أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد علي - الاصرار على المركزية صفة غريزية للمتنفذين في السلطة العراقية















المزيد.....

الاصرار على المركزية صفة غريزية للمتنفذين في السلطة العراقية


عماد علي

الحوار المتمدن-العدد: 2507 - 2008 / 12 / 26 - 09:42
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما ننبش في تاريخ السلطات المتعاقبة في المنطقة و ندخل في ثنايا افكارها و ايديولوجياتها و نحصل على ما هو جوهرهانرى انها تتناقض في اكثر الاحيان مع ذاتها و ما يؤول اليه مصير شعوبها و اوضاعها المتعددة الجوانب ، فيتوضح لدينا بان السلطات كانت بحاجة الى ان يضعوا انفسهم قلبا و قالباو فكرا و عقيدة ممثلين لكافة مكونات الشعب و مدافعين اقوياء عن القومية ، و وضعوا انفسهم ناطقا رسميا لها و اتبعوا المركزية في تطبيق افكارهم الضيقة و تنفيذ واجباتهم بشكل مطلق و احادي الجانب ، و لم يتجرا احد لرفض او ردع تلك الاساليب و الطرق المركزية التي استندوا عليها رغم المحاولات العديدة و ان احدا لم يقدر ان يتعدى تلك الحدود من المركزية التي استندوا عليها ، ورغم محاولات الاطاعة و الرضوخ لما كان مطلوبا او مفروضا بشكل مركزي اما باسترضاء او مجبرين مهما كانت التضحيات في سبيل تحقيق تلك الاهداف القومية المركزية ، فخلٌفت الدمار و الخراب بشكل فضيح .
هذه الافكار الاحادية الاتجاه منطلقة من الغرف المعتمة و الانفاق الايديولوجية الطويلة لتاريخ المنطقة او قادمة باشكال متعددة من وراء المحيط و التي عفى عليها الزمن في موقع انبثاقها الاصلي ، و ترافق مع ظهور هذه الافكار احزاب قومية في خمسينيات القرن الماضي التي اعتادوا على اسلوب الاتقلابات في استلام السلطة و فرض المركزية الخانقة لتحقيق الاهداف الانانية ، و كل ذلك كان نتيجة عدم سعة التفكير و اللاوعي المسيطر على عقول القادة و اتباعهم لغريزة المركزية المطلقة ، و عليه ام تكن الخروقات و الظلم و اللاعدالة عائقا امام تنفيذ نواياهم.
ان المركزية في تاريخها الطويل لم تكن مرتبطة بالقومية فقط و انما استغلت افكار و عقائد و ايديولوجيات اخرى ايضا لغرض فرض المركزية المطلقة و النسبية عادة و منها اليسارية و الملكية الدستورية الشبه ليبرالية ، حتى وصلت الحال الى ربطها مع المفاهيم المتناقضة معها كالديموقراطية المركزية او الليبرالية المركزية او اليسارية المركزية اضافة الى القومية المركزية التي هي مرتبطة اصلا مع المركزية .
هكذا نرىان التراكمات العديدة من تلك الافكار مازالت متوارثة في هذه المنطقة ، و اصبحت من الغرائز و الاخلاقيات العامة لتصرفات العديد من السياسيين .
ان كان هذا حال و اوضاع و افكار و عقائد العلمانية التي يتوسع فيه المجال للديموقراطية و اللامركزية و احترام الاخر و عدم تسقيطه و الاستماع الى مواقفه و ارائه ، فكيف تكون الحال في الاحزاب و القيادات والتيارات الدينية و المذهبية التي جاءت و معها المبررات العقيدية الايديولوجية لفرض المركزية على انها حل لكل الاشكالات و منقذ للانسانية و حافظ للمصالح العليا .
و بعد مرور الزمن اصبحت صفة المركزية غريزة و احدى اخلاقيات الفرد الشرقي بحيث لو سمحت الظروف له تمكن من ازاة كافة الصفات الاخرى في كيانه و شق طريقه ، و طافت هذه الصفة الى السطح وسيطرت على اعماله ، و ان توفرت الاليات و الوسائل سينفذ غريزته في اقرب فرصة متاحة امامه و في اي مستوى كان .
سقطت الدكتاتورية في العراق ، و تغيرت الاوضاع على كافة الاصعدة و اعتبرت الخطوة الاولى الهامة و الجذرية لاستئصال الفكر والسلطة المركزية ، و التي ابتدات بسقوط الصنم و انهاء مرحلة الحزب الحاكم الاوحد و القائد الكاريزمي الفذ و العقيدة و الفكر السياسي المقدس ، كان من المفروض ان يوضع اللبنة الاولى لكافة المفاهيم المعاكسة لما كانت السائدة في حبنه على ارض الواقع ، و الفوضى فرضت نفسها الى ان استقرت الوضع لحدما بعد الصعوبات و ازالة العوائق ، و مرر الدستور الدائم بشكل سلس و يتضمن مجموعة من المباديء العصرية من الديموقراطية و العلمانية الا انه غير مكتمل و فيه من التناقضات و يحتاج الى الكثير من العمل .
و اولى الايجابيات في العهد مابعد الدكتاتور هو ترسيخ تداول السلطة لحد الان ان لم نشهد انتكاسة في هذا الجانب كما في الدول الاخرى ، و تعدد الاحزاب الا ان اكثريتها مذهبية و عرقية تعتمد المركزية ، اتباع الديموقراطية و الانتخابات الا ان الثقافة الديموقراطية العامة للشعب لازالت في طورها البدائي و تحتاج الى التوعية و الدعم الكبير ، اعتماد استقلال القضاء الا ان التدخلات الحزبية من السلطات لازالت مستمرة بشكل او اخر ، امرار القوانين الرئيسية العامة من خلال برلمان منتخب الا ان التوافق و المحاصصة نقطة سلبية في تاثيرها على المناقشات ، شيء من الحرية الصحفية و التعبير الا ان التشدد والتطرف يخرق هذا الجانب كثيرا ، الاعتراضات من المظاهرات و الاعتصامات يرى هنا و هناك الا انها من اجل اهداف حزبية عقيدية ضيقة و لم نسمع عن الاعتراض من اجل الصالح العام.
على الرغم من كل الصفات و الاساليب الجديدة و الحديثة و الطارئة لحدما على المنطقة الا اننا نرى و نسمع ترددا و انحرافا في الجوانب العديدة من الحكم ، و الجهود حثيثة على التركيز على المركزية و تضييق مساحة اللامركزية من خلال اعادة المفاهيم القديمة و الرجل الاوحد و التقديس الى صفات الحكم، و هذا ما يجعل التشاؤم مسيطرا اكثر كلما استمرت السلطة على حالها من صراعات القوى على اشدها .
و نحس بان الجو العام لاعادة الوسط لانبثاق الشخصيات العامة مسيطرة على الحكم وليس اتٌباع المؤسساتية ، و هذه حالة بائنة و تشع في الافق بدلا من تجسيد الديموقراطية المؤسساتية و نظام الحكم اللامركزي ، و عندما نصر على تشخيص الخلل نتاكد بان السبب في صفات الشعب نفسه ، و النقص في الثقافة التقدمية و الوعي العام و العمل من اجل المصالح الذاتية قبل المصالح العليا ، و بعض الصفات الشخصية الذاتية من التملق و التزلف الموروث التي تعتبر اكبر فجوة في التكوين الاجتماعي للشعب العراقي ، و عليه يحتاج الوضع لمتابعة دقيقة من كافة القوى التقدمية و في مقدمتها النخبة المثقفة المؤثرة من اجل اعطاء الدروس لشعوب المنطقة ليتخذوا من النموذج العراقي مثالا يحتذى به ، و هذا يتطلب الجهود المضنية من اجل ازالة او على الاقل تخفيف الاصرار على المركزية من قبل المستفيدين من الوضع والتي اصبحت صفة غريزية نابعة من داخل الشخصيات المتنفذة ، و هذا ما يحتاج الى التضحيات و المحاربة من كافة الجهات و بطرق و اساليب متعددة منها السياسية و الاعلامية ، و المرحلة المقبلة سيفسح المجال لعمل النخبة في هذا الاتجاه .



#عماد_علي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تحولات في الصراع الامريكي الايراني على ارض العراق في ظل الاد ...
- ماذا تضم لنا السنة الجديدة سياسيا في العراق و المنطقة
- في ليلة حالكة من ثمانينات القرن الماضي
- مواقف المثقفين و مسار تقدم الشعب العراقي في الوقت الراهن
- مهنية الصحافة و معتقدات الصحفي
- هل بامكان روسيا الجديدة قيادة التيار اليساري العالمي؟
- البحوث و الدراسات العلمية اولى الوسائل الهامة لارتقاء المجتم ...
- ازالة الطابع الاسطوري الشرعي عن البنية الايديولوجية الراسمال ...
- نهاية ال(نهاية التاريخ)
- معرفة النفس بعد التامل و التركيز في كينونة الحياة
- تمازج اليات العولمة مع موروثات الفلسفات الشرقية
- قدرة الحوار المتمدن في تحقيق الأهداف اليسارية و الطبقة الكاد ...
- هل تنبثق قوى معارضة في اقليم كوردستان؟
- نظام اقتصادي عالمي جديد هو الحل للازمة الانية
- ألم يأت دور الشباب بعد تسمين شيوخ العشائر في العراق
- حان الوقت لاعادة النظر في صفة التكبر لدى امريكا
- الشفافية و طرد مفتشي مكافحة الفساد في حكومة المالكي
- تحزٌم بعض المثقفين بحزام العفة المذهبية!!
- هل الازمة المالية العالمية قوضت العولمة ام حاصرتها ؟
- هل شخصت روسيا ما فكك الاتحاد السوفيتي لمعالجته او ازالته ؟


المزيد.....




- هيفاء وهبي توجه تحية لفريقها الإبداعي في عيد العمال
- مصدران لـCNN يكشفان تفاصيل قرار مغادرة مايك والتز المحتملة ل ...
- إريك ترامب يعلن من دبي عن مشروع عقاري بقيمة مليار دولار.. هل ...
- الجزائر تلاحق إسرائيل بـ -العدل الدولية-
- قضية دمنهور: الحكم بالمؤبد على المتهم بهتك عرض -سبايدر مان- ...
- الخدمة العالمية في بي بي سي تطلق بثاً إذاعياً طارئاً لتغطية ...
- هيئة أمريكية توجه نداء عاجلا لترامب لدرء ضرر لا يمكن إصلاحه ...
- -القاتل الصامت في منتصف العمر-.. كيف تهدد الساعة البيولوجية ...
- الأسطول الروسي والتقاليد الهندية
- المنفي يمهل مفوضية الانتخابات 30 يوما


المزيد.....

- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد علي - الاصرار على المركزية صفة غريزية للمتنفذين في السلطة العراقية