أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - طارق قديس - بيروت خيمتنا الأخيرة














المزيد.....

بيروت خيمتنا الأخيرة


طارق قديس

الحوار المتمدن-العدد: 2295 - 2008 / 5 / 28 - 06:39
المحور: المجتمع المدني
    


غريب أمرها بيروت ! تلك العاصمة التي وسعت أراضيها مختلف الشعوب شرقاً وغرباً ، وقد كانت محجاً لكافة الناس منذ وقت بعيد ، أن لا يجد أبناؤها في هذه الأيام فوق ترابها مكاناً يتسع لحجم خلافاتهم حتى يحُلوها كما يحل أبناء العائلة الواحدة مشاكلهم تحت سقف بيتهم الكبير.. فهل يا تراها بيروت قد ضاقت عليهم أم تراها الخلافات قد كانت مساحتها أكبر من مساحة الوطن؟

الجواب : لا أدري ! لكن الشيء الأكيد الذي أدريه هو أن اللبنانيون قد اعتادوا في لحظات الخلاف على اللجوء إلى مدينة أخرى تحتضن وجهات نظرهم على تضادها لكي يكشفوا على طاولتها أوراقهم ، ويحلوا المسائل العالقة ، وكأن المشكلة تكمن في بيروت ، والهروب منها هو الحل!

ففي عام 1989وجد اللبنانيون أنفسهم عاجزين عن حل إشكالاتهم الداخلية بأنفسهم ، وقد أضحت شوراع بيروت عبارة عن ثكنات عسكرية يتقاسمها فرقاء الحرب الأهلية بالتناوب ، فلم يجدوا ملاذاً لهم سوى الرحيل إلى مدينة الطائف بعيداً عن أصوات الرصاص ، فارتحلوا إليها ، واجتمعوا هناك ، شربوا القهوة وتناولوا أطايب الطعام حتى انتهوا بما يسمى "اتفاق الطائف" إيذاناً بانتهاء الحرب الأهلية اللبنانية . وها هم بعد برهة يعيدون الكرة من جديد ليجتمعوا في الخارج ، لكن ليس في الطائف، وإنما في رحاب الدوحة كي يحلوا مشاكلهم الداخلية ، وذلك بعد أن عجزوا عن حلها في الداخل .. بعد أن قام الرئيس إميل لحود عن كرسيه حتى يقعد فخامة الفراغ لمدة ستة أشهر ونيف ! بعد أن سقطت دستورية حكومة الرئيس فؤاد السنيورة في نظر غالبية المواطنين ! بعد أن نزل مسلحو حزب الله للشوارع كي يوجهوا بنادقهم إلى صدور اللبنانيين بدلاً من صدور أعدائهم المعلنين!

لقد اجتمعوا في الدوحة وكأن التاريخ يعيد نفسه مع اختلاف كثير من الوجوه والأسماء ، ليعلنوا من هناك أن بيروت قد عجزت عن لمِّ شملهم ، عن احتضانهم ، عن الأخذ بأياديهم إلى بر الأمان ، وليوجهوا لها رصاصة لم تكن تتوقعها ، وكأنهم يقولون لها بأنها قد شاخت وأصبحت بيروت أخرى غير بيروت الجميلة الفتية ، بيروت العاجزة عن إيجاد المخارج والحلول لأبنائها الجالسين بين يديها.

فهل ترى مقولة (بيروت خيمتنا الأخيرة) لم يعد لها وجود ؟ لقد قالها الشاعر محمود درويش في الماضي ، قال هذه الكلمات وهو يصف وجود الفلسطينيين في بيروت بالوجود الأخير لهم بعد أن ذهبوا يميناً ويساراً فلم يبق أمامهم في النهاية سوى سمائها خيمة لهم يستظلون بظلها بعد رحيل طويل وعصيب بين المدائن العربية.
هل تراها انتهت تلك المقولة إلى غير رجعة ، وقد تخلت بيروت عن مكانها ، عن عنفوانها ، وعن ألقها الدائم؟

وهل كانت الطرق في بيروت مسدودة في وجه الرئيس العماد ميشيل سليمان حتى يصل إلى قصر بعبدا .. لكي يصل إليها عن طريق بديل هو طريق الدوحة - بعبدا؟
إن الأمر يحتاج إلى وقفة .. يحتاج إلى مزيدٍ من التفكير قبل أن تتغير الأمور في نظرنا ونرى بيروت أخرى غير تلك التي لطالما اعتدنا أن نراها .. نحتاج إلى دقيقة صمت قبل أن نهمس بيننا وبين أنفسنا قائلين : يا للخسارة ! بيروت لم تعد خيمتنا الأخيرة، وقد اغتصب الحزن فرحتنا بانتخاب الرئيس الجديد لأبعد الحدود.




#طارق_قديس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحب في الوقت الضائع
- لمن تُخبئينَ هذا الجسد؟
- قطعة السُكَّرْ
- عالم بلا نساء
- سارقة الأضواء
- في بيتنا إرهابي!
- وخير جليسٍ في الزمان .. !
- البحث عن بطل
- لبنان والديمقراطية المغدورة
- رحيل في المستحيل
- دعوة إلى حفل تنكري
- أنا وأنتِ وثالثنا (قرداحي)!
- موعد مع عزرائيل
- هل الديمقراطيون والجمهوريون وجهان لعملة واحدة؟
- الأستاذ والطبشورة
- الشعب من الزهرة .. والحكومة من المريخ !
- صاح الديك !
- كذبة إبريل
- مذكرات بندقية مشلولة
- أراكِ


المزيد.....




- الاونروا: آلية المساعدات في غزة -فخ موت- يهدد حياة المدنيين ...
- الأمم المتحدة: 2,5 مليون لاجئ يتعين نقلهم إلى وجهات جديدة
- الأمم المتحدة: القوات الإسرائيلية تقتل 410 أشخاص خلال أسابيع ...
- السعودية: الداخلية تعلن إعدام مواطنين -ارتكبا جرائم إرهابية- ...
- 15 عضوا بالكونغرس الأميركي يطالبون بإغلاق معتقل غوانتانامو
- إيران.. اعتقال مواطن أوروبي بتهمة التجسس لإسرائيل
- اعتقال 115 متهماً بينهم أوروبي بتهمة الإخلال بالأمن في غرب إ ...
- استمرار حملات الإغاثة المغربية لفائدة العائلات الفلسطينية ال ...
- الأمن السوري يعتقل ضابطا سابقا متهما بجرائم حرب
- الأمم المتحدة تندد بقتل إسرائيل المجوعين بغزة وتصفه بالمذبحة ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - طارق قديس - بيروت خيمتنا الأخيرة