المسالة القومية هل هي مسالة تطور تاريخي ام نوايا وارادات ؟

خالد عبد القادر احمد

الحوار المتمدن-العدد: 2396 - 2008 / 9 / 6 - 07:29
المحور: القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
    

كنت اتمنى لو ان الظاعرة القومية هي ظاهرة ارادية يستجاب لامنياتها بالعمل المقصود , ولم تكن في حقيقتها نتاج مسار من التطور التاريخي لظاهرة ديموغرافية انتهت الى الانصهار في ظاهرة قومية واحدة , ان الخلاف الفكري في فهم هذه المسالة بين دعاة مقولة وجود القومية العربية الواحدة ودعاة نفي وجود الامكانية التاريخية لتحقق هذه المسالة هي بالضبط قصة الخلاف حول وزن الارادة حيال وزن الواقع في تحقق النتائج العملية / انها مسالة علمية برنامجية العمل المقصود الارادي الذي اما ان يعاكس الواقع فيفشل او ان يسرع في اتجاه حركة الواقع فينجح
وفي رغبة وارادة دعاة مقولة الوجود التاريخي لقومية عربية واحدة عمل الاستعمار على تفريقها وتشظيتها يسقط كثير من الحقائق الموضوعية التي تتعارض وقناعاتهم الفكرية فتهمل ويستمر التمسك بالرغبة والامل ولكن لو حاولنا محاكمة هذه القناعات لوجدنا انها تستند الى حالة نفسية من النظرة الفوقية ومحاولة استعادة تفوق كان له تاريخ في الماضي بل محاولة لاستعادة حالة ماضية من تفوق استعماري كان وباد
يكتب احد الاخوة القوميين العرب من منطلق قدسي لمقولة القومية العربية الواحدة فيقول(بل وقوتها المنتظرة التي.....ستغير شكل العالم كله......) هذه هو جوهر نفسية المطالبة بعودة القومية العربية الواحدة الى وجود الكينونة الانسانية وحركتها في التحضر والتمدن انها فكرة شوفينية تستهدف السيطرة على العالم لا حقيقة وجود لم تتحصل للعرق العربي , بل انه يرفع مستوى تقديسها الى ما فوق البشري حيث يقول ( ان العلم الحديث رغم انه تفوق على ذاته وانتج تكنولوجيا متطورة الا انه لم يغفل حتى الان هذه الحقيقة المؤكدة .......قدسية ارض العرب....) ولست ادري في اي فرع من العلوم جرى التاكيد ( العلمي ) على هذه القدسية او ان كانت هذه من مهام البحث العلمي نفسه لكنها بالتاكيد مؤشر على سلوك نفسي رغبوي معاكس لحالة احباط متحققة في الواقع
ان القومية العربية كظاهرة اقتصادية اجتماعية سياسية لم توجد في التاريخ الانساني ولم يكن في واقع الحياة الانسانية من عوامل تتيح لها التحقق , فالعروبة هي عرق لغوي اكثر منه عرق قومي , انها بالضبط مثل اللاتينية ومثل عروق لغوية اخرى لا يمكن ان تكون اساسا لاصل قومي الا في حال انها استكملت بباقي عوامل تكون الظاهرة القومية والتي تتكون من عوامل اساسية وعوامل ثانوية تدخل في تفاعل تاريخي مستمر وتنتهي الى تكوين الظاهرة القومية
ان جوهر الظاهرة القومية هو وجودها الديموغرافي المستقر تاريخيا في حال تفاعل في
اولا حركته الداخلية
ثانيا حركته في الصراع العالمي الامر الذي ينتج عنه خصوصية السمات القومية لمسار التاريخ البيولوجي والثقافي السلوكي ووحدة المصالح والتكوين الاقتصادي الاجتماعي السياسي ....الخ من العوامل والظواهر التي تكون عوامل تارة ونتائج تارة اخرى وكل ذلك في اطار وحدة جيواقتصادية اجتماعية راسخة تاريخيا فهل تاتى لشعوب العرق اللغوي العربي مثل هذه الفرصة
كثيرا ما يخلط القومييون العرب وحدة الدولة والدين ويعتبرونها من العوامل ( الرئيسية ) للظاهرة القومية الواحدة وهذا تقييم خاطيء والا فان اسبانيا هي جزء من القومية العربية المزعومة , كما اننا لن نستطيع في الواقع التمييز بفراسة عامة وبسيطة المصري عن السعودي عن الفلسطيني ....الخ وهوامر يستطيع كل من له ادنى معرفة تمييزه
ان نموذجا لاصل الظاهرة القومية العربية المزعوم وجودها غير متحقق في الواقع فهل هو مثلا اليمني ام الشامي ام العراقي ام المغربي , وهل العنصر الكردي هو عربي وايضا هل العنصر البربري في شمال افريقيا هو عربي ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ظ
ان الكف عن استمرار الادعاء والاصطفاف خلف هذه المقولة هو الامر العلمي في العمل من اجل الوصول الى صيغ وحدوية حضارية بين الشعوب الناطقة باللغة العربية حيث ياخذ العامل المشترك حجمه الحقيقي ويسمح له بممارسة فعالية صحيحية في تحقيق هذه الامنية اما الادعاء بالعكس فانه يمنع الرؤية البرنامجية السليمة فقط
مثال ذلك المعاناة الفلسطينية من سيادة وسيطرة فكرة القومية العربية الواحدة في برنامج النضال الفلسطيني , حيث يجعل من القضية الفلسطينية جزءا ثانويا من قضية الصراع الحضاري مع الاستعمار العالمي وان الاولوية هي للحفاظ على الانظمة وضرورة تطوير مستواها الحضاري والديموقراطي الى ان تصبح قادرة على تعديل موازين القوى والانتصار على الكيان الصهيوني عبر تحييد مراكز الاستعمار العالمية
بل ان سيادة هذه المقولة تستمر في تشويش وضوح اساس القضية الفلسطينية وهو تنفيذ قرار التقسيم واشتراك كل من مصر وسوريا والاردن في تنفيذه وتمددها بصورة استعمارية على حساب الوجود الفلسطيني , بل ولا تزال تحاول استعادة هذه السيطرة على الوضع الفلسطيني وبالاشتراك مع الكيان الصهيوني . وحتى لا يقال انني اطرح موضوع تخوين هذه الانظمة فانه يجب التذكير ان قناعاتي الفكرية لا تجعل مني مواطنا لهذه الانظمة حتى اتهمها بالتخوين غير ان مواطنتي الفلسطينية تسمح لي باتهامها باتامر الاحتلالي , دونما اتهام للطبقات الشعبية من مجتمعاتها باي شيء سوى غياب وضوح الرؤية

#خالد_عبد_القادر_احمد (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين	حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات