أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - طارق قديس - الشعب من الزهرة .. والحكومة من المريخ !














المزيد.....

الشعب من الزهرة .. والحكومة من المريخ !


طارق قديس

الحوار المتمدن-العدد: 2241 - 2008 / 4 / 4 - 02:49
المحور: المجتمع المدني
    


في عام 1992 استقبلت الأسواق العالمية كما السوق الأمريكي كتاباً بعنوان (الرجال من المريخ .. والنساء من الزهرة) تأليف الطبيب النفسي الأمريكي الدكتور جون جراي ، يهدف منه تحسين أساليب الاتصال بين الرجل والمرأة للوصول إلى علاقات صحية في ما بينهما. وسرعان ما لاقى الكتاب استحسان القراء ، فحقق مبيعاتٍ مذهلة، مما دعا إلى ترجمته للغة العربية على وجه السرعة ، فلم تخب آمال مترجميه، إذ حقق ذات الصدى الذي حققه في بلد المنشأ.

وأنا بدوري قد قرأته مرتين، الأولى عابرة لم تُحدث إزاحة في موروثي القديم، غير أن الثانية قد أتت بثمارها، خاصةً أني وقفت على تشابهٍ مذهلٍ بين علاقة الرجل بالمرأة، وعلاقة الحكومة بالشعب. فالكاتب يوضح في بداية كتابه بأسلوب هزلي أن الرجل والمرأة قد جاءا من كوكبين مختلفين، وهو عين ما نراه في واقعنا السياسي العربي، وذلك عندما نرى أن الحكومة – غالباً – ما تكون أمام كثيرٍ من المواقف في وادٍ والشعب في وادٍ آخر، وكأنها لم تأتي من رحمه في يومٍ من الأيام.
وفي فصلٍ آخر يَظهَرُ في العلاقة الثنائية بين الرجال والنساء أن النساء لا يتوقفن عن تقديم النصائح والتوجيهات للرجال مما يتسبب لهم بإحساس من عدم الثقة، فما يحتاجونه بالعادة هو التقبل وليس إسداء النصائح، وهو أيضاً شبيهٌٌ بواقعنا، حين تشعر الحكومة بجرح في كبريائها حال تقديم النصيحة لها بالنقد والتحليل عبر الصحف المتنوعة والمقالات المتكررة، وهي التي تشعر دوماً بحاجتها إلى ثقة المواطنين لا نصائحهم ومقالات على صفحات الجرائد.

شبهٌ آخر يطفو على السطح عندما نرى – بحسب الكتاب – أن تعامل المفرد المذكر السالم مع الضغوط يأتي بذهابه إلى الكهف – أي الانعزال عن المفرد المؤنث السالم – لحل مشاكله بنفسه. أما هي فتلجأ لعلاج مشاكلها بالحديث مع الأخريات، وطق الحنك، وهو أيضاً ذات ما يتم في الواقع عندما تنفرد الحكومة بعلاج المشاكل الاقتصادية بفكر اقتصادي مجرد عن العواطف والمشاعر بعيدا عن المواطنين وما يلائمهم من علاجات ، والذين هم بدورهم يلجأون فيما بينهم إلى القيل والقال للتنفيس عن همومهم وطموحاتهم في الهواء الطلق.

وقائمة التشابهات لا تنتهي هنا، لكنها تطول ، ويطول معها الحديث حتى ننتهي بالوصفة السحرية، والتي يراها الكاتب مهمة لتجاوز الفروقات بين كلا الطرفين ، وهي أن تقوم العلاقة بينهما على المكاشفة والحوار اللذين يُبنى عليهما التفاهم ، لا الجدال الخالص، فالجدال – غالباً - ما يتحول في آخره من نقاش هادئ إلى معركة ساخنة مؤلمة حامية الوطيس. رغم أن الاختلافات في وجهات النظر لا تسبب بطبيعتها الألم، وإنما الطريقة التي نعبر بها.

وهذا ما نتمنى أن يحدث في واقعنا المعاصر ، بأن يقوم التفاهم محل الجدل السقيم بين الحكومة والمواطنين، وأن تكون المكاشفة بصوتٍ هادئ هي سيدة الموقف، لا الجدل في الغرف والأروقة البرلمانية بنبرة مرتفعة.

لذا – وإن كنت قد قرأت الكتاب من زاوية مختلفة ، بإسقاط ثنائية الرجل والمرأة على الواقع السياسي – فإني أرى أن الكتاب بعيداً عما ذكرت ، وبهيئته الطبيعة هو محاولةٌ قيمة تستحق الوقوف عندها في العلاقات الاجتماعية، حتى وإن لم يتقبلها الكثيرون منا في مجتمع ما زال يقتات على مائدة الموروث القديم.




#طارق_قديس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صاح الديك !
- كذبة إبريل
- مذكرات بندقية مشلولة
- أراكِ
- الضوءُ الأحمر
- حوار جاهلي مع امرأة متحضرة
- في جنازة الأسقف (فرج رحو)
- أمشي


المزيد.....




- فيتو أمريكي في مجلس الأمن يطيح بآمال فلسطين بالحصول على عضوي ...
- حماس تحذّر من مساع -خبيثة- لاستبدال الأونروا
- الجزائر تتعهد بإعادة طرح قضية العضوية الفلسطينية بالأمم المت ...
- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- بيان رسمي مصري عن توقيت حرج بعد الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلس ...
- مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة: عدم تبني قرار عضوية ف ...
- الأردن يعرب عن أسفه الشديد لفشل مجلس الأمن في تبني قرار قبول ...
- انتقاد فلسطيني لفيتو واشنطن ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- أبو الغيط يأسف لاستخدام ‎الفيتو ضد العضوية الكاملة لفلسطين ب ...
- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - طارق قديس - الشعب من الزهرة .. والحكومة من المريخ !