أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - خالد عبد القادر احمد - العرض المشوه لاتفاقيات اوسلو ...لماذا؟















المزيد.....


العرض المشوه لاتفاقيات اوسلو ...لماذا؟


خالد عبد القادر احمد

الحوار المتمدن-العدد: 2404 - 2008 / 9 / 14 - 07:22
المحور: القضية الفلسطينية
    


تجمع من كتابنا , ومن منطلقات مختلفة , يستعيدون عرض اتفاقيات اوسلو , بصورة مغرضة تخدم اهدافا متنوعة , البعض منها فحسب , وطني , لكنه في النهاية يصب في مجرى التشكيك باخلاص المفاوض الفلسطيني , هذه الحملة المعادية للاستقلالية الفلسطينية المستمرة منذ اعلان اول مجلس وطني فلسطيني عام 1947 واعلان حكومة عموم فلسطين وهو جهد تامري متعدد الاطراف بدءا من بريطانيا مرورا بالكيان الصهيوني ومصر الملكية وسوريا والاردن وانتهاءا ببقايا الاقطاع الفلسطيني , انتهى الى تضليل الراي العام الفلسطيني والسماح بتمرير حصار المجلس الوطني الفلسطيني الاول وحكومة عموم فلسطين واسقاطها واجهاض النضال الوطني الفلسطيني الاستقلالي وتمرير عملية اقتسام فلسطين بسلاسة ويسر.
والان , وقد هيا الكيان الصهيوني بالتنسيق مع هذه الاطراف العربية نفسها الجو المناسب لاسقاط ثقة الشعب الفلسطيني بقيادته الوطنية , يسهم هؤلاء الكتاب بتشديد الحصار على القيادة الوطنية الفلسطينية , عبر اعادة نخر الثقة بالقيادة الفلسطينية , والتهيئة لاسقاطها تكرارا للخطا الذي ارتكب في عام 1947 , مع مستجد اضافي هو صورة مقاومة مسلحة مشوهة تعارض هذه الاتفاقيات . وتاخذ الوضع الفلسطيني الى حالة انقسام تزيد تعددية الشرعية الفلسطينية الموجودة فعلا في صورة تعددية استقلال الفصائل وبصورة خاصة العسكرية
وحتى لا نظلم ( الجميع ) من الكتاب والراي العام الفلسطيني الرافض لاتفاقيات اوسلو , نجد لزاما علينا المبادرة في التصدي ( عبر عمليةالاقناع والاقتناع) الديموقراطية والحوار النظري السياسي الذي تقتضيه , وفي ظل هذه العملية ارى احتمال ان يعيد كثير من الكتاب و الراي العام الفلسطيني مراجعة موقفه من هذه الاتفاقيات واستعادة الاتزان في نظرته النظرية السياسية لها , واول مطلب لذلك هو في تاكيد ضرورة عدم فصل شروط عقد هذه الاتفاقيات , وجوهر محتواها عن السياق التاريخي لحركة النضال الفلسطينية , بل واكثر منه الحاحا فهم القضية الفلسطينية نفسها , حتى يمكن تقدير محتوى هذه الاتفاقيات بصورة دقيقة ( قيادية ) لا شعاراتية عاطفية تدغدغ حق الملكية الفردي وحق العودة ....الخ من الذخيرة الفكرية المضللة التي يلجاوون الى اطلاقها على حالة الثقة بالقيادة الفلسطينية
تعم , ان اتفاقيات اوسلوالتي عقدت في ظل حكم ميزان القوى الذي استحدثت الانظمة ( العربية الشقيقة, وعلى الاخص سوريا) خلله لصالح الكيان الصهيوني , لايستجيب لكامل الطموحات الوطنية الفلسطينية في التحرر والاستقلال, كما انه اجبر على اعطاء الكيان الصهيوني الاعتراف والشرعية ( من الفلسطينيين هنا فحسب ) فهو قد كان حصل عليها مسبقا من ( الانظمة العربية الشقيقة ) منذ اتفاقيات الهدنة ورودس وقرار 242 , ومن لا يقر بهذه الحقيقة فهو يقصد التضليل المبرمج , نعم ان اتفاقيات اوسلو اذلت حقوقنا وكرامتنا الوطنية الى حد كبير , ولكن هل كان للفلسطينيين عائد في مقابل ذلك ؟ وما هو ؟
نعم ايضا , ان القيادة الفلسطينية التي قبلت مبدا الاعتراف بالكيان الصهيوني , هي قيادة حسمت امر خيار طريقة التعامل مع الكيان الصهيوني بصورة استراتيجية على اساس هذا المبدأ , وهي تنحو نحو انهاء عملية الكفاح المسلح , وتسعى الى لجمه, وهذا امر اوقعها في حالة تضييق خيارات الضغط على الكيان الصهيوني وفقدان فرصة العمل العسكري من اجل تعديل حالة خلل ميزان القوى معه التي كان يمكن لها ان تكون اسنادا لعملية التفاوض السياسية .
ونعم ايضا فان الكيان الصهيوني استفاد الى درجة قصوى من تفاعل عوامل الضعف والانقسام الفلسطينية وحالة التنسيق مع ( الانظمة العربية الشقيقة) والاهمية اللوجستية لموقعه وخدماته للمركز الاستعماري العالمي في منعه من تصعيد الضغط عليه ( على الكيان الصهيوني) وتوظيفه ضد استمرارية سطوع الاستقلالية الفلسطينية وهو يسعى يوميا وفي مختلف المجالات لخلق حقائق جيوسياسية في الاراض المحتلة واعادة توظيفها في الضغط على المفاوض , والمقاوم الفلسطيني ,
لكنه نعم ايضا فلا زلت رغم ادراكي ( النضالي والسياسي) لكل ما سبق اؤيد عقد المفاوض الفلسطيني السابق لاتفاقيات اوسلو للاسباب التالية:
• اولا طريقة فهمي للقضية الفلسطينية , فلست من الذين يفهمون القضية الفلسطينية باعتبارها جزءا من قضية اكبر دينية او قومية عربي , وهي بالفعل ليست كذلك , فالقضية الفلسطينية هي قضية مستقلة , لا علاقة لها بصراع ديني او صراع يستهدف تفتيت المفتت اصلا ( القومية العربية ) , لذلك علينا فهم تشابك وتقاطع القضية الفلسطينية مع القضية الدينية او القضية القومية العربية من صورة التماس لاصورة توحد الجزء والكل . ان هذه الارض الفكرية هي جوهر اختلاف نظرتي وتقييمي لاتفاقيات اوسلو عن نظرة وتقييم الدين الساسي والنهج القومي العربي لهذه الاتفاقيات , فهذه جميعا تنطلق من نفي ( الحق الفلسطيني بوطنه ) فهو اما ارض وقف اسلامية لا يحق لاهلها سوى التمتع بها او جزء من الوطن العربي الذي ترتهن قراراتنا لقراراته التي لا ندري اين مركزيتها , ولو افترضنا ان ( الانظمة العربية الشقيقة ) في حالة عداء مع الكيان الصهيوني , فان ادعاء هذه الانظمة انها تعاديه بسبب احتلاله فلسطين هو ادعاء كاذب , بل هي تعادي في الكيان الصهيوني ليس وجوده وانما برنامجه التوسعي فحسب المؤطر في شعار اسرئيل الكبرى , وهي تفضل استمرار انحسار المعركة على ارض فلسطين عوضا عن انتقالها الى اراضيها القومية الخاصة , لذلك نجد هذه الانظمة في حال اعتراف فعلية بوجود وشرعية الكيان الصهيوني بل وتشاركه اقتسام فلسطين وجهد استعادة عملية اقتسام فلسطين معه , اذا ضمنت واطمأنت الى عدم مضيه في برنامجه التوسعي , وهذا ما انتهت اليه عمليا اتفاقيات كامب ديفد مع مصر واتفاقيات وادي عربة مع الاردن , وما ستنتهي اليه حتما الاتفاقيات مع سوريا , فهذه الانظمة تلتقي فكريا وسياسيا مع الكيان الصهيوني ان ليس من حق الفلسطينيين تقرير مصير ( الاراض العربية المحتلة عام 1967)
• ان اغبى الغباء هو الذي يدعي ان هدف بريطانيا من وعد بلفور وعملها على تحقيقه وانجازه باستصدار قرار التقسيم عام 1947 كان تمزيق الوطن العربي في عملية استكمال لاتفاقيات سايكس بيكو , فليست المحافظة المسيحية البريطانية على هذه الدرجة من عشق وتقديس الحق اليهودي والدين اليهودي , بل ان مصالحها القومية الخاصة كانت السبب في ذلك , وليس الكيان الصهيوني بالقاعدة العسكرية المتقدمة في منطقتنا والتي تحمي التفوق الاستعماري في المنطقة , بل الكيان الصهيوني (جزء) من المنظومة التي ابتنتها بريطانيا للحفاظ على تفوقها في المنطقة , اما الاجزاء الاخرى فهي الانظمة التي شاركت في اقتسام فلسطين , ولكم ان تعدوا على اصابع المعاناة والالام الفلسطينية وضرب النضال الفلسطيني , من هي هذه الانظمة التي قضت هي فعلا على, الكفاح الوطني الفلسطيني المسلح ومنعته من العمل من اراضيها حتى في ظل اشتباكها العسكري بالكيان الصهيوني وهي الامور التي تعمينا رؤيتنا الدينية والقومية العربية عن رؤيتها , ان انكار الوجود المستقل للقومية الفلسطينية هي جريمة بريطانية صهيونية عربية مشتركة , وان الصراع الفلسطيني من اجل استعادة هذا الحق في صورة الاعتراف باستقلالية التمثيل الفلسطيني هي معركة لم تفتح بعد سوى مع الاردن , ولم ينجز منها بعد الشيء الاساسي , فلم يتم حتى اللحظة سوى فك اشتباك اداري وقانوني يحجم الاستقلالية الفلسطينية بحدود ( الحكم الذاتي ) بل يجب استكماله بفك ارتباط سياسي وعسكري ايضا حتى يمكن ( الاعتراف بممثلية فلسطينية كاملة الاستقلال) وهوما يجب ان يحدث ايضا مع باقي الانظمة التي لها اشتباك مماثل مع القضية الفلسطينية وبصورة خاصة سوريا ,
• ان الاستنتاج الذي يجب ان نصل اليه من الصورة السابقة العرض , هي ان الاصل في الانجاز الوطني الفلسطيني , انما يتطلب استعادة الاعتراف بالوجود المستقل للقومية والحقوق القومية الفلسطينية , وهي مسالة سابقة على محاكمة كم من الارض الفلسطينية نستعيد , فهي في الحقيقة تاسيس لاحتمال استعادة كامل الحقوق القومية الفلسطينية التي كانت قبل انشاء م ت ف مفقودة بالكامل رغم ان هزيمة حزيران 1967 لم تكن قد حدثت بعد , وهي الهزيمة التي لم تفعل سوى ان اعطت كامل السيطرة على الارض الفلسطينية للكيان الصهيوني , في حين لا تزال مسائل اخرى منها التمثيل الكامل للقومية الفلسطينية مثار نزاع مع الانظمة العربية , وكذلك قضية اللاجئين التي لا يترك منها سوى ( سواد الوجه للمفاوض الفلسطيني ) في حين تمنعه الانظمة العربية صاحبة الشان من التفاوض مع الكيان الصهيوني بخصوص من يحمل منهم جنسية البلد التي اخذ جنسيتها , او قد لا يعرف البعض هذه الحقيقة كجزء من مجموع الحقائق التي تخفيها القيادة الفلسطينية عن شعبها حتى لا تستثير موجات حصار اعلى من الراهنة ضدها من قبل هذه الانظمة ( الشقيقة),
• في سياق الصورة السابقة جاء تاريخ النضال الفلسطيني المتعدد الجبهات ليس منذ انطلاقة الكفاح المسلح عام 1965 فحسب وانما منذ اكتمال عملية اقتسام فلسطين بوساطة ( جيوش الانقاذ العربية الشقيقة ) , وهو بصورة رئيسية صورة اعتقال لارادة النضال والتحرر الفلسطينية من قبل الانظمة العربية وبالتنسيق ( الكامل) مع الكيان الصهيوني بحكم حالة التحالف التي صاغتها عملية مشاركة الاقتسام بينهما , لذلك وبحكم الايمان الفلسطيني ( طيب القلب) بالاخوة الدينية والقومية العربية وانتظار الهبة الواحدة الشاملة , جاءت الانطلاقة المتاخرة للمبادرة الفلسطينية المستقلة والكفاح المسلح المباشر , الذي صعد علاقة العداء بين الشعب الفلسطيني وبين منظومة العداء الصهيونية العربيية , لا الكيان الصهيوني وحده فحسب , ولم يكن غريبا وهذه الحال ان يكون اول شهداء الثورة الفلسطينية قد سقطو بايد عربية شقيقة , وهو الامر الذي كان الاشقاء يصعدونه وكانت قيادة الثورة تحاول بشتى الطرق وتقديم التازلات ان تخفف من حدته في محاولة للالتفات والتركيز على الكفاح ضد الكيان الصهيوني , بل والاكثر بلاءا ومدعاة للالم بهذا الصدد ان الراي العام الفلسطيني قبل ادعاء تصفية الثورة لان المقاتلين يطلقون النار في الاعراس ,,,,,,الخ من الادعاءات الباطلة التي كانت تخفي النوايا السياسية الخبيثة لهذه الانظمة , حتى كانت عملية الاجتياح الصهيونية للبنان والتي لم تكن لتتم لولا ان درجة التنسيق العربيية الصهيونية قد بلغت في ذلك الوقت وضع وحدة الحال والتطابق , لذلك لم يكن غريبا ان يمر جيش الاحتلال من مسارب التامر التي فتحت هوامش جيوعسكرية لها خلال الوضع كامل التسليح ( الوطني) في لبنان في الجبل وخلال اماكن تواجد الجيش السوري, لقد انتهى الوضع الكفاحي المسلح الفلسطيني الى العزل الكامل عن الجغرافيا الفلسطينية ومجالات الاحتكاك مع الكيان الصهيوني ليتوج بهجوم سوري مباشر على حالة شرعية ووحدانية تمثيل م ت ف للفلسطينيين واستقلالية قراره الوطني , وحين فشلت امكانية تحقيق الهدف الرئيسي للهجوم السياسي السوري فانه اكتفى باحداث انقسام بهدف الاستعداد الوظيفي كما هي الحالة الانقسامية الراهنة , يمكن للانظمة ( العربية الشقيقة ) تحريكها بالاتجاه السياسي المناسب لمصالحها , كما يحدث الان ,
• لا نستطيع هنا القول ان الصورة السابقة , قد اغلقت كل مجال العمل العسكري وفرصه , امام القيادة الفلسطينية , لكنها بالتاكيد قد اسقطت حجمه ووزنه ومستواه من موقع الخيار الرئيسي الو موقع ثانوي بل اقل مستوى عن ذلك بحكم ارتفاع تكلفة العمل العسكري الى اقصى درجة ماليا وسياسيا وامنيا ,وهكذا ارتقى في المقابل مستوى خيار العمل الدبلوماسي ونهج التفاوض , والذي لم يكن معدوم الوجود اثناء ان كان خيار العمل العسكري هو الرئيسي المعمول به فلسطينيا , فالقيادة السياسية في م ت ف وحركة فتح تدرك ان امكانية تحقيق الصورة الدينية والصورة القومية العربية للتحرر الفلسطيني هي امكانية معدومة بغض النظر عن اسباب انعدامها في واقع المجتمعات العربية والاسلامية فهذا ليس شاننا تحمل وزر البحث فيه واضاعة الوقت عليه , ولا مجال لمشاركة فلسطينية في استحداثه , لكن ما يجب الالتفات اليه هنا هو ( محدودية ووزن الخيارات المتاحة فلسطينيا ) , بعد عام الاجتياح 1982 بعد ان انهار المعسكر الشرقي والاتحاد السوفيايتي وتوحد العالم في نمط الانتاج الراسمالي في معسكر عالمي واحدد قلل من فرص نهج العنف والعمل العسكري وابتدا في اعادة تحجيم للمواقع القومية التي تميزت اقليميا ابان الحرب الباردة وجراء انخراطها بها مثل الكيان الصهيوني الامر الذي فرض منطق التسويات على اساس شرط رفض منطق العنف, حتى ان الوضع الفلسطيني لجا الى تجربة نمط الانتفاض نهجا جديد بديل لنمط ونهج اشكال حرب التحرير الشعبية , فهذا النمط الجديد كانت تتسع له (شروط الديموغرافيا الفلسطينية) تحت سيطرة احتلالية كاملة على الوجود الفلسطيني , تمنع امكانية تحويل الكفاح المسلح في حال البدء به , الى مناطق محررة مستقلة , ومنطلق لحرب تحرير شعبية فلسطينية , ولا داعي للمزايدة اللامبدئية في القول ان ( المقاومة حررت غزة ) فهذه انسحب فيها الاحتلال من( حالة الاشتباك مع الكثافة السكانية وابقاها تحت حالة حصار رئيسية مستمرة تحفظ للاحتلال خضوعها التام) وهي لم تكن في افضل حالاتها من صورة الانسحاب على نمط تطبيق اتفاقيات اوسلو غير انها لا تملك اعترافا بحقها في الوجود وحق التطور الى دولة مستقلة , كما تحمل للفلسطينيي اتفاقيات اوسلو) نعم لقد باعنا الاحتلال الاسرائيلي نفس البضاعة الفاسدة مرتين , وفي المرة الثانية تلافى هو الخطا الذي ارتكبه في اتفاقيات اوسلو اما نحن فقد تلافينا الايجابية الوحيدة التي نلناها في المرة الاولى , و بعد ان هيا الاحتلال الشرط الاساس للحالة الانقسامية , وهواختلال ميزان القوى الفلسطيني الداخلي في قطاع غزة لصالح قوى الاسلام السياسي, وجاءت حركة ونتائئج العلاقة السياسية الفلسطينية داخل قطاع غزة بعد ذلك لتؤكد صحة التقدير السياسي والتامر الصهيوني , وهناك ترشيح لنقل التجربة الى الضفة الغربية يجري التهيئة العربية الصهيونية له ,ويلعب به الاسلام السياسي العسكري دور البطولة , بل ويخدمه من حالة الصراع العالمي التغير النسبي في ميزان القوى بين ( معسكر راسمالي شرقي جديد في طور التبلور ) في مقابل ( معسكر راسمالي غربي تقليدي) الامر الذي سيشجع نهج العنف في الصراعات الاقليمية عالميا , ومنه بالطبع منطقة الشرق الاوسط , ان الصورة السابقة هي صورة ضرورة اتفاقيات اوسلو , بل هي ايضا الصورة التي كان لا يمكن لاتفاقيات اوسلو الا ان تاتي على نسقها ونمطها وصورتها , وهو الامر الذي سنتعرض فيما يلي

اتفاقيات اوسلو تعكس صورة الصراع الفلسطيني مع اطراف متعددة
تعكس اتفاقيات اوسلو للمراقب ( طيب القلب) والمراقب العادي , صورة ميزان قوى وعلاقة الفلسطينيين بطرف واحد فحسب هو الكيان الصهيوني . كما ان صورتها كاتفاق مباشر بين طرفين تخفي حقيقة وجود اطراف اخرى ( لمصالحهم وسابق اتفاقياتهم وسابق مواقفهم ) دوره في تحديد صورة وصياغة اتفاقيات اوسلو , انها بالضبط كحالة اتفاقية بين شخصين ( لا يذكر القانون الذي يستند اليه نصا فيه غير انه الاساس المسيطر على الاتفاق , ويسال في ذلك رجال القانون) فما هي الاطراف التي يستحضر اتفاق اوسلو في نصه مصالحها على حساب الفاتورة الوطنية لاي طرف يتم احتساب التكلفة ؟
ان اول
الاطراف التي تحتسب اتفاقيات اوسلو مصالحها هي مصالح المراكز العالمية للاستعما ر , وتحتسب تكلفتها على حساب الفاتورة الفلسطينية , ان المصلحة العالمية هنا هي الحفاظ على حالة التفوق الاستعمارية العالمية في المنطقة وتحقيق ذلك بالاحتفاظ بالصيغة الجيوسياسية الاساس التي وضعتها بريطانيا للعلاقات وميزان القوى الاقليمي وحركته واتجاهها في الصراع العالمي , اي العودة لصيغة التقسيم , مع محاولة تعديل عالمية عليها هو (مستجد الوضع الفلسطيني) بهدف توظيفه في منع وتحجيم حرية توسع البرامج القومية اقليميا . ان هذا الشرط العالمي لا يلغي الواقع كما كان من عام 1947 وحتى 1967 الا انه يضيف اليه مستجد العامل الفلسطيني فحسب , ورغم ان التكلفة لا يتزال الفاتورة الفلسطينية تتحملها الا انها لها ارتداد ايجابي هنا للصالح الفلسطيني لا تستطيع باقي الاطراف ان تسمح بتوسيعه بل هي اصلا تعمل على الغاء وجوده , لذلك كان تاريخ التعامل مع اتفاقيات اوسلو هو تاريخ علاقة ثلاثة اطراف هي / الموقف العالمي / التحالف العربي الصهيوني/ ضعف شروط الطرف الفلسطيني
اما ثاني
الاطراف التي تحتسب اتفاقيات اوسلو مصالحها على حساب الفاتورة الوطنية الفلسطينية فهي التحالف العربي الصهيوني في اساسه التحالفي الرافض لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة ويحاول استعادة صورة التقسيم كما كانت عليه عام 1947 ,حيث ملحق اتفاقيات كامب ديفد الصهيوني المصري الذي يحدد المستقبل الفلسطيني بادارة ذاتية ثقافية اجتماعية , وهوامر لم يكن ممكنا ان تقفز عنه اتفاقيات اوسلو باعتباره يتعارض واتفاقات معقودة مع اطراف اخرى , كذلك يكشف قرار فك الاشتباك الذي اتخذه الاردن ( منفردا ) عن المستوى الذي يسمح الاردن للانجاز الوطني الفلسطيني ان يصل الى سقفه وهوايضا الحكم الذاتي الاداري القانوني البعيد عن الاستقلال السياسي والسيادة الامنية , اما الموقف السوري فلم يبلوره التفاوض مع الكيان الصهيوني بعد غير ان الاراض الفلسطينية كانت هي من بين مسائل اخرى مثار خلاف التفاوض السوري الاسرائيلي ولم تكن حتى مجال الاستشارة الفلسطينية . اما ثالث
الاطراف فهو البرنامج الصهيوني , المسيطر على ميزان القوى في المنطقة , والذي في صميم موقفه يرفض وجود الكينونة الفلسطينية , فكيف بمصاحبة هذه الكينونة باعتراف دولي واكتسابه شرعية عالمية , لقد كان من الطبيعي ان يحني الاحتلال الصهيوني راسه امام الارادة الدولية في قبول الاعتراف اللفظي بوجود القومية الفلسطينية , لكنه في التفاوض وصولا لاتفاقيات اوسلو اشترط اخذ باقي المواقف والاتفاقات الاقليمية السابقة على اتفاقيات اوسلو بعين الاعتبار في تحديد مستوى الانجاز الفلسطيني فيه , الامر الذي حدد سقفا لمستوى هذا الانجاز بسلطة حكم ذاتي فلسطيني , كمرحلة انتقالية ,يتم بعد انجازها الاتفاق عبر مفاوضات مباشرة مستقلة بين الطرفين الوصول الى حل نهائي بحسب القرارات الصادرة عن الشرعية الدولية وعلى الاخص 242/334 , مقدرا ان يسعى الكيان الصهيوني تاليا الى وقف مسيرة تنفيذ هذا الاتفاق واجهاض انجازاته تبعا لتغيرات متوقعة في الصراع العالمي يستعيد معها الكيان الصهيوني حرية حركته في تطبيق برنامجه التوسعي الخاص , وها قد اتت بشائر هذا التغيير في نتائج الحرب الجورجية الروسية وتصاعد حدة التوتر الروسي الامريكي الاوروبي , لقد استفاد الكيان الصهيوني من كافة الشروط السلبية المتحققة في الوضع الفلسطيني وفي المقدمة منها الانقسام الخطي وايضا التجاذبات لاقليمية مع العامل الفلسطيني وانتهى بحكم حسن تقييمه للظروف العالمية والاقليمية والفلسطينية الى النتائج التي يرجوها في حين لا يزال الفلسطينيون يقيسون بالمسطرة المبدئية (كم) حملت لهم اتفاقيات اوسلو من ارض محررة لا ما اسست لهم اوسلو من عملية التحرير, وفي نفس السياق تعمق الانظمة الشقيقة نهج المبدئية هذا في كيفيية التعامل الفلسطيني مع هذه الاتفاقيات في الحين الذي ترفسها بعيدا في اتفاقاتها الخاصة مع الكيان الصهيوني
الانجاز الوطني الرئيسي الفلسطيني في اتفاقيات اوسلو
ان صورة الكينونة القومية الفلسطينية واستقلاليتها قبل اتفاق اوسلو هي صورة الكينونة الممزقة الى عدد من الاقسام الجزئية ان في مجال الكينونة مباشرة او في صورة علاقة وحدة هذه الاجزاء ببعضها البعض , فالاعتراف بالوجود الفلسطيني مشروط بخضوع هذا الاعتراف لشرعية اللذين اعترفوا به , اي اعتراف بوجود شتات لعرق فلسطيني , والاعتراف ب م ت ف ممثلا ينتقصه تبني الانظمة للشرعيات الفصائلية التي يرسخ شرعيتها الاستقلال العسكري الذي يسند استقلال الرؤية السياسية , والجميع مفصولون ومعزولون عن جغرافيا الوطن ...الخ فجاءت اتفاقيات اوسلو على كل مساوئها سابقة الذكر لتؤسس لموقع للكينونة الفلسطينية على درجة من الاستقلال والتجسد المادي في صورة سلطة الحكم الذاتي الانتقالية على ارض الوطن , الامر الذي الغى نسبيا التطبيق البريطاني العربي الصهيوني السابق لقرار التقسيم , ووضع حجر الاساس لنهج الوصول الى الدولة الفلسطينية المستقلة لاحقا , وهو الامر الذي تضافرت على عدم اعطائه فرصة التحقق التامرات الخارجية والاخطاء الداخلية , واصبح مهمة القيادة الفلسطينية الدفاع عن هذا الانجاز لا تطويره , لذلك يستغرب المرء كيف يحاكم هؤلاء الكتاب ويرفض عودة اريحا وغزة اذا لم تعد اللد ويافا ورفض استقلالية اهل غزة والضفة اذا لم يعد اللاجئين الى منطقة 1948 , بل وتطرح المسالة كان السلطة ستسلم اللد ويافا الى الكيان الصهيوني في مقابل عودة اريحا او انها ستشرد المشردين اذا حصلت على استقلال اهل غزة والضفة
ان هذه المحاكمات المشوهة لاتفاقيات اوسلو لا تزال محاكمات عاطفية تنطلق من مشاعر انتمائية مبدئية وطنية حقيقية غير انها تغفل امرا واحدا بسيطا هو ان الشعور بالامتلاك لا يعني واقع الامتلاك , فالكيان الصهيوني هو الذي يمتلك ونحن نطالب بالاستعادة . اما نهج اما الكل واما فلا فهو وان كان مبدئيا الا انه ليس سياسيا وليس عمليا على الاطلاق
ان ذكر لفظ الدولة الفلسطينية في اتفاقيات اوسلو مثلا كان مستحيلا , لان اتفاقيات اوسلو ليست اتفاقيات حول المباديء الفلسطينية فقط بل هي اتفاقيات حول مباديء الاطراف سابقة الذكر جميعا , والمطالبة بذكر الدولة في الاتفاقيات يوازي في مبدئيته المطالبة باستعادة تحرر واستقلال كل فلسطين فهل كان يمكن في اتفاق سياسي متعدد الاطراف ذكر تححر واستقلال كل فلسطين , ان هذا المطلب يرفعه الفلسطينيون فيما بينهم وهم على حق لكنه من غير الممكن تضمينه اتفاقيات اوسلو لسبب في منتهى البساطة هو ان معركة تطوير السلطة الى دولة لا تزال تحتاج فيما تحتاج اليه استكمال المعركة مع (كل) الاطراف في المنطقة لا مع الكيان الصهيوني فحسب ’ فهذا الكيان موقعه بالنسبة للتحالف الاقليمي المعادي للتحرر والاستقلال القومي الفلسطيني هو موقع تنفيذ المهمات القذرة , وهذه هي عقدة التفاوض الفلسطيني الصهيوني
ان قراءة اتفاقيات اوسلو يجب ان تكون من خلال رؤية هذا السياق الذي ارى ان كتابنا ليسوا على استعداد لبذل المحاولة حولها ...



#خالد_عبد_القادر_احمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قاسم ...يستشرف جهنم في سياق نقد عريقات
- حرب جورجيا تعيد تعميد موسكوعالميا....لكن ماذا يعني لنا ذلك؟
- قدرة حركة فتح على الاستجابة لمتغيرات الوضع الفلسطيني بعد عام ...
- تلومينني ..وانا...صنيعتك ؟؟
- المسالة القومية هل هي مسالة تطور تاريخي ام نوايا وارادات ؟
- واقع يكذب التصريح والاعلام الرسمي العربي والفلسطيني
- اهمية الحجم القومي الجيوسياسي في الواقع السياسي العالمي
- جوهر الاختلاف الفلسطيني
- سوريا..هل تكون بوابة عودة النفوذ الروسي الى المنطقة ؟
- الحرب في جورجيا ,,,افتتاح اوليمباد صراع الاقطاب
- الهلامية في تقسيم العمل والادواروالمهمات الفلسطينية , كيف نت ...
- ميكافيلي مرشد حركة الاخوان المسلمين وحركة حماس
- في غزة تجمع ديني يساري انتهازي قذر
- زيادة التوتر في القوقاز ...زيادة التعنت الاسرائيلي في المنطق ...
- بين جورجيا والمنطقة ....علاقة
- ماذا يعني تصريح اولمرت حول اللاجئين؟
- عبرة من جنازة درويش.....اطمئوا سننتصر
- له الحداد الرسمي
- جورجيا ... والدب
- السيد احمد اقريع ..استقيل...فترتاح وتريح


المزيد.....




- رد فعل المارة كان صادما.. شاهد لص يهاجم طالبة في وضح النهار ...
- شاهد.. عراك بين فيلة ضخمة أمام فريق CNN في غابات سيريلانكا
- وزارة الصحة في غزة: 37 شخصا قتلوا خلال الـ 24 ساعة الماضية.. ...
- الضربة الإسرائيلية على إيران.. صور أقمار صناعية حصرية تظهر ا ...
- الحرب على غزة في يومها الـ 197: قصف على رفح رغم التحذيرات ال ...
- غرسة -نيورالينك- الدماغية: هل تستولي الآلة على ما بقي لنا من ...
- وزارة الدفاع الروسية: أوكرانيا هاجمت أراضينا بـ 50 طائرة مسي ...
- العراق.. قتلى في قصف على قاعدة للجيش والحشد الشعبي
- فرقاطة ألمانية تنهي مهمتها ضد الحوثيين في البحر الأحمر
- وفاة رجل أضرم النار في نفسه وسط نيويورك.. ماذا قال في بيان م ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - خالد عبد القادر احمد - العرض المشوه لاتفاقيات اوسلو ...لماذا؟