أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - طارق قديس - هل تذكرون ناجي العلي ؟














المزيد.....

هل تذكرون ناجي العلي ؟


طارق قديس

الحوار المتمدن-العدد: 2353 - 2008 / 7 / 25 - 10:18
المحور: المجتمع المدني
    


في الثاني والعشرين من تموز / يوليو من عام 1987 – أي قبل عشرين عاماً بالتمام والكمال - تمكنت طلقات الرصاص من أن تجد طريقها إلى جسد ناجي العلي ، واستطاع القاتل المجهول أن يهتدي إلى فريسته ، و يصوب فوهة سلاحه إلى الطريدة ، إلى ناجي ، ليقع في النهاية على أحد أرصفة شوارع لندن ، وتختلط دماؤه العطره بحبر ريشته الأسود ، والقابع فوق رسوماته ، وقد سقطت من يده على الرصيف ، كما يسقط المطر على الصحارى العطشى بعد طول انتظار ، لينقل بعدها في حالة حرجة إلى المستشفى راقداً في غيبوبة عميقة ، لا يعلم أحد متى تنتهي فصولها.

جهاتٌ كثيرة وجهت إليها أصابع الاتهام ، هنا وهناك ، أما الحقيقة فهي أن القضية قد قيدت ضد مجهول ، وأن كل الأدلة الجنائية المتوفرة لم تستطع أن تقود محققي الشرطة الإنجليزية إلى معرفة القاتل ومن هم وارءه.

جهاتٌ كثيرة ، وشخصيات كثيرة شهدت لعبقرية هذا الرسام النادر قبل وفاته وبعده في التاسع والعشرين من آب / أغسطس من عام 1987 ، حتى وإن اختلفت معه في بعض المواقف والآراء ، وكان منها : الأديب الفلسطيني غسان كنفاني الذي قال ذات مرة بأن الحدة التي تتسم بها خطوطه – أي ناجي - تدل على كل ما يجيش في صدره بشكلٍ أكثر من كافٍ ، وكذلك الشاعر المصري صلاح جاهين إذ قال بأن ناجي قد جاء ليعلمنا فن الكاريكاتير بعد أن أصبحنا ( أساتذة ) ! ، والشاعر محمود درويش حين قال بأنه لم يكن سهلاً أن تناقش ناجي العلي الذي يقول : " لا أفهم هذه المناورات ، لا أفهم السياسة ، لفلسطين طريق واحد هو البندقية " . والأديب إلياس خوري إذ صرح بأنه في موته قد قدَّم شهادة الشاهد، وأعلن مجد الثقافة التي لا يستطيع أحد أن يغتالها .. لناجي البعيد كعيوننا ، الصامت كمدننا ،الغائب كأحلامنا ، له نروي ، عنه نروي ، نروي حكاية الشاهد الذي لم يسقط إلا ليعلن أن شهادته كانت أكبر من موته !

كثيرون آخرون من أدباء ، وشعراء ، ومحبين صرحوا وقالوا فيه ما يعكس مدى تعلقهم به ، ومدى تأثيره فيهم ، وفي من هم بعيدين عنه ، وهو الذي استطاع بخطوطه الطولية والعرضية أن يجذبهم إليه بجاذبية تضاهي جاذبية الأرض للقمر آلاف المرات.

لقد ضبط كثير من الناس إيقاعات حياتهم على إيقاع ناجي العلي ، على نبض قلبه حتى أضحى هو البوصلة التي يستطيع من خلالها الإنسان العربي أن يحدد بها موقفه من قضية ما.

لقد ضبط الكثيرون في الماضي صباحهم على رسوماته الساخرة ، على نقده للواقع العربي الهزيل بشكل حاد رغبة منهم في تحقيق الأمل المنشود، وكانوا ينتظرون بلهفة صدور الصحف التي ينشر فيها رسوماته ليمتعوا عيونهم بمشاهدتها ، وقراءة تعليقاته الناقدة ، ويتنفسوا الصعداء ، لأنه مازال هنالك شخصٌ يعبر عما يدور في أذهانهم من أفكار وعبارات على قيد الحياة !

وأنا هنا أكتب هذه السطور لا لأذكر الناس بهذه الشخصية الفذة ، فهو أكبر من أن ينسى ، وأحبابه أكبر من أن ينسوه ، وإنما أكتب هذه الكلمات لأشاطرهم الذكريات ، وأمرن ذاكرتي على استدعاء قبسات الماضي الجميل من بين ركام الأحزان اللامتناهي ، وتجاوز الدفاتر القديمة بكل ما لها وما عليها حتى نتمكن من التحليق عالياً في فضاءٍ حرٍّ ، ونتقدم لو مجرد خطوةً إلى الأمام ، في زمنٍ لم يعد بإمكاننا فيه سوى أن ننظر للوراء ، بحثاً عن بطلٍ من كتب التاريخ لينتشلنا من مرارة الواقع المثقل بالهزائم.




#طارق_قديس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليلة سقوط رادوفان كرازيتش
- الرَيِّس عمر حرب
- سؤال يبحث عن إجابة
- البلاطة السوداء
- امرأة برائحةِ التُفَّاح
- امرأة عابرة فوق سريرعابر
- زوج غير مرغوب فيه
- حيثيات الاستقالة
- وداعاً يا حقيبة السامسونايت !
- أوباما- ماكين - إسرائيل
- فتح الإسلام .. من نهر البارد إلى العبدة
- باب الحارة
- رصاصة في الفم
- الجريمة والعتاب
- بيروت خيمتنا الأخيرة
- الحب في الوقت الضائع
- لمن تُخبئينَ هذا الجسد؟
- قطعة السُكَّرْ
- عالم بلا نساء
- سارقة الأضواء


المزيد.....




- اعتقال عميلين للموساد في طهران وجاسوس في كهكيلوية وبوير احمد ...
- منظمة حقوقية: مقتل 657 شخصا في ايران جراء الضربات الاسرائيلي ...
- منظمة حقوقية تكشف أحدث حصيلة لضحايا إيران من ضربات إسرائيل
- تقرير: عودة اللاجئين السوريين تصطدم بتحديات -بنيوية عميقة-
- بن بيه يستعرض أهمية إعلان مراكش حول حقوق الأقليات الدينية
- السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة: لم يفت الأوان بعد أمام ...
- وزيرة دنماركية تهاجم -ميتا-: تطلق الدعاية بدل حماية الأطفال ...
- الأمن السوري يقبض على قيادي عسكري سابق متهم بجرائم حرب
- اعتقال -عميل للموساد- في إيران.. فضحه -واتساب-
- الأمين العام للأمم المتحدة: اتساع رقعة الصراع الإيراني الإسر ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - طارق قديس - هل تذكرون ناجي العلي ؟