أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - جمال محمد تقي - معاهدة بورتسموث ارحم من معاهدة بوش المالكي !














المزيد.....

معاهدة بورتسموث ارحم من معاهدة بوش المالكي !


جمال محمد تقي

الحوار المتمدن-العدد: 2323 - 2008 / 6 / 25 - 10:36
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


من وراء الكواليس كان نوري السعيد والسفير البريطاني في بغداد ، يجتهدون لاعادة النظر بمعاهدة 1930 بهدف تأصيل النفوذ البريطاني في العراق الذي كان يتعرض لحالة جزر وشيخوخة ، ورفض شعبي متصاعد في كل الارجاء التي لا تغيب عنها الشمس ، فكان تلاحق اعمال صيانة وجوده باعادة تاهيل الاتفاقات القديمة ، وفق منطلقات جديدة تحتوي مفردات واولويات الحرب الباردة لمحاصرة القطب السوفياتي وخاصة في مناطق الشرق الاوسط ذات الاهمية الاستثنائية لمصالح الامبريالية العالمية بنسختها البريطانية المدبرة والامريكية المقبلة .
لقد كان لموجة التيار التحرري الجارف والذي ساد المنطقة والعالم بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وقيام المعسكر الاشتراكي دوره الحاسم في اعادة صياغة منطق الوصاية على البلدان التابعة وبما ينسجم مع طبيعة الصراع العالمي الجاري وقتها ، حيث كانت مضاجع الامبريالية العجوز ومصالحها الحيوية مهددة والى ابعد الحدود وكانت هواجسها تلك في محلها ، فبعد اقل من ثلاث سنوات على قيام حلف بغداد اخذت المخابرات البريطانية والامريكية على حين غرة عندما اطاحت ثورة 14 تموز 1958 بنظام التبعية والوصاية في العراق !
الاستعمار البريطاني حاول من خلال استجابته لبعض التعديلات غير الجوهرية مراعاة مزاج الاهالي فخفف من سطوع لمساته الواضحة في السياسة العراقية ، وبحنكة المجرب ، اخذ يضحي ببعض المظاهر الشكلية لحساب تكريس جوهر سياساته الاستعمارية التي يريدها سائدة دون منغصات ، ومن الواضح ان خبراء وزارة الخارجية البريطانية وقتها قد خبروا ان جبر الخواطر في ديباجة النصوص ينفع ولا يضر !
ستون عاما تفصل معاهدة 1948 ـ معاهدة بورتسموث ـ التي مثلها وحسب الظهور صالح جبر رئيس وزراء العراق وقتها وبيفن وزير خارجية بريطانيا ، عن معاهدة الصداقة والتعاون الامريكية العراقية التي يصر بوش حاليا على تمريرها بالتعاون مع حكومة المنطقة الخضراء وفي الموعد المحدد لها ـ 31 تموز من هذا العام ـ انها ستة عقود من اسفار النضال التحرري الوطني التي دشنتها وثبة كانون 1948 لتتوالى بعدها الهبات والانتفاضات والثورات ـ انتفاضة 52 و56 والتي توجت بثورة 1958 التي كنست كل قيود المعاهدات الاستعمارية والتي اسقطت حلف بغداد وطهرت ارض العراق من القواعد العسكرية البريطانية ، وخلصت البلاد من نظام التبعية النقدية الاسترلينية وقيدت حركة شركات النفط الاحتكارية باصدارها قانون رقم 80 الذي يحجر على امتيازاتها الاستثمارية في 99 % من الارض العراقية ، ثم واصل العراق طريقه بعد ان تعثرت تجربته الاولى واستأنف اسفاره بعد 17 تموز 1968 حيث تجذر خيار البناء والاستقلال الاقتصادي الذي يعزز الاستقلال السياسي الناجز فكانت قرارات التأميم العظيمة وكان العزم نحو افاق جديدة خلاقة تجعل من النفط سلاحا حقيقيا في المعركة الدائرة ، كان النفط في كل سفر من هذه الاسفار وسيلة فعالة لتعمير وتثوير الوضع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي بتنمية مستدامة وكان في ذات الوقت غاية للقوى الاستعمارية والامبريالية القديمة والجديدة فشركات النفط الاحتكارية واذرع دولها العسكرية والمخابراتية كانت بالمرصاد للعراق ونهجه التحرري وخاصة بعد قيام منظمة اوبك في بغداد عام 1961 ، وبما ان الخليج هو بحيرة النفط الاوفر في العالم والعراق هو كنزها المعمر فقد سلطت عليه كل السموم والفتن ليتقاتل وليصبح لقمة سائغة ، فكانت حرب الخليج الاولى والثانية ، لتأتي الثالثة فتحصد ما اريد من الاولى والثانية فكان الغزو والاحتلال الامريكي البريطاني للعراق وكأن التاريخ يعيد نفسه والى الوراء وعلى شكل مأساة حقيقية حيث وبعد ستين عاما من الاطاحة بمعاهدة بورتسموث 1948 كنتيجة من نتائج وثبة كانون تفرض على العراق اليوم معاهدة جائرة تؤبد الاحتلال الامريكي للعراق وتجعله محضية امريكية ليس امنيا وعسكريا فقط وانما سياسيا واقتصاديا وفكريا !
معاهدة بورتسموث منحت المستعمر البريطاني حق ابقاء قاعدتين عسكريتين في العراق فقط ـ الشعيبة والحبانية ـ ومنحته في حالة الحرب كل التسهيلات والمعونة المكفولة ـ المرور واستخدام الاجواء العراقية والانتفاع من معسكرات وتجهيزات الدولة العراقية المدنية والعسكرية ـ وفي جوانب التدريب التزم البريطانيون بتزويد الجيش العراقي بالمعدات الحربية الحديثة وتعهدوا بتدريب العراقيين عليها ، وقد تضمنت المعاهدة تشكيل مجلس دفاع مشترك دائم وباعداد متساوية من الحكومتين لغرض التنسيق والاشراف !
لم تمنح المعاهدة اي حق للبريطانيين في مقاتلة اي عراقي او اعتقاله ومهما كان السبب ! لم تمنح المعاهدة حق السيادة للبريطانيين على الاجواء او الحدود او الموانيء ! لم تفرض المعاهدة على الحكومة العراقية دفع نفقات القوات البريطانية في العراق !
رغم ذلك فالمعاهدة مخلة بالسيادة الوطنية وهي تجعل من العراق تابع اجباري للسياسة البريطانية في المنطقة لذلك ثار الشعب عليها وعلى الحكومة التي وقعتها فجمد العمل بها وسقطت حكومة صالح جبر!

اما معاهدة بوش المالكي فهي ومن خلال ما نشر من مسوداتها الاساسية التي يجري تداولها حاليا لاجراء بعض التحسينات في صياغاتها ، قد منحت الامريكان حق الاقامة الدائمة وبشروط تلائم مصالحهم داخليا وخارجيا ، واعطتهم حق مكتسب في الاشراف على عمل وزارتي الدفاع والداخلية ، ثم جعلت العراق يتحمل تكاليف القوات الامريكية المقيمة في العراق ، ومنحت الجيش الامريكي السيادة المطلقة على الاجواء العراقية ، واعطت للامريكان سلطة اعتقال او مقاتلة اي عراقي تعتقده معاديا لها دون مراجعة الحكومة العراقية ، واعفت القوات الامريكية ومنتسبي الشركات الامنية الخاصة من اي مسائلة قانونية ، وتحتوي المعاهدة على حق اقامة 15 قاعدة كبيرة وما يعادلها من مراكز السيطرة والمراقبة ، وقد تضمنت المعاهدة حق طبيعي للقوات الامريكية في اتخاذ الاجراءات الاستباقية ضد الاعداء الداخليين والخارجيين .
بعد هذا كله لا اعتقد ان هناك من لا يتفق معي بان معاهدة بورتسموث كانت ارحم رغم انها ايضا معاهدة استعمارية جائرة !



#جمال_محمد_تقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العالم يعيد اكتشاف جيفارا !
- -صحوة- احزاب المنطقة الخضراء !
- لا حِراك في الفطائس يا حراك !
- كيف سيمررون اتفاقية الانتداب الامريكي على العراق ؟
- انطباعات في الشيوعية الروزخونية !
- أجل اسرائيل مسمى !
- مئة عام من النفط = مئة عام من الدماء !
- عبود يعبر الحدود !
- الثوريناطح الثورة !
- أيار العراقي
- الطبقة العاملة العراقية تبحث عن حزبها فلا تجده !
- خمسة أعوام من الارهاب الامريكي في العراق!
- 31 أذار يتوشح بالحزن !
- الصهيونية عنصرية مدللة !
- جنس من اجل البقاء !
- 8 اذار رفيق 1 ايار !
- وديعة بوش الساخنة لخليفته !
- حوار الطرشان !
- العراق بين التخيير والتسيير؟
- نداء غزة !


المزيد.....




- تفاصيل -الصدمة وعدم التصديق- بحملة هاريس بعد فوز ترامب وسبب ...
- فوز ترامب والزعماء العرب
- نزوح مستمر في شمال غزة وحزب الله يواصل تصعيد هجماته وأمينه ا ...
- عودة ترامب تثير مخاوف الحلفاء الأوروبيين حول مصير الناتو
- ألمانيا توافق على مشروع قانون لقياس استعداد الشباب للالتحاق ...
- كيف تفاعل قادة إسرائيل مع خبر عودة ترامب إلى السلطة من جديد؟ ...
- بعد أن حظي بأكثر من 1.2 مليون متابع.. ميتا تحاول كتم الأصوات ...
- محمد بن سلمان يجري اتصالا هاتفيا بترامب
- بكين: نحترم قرار الشعب الأمريكي ونهنئ ترامب بالفوز
- الجيش الإسرائيلي: -فرقة الاحتياط 252- تنهي مهمتها في وسط غزة ...


المزيد.....

- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب
- اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد ... / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - جمال محمد تقي - معاهدة بورتسموث ارحم من معاهدة بوش المالكي !