أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - فنجانُ الشاي العُنصريُّ














المزيد.....

فنجانُ الشاي العُنصريُّ


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2436 - 2008 / 10 / 16 - 08:17
المحور: حقوق الانسان
    


7% من سكان العالم أَعْسَرُ. يعني يستعمل يده الشِّمال بدل اليمين في التعامل مع الأشياء. نسميه "أشْوَل" في الدارجة المصرية، وبالأمريكية southpaw أو مِخْلَب الجنوب. والسبب، حسب قاموس أكسفورد، أن الأمريكان يصممون ملاعبَ البيسبول بحيث تتجه صوب الشرق كيلا تؤذي أشعةُ الغروب عيونَ اللاعبين، وبالتالي تتجه يدُ الأعسر، فيما تقذف الكرة، جنوبا. وتقول الإحصاءات إن 66% من رؤساء أمريكا عُسْرٌ. منهم: رونالد ريجان، جورج بوش، بيل كلينتون. كما أن باراك أوباما وجون ماكين أعسران أيضا! وتبعا للمينسا، Mensa، وهي موسوعة البشر ذوي نسب الذكاء المرتفعة، فإن معظم العُسْر من الأذكياء الناجحين. مثل: الإسكندر الأكبر، يوليوس قيصر، أرسطو، نابليون بونابرت، بتهوفن، نيتشه، تشرشل، غاندي، آينشتاين، نيوتن، ماري كوري، دافنشي، مايكل-آنجلو، بابلو بيكاسو، فيدل كاسترو، مارادونا، بيل جيتس، وآخرين. النادر يستخدم اليدين ويُسمى "أعْسَرُ يَسَرٌ"، مثل الفاروق عمر. كشفتْ أبحاث 2007 أن جين LRRTM1، المسئول عن العَسَر، قد يتسبب أيضا في أمراض عقلية مثل الفصام. هذا الجين يجعل فصَّ المخ الأيمن نشطا، وهو المتحكم في نصف الجسد الأيسر، وهو موئلُ اللغة، والتخيّل، والرياضيات. لذا سنجد كثيرا من العُسر أدباءَ وفنانين وفيزيائيين.
ومثلما اِشتُقَّت مفردةُ "أعسر" من "العُسْر"، بمعنى الشؤم ونقيض اليُسْر، نجد في الإنجليزية مترادفات الأعسر left-handed، تحمل دلالاتٍ سلبيةً. منها sinistral المشتقة من الجِذر sin أي خطيئة، كأنما الأشول خطّاءٌ! وفي العبرية، وبعض اللغات السامية واللهجات القديمة لبلاد ما بين النهرين، كانت "اليد" ترمز للقوة والسيادة، وبالتالي ترمز "اليدُ اليسرى" لسلطة الاعتقال، وسوء الطالع والنحس، وملمح من ملامح غضب الآلهة! وتطوَّرَ المعنى عبر تلك اللغات حاملا دلالاتِه السلبيةَ دائما. ففي عديد اللغات الأوروبية، مثل الإنجليزية والهولندية والألمانية والفرنسية والأسبانية والبرتغالية، نجد مفردة "يمين" right لا تحملُ وحسب معنى السَّواء والصَّلاح والصِّحة (عكس الخطأ)، بل أيضا معنى الحق والعدالة. وتاريخيا، أنْ تكون أيمنَ فذلك يعني أنك ماهرٌ. لأن الجذر اللاتيني dexter يعني "أيمن" ويعني "ماهر" في الوقت نفسه. وفي الأيرلندية deas تعني "يمين" وكذا "لطيف" أو "جميل". وفي المقابل كلمة gauche بالفرنسية تعني "يسار" وتعني "أخرق". والأمر ذاته في الهولندية والبرتغالية "أن تكون لك يدان يسرايان" يعني أنك أبْلَه. وفي الإنجليزية "أنت ذو قدمين يسرايين" يعني أنكَ لا تجيدُ الرقص. والحقُّ أنني وقعتُ على ما لا يُحصى من تعبيرات لليد اليسرى، في لغات أوروبا وجنوب آسيا، تصبُّ جميعها في النهر السلبيّ ذاته. ومن نافلة القول الإشارة إلى المُحمّل السياسيّ في كلمتيْ: اليمين- اليسار:)
ولكنْ، حتى لو أقاموا للشول عيدًا عالميًّا في 13 أغسطس من كل عام، يظلون غلابة. فمعظم الأدوات مُصممةٌ لأجل مستعملي اليد اليمنى: المقص، البيانو، مسمار ساعة اليد، البندقية، ماوس الكمبيوتر، أرقام الكيبورد، عصا ناقل السرعات في السيارة، سكين السوشي الياباني، الخ. لا بأس! المهم، إذا كنت أشْوَل، مثلي، فإياك أن تقبل دعوة الأستاذ خالد صلاح على الشاي في مكتبه بجريدة "اليوم السابع". فالفنجان الأبيضُ الأنيق الذي سيُقدم إليك مخادعٌ جدا و"عُنصريّ". ذاك أن انحناءات مقبضه وحوافه مُصَمّمةٌ "حصريا" لليد اليمنى. ومستحيلٌ أن يتناوله أعسرُ دون أن ينسكبَ الشاي فوق ملابسه!



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هذه ليست كُرَة، إنها صديقي!
- اللعنةُ تريدُ أن تضحك
- طبلةُ المسحراتي
- أخافُ اللونَ الأبيض
- هَدْمُ الأهرامات
- عزيزي أنيس منصور.. شكراً
- إلا درويش يا صهيون!
- طار إلى حيث ريتا!
- لأني إذا مِتُّ أخجلُ من دمعِ أمي
- العادات الشعبية بين السحر والخرافة
- تأنيث العالم في رواية ميس إيجب. من الذي قتل مصر الجميلة؟
- على باب فيروز
- شجرةُ البون بون
- قارئة الفنجان
- هنا فنزويلا
- اِستمرْ في العزف يا حبيبي!
- لسه الأغاني ممكنة؟
- ارفعْ مسدسَك عن أنفي، أُعْطِكَ فرجينيا وولف
- سؤالُ البعوضةِ والقطار
- ترويضُ الشَّرِسة


المزيد.....




- اليونيسف تُطالب بوقف الحرب الإسرائيلية على لبنان: طفل واحد ع ...
- حظر الأونروا: بروكسل تلوّح بمراجعة اتفاقية الشراكة مع إسرائي ...
- الأمم المتحدة: إسرائيل قصفت الإمدادات الطبية إلى مستشفى كمال ...
- برلين تغلق القنصليات الإيرانية على أراضيها بعد إعدام طهران م ...
- حظر الأونروا: بروكسل تلوّح بإلغاء اتفاقية الشراكة مع إسرائيل ...
- الأونروا تحذر: حظرنا يعني الحكم بإعدام غزة.. ولم نتلق إخطارا ...
- الجامعة العربية تدين قرار حظر الأونروا: إسرائيل تعمل على إلغ ...
- شاهد بماذا إتهمت منظمة العفو الدولية قوات الدعم السريع؟
- صندوق الامم المتحدة للسكان: توقف آخر وحدة عناية مركزة لحيثي ...
- صندوق الامم المتحدة للسكان: توقف آخر وحدة عناية مركزة لحديثي ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - فنجانُ الشاي العُنصريُّ