أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق قديس - تكريم شاعر مرهف














المزيد.....

تكريم شاعر مرهف


طارق قديس

الحوار المتمدن-العدد: 2395 - 2008 / 9 / 5 - 04:54
المحور: الادب والفن
    


أمضى الشاعر أكثر من أربعين عاماً من عمره في خدمة الشعر، زاهداً في الدنيا وما فيها من مغريات تستطيع أن تنقله من شعراء قاع المدينة إلى طبقة المترفين، وكان كل ما يملكه بيت صغير في حي فقير للغاية في قاع المدينة.

ظل الشاعر يصب أفكاره بالحبر على الورق قبل العولمة، وكذلك بعد العولمة، رافضاً كل ما يدفعه إلى الخروج على طقوسه اليومية في كتابة الشعر.

ظل يكتب عن أرضه التي أحبها، عن بلدته التي عاش وتربى على طرقها المستوية والوعرة، عن فتياتها الجميلات، عن زهورها النضرة.. ظل يكتب كل ما يلامس قلبه دون أن يطال نفسه تلوث القلوب بصبغة النفاق المستشري في معظم النفوس البشرية عموماً.

ظل بعيداً عن مسح الجوخ، عن كل ما من شأنه أن يتضارب مع فكره وما يؤمن به.

والحق يقال أنه كان شاعراً مرهف الحس، يكتب في كل مكان، ينشر شعره في الصحف اليومية وفي المجلات العربية، إلا أن أحداً من أصحاب المراكز الثقافية لم يكترث به، بل إنهم جميعاً حاولوا قدر الإمكان ركنه على الرف، بعيداً عن دائرة الضوء، وكل ما فعلوه في حياته هو أنهم تذكروه بما تيسر لديهم من مال حين ألمت به وعكة، وكأنهم كانوا يريدون أن يشمتوا به وأن يتفضلوا عليه ، وفي قرارة أنفسهم يأملون بأن يرحل عنهم حتى لا يروا وجهه مرة ثانية.

ومع أنه اجتهد وكتب هنا ونشر هناك، إلا أنه ظل شاعراً مغموراً لدى الكثير من الناس.

ولما مات، حاول من عملوا على تهميشه في حياته أن يظهروا بمظهر الحملان في مماته، فقاموا بتكريمه بعد رحيله! ولكن كيف؟ قاموا بإطلاق اسمه على أحد الشوارع في المدينة، وكأن الشارع يخلد ذكر الشاعر، ولم يأبهوا باهماله طيلة السنوات، وأنه لطالما كان مهمشاً بسببهم هم ذاتهم، بل إنهم عندما هزتهم ضمائرهم للتمادي في تكريم الرجل لمعت في ذهن أحدهم فكرة جهنمية لتكريمه، وهي أن يقوموا بتحويل منزله إلى مزار دائم، ووضع نصب تذكاري للراحل عند مدخله.

وحتى يتسنى لهم أن يكملوا تكريمهم الحاتمي قرروا أن يطردوا أولاده من المنزل، منزل أبيهم الذين تربوا فيه، فالمنزل ليس للنوم بعد اليوم، وإنما هو ثروة قومية، وملكٌ للجميع .. أما هم فلهم أن يختاروا الرصيف الذي يشاؤون في المدينة، ولهم أن يشكروا المكرمين على تكريمهم صباحاً ومساء لأنهم قد أوفوا الحق لأبيهم ميتاً أكثر منه حيَّاً بطريقة فريدة من نوعها ويصعب وصفها لو شاؤوا بأن يصفوا.



#طارق_قديس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دفاعاً عن حسن ومرقص
- نهاية الجنرال في باكستان
- درويش .. لماذا تركت الحصان وحيداً؟
- هل تذكرون ناجي العلي ؟
- ليلة سقوط رادوفان كرازيتش
- الرَيِّس عمر حرب
- سؤال يبحث عن إجابة
- البلاطة السوداء
- امرأة برائحةِ التُفَّاح
- امرأة عابرة فوق سريرعابر
- زوج غير مرغوب فيه
- حيثيات الاستقالة
- وداعاً يا حقيبة السامسونايت !
- أوباما- ماكين - إسرائيل
- فتح الإسلام .. من نهر البارد إلى العبدة
- باب الحارة
- رصاصة في الفم
- الجريمة والعتاب
- بيروت خيمتنا الأخيرة
- الحب في الوقت الضائع


المزيد.....




- في رحاب قلعة أربيل.. قصة 73 عاما من حفظ الأصالة الموسيقية في ...
- -فيلة صغيرة في بيت كبير- لنور أبو فرّاج: تصنيف خادع لنص جميل ...
- باللغة الفارسية.. شيخ الأزهر يدين استمرار الغارات الإسرائيلي ...
- “اخر كـلام “موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان 195 الموسم السابع في ...
- فيلم -المخطط الفينيقي-.. كم تدفع لتصبح غنيا؟
- حرارة الأحداث.. حين يصبح الصيف بطلا صامتا في الأفلام
- -بردة النبي- رحلة كتاب روائي في عقل إيران الثورة
- تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك 2025 بتحديثه الجديد على النايل ...
- قصة الرجل الذي بث الحياة في أوليفر تويست وديفيد كوبرفيلد
- وزيرة الثقافة الروسية: زاخار بريليبين مرشح لإدارة مسرح الدرا ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق قديس - تكريم شاعر مرهف