أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تحسين كرمياني - امرأة الكاتب العراقي















المزيد.....

امرأة الكاتب العراقي


تحسين كرمياني

الحوار المتمدن-العدد: 2387 - 2008 / 8 / 28 - 09:33
المحور: الادب والفن
    


[المرأة مستقبل العالم]..(أراغون)
دوافع الكتابة..!!
..الكتابة ممارسة جنونية مرهقة ومغرية،الكتابة الإبداعية والحفرية المتعلقة بجماليات الفنون،يلتجئ إليها رهط من البشر لأسباب تتعلق بفلسفة العذاب والحرمان،أرق وقلق فوقطبعي يسكنهم ويدفعهم سائحين هائمين بحثاً عن حجر الخلاص،دوافع الكتابة شتى منها ما هو هروب من واقع مؤلم خانق يخلط الصحيح بالعليل،ناصع البياض بالسواد،تكون لحظتها الكتابة وسيلة ليس لإلهاء النفس والتغاضي عمّا يدور،بل انغمار وذوبان ومناصرة عبر نزف رؤى ملحاحة تخاصم،تولدها صدمات حياتية معاكسة لما هو مقرور لماهية الوجود،أو نقل الذي يؤرق الذات إلى من يبحث عن أرق المؤترقين،بسبب التواشج الفسيولوجي للطبائع والعادات والحصص المفقودة من فرص السعادات والهناءات الممكنة صياغتها طالما خامات تحقيق الآمال توفرها الطبيعة من غير تكليف،حيثما تكون أرض وماء وسماء توجد سعادة ورفاهية،وربما تكون الكتابة لحظتها أيضاً تدوين لغازيات هواجس ودوافع شعرية الموسيقى تنهض أوان شبوب لهيب فوق العادة في قلب مترع بالهموم يسكن جسداً شديد الحساسية،رهيف رقيق ينصهر بلمسة حنان أو بارقة حزن،قد يمس قلباً حالماً طيف عاطفة غرامية مباغتة،يخلخل نبضاته ويشعرنها وفق موسيقى وجدانية مغردة،مواجيد وعاطفيات تزخ مطر الحب إلى ثنايا الحياة،وربما دافع الكتابة فعل نبيل المغنى ثوري المعنى،يوقظ الحماسة بعدما يغلق منافذ التسامح أو التبصر،يدفع المتلبس بهذا الفعل أو المتورط بعذابه تحت ملابسات شائكة أن يشهر قلم التحدي والتخاصم مع الخوانق المتسلطة على كواهل أمصار تعيسة في كل عصر،تحديداً الكوابيس السياسية لربابنة أو كهنة يؤهلون ذواتهم (أسود الغابة)لإقصاء قوانين الطبيعة كونها لا تماحك أو تهادن بربرية ذهنياتهم،تكون أوانها فعل الكتابة عقّار سحري المفعول للباحثين عن أفياء تقيهم نيران السأم وتخمد فيهم براكين الغضب،وربما البحث عن مشتركين في الهم الأزلي،فالكتابة بلسم شافي مجاني التعاطي،غير مكلف،قادر ـ مهما كانت حواجز السلطات الخانقة لحريتها وشراسة المراصد القانصة لكلماتها ـ على تصريف تراكمات حقائق تضج داخل فرن الذات أوان وجود كواسج بشرية خانقة للحرية وحقوق الأفراد تحت غطاء أيديولوجيات مخادعة،يدس فيها الثقافة دساً مسموماً إيهامية الغاية عبر معسول كلمات وظواهر كالمهرجانات الترويجية لسدنة الظلام وأعداء الفطرة والعفوية،عبر أحقاب غائمة ومغبرة وجدت الكتابة نفسها حرباء عصية شرسة سرقت إكسير الخلود،صارت تتلون وفق مقتضيات اللحظة ومتطلبات الزمن جراء قوة شكيمتها وسحرية مفعولها وأفانينها المخادعة والملهمة،تتسربل بأسمال لا يدركها إلاّ أهلها الراسخون في تعاطي دروسها النقية من تلويثات المنتفعين منها،أسمال رمزية ورومانسية وتجريدية ورومانتيكية وخيالعلمية وسريالية،لكل عدو لون أسمال واقية وجارحة،ثمة دافع آخر للكتابة إثبات الشخصية أو سبيل مرضي إلى حدٍ ما لتوفير المال للعيش وذلك أضعف الحيل لوقف آفة الجوع الزاحف لابتلاع الإنسان،لقد قال(برنادشو)ذات يوم لكاتب سأله عن سبب لجوءه للكتابة(البحث عن المال)بينما كان جواب السائل(البحث عن الشرف)فرده الأول(كلٌ يبحث عن ما ينقصه)..!!
الكتابة والألم والمرأة..!!
ليس كل موهوب يحالفه الحظ كي يتوسد سرير الخلود،أو ينام على حقائب دنانير،هناك من يرتقي سلالم الشهرة وهناك من يهوي إلى قاع النسيان،وحده المؤهل لنيل المكاسب والأماني من تقف وراءه(امرأة)يصل برج الرغبة،ليس كل امرأة فحسب،امرأة الكاتب لها مؤهلات وصفات نادرة،ليست كلها إيجابية طبعاً مثلما ليست كلها سلبية،كلتا الحالتان تؤهلان المبدع كي يحقق رغبته ورغبة من يبحث عن أحلام وردية وصفاء الذات من خلال الكتابات الخلاّقة والسابحة بحرية فوق بحر التاريخ،مثلما الحب كذلك الألم يمتلك دوراً نارياً لفرش طريق الكاتب بزاد سفر لا ينضب،كون الألم هو الوجه الخالد في ديمومة الحياة،نجم هذا الألم مذ هبط أبو البشر(آدم)جراء مخالفة مقصودة،أراد الخلود فحق عليه العذاب بعدما أغتفر له الخالق زلته،والألم هوية كل من يشعر ويحس ويناضل ويبحث ويرغب أن يعيش،مثلما الحب يصنع المعجزات،كذلك فعل الكراهية،لها محارق تحرق الذات وتعطي براعات نادرة تسحر أهل اليأس والمعذبون على البسيطة،تمنحهم فرص أخرى لتكملة مشوار الصبر والتحدي طالما الألم يتقاسمه البشر أحمره وأسوده وأبيضه،رجاله ونساءه،شباب وشابات،كهل وطفل،وراء الإبداع دافع ساحر،معين خادم،ونيران لا تخمد،هي المرأة ذلك النصف التكميلي لقيافة هذا الـ(آدم)التائه في صحراء دنيا بلا حدود بحثاً عن طريق العودة إلى مأواه في رحلة عصيانه،امرأة الكاتب هي من ترسم للحياة تلاوين ثقافية تصب في بحر الجمال،هي من تجعل الكاتب أن يؤسس مكانته على رف الزمن وداخل قطار التاريخ،وقديماً قيل(وراء كل عظيم امرأة)ترى هل امرأة اليوم مؤهلة أن تنزف وتضحي من أجل هذا(الوهم)الراكب خيال من تورط بفعل الكتابة،زمن ملغوم بالفوضى وغيّاب فرص النعيم،ظروف تضغط بلا رحمة،هل من الممكن أن نجد امرأة تصمت كثيراً وتصمد وهي تحترق على لهيب واقع مر،وزوجها ينزوي خارج الحياة ليدون ما يجده حسب قناعته ملهماً ومغيراً لوجه الواقع،مهما يلهث الكاتب يجد نفسه يتراوح داخل حلقة لا تنتهي من صعاب حياتية تتوالد وتتشظى يوماً أثر يوم..!!
الكتابة مهنة أم محنة..!!
..الكتابة في وطننا محنة لا مهنة،قولنا هذا تعبير عن نظرة شاملة نستثني منها الخصوصيات المعدودة والحالات الشاذة،والتي وضعت أسماء محددة على رف الرفاهية،أسماء وجدت مناجم أموال تدهن سير قلمه،مؤسسات رسمية تفتح حسابات له كي يسير كالبرق من بلد لبلد،هم كتّاب ترويج لتلك الجهات الممولة بالدرجة الأساس،والكتابة في بلدنا إلغاء تام لكل مناحي الحياة،كون المطلب الحيوي مشلول،مطلب العيش والحرية وعدم توفر مساحات تستقطب ما تنتجه الأقلام من كتابات،ليس هناك امرأة بطبيعة الحال بوسعها أن تصبر كي يصير زوجها لامعاً إن لم نقل منجماً للتعويض عن خسارات الأيام السابقة،امرأة الكاتب الحقيقي يجب أن تحذو حذو(ميرسيدس)ملكة جمال/كولومبيا/زمن يفاعتها،العاشقة التي جاعت ونامت في الشوارع وعلى الأرصفة،داخل غرف فنادق رطبة وخانقة،تسترت بأوراق الصحف تحت موجات طقس متبدل في كل لحظة،توسدت ذراع شاب معدم مثقوب الحذاء،كان يمارس مهنة الكتابة الصحفية،صبرت صبر(أيوب)رغم انهمار طُعم معسولة يلقيها أثرياء بلدها لكسب ودها،رفضت فتنة الخلاسيين الشباب من حولها،هي اليوم تستفيق النساء من لذة الحلم إذا مرر النسيم رائحتها قبل وصولها إلى أحياءهن،رؤساء بلدان يهاتفونها بترحيب حار،يقفون لها عرفاناً ويحيونها احتراماً لتحدياتها الثورية بعدما أوصلت بحبها النقي وصبرها الحديدي ذلك الشاب الذي نصحوه في باكورة التورط في عمل الكتابة أن يصبح بقّالاً،قهر الصعاب وصار(عرّاب)الواقعية السحرية و(نوبلياً)رغم أنف أعداءه من نقّاد ودكتاتوريات طاردوه حتى في أحلامه،أعني(ماركيز)..!!
وهج المرأة..!!
تبقى علاقة المرأة بالإبداع وشائجية،فهي نصف الحياة وهي الشطر الحيوي من كينونة المجتمع،هي من أذكت حروب طروادة،وجعلت آلهات الإغريق تتقاتل بشراسة من أجلها(هيلين)،هي من أسقطت أبن الملك الملوّح(قيس)في خانة الضليل وجعلته خالداً متعلقاً في أذهان العرب عبر قصيدته التي تغنى بها وجداً العامرية(ليلى)،هي من نقلت الحياة من الفردوس إلى اليابسة(حواء)،هي من رأت الغابات تمشي من مسافة ليالٍ ثلاث اليمامية(زرقاء)،هي من شهدت مصرع أشقاءها وظلت تنطق وتغرد شعراً(الخنساء)،فكاتب مثل(بلزاك)كان يشعر بالسأم والملل بلا امرأة يحبها،امرأة تحمل ما يحمل من رقة مشاعر ورهافة حس،امرأة تمنحه راحة جسد وبال وزخماً من وقود غير متورطة بالشوائب للكتابة،لكنه يعترف أن في حياته ثلاثة أشياء عصية الفهم،رغم حبه الشديد لها(الموسيقى والرسم والمرأة)ربما هذا الغموض دفعه أن يتورط بالكتابة بحثاً عن إجابة محددة،قد نجد أن امرأة اليوم تجردت من رومانسية تكوينها،من خيالها وكبرياءها الفردوسي،صارت كائنة واهنة تلعب بها الظروف،وبات الحب بالنسبة لها يرتبط بالمتغيرات التي عصفت بالحياة،صار الحب مادياً بعدما أنسلخ من رداءه المعنوي السامي والمقدس،والكاتب مهما تبدل وفق متطلبات الحداثة وسرعة توالد التيارات الفكرية والمذاهب الفلسفية المتناحرة لم يبدل من وجهة نظر ذاته الملتهبة بخصوص نوعية المرأة التي يتمناها،يشترك(يوسف إدريس)مع(بلزاك)في رؤية واحدة للمرأة،الأوّل يرى نفسه منغلقة مكتئبة حين يفشل اللقاء بامرأة فيها ما يريد من رقة وجمال وشحنات تلهب خياله،والثاني يعلن صراحة (لا أطيق الحياة بغير امرأة أحبها)،في الحب يشتغل الخيال وتندفع الكتابة إلى أقصى مديات الرغبات،بينما رأى(أراغون)في عيني(إلزا)مشغلاً متفرداً لقيادة عربة السريالية إلى الأفق الرحب،لكن(القباني نزار)رغم فقده لملهمته ومعين رومانسياته(بلقيس)في منتصف الموهبة وجد رحيلها منبراً لقول الممكنات والتعبير بصدق عمّا يسكنه من قصائد فوق العادة،وظلت(عبلة)تحرق أوراق الزمن ليتغذى(عنترة)من لهيب حبها ويطارد الجبابرة ويغوص صوب المتاهات والمديات القصية محارباً وشاعراً رغم وجود حواجز تمنعه من الالتحام بمن يهوى،النوبلي(نيبول)ظل يتنقل بين المواخير قافزاً من جسد لجسد بحثاً عن ملهمته،ربما وجد خلوده لا يرضخ لقرار مناسب،بل كان عليه أن يلهث ويلهث كي يرتقي سلالم حلمه ويكون بين الصفوة الخالدة من الكتّاب،من خلال جملة نساء لا امرأة واحدة،وليس ببعيد(لامارتين)ورؤيته عن أهمية المرأة في بناء الحياة والمجتمع،يراها الحاضنة المنتجة والمربية الملهمة لتفريخ النوابغ والجهابذة وأصحاب الكفاءات والطاقات البشرية النادرة،فهو يرى(كل عظيم ومجيد أصله المرأة)،ربما نجد الكثير من اللامعين في التاريخ وصلوا إلى مرادهم من خلال جمع من النساء وليس واحدة،وهذا دليل على أن الإخفاقات المتوالدة جراء الفشل في العلاقات مع المرأة توّلد شرارات كافية لصناعة أمجاد،فالحب واليأس،النجاح والإخفاق،وجهان لعملة الحياة،والكتابة هي تعويض عن خسارات وانكسارات صادمة خلال رحلة الحياة،ما الذي دفع(بيكاسو)أن يبدل زوجاته مثلما يبدل فرشاته،سبع نساء أكملن دينه وموهبته وخلوده،سبع نساء أو سبع سلالم أرتقاهن قبل أن يستسلم لنوم الشهرة اللذيذ..!!
معاناة الكاتب العراقي..!!
..حال امرأة الكاتب العراقي هو حال كل امرأة ترغب من زوجها مثقفاً وصاحب مبدأ،بيد أنها لا تقف مكتوفة اليدين حين يمسها شرارة جوع،تثور حين تجد امرأة الجار ترفل في نعيم وهي تسبح في حوض الحرمان،ما الذي دفع كاتبة شابة برزت من بين مخالب ظروف قاهرة،أصدرت مجموعتين قصصيتين ورواية مشجعة،تنشر بيسر ما ترغب نشره من مواضيع ذات طابع تحديثي وبصمة خاصة بها،أن تتذمر من رؤية زوجها ـ وهو كاتب أيضاً ـ كلما يعود يحمل باقة كتب نادرة غزت البلاد بعد سنوات من غثاثة الزاد الثقافي المفروض والمطروح،التقيا على حب الكتابة،وتزوجا على سرير الإبداع،لم يمضِ سوى أشهر حتى شعرت أنها خصم ضد الكتب الداخلة إلى عش زوجيتها،رغم أن أقيام تلك الكتب تعود أضعافاً مضاعفة من خلال تقديم عروض وانطباعات في العديد من الصحف من قبل الزوج الكاتب،ربما لا نجد كاتباً جريئاً بوسعه أن يكتب بصراحة عن امرأته وما هي رؤيتها له ولكتاباته،فكتابة السيرة الذاتية لدينا من المحرمات كونها تتطلب جرأة وصراحة بعيداً عن اللف والدوران،ما الذي دفع كاتب قاص نال ردحاً ممتازاً من حياته السجن بسبب كلمات تفوه بها كانت تمس السلطة،وكاتبة قاصة أن يفترقا عل سنة الله ورسوله،التقيا حباً ورغبة لتكملة مشروع ثقافي توالد من أول نظرة،مشروعان زواج وأدب،لكن الحلم تبدد والمشروع نام،ليس سوى الظروف القاهرة طبعاً،وليس سوى الصبر النافد للمرأة الكاتبة،كونها وجدت الكتابة ضياع تام للحياة،واصل الزوج الكاتب حياته بعدما وجد من تسنده وخلدت القاصة الكاتبة إلى نسيان والتفرغ لكتابات باهتة بعدما حفرت لبعض الوقت أسمها في ذاكرة القصة العراقية المتجددة في ظل الزواج طبعاً،كاتب مثابر سافر خارج البلاد،انبهرت امرأة بكتاباته وقررت أن تسهر على تحقيق رغباته،تزوجا وما كادا يفعلان،ماتت رغبة الثقافة لدى الزوجة،بعدما مسها ضر الحياة،سافر الكاتب بعدما وجد ملهمته في ركن آخر من اليابسة،امرأة هبطت من نعيم وارتضت الجحيم مسكناً،تركت ذويها،أصبحت سكرتيرة يقظة ومنظمة أعمال ماهرة،تستقبل الهواتف بدلاً عن الزوج المتفرغ للكتابة،صار يحلق يوماً أثر يوم في سماء الكتابة،أمّا لقاء الكاتبين تحت قفص الزوجية غالباً ما يبدد الكثير من الفرص لخلق الإبداع،لابد أن تميل الكفة لصالح أحد الكاتبين،وهذا ما يخلق نوعاً من التحدي والتصادم،يكون الافتراق مشروعاً قائماً بينهما،إلاّ من كان يفهم الآخر ويعامل نصفه المقابل بدرجة عالية من الوعي والتحضر وهذا ما يتطلب الكثير من المشارب الثقافية والفكرية وهضم الحياة ومعرفة ماهيتها،كيف نفسر حياة كاتب كتب أربع مجاميع قصصية في باكورة شبابه،كان الكتاب الأوّل بالاشتراك مع زوجته الكاتبة،التي زاملته لسنوات أربع في الكلية،قرءا معاً وتناصرا من أجل مشروع ثقافي مشترك،همدت رغبة الزوجة في الكتابة بعد مرور أو هبوط الوريث الأول وتعطل إبداع الزوج الكاتب جراء الوضع غير المهضوم بالنسبة له ولها أيضاً،فصار من الماضي المنسي،رغم محاولاته المتعثرة لاسترداد موقعه بين زملاءه،بينما نجد امرأة ترافق زوجها المتطرف عن بني جلدته،شاعر يغرد خارج السرب،أو يمكننا أن نقول يسبح فيما وراء الحداثة،هكذا يصرح،فهو باحث ومترجم وشاعر،ظلت امرأته تعينه رغم تمرده عن الدعوات ورفضه الندوات وتهجمه العلني على المحافل الثقافية المشوهة والمفخخة،يرفض ما يملى عليه أو يطلب منه إنجازه من تحقيقات وتراجم،مختصر مفيد يرفض المال الرخيص حسب زعمه،ظلت امرأته تسانده،تسير معه أينما يرغب أو يريد أن يمضي لحظته،عاشا جحيم البلد وجوعه،واصل هو الكتابة وتعلمت جراء الخبرة مهنة الكتابة كتعويض عمّا فقدت خلال سنوات الألم،كاتب آخر حفر أسمه في لون جديد من ألوان القصة القصيرة جداً،كانت له امرأة مساندة وهيأت له ما كان ينقصه لتكملة قيافته الإبداعية،لكنه تورط بنساء أُخر وتعطلت ملكة الكتابة لديه،يجب أن نضع في الحسبان أن امرأة الكاتب لها دور في بلورة الوعي وتفجير الموهبة طالما تمتلك أفانين الإغواء شرط أن تتخلى عن الجوانب الظاهراتية للحياة وتكون مترعة بالحب وتمضي مع زوجها الكاتب أينما تزحزحه عواصف وزوابع الظروف،امرأة الكاتب هي من تقف وراء صانع حياة لا يريد منها سوى مده باليقين حين تجف ذاكرته،وتزيل صقيع روحه أوان الأزمات،روائي كبير،صاحب مشروع(بلدي)،كان ينال الضيم من ذوي زوجته،صبر وحوّل ما تجرع من ضرب مبرح وأمام خلق الله إلى ضربٍ بالقلم على واقع يخاصم أصحاب العقول المتنورة،روايات وروايات صارت ترفعه وتضعه بين الصفوة المباركة من أساتذة الأدب الحديث،زوجة كاتب لم تتحمل جوع ثلاثة أيام لذهاب زوجها إلى ملتقى أدبي في محافظة شمالية،باعت نصف مكتبته من أجل لقيمات معدودة أو بالأحرى(ملابس وماكياج)،عاد الزوج وحلف اليمين بأغلظ الأيمان أن يفترقا،تعذر إصلاح ذات البين،سافر الكاتب ووجد هناك ملهمة مؤهلة تسهر على قدم وساق من أجل أن تكون تلك الخادمة العابدة في محراب الكلمة،ثمة كاتب،شاعر ومخرج مسرحي عاد من الأسر بعد سنوات جفاف قضاها داخل الزنزانات الخانقة،بحث عن كتبه،تحديداً سلسلة(من المسرح العالمي)،والتي كانت تصدرها،وزارة الإعلام في دولة(الكويت)،أكتشف بطريق المصادفة أنها تحولت إلى ألواح خشبية بعدما رصتها زوجته تحت قطع أثاث المنزل كونها كثيرة التنظيف،مواقف طريفة وأخرى سامية تحفل بها أجندة الكتّاب في مسيرة حياتهم،ولتعذر وجود سيّر تؤرخ تلك التفاصيل،تبقى فرص احتواء حيوات كتابنا تكاد لا تغطي ما يؤسس لخلودهم،كوننا أمة تستحي السيرة والفضيحة،بينما باتت اليوم الفضائح من أهم المراكز لجني المال السريع في العالم،فمهما توفرت من آلام وصدمات تبقى المرأة من بين كل الدوافع الخالقة لفعل الكتابة الدافع الأساس والمحرك المنتج لكل كاتب،سواء بوجودها الحيوي،أو قد تكون امرأة مشتهاة هبطت لتسكن وتضرم النيران في الخيال،قد تتشكل ملامحها من رغبة أو هي عاشقة بصفات نادرة مرت مروراً عابراً بحياة الكاتب واستحالت فيما بعد إلى تمثال خالد يبقى متوهجاً وشاغلاً للهم والبال..!!



#تحسين_كرمياني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصديق الأخير
- فن النصر
- بيت كاميران
- أصطياد فأر....مونودراما
- غريب الدار
- حتى انت يا جمعة
- موت الواقع في رواية (موت الأب) لأحمد خلف
- السيرة الدرامية للمبدع(محي الدين زه نكنه)في كتاب ل(صباح الأن ...
- جمال الغيطاني في(حرّاس البوابة الشرقية)هل دوّن ما رأى أم سرد ...
- بين دمعتي(احمد خلف)و(حسين نعمة)دمعة كاذبة
- القارة الثامنة
- الرجل الذي أطلق النار
- في حوادث متفرقة
- مسرحيات مفخخة//حين يكون المبدع أداة مجابهة// محي الدين زنكن ...
- أينما نذهب ثمة ورطة
- إنهم يبيعون الإهداءات
- أغتيال حلم..أو شاعر آخر يتوارى
- تواضعوا..يرحمكم الله
- سيرة الدكتاتور..من الفردانية..إلى الأفرادية..
- بلاد تائهة..


المزيد.....




- ثبتها أطفالك هطير من الفرحه… تردد قناة سبونج بوب الجديد 2024 ...
- -صافح شبحا-.. فيديو تصرف غريب من بايدن على المسرح يشعل تفاعل ...
- أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب ...
- خلال أول مهرجان جنسي.. نجوم الأفلام الإباحية اليابانية يثيرو ...
- في عيون النهر
- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تحسين كرمياني - امرأة الكاتب العراقي