خلق الله شامل وعلى التفسير والافتاء اخذ ذلك بعين الاعتبار

خالد عبد القادر احمد

الحوار المتمدن-العدد: 2429 - 2008 / 10 / 9 - 00:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

من المؤسف , ان نقصا , يسود فهم البعض للدين , ويتعلق هذا النقص ليس بالاعتراف بان الطبيعة من خلق الله , بل بالدور الذي سخرها الله لادائه تجاه الخلق العاقل , حتى يصل هذا الخلق العاقل يوم الحساب , حيث من الملاحظ ان غياب هذه المسالة عن وعي رجال الدين خاصة والناس عامة يترك اثره السيء في مجال فهم كثير من المسائل التي على تماس بالعلمية في الدين الاسلامي , علما ان هذه النقطة تحديدا تشكل نقطة لقاء ضرورية ما بين الفكر المادي والفكر الديني , وتتيح للفكر الديني التفكير بمستوى اعلى من العلمية ومستوى اكبر من الابتعاد عن اطلاق غير محدود للقدرية وتفسير كل شيء بالقضاء والقدر

لست رجل دين نعم , غير اني والحمد لله على مستوى من الثقافة تتيح لي ان افهم ايضا ما يقال في امر الدين من ما جاء به كتاب الله عز وجل وسنة رسوله الكريم واجتهاد رجال الدين , فالله بعزته وجلاله وان وضع في رجال الدين امانة التفسيروالتعليم والافتاء الا انه استحث الناس في كتابه الكريم على اعمال العقل في خلق السماوات والارض وفي انفسهم , فهل قصد الله عز وجل من هذا الحث ان نجيب على سؤال من الخالق فحسب ام ان نفهم ايضا دور هذا الخلق في حياتنا ؟

اما الشق الاول من السؤال فقد اجاب عليه بنفسه الكريمة سبحانه وتعالى , وامتنع عن الاجابة عن الشق الثاني , فلماذا اذن ؟ اذا لم يكن هذا الامتناع حثا لنا على اكتساب المعلومة العلمية من وخلال التعامل مع البيئة المحيطة بنا لأنها مخزن المعلومة العلمية كما هي مخزن الرزق الذي سبق لربنا عز وجل ان قدره فيها مسبقا , الى جانب ان الانسان بذاته هو بنائين مادي وروحي ولكل منهما اثره على الاخر ونتيجته فيه

مثال على الخلل الذي يتركه هذا النقص في الوعي , مسالة الرزق , التي تاخذ في تفسير رجال الدين معنى التقدير اليومي من الله عز وجل , في حين ان القران الكريم اشار الى التقدير المسبق للرزق منذ الخلق ورصده في السماوات والارض , وحثه الناس على العمل لتحصيل رزق الدنيا والاخرة اي المعاش والعمل الصالح وكله عمل صالح , وما يعمله المطر وهذه الحال هو انه يحرك العملية الاقتصادية اللازمة للانتاج الجماعي والتي يتوزع منها الرزق بقدر الجهد المبذول وقدر حيازة وملكية وسائل الانتاج اما عدالة التوزيع فقد تركت للعلاقات بين الناس والاسس التي تستند اليها

مسالة اخرى بهذا الصدد هو المسالة القومية وحضورها في المجتمع الانساني والتي تحدث جراء العلاقة بين العامل الانساني والعامل البيئي والعلاقات بينهما وبين الانسان والانسان بصورة تراكم تاريخي , فاسبابها كما نرى من خلق الله وكذلك تقدير اليتها التاريخية التي تنتهي بها الى حلول الظاهرة القومية في المجتمع الانساني , وقد اكد الله عز وجل على الامر في كتابه العزيز حين اشار الى التباين في طبيعة الارض كاشارة للتباين البيئي بصورة عامة , وحين اشار الى خلق الشعوب والقبائل واللفظين يدلان على مستويين من التطور الاجتماعي متباينين تاريخيا حيث القبيلة مستوى قومي ادنى من مستوى القومية في الشعب ,فالاولى نقية الدم والاخيرة اثنية العرق , ولو سالت رجل دين في وحول المسالة لاجابك انها مكروهة ؟؟؟

ان كثير من المسائل المؤسسة لوعي الانسان وتحديد طريقة تفكيره جرى ضربها جراء تناسي دور العامل المادي المتواجد في الحياة والفاعل والذي اثره اساسي, وهي مسالة يتحمل وزرها رجال الدين الذين لا يبذلون الجهد الصحيح في تفسير القران الكريم بين الناس حتى اختلط على الناس فهم دينهم واصبحوا يتلككون للدين في كل كبيرة وصغيرة , فكثير من الناس يفسرون مثلا قوله تعالى ( نساؤكم حرث لكم فاتو نساؤكم انى شئتم ) تفسيرا يناسب انحرافات لديهم , علما ان تفسير الاية الكريمة لا يتم الا اذا اكدنا ان كلمة (انى شئتم) معناها الصورة والوضع الطبيعي الذي خلق الله عز وجل الناس مشروطين له في خلقهم من الجانبين المادي الطبيعي والروحي الديني

كذلك ما يدور الان من افتاء حول عمر الزواج بين الرجل والمراة والذي تدنى به افتاء رجل دين حتى نزل عن مستوى سلوك الحيوان الذي خلقه الله مثالا لنا , فهل رايتم حيوانا بالغا يتزوج من حيوان رضيع او غير ذي بلوغ جنسي و(عقلي) بحسب ما تقتضيه حياة الغرائز الطبيعية في الحيوان , فالحيوان يدرك ان مهمة الصيد مثلا تقوم بها اناث الحيوان حتى تطعم صغارها وهذا مستوى عقل وادراك غريزي لم يحتج معه الحيوان دخول جامعة ولا كلية شريعة لادراك ضرورته للزواج الحيواني , في حين ان هذا الشرط الذي ادركه الحيوان تجاوزه عقلاء الافتاء فاجازوا الزواج بمن هو دون هذا الادراك , وتحايلوا على امانة الافتاء بوضع شرط الصبر حتى سن البلوغ الجنسي , علما ان المعنى الصحيح للبلوغ هو في بلوغ الحد اللازم من المستويين الجسمي والعقلي , ام يسمح بان تلد غير العاقل وتؤتمن في رايهم على الاعتناء بوليد؟

ان العرض السابق يوضح ضرورة اخذ العامل المادي الى جانب العامل الروحي في عملية تفسير القران الكريم والافتاء تاليا بصورة صحيحة تبعا لذلك , وعندها سيتخلص مجتمعنا من حجم كبير من معيقات تمنع ان نفكر بصورة علمية وترفع من مستوى المامنا بدين الله عز وجل واكتمال فهمنا لاكتمال خلق الله وموقعها في حياة الانسان

#خالد_عبد_القادر_احمد (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل