يوم لا ينسى !؟ من خواطر زوجة معتقل سياسي - 12

مريم نجمه

الحوار المتمدن-العدد: 2481 - 2008 / 11 / 30 - 07:55
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    

يوم لا ينسى 29 – 6 – 1975 .. من خواطر زوجة معتقل سياسي - 11
دمعتان , واحدة للفرح والحرية والثانية ..؟ !!؟
عندما يمر الإنسان الحقيقي في قمة الألم يحاول حصر دائرة الألم أكثر فأكثر في المركز .. نحو الذات الخاصة به جداً جداً .
يريد أن يخبئه في قلبه وحده . ويحفظه بين ضلوعه وفي أنسجته حتى لا يراه أو يشعر به أحد .
يحاول الإنسان أن يقلص هذه الدائرة لتستقر في المركز .. مركز الذات , ذات الإنسان فقط , تستقبله وتودعه باسمة الوجه متفائلة . مع الإبتساة دوماً أمام الصغار والأهل والأصدقاء ....

أما الفرح فهو حالة على النقيض من الألم لدي ,
فعندما يمر الإنسان في ذروة السعادة يسعى بكل جهده أن ينشرها ويتمتع ويستمتع بها كثيرون .
يشارك معه أكبر عدد ممكن من محبيه وأقاربه وأصدقائه , . يحاول توسيع دائرة الفرح والسعادة حتى لا يكون أنانياً في نشوته وفرحه وسروره ..

هكذا عشت هذا اليوم , عشت الألم والسعادة والفرح معاً ؟؟؟
اليوم 26 – 6 – 1975 .. هذا اليوم لا أنساه في حياتي أنا وأطفالي .. لماذا ؟؟
في نفس اليوم الذي قرّرت فيه المحكمة العسكرية في سورية إظلاق سراح زوجي المعتقل جريس الهامس – أصدرت السلطات العليا في النظام السوري أمرًا بتوقيفه مجدَداً – بعد أن كنا قد اشترينا وعملنا وهيأنا القهوة المرَة , والحلويات , والطعام , ( الضيافة ) للسجن حيث الرفاق وبقية المعتقلين – ولبيتنا والعائلة أيضا , إستعداداً لهذه المناسبة الجميلة الغالية , " عرس الحرية " , وهيأنا أنفسنا وذهبنا في سيارة أنا وأفراد عائلتي وإبنة أخته , ووصلنا سجن المزة – وعشنا لحظات الحرية والفرح مع الأصدقاء الأكراد الذين توافدوا من منطقة الجزيرة وغيرهم من مناطق أخرى لتهنئتنا فور سماعهم نبأ الإفراج ...
لكن استعداد وفرح ذلك اليوم اغتصب ثانية دون أي مبرر و سبب , سوى حجز حرية من يتكلم الحقيقة أمام الرأي العام ؟؟؟؟؟ وهكذا مدّد اعتقاله بأمر عرفي بلا حدود .. وعدنا بخفي حنين ...
أجهض الفرح .. واعتقلت ( اللحظة ) والنظرة
خبأنا الجمرة .. والدمعة !؟؟
............

أما رأيي بالسعادة والألم :
فبدون الألم لا يشعر بقيمة وجمال السعادة وكيفية الإستمتاع بحب السعادة والفرح – فهناك نوعية بكل الأشياء –
فالنوعية تمر عبر تعرجات الحادث . والسعادة بلا شك تمر عبر النضال والمصاعب والتجارب ليعطيها الروح .. والجوهر .. والقيمة .. والمضمون .
من مؤ لفي : ثلاث سنوات - 1975 – دمشق

........

- 2 - دروس وعبر من السجن ؟

إن حياة السجن علمتني فنوناً كثيرة
أعطتني دروساً في الحب .. في عمق الأشياء
وأبعاداً خطيرة
صقلتني كالفولاذ .. وهيأت غيومي لأمطار غزيرة
عرفت كيف يزداد الفولاذ قوة , والزجاج يتحطم نثرات صغيرة
تعلمت كيف يتعمَد الإنسان الوطني بالدم
والاّلام المريرة
لم تعد ( معمودية ) واحدة تغمر الطفل في " جرن أو حلَة " مستديرة
هذا كان منذ زمن .. والاّن عمَ القمع والظلم
كأننا في حظيرة

يا أختاه , لا تبكٍ , فالدمع لا ينفع التحدَي .. ونحن
نحن على الحصيرة
فاصبيري يا أختاه على الظلم .. وافتحي يا معتقلات أبوابك
أبوابك الحقيرة
فالسيول أصبحت عارمة .. غزيرة .. هديرة
والجموع تجمعت صارخة .. ثائرة ..كسَرت الوتيرة
فاصبر يا حبيبي على الأذى .. على الظلم المجتاح بيوتنا والهجيرة
يا قناة الدمع توقفي قليلاً , فأنت بحاجة لراحة ,
لراحة قصيرة
فأنت بحاجة لاستراحة , لتعاودي السير في الدرب الوعرة
الدرب الخطيرة
فطوبى للسجناء للمعتقلين المظلومين , للقلوب الكسيرة
طوبى للمبعدين وعائلاتهم الأسيرة .. !...........دمشق / 1976

#مريم_نجمه (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل