أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال محمد تقي - محمود درويش فضاء للتجاوز !















المزيد.....

محمود درويش فضاء للتجاوز !


جمال محمد تقي

الحوار المتمدن-العدد: 2391 - 2008 / 9 / 1 - 06:33
المحور: الادب والفن
    



صحيح ان الارض تتكلم عربي كما يغرد سيد مكاوي ، ولكن اي نوع من هذا الكلام العربي الذي تردده تلك الارض ، فالكلام العربي حمال اوجه عندما لا ينقط بغناء مقامات المتكلم ، وهو عندما لا يدوزن فانه يتحول الى رموز معجمية تشبه التعاويذ والتراتيل المشعوذة ، الكلام العربي هو غناء صاحبه ، انه يفسر انفاس من يتكلم به ، وهذه الانفاس كالارواح ، مضامين مختلفة في جنس واحد ، هي ليست نمطية ، منها المتمردة ومنها التائهة ، والمشوهة والمفوهة والزائغة واليائسة والبائسة ، المقاومة والمستسلمة المنعزلة والمنفتحة المتعصبة والمتسامحة الثابتة والمتحولة ، الارض تنتقي ، الارض تغربل ، الارض لا تجامل ، الارض تعرف اشجارها ، تعرف ابناؤها ، الارض عندما تختار كلاما لاغانيها لتراتيلها فانها تستنشقه مع نسغ تلك الاشجار وترتشفه من الفضاء بمسامات صخورها ، الارض تتبادل التمثيل مع المصطفين من احبابها فينطقون عنها وتنطق عنهم كلام مثل كلام حفيف اوراق الشجر او رائحة التراب المنتشي بالبلل ، بلذة سيمياء الطين ، فل ، وزهر لوز ، وياسمين ، لغة وطن ، هو كذلك كلام الارض ، تلك الارض سيدته والمتكلم عاشق من فلسطين ، الارض تتماهى مع الكلام العربي الحي المخصب المسمد ، الكلام الذي يحيي فيها امومتها ويجعل من طبقاتها وعروقها وحبات ترابها وتلالها ورمالها وصخورجبالها تضاريس لجسد ليس كأي جسد ، الارض أم ولادة لكل الاجساد المفعمة بالاثدية المندية ماء الحياة ، هي أمنا الارض من يستحلب السماء ويستمنيها نطفا ، مطرا ، روحا ، وتذكرة لا يلغي طقس الموت مفعول سفرها نحو البقاء الابدي ، الارض تدثر الاجساد منطفئة الجذوة بتلافيفها ، الارض تستعيد عناصرها ، الارض تمتص الارواح الخارجة من اجسادها ، الارض لا تقبض الا على الارواح اليابسة ، انها تطلق سراح الارواح الخضراء التي تطربها فتتراقص وتصفق باجنحتها لربيع لاينقطع على سهول اشجار اللوز الموردة كالفراشات ، الشعراء الشعراء والشهداء الشهداء هم الذين تمنحهم الارض امتيازها انهم احياء في شهيقها وزفيرها يرزقون ، يحلقون في فردوسها المدبلج بكل اللغات الحية !
ما اجملك
ما اروعك
ما اجمل واروع الارض التي انبتتك
وحضنتك
واحتويتها واحتوتك وخلدتك .

من احن منها عليك ؟
تحن اليها وتحن اليك
" تحن الى خبزها وقهوتها ولمستها وحضنها
وتكبر بك الطفولة يوماعلى صدرها
وانك اذا ما مت يوما فانك تخجل من دمعها . . "
ها هو اليوم
وها هي اليوم تتلقاك وانت تحيا حياة الخلود حيا ، حتى وان قالوا انك قد مت !
لا تفكر
لا تخجل فليس كل الدمع مخجل
دمعها حنين عانق قدومك المبكر
لا تفكر
لا تعكر ، مزاجها ، غزارة حفاوتها
لا فالزمان كله لك ولها وهو لا يصفر
لا تفكر
واللقاء ابدي بها وهو ذكر لاينفك يذكر
لا تفكر
ففي حضرتها تغسل الذنوب ، والدمع تعميد للروح حيث تعسكر
لا تفكر
مبعوث الشر شارون يغار من حنينكما
ويحسدك لان الارض لا تريده الا متفسخا
هو يتوسلها يحب على قدميها
لكنها لا تريده
ملك الموت يتوسط له عندها
لكنها تشترط عليه اناشيدها ، وروحه عاجزة ، فليس له جدة او أم أو شاعر يعرفها !

لا
لا تفكر
ونم قرير العين فانت انت وحدك المنتصر !

يا متنبي الارض
يا متنبي العصر
اتعرف انك تعيد اختراع واكتشاف المتنبي ؟
اتذكر كنت قد حاورته واستفسرت عن سر حنينه لجدته في بيت شعره القائل :
احن على الكأس التي شربت بها . .
هل عرفت الان سره ؟
اسطورته واسطورتك توائم في المكان ومطلقتان في الزمان !

سرك وسر المتنبي سهولتكما الممتنعة والحكمة والغنائية المتدفقة
سرك وسره التجديد المؤصل
سرك وسره انكما شاعران منهمكان حد الثمالة بحب الوجود
سرك وسره انكما تملئان الدنيا وتحركان الناس
سرك وسره النفاذ في اللغة في الكلمات في المعاني في الاجناس
سرك وسره انكما تشعلان اللغة ثورة
انكما مولعان بالثنائيات المشتعلة :
الدولة والثورة ، الصغار والكبار ، ألانا والفكرة ، السيف والقلم ، حرية الشعر وعبودية السلطة ،
عزمكما متجاسر رغم تبايناتكما في الاندفاع نحو سلطة السياسي وادغامها بسلطة الثقافي ،
عندكما مازال الشعر ديوان العرب وسلطة تنازع كل السلطات ، ثنائية يبدو انها خالدة خلود السيف والكلمة ، القوة والجمال !
عزمكما نحو السماء السابعة لا تثنيه المطبات والمؤامرات والمسافات لا يثنيه حتى الموت !
" فعلى قدر اهل العزم تأتي العزائم
وتكبر في عين الصغير صغارها
وتصغر في عين العظيم العظائم "
حتى وان ذهب الذين تحبهم فهم ذهب
انت ملح الارض
انت عطرها العطر
وهذه عصافير الجليل لك وحدك تغرد وتحلق ؟
نعم الليل والخيل والبيداء تعرفكما
ولم يتخلف الناس عن بيعة تتوجيكما حتى من كان اعمى او به صمم !
انتما مصائب على الطغاة لا تنمحي
وروحكما فوائد لكل عاشق يرتجي ،
الشعر الشعر اصدق انباءا من سيوف الغدر ـ ففي روحه الحد كل الحد بين الخير والشر .

لا حاجة لك بعد الان ببطاقة هوية
فانت انت هوية
لا حاجة لك لتسجل انك عربي والارض عربية
لا حاجة لك لتحذر عدوك
فهو قد وقع بالمحذور
وهو في غرفة الانعاش يتوسل الارض ان تمنحه هوية !
" انت الحجر الذي شد البحارالى قرون اليابسة
وانت نبي الانبياء
وشاعر الشعراء . .
انت اول القتلى وآخر من يموت . . "

انت انت
وحتما انت تذكر ما سطره زميلك سعدي يوسف في كرملك وهو يخاطب ياسر عرفات قائلا :
". . أدري بالذي تنوي إذا ما اسودت الافاق ،
وانقطعت بك الطرقات :
تذهب للبداية من نهايتها ،
وتقول للعشاق : هذه وردتي الاولى
لنضفرها على خصلات قنبلة ، لندخل في النهاية " .


لك ثلاث شهادات شفهية في ذاك العدد من الكرمل اتذكرها ؟
اتذكر اجابتك على السؤال الذي يقول : ماذا يعني لك الموت ، انت الذي عايشته في اكثر من لحظة ، خلال اربعة شهور ؟
اتذكر اجابتك ؟
" كان احساسي بان الحياة ، لا الموت ، هي المصادفة . فالموت امتلك في حينها الحق بالكلام ، برا وبحرا وجوا ، لم يقدم لنا العالم الا الموت . فكان علينا ان نقبل بهذا المصير . في سباق دفاعنا عن الحرية ، لا في سياق البحث عن سلامة العبيد ، كان علينا ان نمسك بالمعادلة ، الحرية او الموت . ولم يكن امامنا اي خيار آخر ، والموت لم يكن نهاية أي شيء . كنا نثق بان دمنا لا يمكن ان يذهب سدى . لا بد لهذا الدم ان يحرك شيئا في هذا السكون ، وان يكون شاهدا على عصر يموت " .

ها انت قد قلتها انكم لن تموتوا ، وان خطفكم فانتم منتصرون .



#جمال_محمد_تقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق والحسم المنتظر !
- توقيت ايقاض الصراع النائم في القوقاز ؟
- من الأحق بالتعويض العراق أم ايران ؟
- الرأسمالية وتلفيقة الدولة المستمرة
- رأي في الدعوة الى اتحاد يساريي الخارج !
- مسعود البرزاني مولع بجداول التقسيم !
- أمريكا تقود العالم نحو الهاوية !
- صحوة ضمير مطلوب تجذيرها لانقاذ كركوك
- أوراق اللعبة الامريكية الجهنمية في العراق !
- الصقور والحمائم وجهان لعملة واحدة في السياسة الامريكية !
- لماذا 14 تموز وليس 9 نيسان عيدا وطنيا للعراق وشعبه ؟
- من يقرر مصير العراق ؟
- أمريكا تأمر وحكومة العراق تنفذ !
- عندما يكون المثقف متبوعا عبد الوهاب المسيري نموذجا
- من يعاهد من ؟
- لاحصانة للعراقي في بلاده المهانة يوميا بالوجود الاحتلالي ؟
- يوم الاجيء العراقي !
- معاهدة بورتسموث ارحم من معاهدة بوش المالكي !
- العالم يعيد اكتشاف جيفارا !
- -صحوة- احزاب المنطقة الخضراء !


المزيد.....




- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جمال محمد تقي - محمود درويش فضاء للتجاوز !