|
تمازج اليات العولمة مع موروثات الفلسفات الشرقية
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2488 - 2008 / 12 / 7 - 10:42
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
بعد استقرار التجمعات الانسانية و التكتلات الاجتماعية ،بدا التامل في جوهر الحياة و كينونة المعيشة ، و روي من تخيل ما تخيله العقل و التفكير الى ان تلخص في النتاج المعرفي الاول بشكل اسطورة و استهلت كطريقة ابداعية للدخول الى الذوات الاخرى و الخروج من اطار الذات الخاص . و هكذا تعتبر الاسطورة بداية تبرعم الفكر الفلسفي في الشرق و تطورت مع التقدم و التغيير في حياة الانسان و المراحل الاجتماعية . و بعد ان تعمق الانسان الشرقي في الوجود او الاخر المتغير اكتسبت النتاجات الفكرية ابعادا متنوعة و متغيرة. و وصلت الحال في الفكر الشرقي الى ان يحمل العلاقة الترابطية الجامعة للميتافيزيقية و الفيزيقية الانسانية التي تربطها روابط الواقع الطبيعي و الانساني و الاجتماعي وفق القوانين الوضعية . و توضحت معالم العديد من الفلسفات : الصينية ، الهندية،الزردشتية ،بكافة تياراتهم ، و ظهر نتاج الفكر التاملي للعديد من مناطق الشرق كبلاد مابين النهرين و وادي النيل ، ومن ثم تفرعت من تلك الفلسفات التيارات و المذاهب المتعددة و تطورت ، و منها تغيرت بشكل جذري و آثارها او مؤثراتها باقية ، توارثها الانسان الشرقي في طبعه و كينونته و تاريخه الى اليوم. لم نحس يوما قبل مجيء اليات و ابعاد العولمة كفكر معرفي اجتماعي ثقافي سياسي ، و بقيت هذه الفلسفات الشرقية اوبالاحرى موروثاتها منعزلة بعض الشيء و لم تتاثر بشكل جذري حتى الامس القريب . اما اليوم بعدما سيطرت اليات و افرازات العولمة على كافة بقاع العالم فاصطدمت بما موجود على الارض في المناطق الجديدة في وصولها و حدثت ارتدادات و ظهرت ردود فعل و تفاعلت بحدية تامة الى ان تمخضت عن التمازج اليات العولمة مع الموروثات الفلسفية الشرقية المتعددة افكار جديدة هجينة و لم تستقر بشكل نهائي الى اليوم نتيجة صراع الاضداد و بروز العوائق و العراقيل امام تفاعل اليات الفلسفة الشرقية و العولمة كفلسفة و معرفة غربية جديدة عن هذا الواقع. ان للتطور التكنولوجي و الاتصالات تاثير مباشر و فعال على عملية تفاعل نتاجات الشرق و الغرب ، و لم تنتهي هذه العملية المستمرة لحد اليوم ،و نتج منها الافرازات الجانبية و مجموعة من الاليات و ثمار مختلطة ، و حصلت تصادمات مباشرة بين التاريخ و موروثاته و ما انتجته التفاعلات ، و تدخلت المصالح والسياسة في هذا المجال و تعددت المحاور، و عملت الاطراف على استغلال الواقع الجديد و المعادلات الجديدة للاستفادة منها في تحقيق اهدافها المرحلية على الرغم من انجراف العديد منها نتيجة قوة و ضخامة السيل العولمي و استخدامها كافة الطرق و المسالك وتاثيرها المباشر على خصوصيات الفرد بشكل مفاجيء و بسرعة هائلة . كما هو الحال ان لكل فكر و فلسفة و ايديولوجية او اي عمل سياسي عام ايجابياته و سلبياته فان الواقع المتمازج المتصارع لحد اليوم له جوانب متعددة المؤثرة على تفكير الفرد ، و في هذا المخاض تتصارع القوى ايضا ،و الواقع يزكي احد المتصارعين ان كان يحمل في افكاره و اعماله الحقيقة ، و كفكر و ايديولوجيا، الراسمالية تعتبر نفسها صاحبة العالم المعولم و لابد لها ان تفرض ما تراه صحيحا على العالم ، و في المقابل ، الواقع العام لا يزكي اكثر ما تذهب اليه الراسمالية و يتصارع معها بقوة مفرطة محاولة نزع شرورها و الاخذ بما لدى اليات العولمة من الايجابيات في تسيير الحياة الانسانية في الشرق ، و بصراحة تامة انها قليلة جدا مقارنة مع ما يدعى و ما تتشدق بها السياسة الراسمالية الغريبة . اذن يمكن تمازج المفيد الايجابي الخاص بحياة و معيشة الفرد بعيدا عن الاستغلال السياسي الاقتصادي و بشكل مغاير لما تنويه الراسمالية و ما تنتظره من التغيرات التي يجب ان تكون لصالحها ، فالواقع الشرقي يتصف بالعديد من الخصائص المتوارثة من تاريخ طويل للفلسفات المؤثرة على كافة جوانب الحياة ، و في المقابل عندما تجلب العولمة مجموعة من القيم الجديدة و تحاول ان تسلب حق المجتمع الشرقي بالاعتزاز بقيمة فينتج محصول ثالث تمتزج فيه مميزات الواقع الجديد من الصراعات و يمتد الى ان يستقر على حال اجتماعي ثقافي سياسي عام و ربما تكون فلسفة جديدة كتحصيل حاصل لما يجري على الارض. وهذا ما يؤكد لنا ان الفلسفة الشرقية والغربية المتمازجة تنتج من الخصائص و الصفات الفلسفية بجواهر متصارعة غير مستقرة و ربما التفاعلات الناتجة من تهيجات هذا الصراع ستؤدي الى انتاج معالم جديدة للفلسفة و العولمة معا.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قدرة الحوار المتمدن في تحقيق الأهداف اليسارية و الطبقة الكاد
...
-
هل تنبثق قوى معارضة في اقليم كوردستان؟
-
نظام اقتصادي عالمي جديد هو الحل للازمة الانية
-
ألم يأت دور الشباب بعد تسمين شيوخ العشائر في العراق
-
حان الوقت لاعادة النظر في صفة التكبر لدى امريكا
-
الشفافية و طرد مفتشي مكافحة الفساد في حكومة المالكي
-
تحزٌم بعض المثقفين بحزام العفة المذهبية!!
-
هل الازمة المالية العالمية قوضت العولمة ام حاصرتها ؟
-
هل شخصت روسيا ما فكك الاتحاد السوفيتي لمعالجته او ازالته ؟
-
مهما طال الزمن سيتجه العالم نحوضمان العدالة الاجتماعية
-
هل تقرأ القوى السياسية العراقية استراتيجية امريكا و نظرتها ل
...
-
اليس حجب وسائل الاعلام التقدمية دليل على خوف و تخلف السلطات؟
-
ما هي اهم معطيات مواقف روسيا حيال القضية الكوردية في المنطقة
...
-
ما اهم معطيات مواقف روسيا حيال القضية الكوردية في المنطقة؟ (
...
-
اي عراق تريده امريكا و اية سياسة امريكية يريدها العراق
-
جوهر الفلسفة اليسارية الحقيقية لا يتوافق مع الحرب و الارهاب
-
احساس بالمسؤولية تضمن نسبة جيدة من السعادة المشتركة للشعب
-
هل مستقبل و نوع الدولة العراقية معلوم لدينا ؟!
-
الايحاء بمجيء شبح الموت للسلطة العراقية عند استفحال كل ازمة
-
ماذا تجني الدولة الليبية من زيارة القذافي لمنطقة قوقاز
المزيد.....
-
بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة
...
-
أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية
...
-
الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2
...
-
صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير
...
-
الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط
...
-
تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2
...
-
صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
-
-بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
-
بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|