مريم نجمه
الحوار المتمدن-العدد: 2398 - 2008 / 9 / 8 - 05:29
المحور:
الادب والفن
أنا لست ناقدة أدبية , ولست بشاعرة لأنقد وأحلل أشعار وقصائد محمود درويش , أنا إنسانة عادية أكتب ماأحسه وأريده لنفسي ولشعبي المعذب ووطني الممزق تحت كابوس الإستبداد الشرقي الطويل بصدق وتجربة وأحاسيس ومشاعر معاشة واقعية لا أكثر .. لذلك سأترك النقد لغيري من الشعراء والكتاب .. وقد حدث ذلك بسيل الكتابات والإنطباعات والدراسات التي رافقت قبل وبعد رحيل شاعرنا الكبير محمود درويش .. في وسائل الإعلام المتنوعة ..
لقد قرأنا , وسمعنا , منذ ستينات وسبعينات القرن العشرين الماضي ما كتب وأنشد محمود وألقى في أمسيات شعرية هنا وهناك في دمشق وبيروت وبغداد وغيرها من المدن العربية والأجنبية الكثير من أشعاره وقصائده الرائعة ..التي أيقظت الضمائر النائمة والمخدرة
لقد سمعنا , حضرنا وشاهدنا أمسياته الشعرية الإحتفالية لأول مرة على إحدى مدرجات جامعة دمشق , كنت حينها أنا وجميع أفراد عائلتي , وما زلت أتذكر يومها الجماهير والطلاب الغفيرة التي اجتمعت وفرشت الأرض لتسمعه وتشاهده عن قرب , لأن المكان لم يعد يتسع للأعداد التي توافدت من كل حدب وصوب لسماع أشعاره التي تحمل عطر الأرض الفلسطينية وزعتر جبالها وطهر زيتونها وزيتها . ورائحة دم الشهيد الفلسطيني والعربي المسفوح على ربوع فلسطين قضيتنا الأم .. . وهذا إن دل على شئ فيدل عن جرح فلسطين وقضيتها العادلة في صدور جميع المناضلين الصادقين الشرفاء في كل زمان ومكان ...
التقينا به مرة أخرى في بغداد في أمسية شعرية , وتحدثنا معه بعد نهاية الأمسية ..
... ولكن ما أود أن أسجله في هذه المقدمة الملاحظة التالية .. كيف أن الأنظمة الديكتاتورية والفاشية المخابراتية في بلادنا العربية , كانت لا تستطيع منعه من إقامة الأمسية حتى لا ترفع القناع عن وجوهها مادام كل منها أنه ( النظام التقدمي ) !!؟؟ المزيف الكاذب , لذلك كانت تقيم الحفلة أو الأمسية مكرهة .. ومن ثم تعرقل قدوم وتوافد الجماهير والناس والطلاب إلى مكان الإحتفال الأصلي ..بحيث كانت تغير في اّخر لحظة مكان وموعد الأمسية ( قصداً) ليضيع الناس القادمون لحضورها أو يتأخروا و لا يستطيعوا معرفة المكان الجديد – ليصبح بالتالي المكان الجديد , أصغر حجما لاتصل الأعداد الكبيرة إلى المكان الموعود بفعل التشتت إلى جميع الجهات ,, لقد حاربوا نجاح تلك الأمسيات بشتى الأساليب الرخيصة المكشوفة ... .!؟ إنها أنظمة العسكر وكرهها للحرية والتجمعات الإنسانية والوطنية الديمقراطية ...
....................
يا أم الثوَار لا تبكي , يا أم الشاعر لا تنوحي ... يا شعب فلسطين و أهل فلسطين لا تلبسوا السواد .. فأنا ما زلت في ذرى البلاد .. منثور ا, نغما وناياً , نشيدا , في كل مدينة وكوخ و ساح .. وواد . .
لك الأقلام والدفاتر , الصحف , الجرائد , والمحابر ... يا درويش : أيها العابر فوق تقسيم المناطق والمعابر أنت الغائب الحاضر ..
لك الشموع , ومحبة مريم ويسوع ..
أنت من وطن يسوع . من الجليل من فلسطين .. كنعان .. اّرام .. والخليل
لك خمر قانا الجليل ... يا فارس الشعر النبيل . أنيق كنت في الحياة أنيق في الممات .. رسموك كتبوك ودَعوك , بالشموع والقناديل .. والدموع , كل الشعب والمحبين كنت لهم صوتاً ودليل
لك الماّذن .. والقباب .. والأجراس .. لك الأعراس .. أطباق الياسمين وزهر اللوز .. أزهار البراري والورود .. مع الأطفال.. ومحبة الناس
لك سحابات الربيع , صفاء الينابيع ... حنين المنفى للوطن , والسفر والخيام . ..للأهل والمحبين .. لك أجنحة النوارس .. وهديل الحمام .. لك الجوائز.. وأناشيد المدارس .
لك شلالات الشعر , يا فارس الشعر .. بيارات العطر , غلال الزيتون وزهر الليمون لك يا شاعر القضية الفلسطينية وكل القضايا الكبرى ..
شاعرالقضايا الإنسانية , الثورة والحرية , الجمال والحق والديمقراطية ..
لكل ثورة كبرى عادلة , شاعر كبير , يجسدها , نذر نفسه للإنتصار للشعب للقضية ...
ليكون الشاعر متألقاً محبوباً ناجحاً مبدعاً عليه أن يمسك بثلاث جمرات : الصدق – الوجع – القضية – بمعنى اّخر:
صدق الكلمة – عشق الحرية - القضية الفلسطينية الكبرى ( السجن – المنع – الحصار – المنفى – الغربة – المرض - ) قضايا كبرى عبَر عنها وكبر معها .. نقلها للبعيد البعيد خارج المحلي والأقليمي والعالمي .
لعمري .. هنيئا لك , لأنك كنت كل هذا حملت الجمر كله ولم تدمع العيون , بل نزف القلب مشاعر وأحاسيس وقنابل .. موقوتة للرحيل .
الشعر صدق ووجع , رحيلك المبكر وجع .. أنت الوجع
طوبى لك يا محمود .. ياشاعر الألم الإنساني .. العربي .. والفلسطيني
قديس الثورة الفلسطينية كنت .. ورمزها , كما غوركي , وبابلو نيرودا .. وناظم حكمت .. ولوركا وو .. والمئات المئات بل الألوف من الأحرار والشعراء والمثقفين الذين نذروا حياتهم للشعب والحرية ..
رفيق .. وزميل الكلمة والرحيل والمنفى والسفر كنت يا محمود .. نتساوى معك في الظلم وفقدان الوطن الحر .. نتساوى في الوجع والألم .. والتوق للحرية .. والحق والسلام ..
لا تخف يا محمود أنت معنا , وبيننا , وفينا , مهما طال الظلم والمنفى والجفاف والصقيع , والتاّمر والخنوع , ستبقى من جيل لجيل في النشيد .. : يا أحمد العربي ...... ." فأنت ذرة في هذا الكون , نسمة هواء جبلي , وقطرة دمع سماوي , ومشتل ورد ربيعي , ورمح للحق لا يلتوي ..
محمود درويش لفلسطين , كالفنانة فيروز للبنان .. كلاكما رمز , وقيمة إنسانية وثروة فنية وثقافية .خالدة .
لك الشمس والقدس وساحات فلسطين .. يا محمود يا ابن فلسطين البار وشاعر المقاومة والثورة والوحدة الوطنية .. شاعر الحرية ..
.......
يا أم الثوار لا تبكي , أسقي دموعك للزنابق لحبق الدار , لبحر فلسطين يوم تولد من جديد بلا خوف بلا أقدام العسكرالهمجية ... بلا تهجير بلا جنود وقيود وجدار . ساّتي إليكم سألثم أيديكم أقبل مسامير صلبانكم أنا والشهداء والأحرار ...
إفتحوا الحدود .. إغلقوا القبور لا تلطموا الصدور لا ترهقوا العيون لا تطفئوا الشموع , حرَروا السجون حطموا الجدار أزيلوا المعابر والحصار , أنا مفتاح الدار أنا صاحب الأرض والدار , أنا الكنار , أجنحتي هي المدى هي المدار والمزار هناك النور وشعلة النار في شمس النهار , فأنا المسافر بعد اليوم في أغاني الأطفال , فوق كل شرفة ودار..
يا أمي غني للكنار ربما يعود في أي عام في نهار ما .. يوم ما , يوم يرفع العلم الفلسطيني في يوم ما .. قولي حتماً يا أمي بكل ثقة الأحرار.. لا العبيد .. !؟
الشاعر يرحل ... وتبقى الكلمة.. تبقى القصيدة .. ويبقى الوطن ... وتبقى فلسطين الشعب والأرض والقضية ...
لاهاي – 7 / 9
#مريم_نجمه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟