أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جمال محمد تقي - من يعاهد من ؟















المزيد.....

من يعاهد من ؟


جمال محمد تقي

الحوار المتمدن-العدد: 2335 - 2008 / 7 / 7 - 09:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كانت لتوصيات لجنة بيكر ـ هاملتون غير الملزمة ، صداها الواضح في محاولات ادارة بوش لاعادة توزيع الادوار واعادة رسم الاولويات التي تؤدي للافلات من تبعات مضاعفات الفشل في العراق داخليا واقليميا ودوليا ، فكما نفذت ادارة بوش وصية اجراء تفاهمات واتصالات مع ايران بشأن العراق وما حوله ، راحت الادارة تنشد مزيدا من المشاركة الدولية في تطبيع الشأن العراقي ، وبما لا يتناقض مع سطوتها ، فالمشاركة ستكون استكمالية ، اي لرفع الاعباء عنها مقابل بعض الامتيازات الاستثمارية والمعنوية ، واللغرض ذاته جرى التأكيد على الدور الدبلوماسي والتدريبي والاغاثي للامم المتحدة ومنظماتها المتخصصة في العراق ـ تمديد ولاية بعثة الامم المتحدة والمساعدة في ايجاد حلول ميدانية للمشكلات ذات الصبغات الحقوقية كمشكلة الاجئين والنازحين ، والاشراف على تنفيذ مرحلي لحلول لاوضاع ومشاكل مستعصية كالاوضاع المتأزمة في كركوك وكذا الحقوق المدنية للاقليات .
ان اي نوع من المساعدات الدولية الاغاثية والخدمية والتدريبية اضافة لتخفيض الديون والتعويضات سيخفف من حجم التكلفة الباهضة التي تريد امريكا التنصل منها ، فبعد ان تراجعت عن رصد ما يجب من التزامات مالية لاعادة الاعمار راحت تعد العدة لاستقطاع جزءا كبيرا من تكاليف تمويل قواتها من مدخولات واردات العراق النفطية ، كل هذا يجري بالتوازي مع ما تنفذه واجهاتها العراقية لشرعنة واشاعة الاستثمار ـ الحرـ وفي كل المجالات بما فيها النفطية ، كقانون الاستثمار الجديد وقانون النفط والغاز ، والسعي الحثيث لفرض اتفاقية امنية طويلة الامد مع امريكا كلها تشكل حزمة استراتيجية لا يتطلب تمريرها غير اتفاق اشباه البرلمانيين في العراق والذين اذا وجدوا حرجا في ذلك سيرحلون الحزمة باجمعها الى مايسمى بالمجلس السياسي للامن الوطني العراقي والذي هو حصيلة لتوافق القوى المتحالفة مع المحتل الامريكي من امثال الحكيم والطالباني والبارزاني والمالكي وعلاوي والهاشمي والمشهداني والربيعي !

لقد جعل من العراق باكمله ملعبا حرا لصندوق النقد الدولي وسياسات البنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية التي استلمت طلبا عراقيا رسميا للانظمام اليها منذ عام 2004 ، والتي سلمت بدورها العراق وصفات وشروط وموديلات اجبارية عليه تطبيقها ليقبل كعضو فيها ، والى جانب السعي لاسقاط ماتبقى من ديون العراق سيعطي كل هذا انطباعا بان العراق سيتحول فعلا الى ورشة عمل لاعادة اعماره ، والحقيقة غير ذلك تماما ، ورشة عمل نعم ، ولكن لاعادة نهبه ، فحسب وزارة التخطيط العراقية فان البلاد بحاجة لاكثر من 400 مليار لاعادة تاهيل البنية التحتية ، وعمليا فان رهن النفط العراقي كله سوف لن يعيد للعراق عافيته او لنقل اعماره ، مادام هناك من يتربص بمستقبله ـ احتلال لاجل غير مسمى ، وفساد مراوغ وشفاط ـ فالاعمار هو ايضا اختيار وسيادة وارادة وطنية وبغيابها سيعيش العراق عيشة الانفتاح الساداتي ، واول الغيث قد بانت ملامحه من خلال التحضيرات الجارية لالغاء البطاقة التموينية والدعم الحكومي لاسعار الكهرباء والماء حسب وصايا صندوق النقد الدولي !

العهد الدولي ورقة توت لم تستنفذ بعد :

كما جيشت امريكا ما امكنها من دول العالم واقامت تحالف دولي "لتحرير العراق " تعمل اليوم عملها لحشد كل دول العالم واغرائها للتعاطي مع العراق الجديد والتطبيع معه ، وقد ترجم هذا السعي بعد توسيع نطاق الاجتماعات الدورية لدول جوار العراق ، وبالتزامن مع الدعوة لتوسيع دور الامم المتحدة فيه ، نظم الاجتماع الدولي الاول الذي عقد في شرم الشيخ العام الماضي والذي حضرته الدول المانحة وروسيا والصين والهند اضافة لدول الاتحاد الاوروبي ودول الخليج والجامعة العربية والامم المتحدة والمنظمات الدولية وسفراء معظم دول العالم المعروفة ، وكان من نتائج هذا الاجتماع الخروج بوثيقة العهد الدولي الذي يعرف نفسه على انه اطار رئيسي للاصلاح واعادة الاعمار ونقطة الاتصال الرئيسية لمساهمة شركاء التنمية الدوليين ، ويحدد هدفه في اعادة دمج العراق بالمجتمع الدولي عبرعمل متواتر وخطة خمسية تزخر بالاستثمار والاعمار والسلام ، وبموجب العهد تلتزم الحكومة العراقية بتولي برنامج شامل للاصلاح والاستثمار واعادة بناء مؤسسات الدولة واجراء مصالحة وطنية وتصفية الميليشيات ونزع سلاحها مع اقرار القوانين التي تسهل خصخصة الاقتصاد واعتباره سوقا مفتوحة ، وكان مؤتمر استوكهولم محطة سنوية لمتابعة تنفيذات العهد الدولي من الجانبين ، ومن الواضح انه ليس هناك ما يميز تقارير هذا المؤتمر عن سابقه سوى تشدق الحكومة بمقولة التحسن الامني ، فالكل يشهد بان لا تقدم يذكر في مجال الخدمات او عودة الاجئين او محاربة الفساد او المصالحة الوطنية الحقيقية ، لكن الحكومة تطالب باستكمال مسلسل اسقاط الديون والتعويضات وهذا ما لم يتحقق حتى الان ويبدو ان الدول المعنية لا تثق بما يقال لها ، وهناك دول اخرى تطالب امريكا بتحمل مسؤولياتها في موضوعة الاجئين كما فعلت ذلك السويد وعلى لسان وزارة خارجيتها التي عكست تتململ الدولة المضيفة من ضغط الهجرة العراقية المتزايدة اليها !
مما تقدم يتضح ان العهد الدولي هو مدخل امريكي لتعويم نتائج الحالة العراقية مع الابقاء على الانفراد الامريكي بتسيير مسيرة العراق ولاجل غير مسمى ، وهذا بحد ذاته هو تمهيد تدريجي يسهل للادارة الامريكية القادمة الانسياب ودون حرج نحو مواصلة نهج سلفها ولكن بصورة ناعمة ووجود عسكري مقنن ، وهي بذلك تحقق الهدف المزدوج المطلوب للادارتين الحالية والمقبلة ، لانها تستبقي على الاهدف المرسومة من وراء عملية الاحتلال ولو بتغيير شكل تواصله ، ثم انها تعالج الاثار السيئة لسياسة بوش باعتماد متعمد على المشاركة الدولية ، امم متحدة ونادي العهد الدولي !
لقد كشف مؤتمر العهد الدولي الاخير والذي انعقد في ستوكهولم بمشاركة اغلب الدول ذات العلاقة ـ من دول محتلة للعراق اومجاورة له اودائنة او دول متحفزة للاستثمار فيه او متأثرة من هجرة مواطنيه الى ممثلي الامم المتحدة ومنظماتها المتخصصة ـ على تناقضات واضحة في تفسيرات الدول وتطلعاتها لشكل ومضمون الدور الدولي والاقليمي واولوياته الواجب السير بها لمساعدة شعب العراق وتجاوزه للحالة الشاذة التي يعيشها ، لقد عبرت بعض الدول عن حاجة حقيقية لدعم اسس دولة مركزية قوية لها القدرة على الدفاع عن شعبها وفرض النظام على كامل اراضيها ، بدعم حقيقي لقواتها المسلحة ، وهذا ما لا يجد اذان صاغية عند الامريكان الذين يتعمدون ابقاء حالة التشظي والضعف النوعي بتكوين اجهزة الجيش والامن والشرطة المحلية لتبرير الحاجة لوجودهم الدائم هناك ، حتى موضوعة اسقاط الديون والتعويضات فانها لم تلاقي صدا مؤثرا خاصة لدى الدول الاكثر قربا من العراق وبالتالي الاكثر خبرة بمصلحية النظرة الامريكية وبعدم الثقة بمستقبل دعواتها ـ كانت مشاركة السعودية والكويت للمجاملة فقط فوفودهما كانت بمستوى سفير وكلاهما يستبقي على الجزء الاكبر من ديونه وتعويضاته على العراق كضمانة لمستقبل الاوضاع غير المضمونة فيه !
العراق يعاهد امريكا وامريكا تعاهد نفسها :
عمليا يبدو ان الامر يسير على هذا النحورغم ان الفرق بين العهدين كالفرق بين عقدي الزواج في الحالة الكاثوليكية وحالة زواج المتعة فالاول ملزم ومقنن ولا مناص منه حيث هناك قوة تحميه وليس له اجل ، اي ان معاهدة الصداقة والتعاون الامريكية العراقية والمزمع توقيعها هذا العام هي تحصيل حاصل مكتسب من عملية الاحتلال الامريكي للعراق وهي تلزمه بالخضوع لامريكا وسياستها مقابل حماية من يوقعون هذا العهد من العراقيين ، اما الثاني فهو تعهد امام الناخب الامريكي بالسير نحو تطبيع الاوضاع ودون صخب مع تخفيض كبير للخسائر البشرية والمادية بل مع ارباح بمثابة حصاد لثمار الحملة الاحتلالية بمعاهدة ترهن العراق ونفطه للامريكان وشركاتهم ، فمعاهدة الزواج الكاثوليكي تتيح للمحتل تابيد ربط العراق به وتتيح له تحقيق تعهده امام الناخب الامريكي بالنصر الذي يجلب له المتعة والهيمنة !
امريكا تعاهد نفسها بالنصر في العراق وبالتالي نصرا في كل الشرق الاوسط الكبير بوابة العالم نحو النصر المؤزر للامبراطورية التي لا يغيب عن شركاتها نفوط الاتجاهات الاربعة .
امريكا تعاهد العالم على قيادته نحو قرن لا يفلت عن مدارها ، وهي تريد استباق من يتسابق للاقتراب من عرشها بالردع الذي يبعث على التسليم ، فضرباتها ليست صاروخية ونووية فقط انها دولارية وتجارية واحتكارية ، فهل يقبل العالم تعهدات امريكا على علاتها دون محاولات للافلات منها ؟ وان فعل فهل سيكون ذلك حتى اشعار اخر ؟







#جمال_محمد_تقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لاحصانة للعراقي في بلاده المهانة يوميا بالوجود الاحتلالي ؟
- يوم الاجيء العراقي !
- معاهدة بورتسموث ارحم من معاهدة بوش المالكي !
- العالم يعيد اكتشاف جيفارا !
- -صحوة- احزاب المنطقة الخضراء !
- لا حِراك في الفطائس يا حراك !
- كيف سيمررون اتفاقية الانتداب الامريكي على العراق ؟
- انطباعات في الشيوعية الروزخونية !
- أجل اسرائيل مسمى !
- مئة عام من النفط = مئة عام من الدماء !
- عبود يعبر الحدود !
- الثوريناطح الثورة !
- أيار العراقي
- الطبقة العاملة العراقية تبحث عن حزبها فلا تجده !
- خمسة أعوام من الارهاب الامريكي في العراق!
- 31 أذار يتوشح بالحزن !
- الصهيونية عنصرية مدللة !
- جنس من اجل البقاء !
- 8 اذار رفيق 1 ايار !
- وديعة بوش الساخنة لخليفته !


المزيد.....




- شهداء في غارات على غزة والاحتلال ينسف مباني سكنية
- مقتل عسكريين سعوديين في هجوم باليمن
- هل سيصبح لترامب سُلطة مُطلقة إذا سيطر الجمهوريون على مجلس ال ...
- روسيا تقيم نقطة مراقبة بين سوريا وإسرائيل بهضبة الجولان
- في ولايته الثانية.. هل تتغير علاقة ترامب بالإعلام.؟
- وسائل إعلام: حرائق الغابات تهدد 27 مليون نسمة في شمال شرقي ا ...
- اشتباكات بنابلس وقوات الاحتلال تقتحم عدة بلدات بالضفة
- مظاهرات بإسرائيل تطالب بصفقة تبادل ووقف الحرب
- القائد العام السابق للناتو في أوروبا: ترامب قد يجبر كييف على ...
- السودان يطلب مساعدة روسيا في مواجهة الضغوط الغربية


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جمال محمد تقي - من يعاهد من ؟