أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جودت هوشيار - البيت الأبيض فى اليوم الأسود















المزيد.....

البيت الأبيض فى اليوم الأسود


جودت هوشيار
كاتب


الحوار المتمدن-العدد: 2236 - 2008 / 3 / 30 - 04:14
المحور: كتابات ساخرة
    


كان يوم الأثنين الماضى يوما حزينا و قاتما فى البيت الأبيض و فى حياة الرئيس جورج بوش حيث توالت فيه الأخبارالسيئة و اندلعت التظاهرات المطالبة بسحب القوات الأميركية من العراق و أنهاء الحرب التى تحولت من حرب تحرير الى حرب تدمير و أستنزاف تم خلالها فرض نوع غريب من الأحتلال يتجاهل أو يعجز فيه المحتل عن الوفاء بالألتزامات المترتبه عليه وفق الأتفاقيات الدولية تجاه البلد المحتل، فى حفظ الأمن و النظام و حماية أرواح المدنيين و ضمان حياة كريمة لهم ..
و لعل أفدح خطأ ارتكبته أميركا ، هو وضع زعماء ميليشيات متطرفة فى قمة السلطة ، تأتمر بأوامرها و تتخذ من العنف و الدجل وسيلة للبقاء فى السلطة و تقاسم الغنائم ، مما لا ينسجم قط ، لا مع الأهداف المعلنة للحرب و لا مع القيم الأميركية فى الحرية و الديمقراطية و حقوق الأنسان .
يوم قبر فيه الى الأبد مشروع ( الشرق الأوسط الكبير ) لنشر الديمقراطية فى المنطقة و الذى بنى عليه بوش و ادارته آمالا عريضة و اتخذ من العراق منطلقا له .
ففى صبحة هذا اليوم - الذى صادف مرور خمس سنوات على بدأ الحرب و سنة واحدة على ستراتيجية بوش الجديدة فى العراق - اعلنت المتحدثة باسم البيت الابيض دانا بيرينو ان الرئيس الاميركي تبلغ بألم حصيلة القتلى ، وهو يتحمل مسؤولية القرارات التي اتخذها. وقالت بيرينو بعدما تحدثت الى بوش في وقت سابق بالطبع انه متألم ويبكي كل الارواح البشرية التي سقطت بدءا بأول القتلى في هذا النزاع وحتى آخرهم اليوم .
و كان رد فعل بوش على هذا الخبر المحزن غير مباشر . ففى ظهيرة اليوم نفسه أدلى ببيان قصير لدى تواجده فى وزار الخارجية الأميركية أشار فيه الى هذا اليوم هو " يوم التفكير " و اعاد الى الأذهان مقتل عدد من موظفى وزارة الخارجية الأميركية اضافة الى منتسبى الجيش الأميركى .
قال بوش : " آمل أن أسر جميع القتلى منذ بدأ الحرب و حتى الأيام الأخيرة تعرف بان مواطنينا يبتهلون الى الرب لتمنحها الصبر و الشجاعة ، و نحن نعتقد بأن حياة أى انسان غالية ".
و لم يقل بوش كلمة واحدة عن مئات الآلاف من الضحايا المدنيين العراقيين و هل كانت حياتهم غالية أم رخيصة ؟.
و فى اليوم نفسه ندد المرشحون لأنتخابات الرئاسة الأميركية بسياسة بوش و ذكروا مواطنيهم بالخسائر البشرية و المادية التى تكبدتها و تتكبدها أميركا فى حرب العراق .
فقد كان من المقرر ان تكرس هيلارى كلينتون كلمتها فى جامعة بنسلفانيا للعواقب الأقتصادية الناجمة عن مصادرة الدور المملوكة للمواطنين الأميركيين الذين لم يسددوا ما بذمتهم من قروض ، ولكنها طلبت من الحضور فى بداية كلمتها أن يفكروا فى الأحصاءات المحزنة للخسائر البشرية الأميركية فى حرب العراق .
قالت السيدة هيلارى كلينتون : " أود أن أتحدث أولا ولبعض الوقت عن الخبر المؤلم الذى يمزق نياط القلب : بعد خمس سنوات بلغ عدد الجنود الأميركيين الذين فقدوا حياتهم فى العراق ( 4000 ) فرد . و ثمة عشرات الألوف من منتسبى الجيش الأميركى الشجعان الذين اصيبوا بجراح بليغة – جراح منظورة و غير منظورة - جراح فى أجسامهم و أذهانهم و قلوبهم "
و أضافت قائلة : " اذا انتخبت رئيسة للولايات المتحدة ، فأننى سوف أسعى الى تخليد خدماتهم الأستثنائية و تضحياتهم و تضحيات أسرهم ، بوضع حد لهذه الحرب و اعادة أبنائنا الى الوطن بأسرع ما يمكن و بحس المسؤولية ، كلما كان ذلك ممكنا .."
أما السناتور باراك أوباما فقد قال فى تجمع انتخابى فى مدينة غينسبورو فى كارولينا الشمالية : " موت أى انسان – مأساة ، ونحن نقف اجلالا لكل أميركى سقط صريعا فى هذه الحرب ، نحن نفكر بأسرهم و نصلى من أجلهم . كان ينبغى وضع نهاية للحرب منذ أمد بعيد ، بل لم بكن لها مبرر أصلا . ينبغى أعادة قواتنا الى الوطن و اجبار القادة العراقيين أخيرا غلى الأحساس بالمسؤولية تجاه مستقبل شعبهم . "
و فى مساء يوم الأثنين المشؤوم نظمت مسيرات حاشدة لمئات الآلاف من حاملى الشموع فى كل أنحاء أميركا من سان فرانسيسكو الى نيويورك. للمطالبة بأنهاء الحرب ،. كما قامت المنظمات التى ترعى مصالح المحاربين القدامى بالتذكير بعدد الضحايا من القتلى و الجرحى و المعاقين و دعت الرأى العام و وسائل الأعلام الأميركية الى ايلاء عواقب الحرب و معاناة اسر الضحايا اهتماما أكبر .
أحدى هذه المنظمات – Iraq and Afghanistan Veterans of America - قالت فى بيان للأعلام يوم الأثنين أيضا أن " الأستطلاع الذى قامت به مؤخرا – Pew Research Center كشفت ان وسائل الأعلام الأميركية لا تلقى ما يكفى من الضؤ على مآسى الحرب فى العراق و ان اهتمامها بالحرب قد تراجع فى شهر شباط الى أدنى مستوياتها منذ خمس سنوات بسبب المشاكل التى تعانى منها الأقتصاد الأمبركى و حملة الأنتخابات الرئاسية .
و اظهرت نتائج الأستطلاع أن ثلث الأميركيين فقط يعرفون عدد القتلى الأميركيين فى العراق رغم أن معظم الأميركيين ما زالوا يعتقدون بأنه لم تكن هناك ضرورة لشن هذه الحرب التى طالت أكثر مما يجب .."
و طالبت المنظمة بالكشف عن كل االتداعيات الوخيمة لحرب العراق .
و لكن الصحافة الأميركية فى ذلك اليوم تحديدا أولت اهتماما ملحوظا بالجوانب السياسية و العسكرية و الأقتصادية لهذه الحرب فى الذكرى الخامسة لنشوبها و لورود خبر مقتل الجندى الأخير فى الرقم الرمزى ( 4000 ) ، فقد ذكرت جريدة – The New York Times - أن ادارة بوش أخفقت فى بداية الحرب فى تخمين كلفتها حتى على وجه التقريب ، حيث قدرت تكاليف أسقاط نظام صدام و اعادة الأمن و الأستقرارو تشكيل حكومةجديدة بحوالى ( 50 – 60 ) مليار دولار و لكن خبراء الأقتصاد يقولون الآن ان نفقات الحرب قد بلغت ( 600 ) مليار دولار .
وركز خبراء الأقتصاد الأميركيين فى مقالاتهم و تصريحاتهم فى هذا اليوم على الجانب الأقتصادى لهذه الحرب التى فاقت نفقانها كلفة أى حرب آخرى خاضتها الولايات المتحدة فى تأريخها وبضمنها الحرب العالمية الثانية أو حرب الفيتنام.
و قد اضطرت الناطقة بأسم البيت الأبيض الى الأعتراف بأن " تكاليف الحرب قد فاقت كل التوقعات و لكنها استطردت قائلة : " لم يرد فى كل التقدبرات المتعلقة بتكاليف الحرب ، ما هو ثمن الفشل فى العراق ؟ و اذا استطاعت منظمة القاعدة من ايجاد ملجأ لها فى العراق ، فأن ثمة احتمال ان تتعرض بلادنا الى ضربة أخرى و نحن على علم بثمن مثل هذه الضربات ."
و يرى المحللون الغربيون بعد مرور خمس سنوات على تورط الولايات المتحدة فى المستنقع العراقى و مرور سنة كاملة على تطبيق ستراتيجية بوش الجديدة فى العراق و تصاعد الخسائر الأميركية رغم التعزيزات الحربية ، أن المشروع الأميركى قد باء بالفشل سواء فى العراق أو فى الشرق الأوسط ككل. حيث عاد العراق الى نقطة الصفر أو البداية و ذهبت جهود الولايات المتحدة أدراج الرياح
ولم يعد الرئيس بوش أو أى مسؤول فى الأدارة الأميركية يتحدث غن هذا المشروع ..
.
عراق اليوم : عراق الدمار و الفوضى و ليس عراق الديمقراطية و الأزدهار - كما زعمت ادارة بوش و أدواتها من زعماء الميليشيات المقامرين بمستقبل بلادهم - حيث لا أمن فيه و لا أستقرار و لا أعمار أو خدمات . بلد حرم من كل مقومات الحياة الطبيعية رغم الثروات الطبيعية و البشرية الهائلة التى يمتلكها .

بنى تحتية مدمرة و حكومة عاجزة و فاسدة حتى النخاع و ( أحزاب ) تتستر بالدين و تتاجر بالطائفية و تنفذ أجندة الدول التى خلقتها فى مطابخ أجهزة مخابراتها ،( أحزاب ) لا تشبع من نهب ثروات البلاد و استغلال السلطة لمصالحها .
ليس فى العراق اليوم أى حزب ، بالمعنى المتعارف عليه فى الفرب لمصطلح ( الحزب )، بل زمر متخلفة أرجعت بلاد الحضارات الأولى فى التأريخ البشرى الى عهود شريعة الغاب ، اذ هى تعادى كل ما هو حضارى و انسانى و جميل فى الحياة المعاصرة ، و تفرض على العراقيين نمطا باليا من العيش لم يعد له وجود فى أى بلد آخر فى العالم ، حتى فى أفغانستان نفسها .

اضف الى ذلك كله ، هذا السعى المحموم لتصفية النخب العلمية و الثقافية العراقية من قبل أعداء العراق و بتواطؤ مع خكام العراق الجدد الذين وصلوا الى الحكم على القطار الأميركى ، كما وصل قيلهم طغمة البعث الساقطة .
أنهم حقا ، الصداميون الجدد ، وهم أسوأ من صدام بكثير ، لذا ليس من العجب أن تتحسر الشرائح المسحوقة من العراقيين اليوم على زمن صدام ،
تصوروا الى أى درك وصل العراق اليوم فى ظل الأحتلال و الحكم الرجعى الطائفى ، ليتحسر العراقيون على نظام دكتاتورى فاشى ارتكب أبشع الجرائم بحقهم.
و مهما تكن خسائر الولايات المتحدة البشرية و المادية نتيجة لهذه الحرب ، فأنها لا يمكن ان تقاس بخسائر العراق البشرية والمادية و بمعاناة شعب العراق التى تفوق طاقة البشر .
خمس سنوات ضائعات قاسيات من عمر العراقيين مليئة بالدم و الدموع حصيلتها ضياع ثروات البلاد و تصفية خيرة علمائها و مثقفيها و مليون شهيد مدنى و ملايين النساء الأرامل و الأيتام و النازحين و المهجرين .
يوم الأثنين الفائب كان يوما أسود فى البيت الأبيض و فى تأريخ الولايات المتحدة الأمبركية و كل ذلك بسبب سياسة متهورة لرئيس اصبح محل التندر و السخرية فى العالم بأسره .



#جودت_هوشيار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النفط و الديمقراطية
- دروس و عبر من تجربة صحفية ناجحة
- كلاشنيكوف و الحكومة العراقية
- الأمبراطور الفنان
- حول النتاجات الفكرية للكتاب الكورد المدونة باللغات الأخرى
- من ينقذ العراق من زعماء المحاصصة ؟
- الصحافة الكردية بين الأمس واليوم
- موسم سقوط اوراق التوت
- مسرات العصر الرقمى
- اغلق التلفزيون وابدأ الحياة
- حكومة الرجل القوى الأمين : انجازات باهرة فى فترة قياسية
- دكاكين السياسة فى العراق
- الحركات المناهضة للعولمة : ما لها وما عليها
- العولمة و منطق التأريخ
- ملحمة قلعة دمدم : حكاية الأمير ذو الكف الذهب والحسناء كولبها ...
- التسلح النووى الأيرانى :تهديد مباشر لأمن العراق
- مهزلة الأنقلابات المسلحة فى جريدة الصباح
- لامعنى للأرهاب من دون وسائل الأعلام
- المعايير المزدوجة للأعلام الروسى
- أول أبجدية لاتينية متكاملة للغة الكردية


المزيد.....




- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جودت هوشيار - البيت الأبيض فى اليوم الأسود