أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق قديس - في بيتنا إرهابي!














المزيد.....

في بيتنا إرهابي!


طارق قديس

الحوار المتمدن-العدد: 2279 - 2008 / 5 / 12 - 04:16
المحور: الادب والفن
    


بدأ أمين بمداعبتها ، أخذ يقبلها شيئاً فشيئاً ، وبدأت وتيرة التقبيل تأخذ في التسارع ، لكنها استوقفته ، وجعلت بينه و بينها مسافة ، وقالت : ( تمهل يا رجل ! ألن تحاول الاتصال بأخيك لتطمئن عليه ؟ لقد ذهب إلى السفارة منذ الصباح ، ولم يأتِ حتى الآن .. والساعة تقارب العاشرة مساءً . ) ، فتمكن من وثق يديها إلى السرير ليعود إلى كيل القبلات ، فيما هو يحاول أن يرد على سؤالها بين القبلة والأخرى بشكل متقطع لا يكاد يفهم : ( لقد حـــا..ولْـ .. تْ مرا... راً أنْ ........... أت ... تصلْ .. به ... لكنه ... لا ... يُـ .. جيبْ ) ، عندها قامت بدفعه عنها ، وإذ بجرس المنزل يرن عدة رنات ، فطلبت منه أن يفتح الباب ، فقام عنها وهو يتأفف ، أخذ يتفقد شعره وثياب نومه ، ومضى ليرى الطارق في هذه الساعة .

فتح الباب ، نظر إلى الخارج ، رأى شخصاً غريب الملامح ، كانت بعضها مألوفة إليه ، لكن آثار الكدمات التي وجهه ، وعنقه ، وكلتا يديه ، وبقع الدماء الغارقة في ثيابه الممزقة ، لم تدع له مجالاً للظن أن هذا الرجل الذي بدا وكأنه خارج من حلبة المصارعة يمكن أن يكون أخاه الذي كان تحدث عنه قبل قليل !

لقد صعق حين تأكد من هويته ، فتناوله إلى الداخل ، وأخذ يجره جرّاً، فساقاه لا تكادان تحملانه ، حتى ألقى به إلى المقعد بجوار الباب ، محاولاً أن يعرف سبب هذه المأساة ، ولكن كل محاولاته لم تنفع ، وكذلك محاولات زوجته التي كاد أن يغمى عليها لهول المنظر.

إلا أن سامح بصعوبة - ورغم الألم – وضع يده في جيب قميصه ، وأخرج لهما ورقتين ، تناولتهما زوجة أخيه بسرعة وقامت بقراءتهما ، والذهول يأكل وجهها ، وعيناها تكادان أن تخرجا من مكانهما ، والعرق يتصبب من كل خلية في جسمها ، وزوجها يحاول أن يلتقط منها بعض التفاصيل.

وعندما انتهت من القراءة ، فَهِمَتْ كل شيء ، ومضت بزوجها إلى غرفة النوم لتقول له ما استطاعت أن تفهمه من تلك السطور ، وهناك أخذت تهمس في أذنه ، وهو يضغي وفمه مع كل كلمة يزداد اتساعاً ، حتى ابتعد عنها قائلاً : ( إن ما تقولينه لا يُعْقَلُ أبداً ، أخي لا يمكن أن يكون إرهابيّاً يا امرأة ) ، فجذبته من كتفه وهي تقول : ( أنا لم أقل أنه إرهابي ، لكن ما قلته لك هو أنه لدى مراجعته للسفارة هذا الصباح تبين وجود تشابه بين اسمه و اسم أحد المطلوبين في الخارج ، حتى من جهة الأم أيضاً ، مع فارقٍ بسيط ، مما تطلب استدعاء أصحاب الاختصاص لاستجوابه . وكما رأيت، لا شك بأن الاستجواب كان حامياً جداً ، لدرجة أن أخاك لم يعد يقوى على الكلام ! ).

عندها ركن أمين جسده إلى الحائط ، وحجب وجهه في كفِّه وهو يتمتم لاعناً الظروف، ثم قال : ( يا للمسكين ، لقد تعب كثيراً ، لقد ذهب في الصباح وكله حيوية ليأخذ تأشيرة سفر، وها هو يعود شبه جثة هامدة .... لا بدَّ لنا أن نخفف عنه ، وما من طريقة أفضل لذلك سوى أن نقدم موعد زفافه من أختك ، كما كان مخططاً ) .

وهنا فتحت زوجته فمها وقالت : ( نعم ! أيُّ زواجٍ هذا الذي تتحدث عنه ؟ ... إنه لمن الأفضل أن تنسى هذا الموضوع نهائياً ! ). فانتفض قائلاً : ( ماذا تقولين ؟ يبدو أني لم أسمع جيداً ) ، فابتسمت له بسخرية وأجابت : ( لا . لقد سمعتني جيداً ، وأنا لا يمكن أن أسمح لأختي أن تتزوج من إرهابي! ) .

قالت ذلك وخرجت للتوِّ من الغرفة ، والرجل مذهولٌ لما سمع ، وهو ما بينه وبين نفسه يردد كلمة " إرهابي ، إرهابــــي " ، فلحق بها ، وهو يصيح : ( كيف يمكنك أن تقولي ذلك وأنت تعرفين ما الذي حدث ؟).

فتوقفت عندها واستدارت نحوه والغضب بادٍ عليها قائلةً : ( ليس هذا فقط ، وإنما عليك من الآن أن تبحث له عن مكانٍ آخر ليعيش فيه ، فأنا لا يمكن أن أعيش في بيتٍ واحد مع شخص كهذا ).

فعاد واستوقفها قائلاً : ( ولكن هذا ليس عدلاً ، إنه مجرد تشابه أسماء ! ) .

عندئذٍ أجابته دون أن تلتفت إليه : ( وما أدراني أنا ؟ )بعدها توقفت للحظة ، والتفتت إليه للمرة الثانية وقالت : ( بالمناسبة ، طَلِّقْـني!) ، ثم عادت ، واستدارت ، ومضت إلى طريقها ، أما هو فوقف في مكانه يحاول أن يفهم ما يحدث من حوله ، وكأن العالم كله قد تحول في دقائق إلى كوكبٍ آخر ، والناس أيضاً إلى أشخاصٍ آخرين ، وتمنى آنذاك من الأرض أن تُشَقَّ و تبتلعهُ .



#طارق_قديس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وخير جليسٍ في الزمان .. !
- البحث عن بطل
- لبنان والديمقراطية المغدورة
- رحيل في المستحيل
- دعوة إلى حفل تنكري
- أنا وأنتِ وثالثنا (قرداحي)!
- موعد مع عزرائيل
- هل الديمقراطيون والجمهوريون وجهان لعملة واحدة؟
- الأستاذ والطبشورة
- الشعب من الزهرة .. والحكومة من المريخ !
- صاح الديك !
- كذبة إبريل
- مذكرات بندقية مشلولة
- أراكِ
- الضوءُ الأحمر
- حوار جاهلي مع امرأة متحضرة
- في جنازة الأسقف (فرج رحو)
- أمشي


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق قديس - في بيتنا إرهابي!