيرها فى السلطة .
وقد توصل العالمان الأقتصاديان جيفرى ساكس/ Jeffrey Sachs ( الحائز على جائزة نوبل ) و اندريو وارنر / Andrew Warner فى كتابهما الموسوم "غنى الثروات الطبيعية و النمو الأقتصادى " / Natural Resource Abundance and Economic Growth استنادا الى نتائج تحليل الأوضاع فى 97 بلدا من بلدان العالم خلال العقود الثلاثة الماضية ، ان ثمة علاقة مباشرة بين احتياطى الخامات الطبيعية و فى مقدمتها النفط و معدلات النمو الأقتصادى . كلما كانت الدولة غنية بالثروات الطبيعية ، كان معدل نموها الأقتصادى أبطأ . وعلى النقيض من ذلك ، فأن البلدان الأفقر بالثروات الطبيعية تتطور بمعدلات أسرع. و قد يبدو هذا الأستنتاج غريبا لأول وهلة ، ولكن تجارب الشعوب تثبت هذه الحقيقة بما لا يدع مجالا للشك ،

ان المقياس الصحيح للقاعدة الأنتاجية لأقتصاد ما هو الثروة و التى تشمل :
- قيمة الأصول المصنعة ( الأنشاءات ، المصانع )
- رأس المال البشرى ( المعرفة ، المهارات ، الصحة )
- رأس المال الطبيعى ( الأنظمة البيئية ، المعادن ، الوقود )
- المؤسسات ( الحكومة ، المجتمع المدنى ، حكم القانون )
-
و المؤشر الحقيقى للتنمية هو الحفاظ على ثروة اقتصاد ما على مر الزمن نسبة الى عدد السكان . و ينبغى النظر الى النمو الأقتصادى كنمو للثروة و ليس كنمو للناتج المحلى الأجمالى .
و ثمة فارق كبير بين الأثنين . فهناك العديد من الظروف التى يتزايد فيها الناتج المحلى الأجمالى لدولة ما - نتيجة للأنتاج المكثف من النفط أو الموارد الطبيعية الأخرى والذى يصاحبه غياب خدمات الأنظمة البيئية .- حتى مع اضمحلال ثروتها . و هى حالة لا يمكن ان تستمر طويلا .
ان التنمية البشرية ( التعليم و التدريب و التأهيل ) و امتلاك قاعدة علمية رصينة فى الحقول الأساسية ( معاهد و مراكز بحوث متقدمة ) و المؤسسات الديمقراطية ( الحكومة المنتخبة ، المجتمع المدنى ، حكم القانون ) و الأستغلال العقلانى للثروات الطبيعية و منها النفط بما يفى بأحتياجات الحاضر دون المجازفة بقدرة اجيال المستقبل على الوفاء بأحتياجاتها ، هى التى تحقق مجتمعة التقدم الأقتصادى و التكنولوجى و المنشود للأمم . لأن امتلاك الثروات الطبيعية ليس العامل الأساسى فى غنى الدول و تقدمها ، لأن الثروات الطبيعية و ( النفطية منها على وجه الخصوص ) التى تحتكرها الدولة يمكن ان تجعل تلك الدولة فقيرة . ولكن اذا تمتعت دولة ما بحكم القانون و تعرف فيها حقوق الملكية بشكل واضح و تضمن قبل اكتشاف النفط ، عندئذ يصبح النفط مصدر ازدهار .
خذ النروج كمثال على ذلك . فالنروج التى شرعت منذ السبعينات من القرن الماضى باستخراج النفط على نطاق واسع من قاع بحر الشمال كانت تمتلك اقتصادا متطورا و مؤسسات ديمقراطية قبل اكتشاف النفط . ولهذا تمكن المجتمع النرويجى من فرض رقابة صارمة على أوجه انفاق العائدات الكبيرة المتأتية من بيع النفط ، كما ان الحكومة النرويجية حاولت تشجيع تطوير القطاعات الأقتصادية المختلفة استعدادا لتلك اللحظة التى تنضب فيها منابع النفط . و ينطبق ذلك ايضا على كل من الولايات المتحدة الأميركية و كندا و بريطانيا .

و لكن اذا لم تتمتع دولة ما بحكم القانون و لم تعرف فيها حقوق الملكية بشكل واضح و تم اكتشاف النفط بعد ذلك فأن النفط سيصبح لعنة ، لأنه سيكون محتكرا من طرف الدولة أو اسرة حاكمة ، و تقف تلك الثروة التى يغتنى منها الحكام عقية امام تطور الديمقراطية .
عندما تحصل الدولة على تدفقات نقدية كبيرة دون جهد مبذول عن طريق مبيعات الخامات الطبيعية و ليس عن طريق الضرائب ، فأن المواطنين يصبحون نتيجة لذلك متكلين على الدولة و لا يمارسون ضغطا فعالا على السلطة و على خلاف الدول التى تستوفى ضرائب عالية على مداخيل مواطنيها ، فأن دافعى الضرائب فى الدول النفطية لا يقلقهم كيف تصرف الدولة عائدات الضرائب . كما ان هذه المبيعات استنزاف لموارد غير متجددة و هى السبب الرئيسى فى اهدار الأموال و الطاقات التى كان فى امكانها أن تسهم على نحو فعال و كفؤ فى التطور الأقتصادى للبلدان المنتجة و المصدرة للنفط و الخامات الطبيعية الأخرى .

و قد لوحظ ان حكومات الدول النفطية فى بلدان العالم الثالث ، تنفق المداخيل العالية المتأتية من تصدير النفط على البرامج التى تهدف الى تعزيز سلطتها . و لدينا أمثلة كثيرة و بارزة تؤكد هذه الحقيقة. فقد رأينا كيف ان صدام بدد العائدات الكبيرة المتاتية من تصدير النفط فى تغطية تكاليف حروبه العبثية و عسكرة البلاد و شراء الذمم و كيف ان المستفيدين الرئيسيين من هذه العائدات كان صدام و علئلته و كبار المسؤولين فى نظامه الديكتاتورى ، فى وقت كان فيه الشعب العراقى يعانى من شظف العيش و البؤس و الحرمان .

و العائدات الهائلة التى حصلت عليها المكسيك فى السبعينات من القرن الماضى مهد السبيل عمليا لأنفراد حزب واحد بحكم البلاد .

و الأمر ذاته حصل فى جمهورية الكونغو فى التسعينات حيث انفقت العائدات الكبيرة لبيع النفط قبل كل شىء على تأسيس و تسليح الجبش و الحرس الجمهورى .

و الدول النفطية عموما تنفق أموالا طائلة على أجهزة الأمن و المخابرات لمنع نشوء مجتمع مدنى أو جماعات معارضة مستقلة و قوية فى البلاد . ومشل هذه الحالات نجدها بكل وضوح فى كل من الجزائر و ليبيا و تونس و ايران .

و يرى الصحفى و المحلل السياسى الأميركى ( العربى الأصل ) فريد زكريا فى كتابه الموسوم " مستقبل الحرية "
" The Future of Freedom : Liberal Democracy at home and Abroad "
ان العائدات الهائلة المتأتية من بيع الخامات الطبيعية فى الدول الأفريقية و دول الخليج لا تجلب الحرية لشعوبها و ثرائها لا تساعد على تحقيق الأصلاحات السياسية ، لأن تطورها الأقتصادى مختلف مبدئيا عن النماذج الأوروبية و الآسيوية ( المقصود هنا اليابان و الصين و النمور الآسيوية ) .
و من الناحية العملية تستخدم هذه الدول ثرواتها الطبيعية لشراء ما هو معاصر : بنايات جديدة ، السيارات ، اجهزة التلفزة و المنتجات التكنولوجية الأخرى . و لكن مجتمعات هذه الدول تبقى متخلفة و طبقة رجال الأعمال فيها لا تنفصل عن الحكومة ، بل تعتمد عليها اعتمادا كاملا .
ولا شك ان منابع النفط و الثروات الطبيعية الأخرى ناضبة فى المسقبل المنظور و الدول التى تحرص على الوفاء بأحتياجات شعوبها راهنا لا تجازف بقدرة اجيال المستقبل على الوفاء باحتياجاتها و تخطط لضمان الأستفادة القصوى من هذه الثروات عن طريق تنويع الأ قتصاد الوطنى و وضع استراتيجيات متوسطة و بعيدة المدى فى ضؤ التطورات السريعة المتلاحقة للثورة المعاصرة فى العلم و التكنولوجيا .

و ابرز معالم هذه الثورة هو ظهور مصادر جديدة للثروة تتمثل فى رأس المال الفكرى او بتعبير ادق : المعرفة المطبقة على عمل لخلق قيمة و تطبيق رأس مال فكرى على وسائل انتاج .
( لقد تغيرت طبيعة الثروة نتيجة لثورة الأتصالات و المعلومات و لم تعد الموارد الطبيعية نحنفظ بقيمتها السابقة، والتقدم الأقتصادى اليوم يعتمد على زيادة المساهمة النسبية للمعرفة فى خلق ثروة .وزيادة اهمية مكونات المعرفة للمنتوجات ،
ويقول جورج جلدر Gilder : ان منتوج عصر المعلومات الأساسى و مكونات كل الأجهزة الألكترونية الحديثة تتألف تقريبا من معلومات ، فالمواد الخام تشكل واحد بالمئة من تكاليفها ، و العمل من النوع التقليدى يشكل خمسة بالمئة أخرى . اما أغلب التكلفة - و القيمة - فناتجة عن المعلومات المدمجة فى الشرائح الدقيقة و عن تصميم و تطوير الأجهزة عالية التخصص المستعملة فيها ).
ولكن المجال ما يزال مفتوحا امام الدول النامية لتقليص الفجوة العلمية – التكنولوجية بينها و بين العالم المتقدم و تحديث المجتمع عن طريق تنويع الأقتصاد و اعادة البناء بالأعتماد على العلم و العمل بدلا من الشعارات الجوفاء و التخطيط العلمى بدلا من المشاريع المرتجلة و الأستثمار فى التعليم و الموارد البشرية و اعداد الكوادر المتخصصة فى شتى حقول المعرفة و على نحو منهجى و متوافق مع احتياجاتها ومتطلبات العصر و تطوره.





#جودت_هوشيار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دروس و عبر من تجربة صحفية ناجحة
- كلاشنيكوف و الحكومة العراقية
- الأمبراطور الفنان
- حول النتاجات الفكرية للكتاب الكورد المدونة باللغات الأخرى
- من ينقذ العراق من زعماء المحاصصة ؟
- الصحافة الكردية بين الأمس واليوم
- موسم سقوط اوراق التوت
- مسرات العصر الرقمى
- اغلق التلفزيون وابدأ الحياة
- حكومة الرجل القوى الأمين : انجازات باهرة فى فترة قياسية
- دكاكين السياسة فى العراق
- الحركات المناهضة للعولمة : ما لها وما عليها
- العولمة و منطق التأريخ
- ملحمة قلعة دمدم : حكاية الأمير ذو الكف الذهب والحسناء كولبها ...
- التسلح النووى الأيرانى :تهديد مباشر لأمن العراق
- مهزلة الأنقلابات المسلحة فى جريدة الصباح
- لامعنى للأرهاب من دون وسائل الأعلام
- المعايير المزدوجة للأعلام الروسى
- أول أبجدية لاتينية متكاملة للغة الكردية
- عبدالكريم قاسم رمز الوطنية العراقية


المزيد.....




- صديق المهدي في بلا قيود: لا توجد حكومة ذات مرجعية في السودان ...
- ما هي تكاليف أول حج من سوريا منذ 12 عاما؟
- مسؤول أوروبي يحذر من موجة هجرة جديدة نحو أوروبا ويصف لبنان - ...
- روسيا تعتقل صحفيًا يعمل في مجلة فوربس بتهمة نشر معلومات كاذب ...
- في عين العاصفة ـ فضيحة تجسس تزرع الشك بين الحلفاء الأوروبيين ...
- عملية طرد منسقة لعشرات الدبلوماسيين الروس من دول أوروبية بشب ...
- هل اخترق -بيغاسوس- هواتف مسؤولين بالمفوضية الأوروبية؟
- بعد سلسلة فضائح .. الاتحاد الأوروبي أمام مهمة محاربة التجسس ...
- نقل الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير للمستشفى بعد تع ...
- لابيد مطالبا نتنياهو بالاستقالة: الجيش الإسرائيلي لم يعد لدي ...


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - جودت هوشيار - النفط و الديمقراطية