أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق قديس - موعد مع عزرائيل














المزيد.....

موعد مع عزرائيل


طارق قديس

الحوار المتمدن-العدد: 2250 - 2008 / 4 / 13 - 09:58
المحور: الادب والفن
    


رنَّ جرس المنبه، استيقظ عزرائيل من قيلولته، بحلقَ في عقارب الساعة، وإذ بها تشيرإلى الواحدة صباحاً، فرك عينيه بشدة ليتأكد مما يرى ثم قال:
- ياه ! لقد نمتُ كثيراً .. خمس دقائق قطعةً واحدة.

لبس ثيابهُ السوداء بسرعة، ربط حذاءهُ الشامواه، رش قليلاً من عطر ( جورج قرداحي )، أفرغ ما تبقى من زجاجة الجِلّ على شعرهِ ، ثم غسل يديه، وبدأ يقلِّبُ في مفكرته ليرى روح من سوف يقبضُ بعدَ حين ، ولما تيقن من الاسم هزَّ رأسهُ بأسىً وقال:
- يا للخسارة ! يبدو أن الدنيا ستفقد فاسداً آخر هذا الصباح ، ولكن أيَّ فاسد ، إنه أبو الهول .

ومضى على جناح السرعة نحو طريدته الجديدة ، فوجده قد فرغ للتو من معاشرة زوجته التي تورمتْ شفتاها من كثرة التقبيل ، متهيئاً للسفر في دنيا الأحلام وإيقاع الشخير المتقطع.

ولم تمضِ بضع دقائق حتى غطّ في نومٍ عميق إلى جانب زوجته، فجلس عزرائيل إلى قربه، ووضع يده على صدره، فأحس الرجل باختناق، ودخل عزرائيل منها إلى أعماقه، إلى عقله الباطن، وتلاقى معه وجهاً لوجه:
- من أنت ؟

قال الرجل ، فأتاه الرد :
- ألم تعرفني ؟ أنا عزرائيل ملك الموت المشهور.

فانتفض أبو الهول وعاد إلى الوراء بهلع:
- لا .. لا يمكن ! إنك دجالٌ منافق.

فابتسم له وقال :
- أشياءُ كثيرة من حولنا هي صحيحة، سواءٌ آمنا بها أو لم نؤمن. ثم لماذا أنت خائف إلى هذه الدرجة؟ إن من يراك بهذه الصورة لا يصدق أنك أنت من استخدم منصبهُ أبشع استخدام، فقتلتَ من قتلتَ، وسجنت من سجنتَ، واختلست ما اختلستَ، فوصلتَ بأفعالك الشنيعة إلى موسوعة (جينيس) الخاصة بالأرقام القياسية.
- لا بد أنك أحد الحاقدين من قاع المجتمع.

ابتسم مجدداً وقال:
- انظرْ. لقد أتيتكَ هذا الصباح لأقبض روحك، ولكن لأنك كنت رائعاً في إيذائك للناس، سأعقد معك صفقة!

عندها أنصت الرجل وتقدم بأذنه نحوه سائلاً بصوتٍ خافت:
- صفقة ! وما هي الصفقة؟

فقال:
- سأحرمك في دنياك من أربعِ نِعَمٍ على التوالي ، فإن قبلتَ بحرمانكَ منها سأغضُّ النظر عنكَ إلى حين ، وإن تمسكتَ أقبضُ روحكَ في الحال .

فقبل دون تردد وعقد معه الصفقة ، وعندها عرض عليه النعمة الأولى ، إنه ابنه الوحيد، ظهر أمامه مٌمَدّاً على طاولة، وقد جُزَّ رأسهُ فَفُصِلَ عن جسمه، فقال عزرائيل:
- ها .. هل تقبل بحرمانكَ من ولدكِ، وأن يُذْبَحَ بطريقة درامية؟

فأجاب دون أن يهتز جفنه، وكأن شيئاً لم يكن:
- أقبل ، فالله قادرٌ على أن يعوضني خيراً منه.

فظهرتَ النعمة الثانية، إنها زوجته، ظهرت ملقاةً على أحد الأرصفة ، وقد دهستها سيارة مسرعة.
فَأُعيدَ السؤال بصيغةٍ أخرى:
- ها .. أتقبل بحرمانك من زوجتك التي أفنتَ حياتها في سبيلكِ و سبيل نجاحكَ؟

فأجاب: أقبلُ فالشرعُ أحل لي أن أتزوج دونها ثلاث.

وكذلك الحال مع النعمة الرابعة، والتي جُمعت فيها أمواله كلها داخل حفرة ثم أضرمت بها النيران، فأتتْ عليها عن آخرها.

ولما لم تبقَ سوى نعمة واحدة ، النعمة الرابعة ، حدث ما لم يكن متوقعاً لقد ظهر الكرسي أمامه، إنه الكرسي الذي لطالما جلس عليه، وأعطاه سلطاناً ليستبد بالعباد، ويسرق خيرات البلاد. لقد ظهر الكرسي وقد سُحِبَ من تحته إلى غير رجعة.

عندها صرخ أبو الهول كالمجنون :
- لا .. كلَّ شيء إلا هذا . لا تأخذوا الكرسي .. لا تأخذوه.

هنا ابتسم عزرائيل قائلاً :
- كنتُ أعرف أن هذه هي نقطة ضعفكَ ، كنتُ أعرف وقد أخفقت، فحانَ الآن دورك.

وفيما هو يَهِمُّ بقبض روحه، رن هاتفه الخلوي، فردَّ في الحال، انتابته الدهشة للحظة، ثم فتح مفكرته من جديد، وأخذ يقرأ، عندها أغلق الهاتف، ونظر إلى الرجل الذي من شدة الرعب فعلها في ثوبه، وربتَ على صدره قائلاً:
- ابتهج يا هذا ! يبدو أن دعوات والدتك مستجابة ، فلن أقبض روحك هذه المرة ، لكني أَعِدُكَ بأن أعود مرة أخرى.

قال هذا ، ومضى نحو النافذة والاستياء بادٍ على وجهه ، فيما هو يتمتمُ:
- تَبّاً للأخطاء المطبعية. تباً لتشابه الأسماء !



#طارق_قديس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الديمقراطيون والجمهوريون وجهان لعملة واحدة؟
- الأستاذ والطبشورة
- الشعب من الزهرة .. والحكومة من المريخ !
- صاح الديك !
- كذبة إبريل
- مذكرات بندقية مشلولة
- أراكِ
- الضوءُ الأحمر
- حوار جاهلي مع امرأة متحضرة
- في جنازة الأسقف (فرج رحو)
- أمشي


المزيد.....




- الاحتمال صفر
- أسعد عرابي... رحيل فنان يكتب العالم باللون وناقد يعيد ترميمه ...
- النقد الثقافي (المعنى والإتّجاه) في إتحاد الأدباء
- فنانون عرب يشيدون بتنظيم مهرجان بغداد السينمائي
- تحديات جديدة أمام الرواية الإعلامية حول غزة
- وفاة الفنان السعودي حمد المزيني عن عمر 80 عامًا
- حروب مصر وإسرائيل في مرآة السينما.. بطولة هنا وصدمة هناك
- -لا موسيقى للإبادة الجماعية-.. أكثر من 400 فنانا يعلنون مقاط ...
- الأوبرا في ثوب جديد.. -متروبوليتان- تفتتح موسمها بعمل عن الأ ...
- الصّخب والعنف.. كيف عالج وليم فوكنر قضية الصراع الإنساني؟


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق قديس - موعد مع عزرائيل