أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تحسين كرمياني - بعل الغجريّة(رواية)5















المزيد.....



بعل الغجريّة(رواية)5


تحسين كرمياني

الحوار المتمدن-العدد: 2476 - 2008 / 11 / 25 - 09:06
المحور: الادب والفن
    


الحبيبة منار
(منار)..مـ..نـ..ا..ر..ي،بطبيعة الحال عرفت أيها الكاتب الولهان إنها نصفي اليانع في يابس الحياة،هي زوجتي ومساحة الفرح والأمل،هي ألغت الماضي التعيس،وأورقت لي خضرة المستقبل،قد تتصور إنها امرأة عادية في زمن غير عادي،هيهات،ثم هيهات،ليس بوسعك مهما بذلت من فراسة أو توقعات أن تعرف من هي هذه الـ(منار)التي هي ساعدي الأيمن ودواء كل لعنة واجهتني أو ستواجهني في قوادم أيّامي،حسناً هي(منار) ـ من ..نار ـ هكذا سمّوها بعدما مات أبويها وكانت للحق أقول(وكيحة)جداً،لا أعرف من مات أولاً،أبوها..أم أمها،تملك ذاكرة عجيبة،لا تنسى ما ترى او تسمع،فهي تتذكر طفولتها،هي(نار)حين يحاول القدر أن يصقع روحي التي ما مهدت للجليد أن يتجلد في يومٍ ما مهما تتالت الصدمات،رغم أنهار العذاب الجاري على وجه بسيطتنا العجيبة،ساحرة هي(منار)كلما تستعر عواطفها،في قلب الجوع تغني وترقص،هي مختصر مفيد ماء زلال أيام القيظ أو في يوم صيام طويل وشديد الحر،بطبيعة الحال لا تعرف طبعاً كيف صرنا أنا و(منار)ي..واحداً في نصفين،منسجمان،متآلفان،ربما تراتبية الصدف أو ثمة سر من أسرار من هو ساهر،بحكمة وعلمانيّة قاهرة لعلمانية البشر،ساهر ليحرك ويوجه العلامات المؤسسة لدولة الوجود..!!
***
في يومٍ اتفقنا أن لا ننساه،يوم ممطر،المطر(الجلبلاءي)المعروف،المطر الذي إذا أنهمر دمّر،ليس لمثيل مطر (جلبلاء)مدرار،مطر يدخل الناس في تأهب تام،يوم لقاءنا،رغم كارثيته،حفل بعرس جميل،رغم المدرار الإلهي الذي غمر بلدتنا المنسية من قبل كل من تولى زمام إدارتها،أو تسنم مقاليد الحكم،في البلاد التي وسعت للمصائب،كون القائم بمقام الأعمال ينشغل بتكوين مستقبله أكثر مما يشغله مستقبل رعيته،والحاكم ينشغل بكتابة ومراجعة وتصحيح خطبه الرئاسية أكثر مما يصحح أخطاء سابقيه،فالذين يأتون،الذين ينتخبون،يختارون أماكن حيوية لملكياتهم،أماكن تجارية،يستولون عليها بقوانين يسنّوها لصالحهم،تحت مطر لا يرحم،يغمرني فرح لا يوصف،أدفع عربتي داخل السوق،يبللني المطر،داخل سوق مدينتنا المبللة(جلبلاء)،لمحت فتاة صغيرة تبكي،صغيرة مدورة الوجه،تتلفت يميناً وشمالاً،ذات الأمام وذات الوراء،ذات الأرض وذات السماء،شيء نهض في ودعاني مرغماً أن ألاحقها بنظرات ليست عفوية بل أقولها بصراحة شهوانية،شهوة البرد الذي ينهض الروح الصادحة،شهوة غريبة تدفع الجسد للتحرك،حمّى وهذيان،الجسد الوديع يتحرك بحثاً عن زلال ماء لأطفاء النيران،مشهد فتاة صغيرة وجميلة يغسلها المطر،مبللة الثياب،مبللة الشعر،مبللة الخدّين،حلوة شهية تبدو،انتبهت بشيء من الرغبة إنها تضج بحرارة ولوعة،في عينيها فيوض تندفع من أغوار كلها تسامح وحب،رأيتها مرتبكة،مبللة الثوب،سماء غاضبة،بلا انقطاع ترسل مطراً عنيفاً مباغتاً مصحوباً ببروق وامضة ورعود مروِّعة،تركت عربتي،أركنتها إلى جانب الشارع الوحيد،شارع السوق الغاص بالماء المحتبس،دنوت وأوقفتها.. قلت لها:
ـ تعالي يا بنت..
أجابت بجرأة نادرة:
ـ ماذا تريد..هاااااااااا..
وجدتها تشجع على الحوار..قلت لها:
ـ أريد أن أأكلك..هااااااااااا..
ضحكت قبل أن تضع كفها على فمها المبلل،كف يراق عليه ماء ينهمر من دورق السماء،وجهها الزمردي الوسيم يلمع،المطر ينهمر عليه،وضعت كفها الناعم اليمين على فمها الصغير المبلل،حجبت عني أسنانها الدقيقة..قالت ضاحكة:
ـ كيف تأكلني وهل أنت حيوان حتى تأكلني هاااااااااااا..
ضحكت أنا كي أشعرها بحنان مصطنع،بإلفة نمر(يقشمر)ضحية،عيناها تحفران في عيني،وجهها يطرد الماء المنهمر،يبعثر الرذاذ المتكاثف،رذاذ يرجع مطراً ليسقط هذه المرة على وجهي،قلبها يضرب بعنف،صوت النبض(دم..دم..دم..دم)يرج صدرها المبلل،أنفاس البنت الحلوة المبللة تذيبني،تجرني إلى أغوار ملتهبة،أغوار تحتفل تحت المطر الكوني المتواصل..قلت لها:
ـ حيوان..نعم أنا حيوااااااااااان..ولكن حيواااااااان بـ..شـ..ر..ييييييييييييييييي..
(كركركركركركركركر)ضحكتها،البنت الصغيرة المبللة تضحك،ضحكتها تتبلل،ضحكتها المبللة ترشني بعطر الشجاعة،توقف الضحك،ضحكتها،توقفت إرتجافات عروقي..قالت لي:
ـ حيواااااااان بـ..شـ..ر..ييييييييييييييييي..أنت..حيوان بشري..
(كركركركركر)ضحكها يستمر،قلبي يحتفل،الكون يحتفل..أجبتها:
ـ و..آآآآآآآآ..د..مـ..ييييييييييييييي..
صاحت:
ـ أرجوك لا تأكلني..
قلت لها:
ـ أين تذهبين تحت هذا المطر..
أجابت بحنو:
ـ إلى البيت وراء سوق(اليهود)..
قلت:
ـ أنت من الغجر..
هزت رأسها..قالت:
ـ منهم..
أجبتها:
ـ كل يوم سأقف قرب بيتكم..
مستغربة،باسمة،أسنانها البييض تلمع هذه المرة..فاهت بهمس:
ـ ليش تقف..
أجبتها بهمس،همس خشن،همس رجل لا يعرف كيف يلاطف البنات:
ـ كي أراك تبكين..
بهمس ثاني..أجابت:
ـ أنا لا أبكي..
قلت:
ـ وما هذا الدمع في عينيك..
منكسرة،أم هي لعبة بنت شاطرة،فاهت:
ـ أخاف من السماء..
في تلك اللحظة ومض برق صاعق وقرقعت مفاصل السماء فاندفعت صوبي وصارت بين ذراعي،حرارة قاتلة إندفعت تحوطني،قلبان يضربان بعنف،وجهان يقتربان،أنفاس حارة تختلط،الدنيا تغيم والمطر لا يرحم،مطر عنيف ينزل،لم أرغب في يومٍ ما أعيش كما عشت تلك البرهة السامية،جسد مبلل وطري دافئ يدفع تيارات لا تحتمل من رعشات وعبق ولذعات أنهضت في عروقي رجفات متواصلة وحرارة تصاعدت من عمودي الفقري،زرعت عينيها في عيني وراحت تجتهد لرسم ابتسامة على ثغرها المبلل،ما أحلى الثغور المبللة،الثغر حين يتبلل يغدو فاكهة ناضجة،(آجّاصة)في صحن مرمري،تفاحة خراب،تفاحة سقوط يغدو كل ثغر مبلل،ثغر البنات فقط،دموعها تنحدر لتمتزج بالماء الهاطل عليها،دموع وماء،ماء ودموع،شعرها مبلل،وجهها مبلل،عيناها مبللتان،كل شيء فيها مبلل،دفئها،كلمات خجولة في عينيها،بريق يلهب الروح،بريق ينبعث مع لهاثها،انفاسها حارة،تقتل البرد،في تلك اللحظة لم أنتبه لما حصل من حولي،يسكنني وجع غريب،يفاقم في رجفات،شيء دافئ يستعمرني ويسكرني،صاحت أفواه صيحة متحدة،(ألعب بيها ياعم)،انتزعت البنت المرتعشة نفسها،انفك أشتباك الجسدين الملتحمين،وقعت في حيرة،وجدت الناس من تحت المسقفات الواقية للمحال التجارية والدكاكين المغلقة ينحتون عيونهم ويتهامسون بتعجب فاضح،تعجب يستعمر وجوههم بشكل واضح،يتهامسون ويغامزون فيما بينهم..!!
***
لا تستغرب يا كاتب،أنا(فيلفوس)كما يذهب الحمّالون،بدأت أقرأ،أنا أحب القراءة،بدأت أقرأ الروايات المسليّة،روايات بوليسية،أشتريها من كشك صغير يبيع الصحف والكتب،التهجئ نما وتطور إلى قراءة متعثرة،قراءة تكفيني أن أفهم ما أقرأ،قراءتي إبتدائية،أقرأ ولكن لا أعرف الكتابة،أريد أن أكتب،رغبة عسيرة،أشتريت قلماً،رحت أقلد الكلمات،قلمي لا يمشي،يقف،يرسم بتعرج كلمات عرجاء،حرف لا يشبه حرف،حرف كبير..حرف صغير،جف القلم في جيبي،ظلّ متعلقاً،أتباهى به،يطلبه الناس،رجال يمرون من أمامي،(قلمك من فضلك)أناولهم القلم،يكتبون به أشياءهم الخاصة،لا أعرف ماذا يكتبون به،ربما وشاة بلا أقلام ،يطلبون القلم ليكتبوا به وشاية عابرة،كلما أكتب،يسقط القلم من بين أصابعي،أجلس ساعات وساعات،أجد الورقة بيضاء والقلم ساقط من يدي،أترك الكتابة،لا أجيد رسم الحروف،أقول لنفسي،لم أخلق للقلم،أنا حمّال،خلقت للحمل،خلقت لدفع العربات الكبيرة،في زمن ما،دخلت محو الأمية،تعلمت القراءة ولم أتعلم الكتابة،القراءة المتعثرة،المعلم أنشغل بمداعبة(خصيتيه) أكثر مما أنشغل بتحريك مخنا،يقف قرب النافذة،امرأة متحررة تقف في باب بيتها،امرأة لا تدري ما الذي يحصل في غرفة الدرس،المدرسة تحاذي صف بيوت العسكريين،المرأة تجلس،المعلم يقف في النافذة،يداعب(خصيتيه)بأناملة الخشنة،نحن ننتظر أن يقرع الجرس لنهرع إلى عرباتنا،نريد رزقاً لليلتنا،المعلم يواصل اللعب والنظر،نحن نتابع حركات أنامل المعلم،قضينا المدة المقررة،ستة أشهر،أنا بقيت أتراوح في تعثراتي،تشجعت أن أشتري صحف وكتب تأتي من العاصمة،كشك صغير فوق الشارع الرئيس الممتد من قلب البلدة وإلى العاصمة،شارع بلا رصيف،ذلك الكشك نسفوه بعبوة حارقة،ناس قالت:هددوه بعدم بيع الصحف والكتب،لأنها تخرب العقول ..!!ناس تقول:طلبوا منه فدية،الرجل فقير لا يملك شيء..!!في ليلة حالكة الظلام سمعنا الدوي الكبير،(بمبمبمبمبمبم)اهتزت المنازل،لم يخرج أحد،البلدة يحتضنها خوف متفاقم،حظر التجوال يبدأ في الساعة السابعة ويستمر حتى صلاة الفجر،الناس تقول أشياء كثيرة،من يا ترى يعرف لم نسفوا الكشك،أكتب هذا أيضاً،أكتب ما أحكيه أرجوك ولا تخف،الكاتب الخائف جبان،من لم يوصل المواجع للأجيال اللاحقة خان مهنته،من يخاف اليوم لا يعرف كيف يجابه الزمن،ليس لديه مكان في بيت المستقبل،أكتب كي تعيش أطول عمراً،أنت تعرف في بلدتنا،ربما في بلدان الدنيا الواسعة،يغدو الحمّال أكثر الناس شهرة،كونهم يتجولون في السوق،في الأزقة،ينقلون البضائع إلى كل بيت ودكان،يجلسون في الساحات المخصصة للعربات،في انتظار زبائن يتسوقون،زبائن يملكون المال الكثير،يشترون كل شيء،ما ينفعهم وما يقتلون به نمو أموالهم التي لا تنتهي،تراهم مثل الزنابير يحومون ويلهثون في السوق،يغربلون السوق لمرات ومرات ،أموالهم تمنحهم طاقة المشي،الحمّالون يدفعون عرباتهم وراءهم،يضعون ما يقتنون في العربات،يتباهون وهم يمشون،الناس تنظر إليهم،الناس المعدمون والمحرومون من المال الكثير،عيونهم تدمع،السنتهم تغمغم،يلفظون حسرات وآهات،الحمّالون يطاردون كل من يهبط من عربات القطار،يجرون بسرعة،يتسابقون من اجل الفوز ببضاعة،يتنازلون عن التعريفة،يحصل عراك بينهم،يلهثون خلف كل فلاّح يهبط من عربة القطار،يهبط ويجر وراءه كيس،يجر صندوق،طماطم،خيار،باذنجان،باميا،قرع،خضراوات،بطيخ،رقي،لوبيا،بعض الفلاحين لايدفعون النقود،يعطون بدل النقود ما يجلبون من محصول،بعضهم أعد ما سيعطيه للحمّال مسبقاً،يرضى بعض الحمّالين بما يعطي الفلاّح،لذلك الحمّالون مشهورون،الناس تعرفهم،ينادونهم من مكان بعيد،كيف بيّ أنا الحمّال أباً عن جد،لابد أن أغدو أكثر شهرة،رغبة لا تدعني أن أرتاح،أريد أن أغدو كما غدا جدي في زمانه،شهرة ومال،رغبة ممكنة التحقيق،طالما الزمن يغلي،طالما الغرائب والمصائب تعترضني،تداهمني أينما أتواجد،أعبرها وأمشي،أعبئها في سلة حياتي،فكرة توالدت(على حين غرة)،أكتب هذه الجملة،أكتبها بقوة،بقوة أرجوك،(على حين غرة)وضعها بين قوسين،أحب هذه الكلمة(على حين غرة..على حين غرة)أحفرها في الورقة بقلم حاد،حلوة هذه الكلمة،سمعتها مرة من فم ولد كثير اللغو،كثير الإعتناء بمظهره،من يعتني بمظهره عليه أن يتعلم كيف يهتم بلسانه،اللسان والمظهر يكملان قيافة الإنسان،جدي لمّا يزل يعيش بيننا،كل حمّال يطمع أن يغدو أو يحذو حذوه،الناس تعرفني أنا من سلالته،يعرفون كل شيء عني،قبل أن أولد،فقط(أنا)لا يعرف شيئاً عن طفولته،الناس تقول أشياء ورائي،فشلت أن أصل إلى ما يقولون ورائي،لا أملك جرأة أن أسأل عن طفولتي،قلت الحياة ماشية،لا تتغير إن عرفت أو لم أعرف شيئاً عن طفولة غير نافعة،أنا حمّال،حمّااااااااااااال وكفى،أظن إنّ منظر يوم المطر جعلني أكثر شهرة،طاش الخبر بين الناس،كل خبر جديد يطير مثل البرق لتتداوله ألسنة الناس في وضح النهار،خبر لا يجب السكوت عنه،ألسن الحاضرين قالت ذلك،كل من رأى ما رأى واضاف من عنده على ما رأى،سرد لذويه الحكاية،صرت في البلدة على كل لسان،المطر الذي جمعنا،أنا والبنت المبللة بالمطر،البنت التي دفعها عصف البرق لتلتصق بين أذرعي،المطر ظلّ يمطر،لم يتوقف لثلاث ليالٍ سويّا،ماء غير معهود هبط من خزانات السماء،تحررت سيول الجبال،غطت الوديان،غزت البلدة،جرفت بعد يومين من بدء هطول المطر ،أخذت البيوتات الطينية الجاثمة على طول الوادي،بيوتات طينية لفقراء ومعدمين،بنوا بيوتات طينية،دائرة كهرباء البلدة حرمتهم من الكهرباء،قالوا:بيوت متجاوزة..!!بيوت مظلمة،يشعلون أوّل الليل نيران،يجلبون الحطب من مكان بعيد،النيران تخمد عندما ينامون،لا يحتاجون إليه،تقنيناً للحطب،يطفئون النيران،سابقاً لم يطفأوها،مات أطفال مختنقين بغاز النار،من يومها بدأت البيوت تطفأ نيران المناقل والمواقد،الفقراء ينامون من (بدري)،لا شيء لديهم يشغلهم،همومهم كثيرة،يريحون أنفسهم بالنوم،كي يحافظوا على الحطب،كي يحافظوا على صحتهم،بيوتهم طينية،بيوت تنهار كلما السماء تغضب على الأرض،كلما يتحول رعد السماء إلى ماء،يهطل ويكنس بيوت الفقراء،تجرف بيوتهم،تدحرج ممتلكاتهم القليلة صوب نهر(دلبلاء)،ذلك المطر،مطر يوم اللقاء،لقاءنا،أنا والبنت الصغيرة التي تبللت،البنت التي دفعتها قرقعات أحشاء السماء،دفعتها لتكمل معي مشهد الكون المحتفل،مشهد رجل يحتضن بنت صغيرة تحت مطر مدرار،المطر ظلّ لا يغادر الرؤوس،حادثة كبيرة تسكن كل ذاكرة،ما راكمه الناس في الوادي الكبير،من أعواد خشب لتسقيف المنازل الطينية،حصران،أكياس رمال،اكياس سمنت،اكياس(جص)،أكوام متراصة،يمتلكها أصحاب المال والنفوذ،جاءها سيل عرمرم،أخذها إلى النهر،الوادي كبير،واسع جداً،فشل أن يستوعب ما زحف من ماء ثائر،وادي يشرخ بلدتنا إلى جهتين متناقضتين،جهة يقطنها فقراء ومساكين وأيتام ومعدمين،جهة الشمال،واطئة،تحاذي الوادي المتعرج،بيوتات طينية وبعضها من صفائح زيوت ألقتها وحدات عسكرية تأتي في الصيف إلى المنطقة،تمارس تمارين بذخائر حية،تخلف وراءها أكوام مزابل وصفائح وقذائف غير منفلقة،تغادر،يندفع الناس لغربلة مزابلهم،الناس الفقراء تهرول،يعود كل فرد فرحاً بكيس زبالة على كتفه،النساء أيضاً يذهبن إلى(ميدان الرمي)،يجلبن ما ينفع في اليوم الذي لا يريد ترك سواده،ولد واحد جلب كرة مدورة،وجدها في حفرة،كرة جميلة،لمّ من حوله حشد أصدقاء،أحدهم جلب مطرقة حديدية،ظلّوا يتناوبون الطرق عليها،الولد الذي وجد الكرة،واعدهم بتقسيم النقود داخل القاصة بالتساوي،ظلّوا يطرقون،(بم)..هرعت الناس،الفقراء والأغنياء،نساء بدأن يمزقن أسمالهن،نساء الفقراء،من فوق أسطح المنازل المقابلة،نساء الأغنياء يلقين نظراتهن،هادئات على نساء الفقراء،يمرغلن وجوههن بالطين،تلك الكرة الحديدية،انفجرت وقتلت سبعة صبيان فقراء،من يومها تم تبليغ الفقراء بعدم الذهاب إلى مزابل الجيش ،قالوا:الفقراء لا يميزون النافع من غير النافع..!!،حرموا من بقايا بطانيات يلقيها العسكر المغادر،من علب وصفائح زيوت يرممون بها بيوتاتهم بعد زوال الفيضانات السنوية،على الطرف الآخر للوادي،منازل منسقة، حجرية،لا تصلها السيول،تصمد بوجه الأمطار،أزقتها حجرية،لا يتبلل أقدام ناسها في الشتاء،أغنياء وأصحاب نفوذ تأتيهم الأموال بيّاتاً وهم نائمون،يقطنون الجهة المقابلة لجهة الفقراء،عالية بيوتاتهم،عمودية مسلحة تجثم على طول الشارع الرئيس،شارع الموت،كما يحب بعض الناس وصفه،كل موسم طفل فقير تسحقه فرامل مركبة،اطفال الأغنياء لا يلعبون في الشارع،عندهم غرف كبيرة وكثيرة،ناس تقول لديهم ملاعيب أطفال،ناس تقول أطفالهم(بزر جكليت)يلعبون في متنزه البلدة،كل مساء مركباتهم تمرق،تقف أمام المتنزه،الفقراء لا يدخلون،ليس لديهم تراخيص الدخول،يقفون من وراء السياج ينظرون إلى أطفال مسرورين،هم عملوا جمعية لسعادتهم،الفقراء لا يحتاجون إلى جمعية مسرات،لا يحتاجون إلى جمعية واحدة،يحتاجون إلى جمعيات خيرية تأتي لمساعدتهم،تأتي وتذهب،ناس تقول الأغنياء سجلوا أسماءهم،اسماء وهميه،عملوا هويات مزورة،ينالون حصة الأسد،عندما تأتي جمعية خيرية،تأتي مركبة كبيرة،تاخذ ثلثي ما تحمل مركبات الجمعية الخيرية،ناس تقول:الأغنياء يستحون ان يأتوا يرسلون مركبات يدفعون لهم مبالغ،ينقلون حصصهم إلى منازلهم..!!،الناس تقول هذا الكلام،طبعاً الكلام لا يأتي من فراغ،في ذلك الفيضان،صار كل ما هو ملكاً للفقراء طعماً لسيل غريني عرمرم قلع كل نباتات الجبال وجرف كل قمامات الأغنياء،وحفر مأساة لا تنسى في ذاكرة بلدتنا،انجرفت أعواد سقوف متراصة وحصران وعربات وقمامات وخمسة هياكل لمركبات متهالكة وعشرات الأطارات المتروكة وأزاحت وجار الكلاب السائبة قبل إسقاط البيوتات،مختصر مفيد،حدث جلل لمّا يزل بداية لبناء منازل جديدة اتخذت من المرتفعات أمكنة آمنة،عوداً لذلك المشهد الذي رسم حياتي،مشهد حمّال يحتضن بنت مبللة،عندما عاطت افواه اللائذين بالمسقفات،إنتزعت البنت المبللة نفسها من بين ذراعي،استدارت وولت الأدبار،تعالت همهمات أخرى من اللائذين،بعدما وجدت نفسي واقفاً يمطرني المطر بلا رحمة،لم أنم ليلي،شيء فوق طاقتي صار رفيقي ونديمي،أقف وأنظر من شبّاك غرفتي الوحيدة،غرفة مهملة،قمت بترتيبها،نظفتها من أوساخها،قطنها رجل كبير وحيد مات،لم يستغلها أحد،ناس تقول:مسكونة بالشياطين والأبالسة..!! ناس تقول:من يسكن في دورة مياه مجانية..!!سكنتها أنا،أنظر إلى سماء غاضبة،إلى وشاح مائي يسد ويحد الرؤية،لم أنم ليلي،شيء جديد صار يستوطنني،يرعش جسدي بدفء لذيذ،قلبي يواصل الضرب بعنف،لم أنم،قلت لنفسي،النوم وقت المطر لا يليق بالفقراء،حرام أن ينام الفقير والسماء ترحمه،في المطر يكثر الخير،على الفقير أن يشكر ويصلي،الأغنياء لا يحبون المطر،المطر يكثر خير الفقراء،المطر يمنعهم من مبارحة منازلهم، المطر لا يحبه كل ذي مال،المطر يتواصل،أقف وأجلس،أرى شبح البنت يقف أمامي، أقف وألهث وراءها،تهرب من بين يدي،أحتضن الحائط،أضحك وأعود إلى منامي،تأتي من جديد،بنت لا تريدني أن أنام،جاء الفجر وأنا سهران،أنا فرحان،وقف المطر،بدأت السيول تتجحفل،بدأت تحتشد،وراءها كنس وجرف كبير،ثلاثة أيام عمر السيل،لم يحصل مثله في البلدة من قبل،انحسر مد مياه الفيضان وبدأ الناس بإعادة ترتيب حياتهم، فقراء بلا مأوى يتراجفون في أمكنة حجرية،حالهم حال،للحقيقة أقول لم أعر ما يجري بالاً،رغم رقة فؤادي،رغم شفافية دموعي،شغلتني البنت المبللة،أغواري تحتدم،تقلبات جوهرية تحدث،مشاعر تتبدل وأحاسيس تفد وخلايا تلقي أرديتها البليدة،جلست أبحث عن علاج يبقيني حمّالاً يواصل الحياة،قرار مباغت،آه..اكتب(على حين غرة) بعنف زائد أحفر الجملة،قرار ينضج على لهيب لهفة ورغبة ولوعة ونمو مدهش لعقلي وجوارحي،بحثت عن سبل ميسرة للوصول إليها،هي دواء الجسد الذي تبلل بحرارتها،تبلل بلهاثها،تبلل بنظراتها المبللة،تفكيري حط(على حين غرة)على مساحة فرح،خبرتي الحمّالية ذكرتني بالأشياء الحميمة والمؤنسة لقلب الفتيات اليافعات،البنات يشعرن بقيمتهن عندما يلبسن الزينة،كل بنت تشعر انها كبرت وصارت هدفاً مغرياً لفحل يتربص بها،فلسفة الأنثى الكونية،أعددت كل ما رأيته مناسباً ومرغوباً وجزء من كينونة كل أنثى شرقيّة كما تؤكد متن كتب تاريخنا الزاخر بالمجون،فيما مضى من عمري أو وعيي لم يخطر بذهني أو يتحرك في قلبي شيء يجبرني أن أهتم أو أسمح لعيني أن تتجاوزا حدود الرؤية العادلة،رؤية محرمة بالنسبة لي،رؤية أنثى تمشي من أمامي أو أتبعها أنا دافعاً عربتي لإيصال حاجياتها ،انطلقت وكلّي فرح،قلبي يرفرف ولساني لا أعرف أمن فرح أو من خوف يترنم..حتى السماء بدت باسمة ومشرقة بعدما قشعت غيومها وربما من أجلي فعلت تلك الآية الجليلة،السماء تبدو نشطة بعد تفريغ دموعها،تبدو نقية كالبلور،سماء رقراقة،توافق مدهش يحصل كجزء لابد من تناسقه الكوني وربما هو حظ مؤجل بعد قرون من متاعب ومآسي،أوقفت عربتي أمام البيوتات الصفيحية بعدما نجت من السيول الغاضبة،كونها تلتصق بجدار حصين لمدرسة البلدة الوحيدة،بدأت بصوت خجول أنادي على ما وجدته جاذباً للفتيات والنساء من أشياء ذات صلة بزينتهن،أمشاط تأتي مهربة من مملكة(إيسان)ماسكات شعر وتشكيلات زاهية من قراريط وخرز وأوشحة وقلائد،روائح في زجاجات،جاءت البنت الصغيرة تمشي على إيقاعات قلبي ولهفة أنفاسي تتبع حشد نساء سمراوات،فرحت لرؤيتها،وحدجتني هي بنظرات ملؤها غزل وحنين وأشياء أنثوية أجهلها،لحظة صارت أمامي وثبتت عينيها على عيني،رأيت بكل وضوح فرحاً أنثوياً ينمو في أعماق مآقيها،نسيت نفسي وتفرغت لها ولم أعر النسوة المثرثرات من حولي أذناً صاغية،نحت عيني بلا خجل فيها،أتنفس ببراءتها،أزيح برد الشتاء المتراكم في عمودي الفقري،برد يوم المطر،يوم صارت بين أذرعي،عمل منتج ومفرح في آن واحد،عمل سيوفر لي سعادة ومال،بعد سنوات من لهاث وكد أبّاً عن جد،حمّال أبن حمّال،خشيت ان ينتبه الحمّالون لوظيفتي الجديدة،قلت مع نفسي،سيغيرون أيضاً عملهم وينافسونني على مهنتي الجديدة،قلت مع نفسي،سينزلون أسعار الأشياء،ربما يسرقون البنت التي تبللت يوم المطر من بين عيني،سيأخذونها من بين يدي،هذا العمل وفر لي مال متواصل بعد سنوات لهاث بلا كلل أو ملل أنقل الأشياء إلى بيوت الأغنياء وبالكاد أسد أود نفسي وأسدد أجرة عربتي المضاعفة،العربة كبيرة الحجم،(الدبل)..!!
***
جدّي العاشر معروف في ذاكرة كل من قطن مسكينتنا(جلبلاء)يمتلك تاريخاً مشرقاً حافلاً بمغامرات ومواقف طريفة لست بصدد التعكز على ذكرياتها،فقط أريدك أن تكتب اسطورتي الشخصية،أنا أيضاً أريد أن أشتهر في زمن سيأتي،لابد أنه آت،مثلما جاء الزمن الذي جعل من جدي اسطورة،سيرة جدي يتمناها الكثير من الرجال،بعد عناء شاق وضيق حاد وكفاح مرير،هكذا تقول بداية اسطورته،قرر في زمنه المقيت جداً،زمن الجوع والأوبئة،قرر(على حين غرة)أن يوقف مكرهاً زحف جوع فتك بخمس من أبناءه،بكل شجاعة سرق حفنة أشجار من بستان أحد باشاوات قرون الدكتاتوريات المتلاحقة وأخذ إطارات غير مستهلكة من إحدى خاناته وعمل لنفسه عربة وسرق بغلاً لضابط عثماني بعد أن لكمه بقبضته الفولاذية وجعله يتلوى ممرغاً داخل زريبة البغال،قبل أن يشنقه ويلقيه في النهر،تشير الواقعة إنّه خط بكبرياء إنسان(عراقي)محروم،مسلوب الأرزاق،ذاق الهوان،أوّل برنامج حداثي في تاريخ عشيرتنا،قبل أن يقوم جدي بفعلته،ويخرج عشيرتنا من مأزق الذل والهوان،الناس تعرف أن عشيرتنا إمتازت بطول أزلامها،بهياكل عملاقة نادرة،شوارب طويلة معقوفة تتهدل على ثغور رجال عشيرتنا،أنا ساري قدماً مع نهج جدي،حمّال،لم أتفق مع شواربهم،كرهت الشوارب،رجال كثيرون يمتلكون شوارب،يفقدون الغيرة،صارت شوارب اليوم للزينة،ترى أصحاب الشوارب يتربعون صدر مقهى البلدة،يجرّون الأركيلة،يداعبون شواربهم بأصابع خشنة،يتباهون بشواربهم،كلما تمر أنثى،تستفز غرائزهم ،يتململون في كراسيهم،يداعبون شواربهم،يريدون جذب الأنثى لتنظر إليهم،ترى أبخرة تتلوى كأفاعي سكرانة،تغطي منطقة جلوسهم،أنا أحلّق شواربي،أيام الجيش صنعت شوارب طويلة،نهرني الآمر،قال:الشوارب الطويلة،هويات القوادين والسماسرة..!!الآمر قال ذلك،استحيت من كلام الجنود،اشتريت موسى وقذفت الشوارب إلى جهنم وبئس المصير،أكتب هذا،لا تنسى،لا أريد أسطورة خالية من الحقائق،في ذلك الزمان القحط وتواجد الاستعمار(العثماني)،افتخرت عشيرتنا بين العشائر المجايلة،افتخرت بقربها من حكومة(الباب العالي)،هي بين أيديها،تحصل على مال وطعام،لا تعمل كثيراً،تحصل على ما يدفع عنها الجوع والمرض،رجال عشيرتي العمالقة،تراهم بشواربهم يقفون فخورين بباب الباشاوات،واقفون يداعبون شواربهم الطويلة،التاريخ يقول عنهم ذلك،حكايات يتوارثها الناس،يتكلمون عنها في المجالس،يحكون الحكاية لأولادهم في الليالي،رجال طوال،شوارب طويلة،مهنتهم لا تسر،يجب أن أذكرها في اسطورتي،يجب أن تنقلها يا كاتب،الأسطورة أمانة،عليك أن تكتبها مثلما أحكيها،رجالنا الطوال مهنتهم الإعتناء بكلابهم وبغالهم،كلاب الباشاوات وبغال الباشاوات،مقابل حفنة رز وحنطة وأوقيات من سمن حيواني وصفائح دبس،أكياس تمر،تقول الحكاية،تمر فيه دود،يعطونهم بدلة لكل جنتلمان،بدلة في الشتاء وأخرى في الصيف،ملابس الشتاء تعطى صيفاً وملابس الصيف تعطى شتاء،معظمها لا تناسب هياكل أزلام عشيرتي،لا يتجرأ أحد أن يطرح سؤالاً حول ذلك،الواجب الموقع عليه من الجانبين،لا يجوز الإخلال به:العمل بلا ملل وعلى اللسان أن ينسى إن لم نقل يبتر إزاء كل تعارض أو مستجد منافي للاتفاق المبرم بين الطرفين..!!،وقت قحط ووقت تفشي أمراض عصيبة،رزق يأتي من قوم غزوا البلاد،لا يجوز التفريط به،لا أحد ينكر نعمة جاهزة،الواحد يبيع أغلى ما عنده من أجل ان يعيش حفنة أيام خاوية،عشيرتي من باب البقاء للأذكياء،نافسوا العشائر المتقدمة لتلبية طلبات العثمانيين،فازت بسبب طول الشوارب،الحكاية تقول، عشيرتي لم تضع شوارب طويلة قبل تلك المهنة،واحد ذكي من عشيرتي إنتبه للعثمانيين،وجدهم يتباهون بشواربهم،أسر لشيخنا،تم تعميم الأمر السري للرجال الطوال،تقدموا وفازوا بمهنة المهن،من ينكر النعمة في ذلك الزمن،مجنون،جدي تعب،تقول الحكاية تعب،ناس تقول:طلب باشا النوم مع زوجته مقابل حفنة ليرات وسخة..!!،ثار ثائرة جدي،أضمر شراً مستطيراً،رسم جريمته بدقة وأستغل الوقت الملائم،سرق أشجار من البستان،قتل حماية الباشا،أطاح بشواربه وأتى إلى بلدة(جلبلاء)،ناس تقول،الضابط الذي شنقه جدي العاشر،وجده جدي يغتصب فتاة فقيرة،باغته وقتله ورماه في النهر،أنا من هذا المنطلق خفت ان أضع شوارب،لا من قول الآمر،قلت سابقاً من قول الآمر،وأقول أيضاً كي أشبه جدي أيضاً،عندما برز سبب حلاقة جدي لشواربه،حذوت حذوه،جاء البلدة وهو يمتلك عربة وبغل،الناس تجمعت،رجل غريب طويل القامة،يتربع على عربة يجرها بغل،معه امرأة جميلة،الناس استقبلوه بترحاب واستغراب،منحوه قطعة أرض مجانية،ناس تقول من أجل امرأته الجميلة أعطوه الأرض،ناس تهمس بهذا الكلام،أنا لا دليل لي عن الحكاية ،أصمت حين أسمع مقطع تكريمه بقطعة الأرض غير المحبب من اسطورة جدي،هكذا تقول الناس عنه،من يومها صار جدي العاشر حمّالاً وتقول روايات متداخلة،صار أغنى حمّال عرفه البلد كما هو مدوّن في الكراريس التي تبحث عن تاريخ المدن الفقيرة أو المنسية وصار فيما بعد السيد المطلق للمدينة،تقول اسطورته،عرف ظلم حاكم البلدية،هاجمه في السوق بمدية،نحره،هللت الناس،جاءت الشرطة وساقته إلى السجن،تمكن من الخروج بعدما دفع مال كثير لقاضي التحقيق،المال أخرجه من تحت المقصلة،خرج وزارته الناس،كبّروا فعلته الجسورة،تم اختياره رئيساً للمجلس المحلي للمدينة،عمل أعمال مفيدة للناس،دافع عن الفقراء،عمل لهم مساكن من طين،مساكنهم كانت صفائح،جدي لم يستمر كثيراً في مهنته،غادرها بعدما فقد ماله،ناس تقول فقد ماله على نساء الأثرياء،نساء غير محتشمات يذهبن إليه في غرفة قيادته،يختلي بهن لساعات طويلة،فقد ماله ووجد نفسه كائناً لا فائدة فيه،كراريس كثيرة كتبها مستشرقون،جاءوا يبحثون عن حكايات نادرة،الناس تقول حسب ما هو منقول من آباء عن أجداد،هناك من جلس مع جدي وحكى جدي لهم ما عمل في حياته،دونوا حكايته وأخذوها إلى بلدانهم البعيدة،ناس تقول المستشرقون حولوا حكاياته إلى أفلام سينمائية،صار جدي صاحب الكلمة المسموعة ،بعدما قتل حاكم البلدة أمام أنظار الناس،ذلك الحاكم طغى وبغى،الناس تقول هذا،يمشي في السوق،الحاكم الظالم يأخذ ما يشتهي من البقّالين والقصّابين،يأخذ ولا يدفع نقود،يمشي في السوق،يجد فتاة حلوة،يناديها،يعطيها ورقة لتقابله،الفتاة تخاف أن لا تأخذ الورقة،تخاف على أبيها،كل فتاة لا تأخذ الورقة،أو تأخذ الورقة ولا تذهب إلى مقابلة الحاكم،يختفي أبوها،شرطة تأتي في الليل،يكممون فم والد الفتاة،يأخذونه إلى غياهب الظلمات،تتقدم الفتاة،تطلب متوسلة إطلاق سراح والدها مقابل مقابلتها له،يثور الحاكم،يشير لحمايته،يأخذون البنت ويتناوبون عليها،يدمرونها،يلقونها فضلة لا أحد يريدها،عوائل كثيرة غادرت قبل ان يقوم الحاكم بإنتهاك أعراضها،طغى طغيان فرعون وأطغى،قبل أن يتفاجأ بجمال امرأة فارعة،واسعة العينان،أرادها،ثار بعلها،لم يحتمل البعل تلك الإهانة،قبل أن يحل الليل وتأتي شرطته،تغدى به قبل أن يتعشى الحاكم به،تقدم البعل الذي هو جدي يا كاتب،استل مديته وطعن بطن الحاكم،شرطته لم تفعل شيئاً،إندلق بطن الحاكم،خرجت أمعائه،خرجت أحشاءه،حرّاسه وقفوا مندهشين أمام حمّال غني،يحبه الناس،طويل القامة،قدّم لكل شرطي قدراً من المال،أيام الأعياد والمناسبات الدينية،وقفوا فاغرين أفواههم،وقع الحاكم على طين السوق،تجمع الناس منذهلين،واضعين أكفهم على أفواههم،فرحون بما يرون،ناس البلدة تكرهه،أذاقهم مر الهوان،أخذ شرف بنات صغيرات،أكل اموال الناس،أشار جدي لشرطته،ذهبوا بخشوع تام،تركوا سيدهم يلفظ روحه على الطين،لفظ روحه أمام الناس،تقدم جدي من قاضي التحقيق وسلّم نفسه،ناس تقول:لو لم يسلم نفسه لشنقوه..!!ناس تقول:هو رتّب مع آخرين الجريمة..!!حكايات تتضارب،كلها تنتهي في مصب واحد،في اسطورة جدي،من يومها صار جدي العاشر،مضرب الأمثال بين الحمّالين إلى أبد الآبدين،كل من يرغب أن يبعث الهمة والنشاط في قلب ابنه الكسول يسرد وقائع سيرته النادرة،سيرة رجل حمّال كافح وجاهد وأنتقم ووصل إلى كرسي رئاسة البلدة،ناس تقول:لو استلم جدي كرسي رئاسة البلاد لقضى على الفساد وأفرح العباد..!!شهامته توزعت على أبناء البلدة،كرامته،أمواله،حكاية نفاد ماله لا صحة له،ناس تغار تريد تشويه سمعته،ناس موثوقون قالوا:أعطى ماله للمحتاجين والمساكين..!!حكاية النسوة غير المحتشمات،ما هي إلاّ محاولات أغواءه،محاولات باءت بالفشل،لم تتمكن أنثى اغواء جدي،زوجته نادرة وجميلة،دافع عن حرمة شرفها،هي تحبه وهو يحبها،طول قامته،سببت له مشاكل،قامته الفارعة جذبت تلك النسوة إلى غرفته،كلما يمشي في زقاق،امرأة تهمس لإمرأة،يخرجن ويقفن في الباب،يمتعن أغوارهن بقامة رجل يمشي أمامهن،رجل غير عادي،قتل ضابط عثماني وسرق من بستان الباشا،بطولة نادرة،تثير شهوة النساء،الطول مهم للرجل،الرجل الطويل محظوظ من جانب النساء،هن يعشقن الطول،المرأة تحب القامة الطويلة،امرأة الأمس،لا امرأة اليوم يا كاتب،امرأة اليوم تحب المال،لا تحب الجمال،المرأة تحب الطويل كي يرفعها،ترتاح حين يرفعها بعلها الطويل،لابد أن أشياءه الثمينة فارعة أيضاً،هاجس يتوارد لذهن كل أنثى تراقب رجل طويل يمشي،جدي شوهوا سمعته،ناس لا رحمة في قلوبهم،يحاربون النجاح، يحاربون أصحاب السمعة الواسعة،ناس لا تستحي،بعض الحمّالين الجدد،وضعوا ملصقات كبيرة وملونة على عرباتهم،أتخذوها شعارات جاذبة للمتبضعين،رسوم نفيتها،رسوم لا تمت للواقع بصلة،واقع لا يحتمل الإهانات الفائضة،أنكرتها بسبب التهويل الزائد لجدي،ليس من المعقول أن تقوم أيدي ماهرة،أيدي تجيد الرسم بدقة بالغة الأثر،أيدي وضعت لجدي أجنحة كبيرة،أجنحة في وضع الطيران،وضعت مخالب نسور في لحظات إنقضاض على فريسة،وضعت رأس حصان كبير حجمه أكبر من الواقع،وضعت أجساد حيوانات خرافية،حيوانات عملاق رؤوسها رأس جدي،جسد طير كبير فارداً جناحيه منقضاً على أكوام أشياء رأس الطير رأس جدي،أفعى عملاقة فكّيها تلقفان بناية البلدية كاملة،رأس الأفعى رأس جدي،صور غريبة،صور تعملق جدي أكبر مما هو،وجدت الصور والملصقات تشويهاً صارخاً لكرامته ولبطولته،رسّامون وجدوا اسطورة جدي وسيلة مربحة،عملوا ملصقات حسب الطلب والحاجة،تشظى خيالهم ورسموا رسومات فوق العادة،أنا لم أضع ملصقاً على عربتي، شجرتي الحمّالية تكفلت مهمة إيجاد الزبائن لي،هيكلي مطلوب،أنا طويل،طولي غير طبيعي،ناس تهمس سراً وراءي(طنطل)تقول:جاء الطنطل،راح الطنطل..!!كلام غير مؤدب وصلني من صغار يصيحون وراءي كلما أمشي في الأزقة،قوّتي معروفة،قوّة بغل أو حمار(حيساوي)كما يحلو لصاحبي العاقل أن يصف قوتي،صاحبي الذي نصحني ووجهني إليك كي تكتب اسطورتي يا ولد يا كاتب،يصف قوتي بلا إحراج،يقول للزبائن:خذوا (الحيساوي)وحده يتحمل حمولتكم..!!أتبع الزبائن،أحمل ما يجلبوه من القرى،محاصيل في أكياس كبيرة،فلاّحون يتقشفون،يستعملون كيس كبير بدل ثلاثة اكياس،الكيس الواحد عليه تذكرة في عربة القطار،الأكياس الثلاثة عليها ثلاث تذاكر،قوّتي النادرة،طولي(العنتيكة)بالمناسبة،امرأة دلالة ظلّت تناديني،أبو طول(العنتيكة)،تأتي كل جمعة،تنزل من القطار،تحمل معها قدور لبن رائب،قدور كثيرة،تناديني:أبو طول العنتيكة..أبو طول العنتيكة..!! أسمعها،بالمناسبة،صرت أنتظرها،صارت زبونة لي،ذات يوم مشينا معاً،نقلت قدورها الفارغة من السوق إلى المحطة،قالت لي:لماذا لا تتزوجني..!!أوقفت العربة،نظرت إليها،أطلقت ضحكة عاهرة،ضحكة طويلة،صريحة الشهوة(هاهاهاهاهاهاها)،قالت:لماذا تقف،أمشي..!!(هاهاهاهاهاها)،دفعت العربة،قالت مرة أخرى:اتدري لماذا اريدك زوجاً..!!(هاهاهاهاهاها)أكتفيت بالنظر إليها،اسفل بطني توتر الكائن الشريف،قالت:يقولون كائن الطويل مرعب ومخيف..!!(هاهاهاهاهاهاها)،الكائن كاد أن يلقي بشرفه في المحطة،تعرقت،بدأت اقدامي تتدافع،قالت:الطويل يقولون يخاف من النساء..!!(هاهاهاهاهاهاها)،وصلنا العربات،القطار مغادر،وقفت تندب حظها،قالت أين انام هذه الليلة..!!(يابووووووووو)لم أمتلك جواباً،جسدي مستفز وكائني يتحمس،نار تأكل أحشائي،قالت:سأنام معك في بيتك..!!تحرر لساني،تحرك من بعد جمود،قلت للدلالة،بالمناسبة هي ليست دلالة،أنا سميتها دلالة،شاهدتها تشتري بالات(اللنكة)أحملها لها،تأخذها إلى القرى لتبيعها للنساء المحرومات من رؤية البلدة،هي تبيع اللبن والقيمر والحليب والبيض،تجلب فراريج صغيرة أيضاً لتبيعها،قلت لها:ليس لدي بيت يا خالة..!!قالت:وهل تنام فوق المزابل..!!قلت لها:أنام في غرفة(مراحيض)..!!قالت:المراحيض يكفي أثنين..!!جاء حمّال صديق،إقترب منّا،قال:ها خالة بقيتي هنا..!!قالت له:أبو طول(العنتيكة)أخرني..!!قال لها:تعالي معي إلى البيت،قالت له:أين أذهب،أنا مجبورة أن أأتي معك إلى البيت..!!رفع الحمّال الصديق حاجياتها ووضعها في عربته،للحق أقول نسيت أن أأخذ أجرتي منها،كائني المتحمس شغلني والهب كياني بحمّى لذيذة،غمزتني الدلالة وقالت وهي تتبع الحمّال الصديق(طنطل)ما(بيك)خير..!!بعد أسبوع رأيتها تهبط من عربة القطار،هرعت إليها ،قالت لي:لا..لا.لا ترفع أشياءي،سيأتي صاحبك..!!جاء صاحبي وأخذ زبونتي،انا خسرت زبونة،مقابل كنز ثمين أبقيته خارج الحياة،خارج اللعبة البشرية القذرة،لعبة السقوط بين مخالب شيطان المتع،فيما بعد،سمعت إن صاحبي الحمّال،وضع نفسه بين مخالب الشيطان،سمعته يسرد للحمّالين مواقعاته النهارية والليلية معها،بعدما صارت تلك المرأة تؤخر نفسها أيام المجيء إلى البلدة،بدأت تجيء دائماً،ليس فقط أيام الجمع،المرأة إختفت،سمعت أن صاحبي الحمّال جمع الحمّالين ذات ليلة على المرأة،سمعت انها رفظت أن تتعاطى اللذة مع تسعة حمّالين،قام أحدهم وأخذها بقوّة،بعضهم قال:وضعوا لها في الماء حبوب منوّم..!!بعضهم قال:صاحبي الحمّال بعدما جردها من ثيابها،ونال حصته،اخذ ملابسها وتركها مثلما خلقت،دخل عليها آخر،نال حصته،ثم جاء ثالث، إنتبهت المرأة لرائحة مؤامرة لا تنتهي،أرادت أن تصرخ،فشل الحمّالون من تطويعها،أخذوها بعدما كمّوا فمها،من يومها إختفت المرأة التي أسميتها دلالة،بلدتنا صارت تغص بالحمّالين بعدما نشطت التجارة،سقوط البلاد فتح آفاق واسعة للتهريب،كل ممتلكات البلاد صارت ترجع من حيث جلبت،جائت بعرق الجبين وأكداس الدولارات،رجعت بثمن بخس،مهربون جدد،يريدون حياة واسعة،يريدون مركبات(منيفيست)يريدون تعويض خسارتهم الماضية،ينهبون ويبيعون،ناس تبيع لناس،سلاسل مهربون،ناس تسرق الدوائر ومخلفات العسكر،تبيعها لسماسرة أكبر حجماً،سماسرة تبيعها لبلدان الجوار،ناس تقطع الدبابات المتروكة،دبابات جديدة لم تقاوم الإحتلال،ناس تقطع الجسور إلى قطع صغيرة سهلة الحمل والنقل،ناس تقول:بلدان الجوار ماذا تفعل بالمخلفات..!!ناس تقول:تريد الإنتقام من ناس بلادنا..!!ناس تقول:بلدان الجوار تريد تفريغ بلادنا من كل شيء،كي تبيعنا أشياءها..!!أكتب هذا أرجوك،أكتبها،لا تخف إن لم تكتبها أنت خائن الأمانة،يا كاتب أكتب ما أحكيه لك،حكايات اليوم مطلوبة،تاريخ يحتاج لمن ينطقها،أنت تكتب التاريخ،أنت أمام محكمة صارمة،أنت تكتب اسطورة،تعامل بدقة ومصداقية أرجوك،لا تتبع حشد الكاذبين،الخائفين،المتملقين،الطبّالين،نافخي الأبواق،الباحثين عن الولائم والكسل والتباهي الفارغ،هؤلاء رفعوا عقيرتهم مثل الكلاب الضالة الجائعة،هم حشد رعاع ولّوا مع المولّين،فروا،مثل الكلاب وضعوا أذنابهم بين سيقانهم وهربوا،لا مكان للكذب في يومنا هذا،مضى زمن الكلاب يا كاتب،استل قلم الصدق،افرش ورق الحياة،اذرف دم ودمع التحدي،ستغدو اسطورتك مع اسطورتي،ستقول الناس عنك:يا له من كاتب شجاع..!!ناس تقول:شبيه الحمّال الذي هو جدي..!!أكتب ما أقصّه عليك،بعدما صارت التجارة حرة،لا قيد،لا ضرائب،وجد الرجال فرصة مثالية للثراء،من يروم أن يغدو مثل جدي غنياً يكتري عربة لإبنه ويدفعه صوب السوق كي يجلب في آخر النهار حفنة دراهم،ضاق السوق بالعربات وصرنا مثل طوابير الذباب نلهث خلف كل من نراه يقف أمام دكان،نلهث ونقف مثل كلاب تنتظر رمية عظمة،أو كسرة خبز،ننتظر،الزبون يساوم على كل حاجة،البائع يهبط السعر له،ينسحب الزبون،البائع يحاول أن يرجعه:تعال خذه بسعره..تعال.تعال..تعااااااااااال وخذه بأقل من قيمته..!!الزبون صار في محل آخر،نتقدم وراء الزبون خطوات أخرى،تمر الدقائق،ثقيلة،مملة،الثغور تبتهل،تتوسل أن يشتري الزبون حاجة،الشمس صارت فوق الهامة،صارت جحيم،تصب أشعتها،عمودية،متوغلة إلى المخ،حمّالون ينسحبون،حمّالون يتابعون اللهاث،يريدون قيمة أجرة العربة،الزبون يغادر،زبائن تأتي،زبائن تمضي،وصل بالبعض منّا أن يتنازل إلى أوطأ عملة بغية أن يحصل على أقل تقدير أجرة العربة،إذ نص قانون جديد سنّه وافد مسلّح إلى البلدة،رجل مربوع،كرشه يتدعبل أمامه،يتبعه حرّاس غلاظ،سنّ قوانين يومية،غيّر خارطة الشوارع،ناس تمشي مسافات طويلة كي تصل إلى بيوتها،وضع مطبات كونكريتية وحواجز خرسانية،جاء بأسلاك شائكة،منع السير في معظم الطرقات،رجل لا يتهاون أو يقبل السلام،يمشي،أمامه طابور حماية،يمشي وراءه طابور حماية،حماية كبيرة،حماية عن يمينه،حماية عن شماله،سنّ قانوناً ضد مهنتنا،نقل شرطي كلامه للحمّالين،للحق أقول:أنا لم أسمعه،صديقي الحمّال قال لي ما قاله الشرطي لهم،قال:قال الشرطي لنا،الأستاذ يقول ممنوع عربات تسير في البلدة..!!قلت لصاحبي:هم يفخخون المركبات،لا أحد يفخخ العربات..!!صاحبي قال:نسميك(الفيلفوس)أين(فيلفوس)مخك يا(عنتيكة)..!!قلت:أخبرني يا(فهيم)..!!قال:طرقة جديدة يا(عنتيكة)،ناس تعرف كيف تسرق جيوبنا،الأستاذ خصص غرفة من إدارة البلدة،جعلها جمعية للحمّالين، سيشتري عرباتنا بفلسين ويؤجرها لنا بدنانير..!!ناس فرحت بالسقوط،ناس ترقبت الأمور بحذر،ناس مشت على أهواءها،ناس هجست بخسران مبين،إختلط الحابل بالنابل،إختلط الجميل بالقبيح،الحمّالون باعوا عرباتهم،أنا لم ابعها،قمت بتحويرها،دفعت لنجار مبلغاً من المال،قام بتحوير عربتي إلى عربة عالية،عربة بيع حاجيات نسائية،تخلصت من مخالب نقابة مستقلة تدافع عن كيان الحمّالين كما قال الشرطي لطابور الحمّالين،بنى الحاكم المربوع خاناً وراح يحرر تراخيص خاصة بالمهنة،وتم إضافة بند إلى قانون العقوبات سارية المفعول من قبل حاكم البلدة الجديد(يعاقب كل من له عربة ملك بالحبس لمدة ثلاث سنوات)،ثلاث سنوات حبس،تصور حبس الحمّالين بلا جريرة،تصور يا كاتب،المجرم لا أحد يسجنه،هم يخافون من المجرمين،ناس تقول(المسؤولين)يخافون على حياتهم..!!،ناس تقول(المجرمين)هددوا من يتابعهم..!!،تراهم يصولون ويجولون في السوق،يبحثون عن ضحايا جدد،ثلاث سنوات يقضي كل حمّال عربته غير خاضعة لنقابة الحمّالين،سيصادر عربته،الشرطي قال ذلك للحمّالين يوم جمعهم أمام مبنى إدارة البلدة،أكد على مدة السجن،ثلاث سنوات،بالتمام،الحمّالون خافوا على أرواحهم،قالوا:الحاكم الجديد عديم الرحمة،يفعلها وهو غير نادم على ما يفعل..!!كلام تهامس به الحمّالون فيما بينهم،الشرطي قال أيضاً:بعد خروج الحمّال من السجن لا يسمح له العمل حمّالاً..!!،قال أيضاً:ستسحب منه هوية نقابة الحمّالين..!!ناس تقول:تخلصنا من حرامي واحد،وجدنا جيش حرامية،ناس تقول ذلك..!!
***



#تحسين_كرمياني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعل الغجريّة..(رواية)6
- بعل الغجريّة..(رواية)3
- بعل الغجريّة..رواية/4
- بعل الغجريّة..رواية(2)
- بعل الغجريّة..رواية(1)
- حكاية عبّاس
- ثلاث قصص قصيرة
- السكن في البيت الأبيض
- ونثرنا ضمائرنا على الجدران//قصة قصيرة
- بجلطة شعريّة..مات بطل رواية(نافذة العنكبوت)
- الأتفاقية الأمنية بين مطرقة أمريكا وسندان الفوضى
- أنا كاتب تلك الفصة
- شيء ما يحدث
- لحظة فقد ذاكرته
- أنا كاتب تلك القصة
- في حدثين منفصلين
- حفيد العاشق محروس
- مضت ساعات الندم
- براءة اكتشاف..البرلمانيون لا يقرؤون
- صبر العراقي..أيّوبي


المزيد.....




- السعودية تتصدر جوائز مهرجان هوليوود للفيلم العربي
- فنانون أيرلنديون يطالبون مواطنتهم بمقاطعة -يوروفيجن- والوقوف ...
- بلدية باريس تطلق اسم أيقونة الأغنية الأمازيغية الفنان الجزائ ...
- مظفر النَّواب.. الذَّوبان بجُهيمان وخمينيّ
- روسيا.. إقامة معرض لمسرح عرائس مذهل من إندونيسيا
- “بتخلي العيال تنعنش وتفرفش” .. تردد قناة وناسة كيدز وكيفية ا ...
- خرائط وأطالس.. الرحالة أوليا جلبي والتأليف العثماني في الجغر ...
- الإعلان الثاني جديد.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 الموسم ا ...
- الرئيس الايراني يصل إلي العاصمة الثقافية الباكستانية -لاهور- ...
- الإسكندرية تستعيد مجدها التليد


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تحسين كرمياني - بعل الغجريّة(رواية)5