|
نهاية ال(نهاية التاريخ)
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2492 - 2008 / 12 / 11 - 01:57
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
كما اكد فوكوياما في مقاله المشهور و من ثم في كتابه على ما توصل اليه استنادا الى الامر الواقع و اعتمد على مفهوم نهاية التاريخ كدليل و تثبيت على صحة الواقع الذي آل اليه بعد الحرب الباردة ، و حلل منطقيا و الى حد ما مافكر فيه و توصل باعتقاداته البراكماتية الى لذة و نشوة تفكيره و ايديولوجيته و سياسته عبر الليبرالية و ظنا منه انه توصل الى اخر الفلسفات او مابعد الفلسفة التاريخية و على ارض الميعاد الموعود. و بعد مدة ليست بطويلة اثبت العلماء و المفكرون الاخرون ان الازمة المالية التي عصفت بالاقتصاد العالمي منطلقا من امريكا و الذي كان الركن الاساسي لاثبات صحة نظرية و فلسفة نهاية التاريخ و تقسيم العالم الى من في التاريخ و من بعده،و اقروا بان هذه الازمة عجلت من فشل الغالبية العظمى من الاراء و ما نطق به فوكوياما ، و كما يقول الكثيرون ان هذه الازمة المالية الاقتصادية الجارفة المؤدية الى الكساد و الركود الذي لم يتنبا لها فوكوياما و مؤيديه في تنظيراته لقد دفنت فلسفة نهاية التاريخ نهائيا و لابد من اعادة النظر بشكل جذري فيما ذهبت اليه امريكا في اطروحاتها السياسية الايديولوجية لاقناع العالم باصحية افكارها و نظرياتها . عندما تكون فلسفة فوكوياما مزيجا من الخطاب السياسي الاعلامي و مفهوم فلسفي شمولي ، و عند فشلها في التطبيق و الواقع كما اعتمدت هي على الواقع يمكن دحضها بنفس الاسلوب و المقاييس و المعايير و الطرق التي اتعمدها هو بنفسه ، و يمكن اثبات ذلك بالدلائل و القرائن و التحاليل الفلسفية المنطقية ايضا. اعتمد فوكوياما في فلسفته على ميول الانسان في تثبيت الذات و اعتراف الاخرين به كركيزة اساسية و معيار عام لادعائاته الفكرية الفلسفية ، اي الصراع من اجل اعتراف الاخر ، و انحازكثيرا و حاول ان يثبت ان الليبرالية تحركها الميول الفردية و الجماعية و ليس المبدا الاقتصادي و التلهث وراء الربح فقط كما يدعي الاخرون، و كانت ميوله الذاتية الفردية دافعا هاما في توجهاته و كانت مقترحاته و ارائه لخدمة غائيته الايديولوجية المعينة. على الرغم من شطارة فوكوياما و اجتهاده في ادعائاته في معارضة النزعة الاقتصادية الفكرية و طرحه عوضا عنها الجانب الانساني المستند على الميول و حب الذات و انتقائيته لما استند عليه من اراء هيغل ومقارنته و تحديده لما يؤول اليه في نهاية التاريخ و انتقال النخبة الى ما بعد التاريخ ، و يعتبره الكثيرون انه التضليل و المهارة في توجيه الناس الى ما يهدفه و يقصده بطرق مستورة ، الا ان الليبرالية بحد ذاتها هي ايديولوجية الصراع الاقتصادي قبل الميول الاخرى ، و هذا ما يفسر مدى تعمده لاجتزاء ما يستدل به فكره او اذا امكن ان نسميه فلسفته الشخصية الذاتية و هي التي فرضت عليه التخيلات الذاتية مما يجعل اي متمحص لما اقره ان يقر و يتاكد بانه استند و جاهد في سبيل نشر فلسفة نابعة من خصوصياته و مميزاته النفسية و نشاته و اصوله و انتمائاته و تمازج افكاره و قاعدته الشرقية الغربية مما يفرض عليه الاعتماد على الادلة المرتكزة على التاويلات المجتزاة من الاحداث العصرية القريبة تاريخيا و كانت ارائه طبعا في مصلحة الاستراتيجات العامة لامريكا او دافعا منها له بشكل مباشر او غير مباشر. و بالاحرى انه لم يقدم جديدا من الفلسفة بحيث تضاف الى ما قدمت تاريخيا ، لان ما قاله و طرحه في وهلة من الزمن و ركز عليه لا يحتاج الى صياغة فلسفية و برهنة جدية، لاعتماده في الاغلب على الايديولوجيا . السؤال المطروح اليوم ، يا ترى ماذا يقول فوكوياما بعدما وصف عالمه الامريكي الغربي بانه انجز رحلة التاريخ كلها بنجاح و فك اسارته من حتميته الصارمة و اجتاز هذا الصراع بين الواقع و المفهوم بنجاح باهر و صار ينعم بوضع مثالي و طبيعة هادئة و تقدم و هو في القمة و مرحلة مرتقية لانه اقترب من تحقيق جوهر ما يخص الاكتفاء الذاتي و بانت معالمه للعالم كما يصفها ، و كما يروي اساس الرغبات البشرية و يفرض نفسه على العالم بمواصفاته المميزة المابعد التاريخية . و اليوم يشاهد ان الازمة المالية الاقتصادية الحالية تعصف بكل تلك الادعائات و الاقاويل في لمحة بصر و ما اجبرته هذه الازمة من الانكماشات و التغيرات في ركائز تلك التظريات ، و التقشف و الانحصار الاقتصادي المالي الذاتي مما فرض نفسه على امريكا بان تلتمس من العالم اعادة النظر في اسس و ركائز الاقتصاد المعولم ، و ليتبع العالم ما فعلته مجبورا مخذولا . اما من الجانب الاخر ، فانها اي ما ذهبت اليه امريكا وما سمتهه نهاية التاريخ تعتمد على طريقة اعتماد المباديء الجيوفلسفية بدلا عن الجيوسياسية ، و هذا ما سيسفر لصالح تقسيم و تجزئة العالم و تقاسمه بقناع تناكري ، و انها ستفرز العالم الى خانتين تضم اولاهما الحضارة التي تستحق الفلاح و النصر و الفوز بنهاية التاريخ و الثانية تضم تلك الامم التي عجزت الوصول الى نهاية التاريخ باقية فيه تتراوح فيما هي فيه اي في مكانها و لم تصل الى الكمال و الجمال الذي يكرس واحدية العالم و نخبوية قيادته مابعد التاريخية و هي التي تمسح و تزيل تعددية الامم و الثقافات ، و هذا الذي بان او ظهر و تاكد فشله بعد الازمة المالية الامريكية ايضا، او بالاحرى بعد البروز البدائي لتعدد الاقطاب مؤثرة و قوية اقتصاديا او سياسيا كالصين و روسيا بعد حرب القوقاز و الهند و الاتحاد الاوربي الذي التهى هو ايضا و تعلق بهذه الازمة لارتباطاته الاقتصادية مع امريكا ، و الذي يحاول جاهدا فك حاله و وضعه منها ، و كل هذه الاحداث في الوقت الذي تراجع فوكوياما نفسه عن العديد من ارائه ومبادئه و ما يقوله مسلماته الجيوفلسفية بعد وقت قصير جدا من طرحه على العالم . من هذا المنطلق و الدلائل العلمية الظاهرة يجيز لنا هذا التحليل القول بان الازمة المالية الامريكية اقبرت فلسفة نهاية التاريخ نهائيا من دون او قبل ان تتعمم و تطبق في العالم .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
معرفة النفس بعد التامل و التركيز في كينونة الحياة
-
تمازج اليات العولمة مع موروثات الفلسفات الشرقية
-
قدرة الحوار المتمدن في تحقيق الأهداف اليسارية و الطبقة الكاد
...
-
هل تنبثق قوى معارضة في اقليم كوردستان؟
-
نظام اقتصادي عالمي جديد هو الحل للازمة الانية
-
ألم يأت دور الشباب بعد تسمين شيوخ العشائر في العراق
-
حان الوقت لاعادة النظر في صفة التكبر لدى امريكا
-
الشفافية و طرد مفتشي مكافحة الفساد في حكومة المالكي
-
تحزٌم بعض المثقفين بحزام العفة المذهبية!!
-
هل الازمة المالية العالمية قوضت العولمة ام حاصرتها ؟
-
هل شخصت روسيا ما فكك الاتحاد السوفيتي لمعالجته او ازالته ؟
-
مهما طال الزمن سيتجه العالم نحوضمان العدالة الاجتماعية
-
هل تقرأ القوى السياسية العراقية استراتيجية امريكا و نظرتها ل
...
-
اليس حجب وسائل الاعلام التقدمية دليل على خوف و تخلف السلطات؟
-
ما هي اهم معطيات مواقف روسيا حيال القضية الكوردية في المنطقة
...
-
ما اهم معطيات مواقف روسيا حيال القضية الكوردية في المنطقة؟ (
...
-
اي عراق تريده امريكا و اية سياسة امريكية يريدها العراق
-
جوهر الفلسفة اليسارية الحقيقية لا يتوافق مع الحرب و الارهاب
-
احساس بالمسؤولية تضمن نسبة جيدة من السعادة المشتركة للشعب
-
هل مستقبل و نوع الدولة العراقية معلوم لدينا ؟!
المزيد.....
-
نتنياهو يرد على بايدن بشأن تعليق إرسال الأسلحة إلى إسرائيل:
...
-
انتعاش النازية في أوكرانيا وانتشار جذورها في دول غربية
-
شركات عالمية تتوجه نحو منع -النقاشات السياسية- في العمل
-
بالفيديو.. طالبة توبخ رئيسة جامعة كولومبيا الأمريكية نعمت شف
...
-
بعد إجراءات تأديبية مثيرة للجدل بحق طلاب مؤيدين لفلسطين.. رئ
...
-
بيستوريوس: روسيا ستظل أخطر تهديد للأمن الأوروبي
-
البنتاغون يعلق على إعلان روسيا إطلاق مناورات باستخدام الأسلح
...
-
فوائد وأضرار نبات الخزامى
-
الألعاب النارية احتفالا بعيد النصر
-
ميقاتي يبحث مع هنية آخر التطورات والمستجدات السياسية والميدا
...
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|