|
الوحدة الوطنية : في بازار المتطرفين ...
حسن حاتم المذكور
الحوار المتمدن-العدد: 2441 - 2008 / 10 / 21 - 05:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الدولـة العراقيـة ومنذ تأسيسها عام 1921 ’ لم تعرف ربيـعاً فـي العلاقات الوطنيـة ـــ العراقيـة العراقيـة ـــ بين مكونات المجتمع العراقي يمكنـه ان يعطي ثمـرة الحريـة والعدالـة والمساواة تحت خيمـة النسب التاريخي والحضاري . التسلط العنصري الطائفي والتفرد الأيديولوجي ’ دمـر العلاقات التاريخيـة بين المكونات وشوه الثقـة وعمم الخوف والأحقاد والكراهيـة والتنكيـل في الآخـر تهجيراً وانفلـة واجتثاثـاً وابادات فرديـة وجماعيـة وضـرب بيئـة التقاليـد والأعراف الأجتماعيـة والموروث الأنساني فـي الصميـم . كان النظام البعثي العروبي آخـر الحرائق التي اتت على ثقـة الناس ببعضهـا وامـل استعادة روح التعايش والتسامح والمحبـة بين المكونات التاريخيـة للعراق . بعد التغيير الذي حدث في 09 / نيسان / 2003 ورغم انه كان احتلالاً لـه دوافعـه الشريرة ’ غير الذي تمناه وانتظـره اهـل العراق . وقف العراقيون عند ابواب التغيير خائفون حذرون بين تجاربهـم المريرة مـع المخططات الأمريكيـة على امتداد اكثر مـن خمسة عقود ’ وبين طموحهـم المشروع الى مستقبل ديموقراطي آمـن ’ فكانوا صادقون مـع انفسهـم ومـع الأحتلال ومع القوى التي قفزت بمساعدتـه على قمـة تمثيلهـم طائفيـاً وقوميـاً ومذهبيـاً ’ غيـر ان الأحتلال وكعادتـه القديمـة استغـل نقاط ضعف بعض القوى التي تعاملت معـه وكانت متطوعـة لمواصلـة الموروث البعثي ثقافيـاً واخلاقيـاً وفكريـاً ونفسيـاً وممارسـة ’ فأدخلهـم معـه اوراقـاً يلعبهـا مـع اهـل العراق لينتزع منهـم ما تركـه النظام البعثي مـن بقايـا وطـن ’ فكان مجلس الحكم الموقت ثم الأنتخابات الأولى والثانية والأستفتاء على الدستور جواكـره الأهـم للأيقاع بالعراق داخـل مصيدتـه التاريخيـة ووضـع مصيره على الطريق الخطـاء للتحاصص والتوافق وتقاسم المتبقي مـن العراق اسلابـاُ ’ وفتـح امام تلك الوجـوه الشرهـة ابواب الثروات الوطنيـة والسلطـة والجـاه وشجع دوافـع ورغبات الأختلاس والفساد والرشوة واسباب السقوط في مستنقعات الرذيلة ’ وشجعهـا ودعمهـا مادياً ولوجستياً على تشكيل المليشيات واجهزة التنكيل وفرق الموت السرية انجازات خطيرة ( للفوضى الخلاقـة ) واشرف كذلك على معاقية وتصفية القوى والشخصيات الوطنية اذا مـا رفضت ان تكون اطرافـاً او اسبابـاً فـي المحنـة العراقيـة والمآزق المدمـر ’ كذلك فتـح الأبواب لدول الجـوار لتدخل اطرافاً في لعبة انهـاك العراق واخضاع شعبه لشروط الأمر الواقع ’ كـل تلك الحالات ومسلسل البشاعات يحاول المقاولون المحليون نفاقـاً وادعاءً الثرثرة حول الوحـدة الوطنية . مجلس النواب المنتخب مـن قبل الشعب ’ والذي كان مفروضا ان يكون ملتقاً وطنياً للتسامح والتصالح والمحبة والوحـدة والبنـاء ومؤهلاً لـوضع ضمادات الشفاء على الجراح القاتلـة التي تركهـا النظام البعثي على الجسد العراقي ’ اصبح مع الأسف مستنقعـاً للتطرف العنصري الطائفي ينضـح عفونـة الكراهيـة والأحقاد والعداوات والأبتزازات والغـدر بالآخـر ’ ومـا حدث اخيراً في الأجماع الهجين الذي لا يشرف احـداً على الغـاء المادة ( 50 ) مـن قانون انتخابات مجالس المحافضات التي تمنـح بعض الحقوق المتواضعـة للمكونات غير الكبيرة ’ كانت قرصنـة تفتقـر الى ابسط القيم الأخلاقيـة والأجتماعيـة مـن حيث الأسلوب والممارسـة والنوايا الموتورة ’ حيث تـم التصويت على الغـاء دور المكونات العراقيـة الصغيرة وتهميشهم بقسوة ودناءة ’ ثـم ورغم الأجماع الفاضـح ’ يتنصل الجميع سخرية بعـد ان انجزوا ما يرغبوه مـن فعلتهـم المشينـة ’ سوى انهـم اثبتوا هذه المرة ذكاءً ودهـاءً وشطارة ’ حيث لم يتهمـوا الأرهاب والقاعدة والوهابيين في مؤآمـرة ودسيسـة ذلك الأجماع داخل مجلس النواب ’ وتلك فلتـة نحسبهـا لهـم ( وطاح حظ الوكت ) . مسلسـل المجزرة التي ارتكبت ولا تزال بحق الأخـوة المسيحيين اغتيالاً وتهجيراً وحرقاً للكنائس والبيوت ’ وكالعادة استنكرتها او اتهمت الأطراف بعضها ’ بينمـا دمـاء الأخـوة المسيحيين التي تسيل مـن انياب ومخالب بعض الأطراف والقوى والقوائم التي تشترك وتقود العملية السياسيـة مؤتلفـة داخـل مجلس النواب في المنطقـة الخضراء ’ فهي ان لم تشترك مباشرة فأنهـا على علم ودرايـة بمن نفذهـا ’ ومـن لم يكن صريحـاً مـع الضحايا ’ فسوف لن يكون بريئـاً ’ وان تلك الأعمال والأدوار ستكون مقلقـة لجميـع مكونات المجتمـع العراقي وتشكل ايضـاً تدميراً فعليـاً لمباديء واواصر ودواعي واسباب الوحـدة الوطنيـة بين المكونات . ان النهـج الراهن للوحـدة الوطنيـة هو حالة عقاب جماعي يفرضـه الكبارمن مركز القرار على الصغار وبأي صيغـة كانت ’ انـه حالة مسخ وتقطيـع للروابط الروحية والنفسيـة والمعنويـة التي تجمع بين المكونات ’ وحالة انفصال وجداني تعبـر عـن الرفض المخضب بالدمـاء والمعاناة مـن داخـل كروش القروش الطائفيـة والقوميـة بعـد حالات الأبتلاع الوحشيـة . وبمـا ان الأخوة العربيـة الكردية تشكل حجـرالأساس الذي لا بديل لـه للوحدة الوطنيـة والمستقبل الديموقراطي التعددي الفدرالي فهي مستهدفـة مـن قبل الذين لا يرغبوا ان يروا العراق منصفـاً مع مكوناتـه . يعتقد البعض سذاجـة : ان الأخوة العربيـة الكرديـة يمكـن اختزالهـا بنزوة عهـد او مساومـة او كلمـة ( شـرف !!! ) ثملـة يعطيهـا السيد الجعفـري مثلاً للسيـد جلال الطالباني ’ او مجرد وعود واتفاقيات على الورد او ثقـة تتعكز على الذاكرة واعتماد النوايـا ( الطيبـة !!! ) بين الأئتلاف الموحـد والتحالف الكردستاني فـي اجواء الأبتزازات والمساومات والمناورات تشترك فيهـا وتفترق وتتخاصـم احيانـاً اغلب الكتـل السياسيـة ’ ان تلك الأساليب والممارسات والطرق التي تعتمـدها القوى الفوقيـة وبسريـة تامـة ’ سوف لـن تثمـر على الأطلاق اخـوة عربيـة كرديـة او حـد ادنى مـن الوفاق ناهيـك عـن الوحـدة الوطنيـة ’ ولنـا فـي التاريخ القريب ادلـة وشهود وتجارب مخيبـة للآمال ’ ان الأخـوة العربيـة الكرديـة هي في الحقيقـة ’ منظومـة قيـم واخلاق وثقافات وطنيـة ومصائر مشتركـة وفهـم متادل وعلاقات تتسـع لخصوصيات واهداف كـل مكون ’ تلك الأخـوة لا يمكن لهـا ان تتحقق بدون رغبـة ودور وفعـل الملايين مـن العرب والأكراد ’ واذا ما اردنـا حقـاً ان تكون تلك الأخـوة اساسـاً صلبـاً للوحـدة الوطنيـة ’ فيجب ان تكون جماهير المكونات الأخرى طرفـاً ايجابيـاً مؤثـراً بنـاءً في دعائمهـا ومسيرتهـأ . الوحـدة الوطنيـة ’ هي قضيـة الملايين ولمصلحتهـم ولحمايـة حاضرهـم وضمـان مستقبل اجيالهـم ولا يمكن تحقيقهـا الا جماهيرياً ابتداءً مـن القاعـدة الشعبيـة الو اسعـة ’ امـا المصالح الشخصيـة والفئويـة والحزبيـة والعشائريـة وتشابكهـا الى جانب الأفرازات الضارة للعنصريين والطائفيين وثقافات الأستفزاز والترصـد والتصعيـد ’ فهـو طريق لتكريس الفرقـة والتمزق والضعف العام ثـم الأنهيار والخسارة المشتركـة ’ وهـذا مـا لا نتمنـاه مستقبلاً كئيبــاً للعـراق .
#حسن_حاتم_المذكور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المشه يوصل ...
-
لمن سنمنح ثقتنا واصواتنا ... ؟
-
الأتفاقية الأمنية : وجهة نظر...
-
اجماع حول سبي العراق ...
-
ارفضوها : انها لا تليق بتاريخكم ...
-
الى الكبار : رسالة مفتوحة ...
-
الطريق الى الوحدة الوطنية ...
-
من يصّنع الكراهية ... لا ينتج الحب .
-
ليس دفاعاً عن مثال الألوسي ... ولكن ... ؟
-
ديموقراطية التقليد ...
-
الخبز الحرية المساواة ...
-
القضية الكوردية كما افهمها واتمنى لها ...
-
الترهل السياسي ...
-
الفريق وفيق السامرائي ... مجرد سؤال ؟
-
فدراليات اليوم وليس غداً !!! ؟؟؟
-
الأستفتاء المدهش ....
-
مظلوميات مشتركة وجهد ممزق ...
-
حكومتنا تخشى الثقافة الوطنية ...
-
من اجل كركوك فقط ...
-
كاترين ميخائيل : امرأة في قلبها عراق ...
المزيد.....
-
صورة -إزازة بيرة- وتعليق -إساءة للصحابة وتشكيك بالسنة النبوي
...
-
مسؤول: أمريكا أوقفت شحنة قنابل إلى إسرائيل وسط مخاوف من استخ
...
-
الشرطة الهولندية تعتقل عشرات الطلاب الداعمين لفلسطين أثناء م
...
-
الجيش الأمريكي: الحوثيون أطلقوا 3 مسيرات وصاروخا باليستيا با
...
-
روت تفاصيل مثيرة.. ستورمي دانييلز تدلي بشهادتها في محاكمة تر
...
-
أبرز مواصفات الهاتف المنافس الجديد من Motorola
-
شي جين بينغ يبحث عن فهم أوروبي
-
الشرطة الفرنسية تقمع اعتصاما داعما لغزة في جامعة السوربون في
...
-
آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /08.05.2024/
...
-
رويترز عن مسؤول أمريكي: واشنطن علقت إرسال شحنة قنابل لإسرائي
...
المزيد.....
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
-
العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني
/ حميد الكفائي
-
جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023
/ حزب الكادحين
-
قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية
/ جدو جبريل
المزيد.....
|