أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - تحسين كرمياني - جمال الغيطاني في(حرّاس البوابة الشرقية)هل دوّن ما رأى أم سرد ما أملي عليه















المزيد.....



جمال الغيطاني في(حرّاس البوابة الشرقية)هل دوّن ما رأى أم سرد ما أملي عليه


تحسين كرمياني

الحوار المتمدن-العدد: 2376 - 2008 / 8 / 17 - 11:32
المحور: القضية الكردية
    


من البديهيات النظرية والعلمية بخصوص فن الكتابة،أن الدافع الأساس من وراء أي لون كتابي خارج حدود موهبة الكاتب غالباً ما يثير جملة ملابسات تشكل غمامة تدفع الكاتب نحو بؤرة الحساب عند العارفين بأصول ذلك اللون الكتابي،تحديداً تلك الكتب التي تحوم حول تسليط الضوء على شخصيات غامضة أثرت سلباً في حقبة معينة على مسيرة التأريخ البشري،يمكننا أن نستعرض متن كتاب(حراس البوابة الشرقية)*للقاص والروائي(جمال الغيطاني)كي نهتدي لسر تأليف وتوقيت صدور هذا الكتاب في وقت أنشغل العالم بتسليط الضوء على ما يجري في رقعة أرض شكلت ديموغرافيتها عصياناً سياسياً على (ميثاق)الأمم التي تتحد على الإثم والعدوان،مشكلة مصير شعب تعذر حلها لأسباب عاطفية أكثر مما هي عقلانية أعني(كردستان)،لا نبغي استعمال لغة التجريح أو الاتهام مهما كانت الدوافع والمترتبات التي دفعت الكاتب كي يجرب قدراته الثقافية ورؤاه السياسية ويوظفهما لصالح جهة لا يمت لها بصلة سوى نغمة عتيقة ما تزال تشد وثاق الناس،نغمة(الروابط المشتركة)والتي تفككت على أيدي جاهرت بلحن القول والفعل على أنها(هبة الزمان لسعادة الإنسان)،هذه الجهة كانت لحظة تأليف الكتاب لمّا تزل غامضة الملامح،لم تستقر سياستها ولم تستوضح أهدافها بعد،رغم مجيئها العنفواني واستلامها زمام الأمور بـ(الخيانة الوطنية)إن جاز وصف الانقلابات البيضاء،من غير إراقة دماء،إذ ليس من الحكمة أن توظف أقلام ذات صدى للإحاطة بظاهرة في طور النمو أو لمّا تزل غير ناضجة،وأعتقد أن الكاتب أدرى بهذا الفاصل من فصول التأليف،كون الأفكار تحتاج إلى بلورة واختمار قبل احتواءها ومزيداً من الموثوقية والدقة،وهو يعرف أيضاً كيف يقرأ أو يتوقع إن لم نقل يتنبأ بما سيؤول إليه أمر كل سياسة تنتهج الخطابة الفارغة والحماسة الهوجاء منهجاً حاسماً لا جدال أو نقاش حوله في أساسيات دستورها أو مبدئيتها أو مركزيتها كما يشاع،كون(الغيطاني)عاصر وعاش أهم الفترات العربية غلياناً وتقلباً في التأريخ الحديث لأمة لم تنم مذ كانت إلاّ على نيران الحروب والخصومات الشكلية والشخصية بين الساسة على حساب رعية لا تملك سوى ألسنة لا تمل من الدعاء..!!
***
[من حرب تشرين أوّل ـ أكتوبر ـ إلى حرب الشمال]
عبارة استهلالية توحي بخلط الأوراق السياسية وجعل من المعسكرين المتناقضين حالة واحدة،محاولة تأطير وتسويق الحدث كي يأتي تأثيره جمعياً عند الناس من(تطوان لبغدان)كما تذهب الأنشودة،والكل يدرك أن(إسرائيل)ند أمّة كاملة،وليس(الكورد)سوى شريحة من دولة تريد أن تعيش كما ينص(ميثاق الأمم المتحدة)اختيار حرية العيش وفق ما يناسب كل شعب له كيان مستقل وثقافة إنسانية نبيلة،ربما كانت غاية الكاتب تحسيس العرب وجرهم إلى مزلق آخر ليس إلاّ تنصيراً لسياسة فيما بعد وربما الآن يدرك الكاتب لكم هو سار في طريق مظلم،شائك وملغوم،وربما هو ـ إن كان يبغي التكفير على ما كتب ـ نادم على ما أقترف قلمه الروائي الرصين من(زلة)ستبقى ناضجة على مسرح الحساب والحقيقة،طالما الشعوب دائماً تداوي جروحها وإن كانت تليدة الأثر..!!
***
ربما من البلادة بمكان أن يتم تخليط الأوراق السياسية بأوراق أدبية،كون السياسة لعب على المكشوف كما هو مقروء في راهن حياتنا،رغم التسويف والدوران فكل شيء يمكن تأويله وفق ما يجري على أرض الواقع كون النتائج السياسية غالباً ما تظهر سلباً أو أيجاباً وفي كلتا الحالتين ثمة قوالب تأويلية مقنعة معدة سلفاً،أما الأوراق الأدبية هي فلتان الخيال في أمكنة مصطنعة وإن كانت التسميات واقعية،تبقى أغاريد تتناقلها الأيام من ناقدٍ لناقد ومن جيلٍ لجيل دون الوصول إلى قلب المعنى الذي أراده الكاتب،يراودني السؤال:لم حاول(الغيطاني)دمج موهبته الأدبية بخيوط اللعبة السياسية..؟؟هل أراد التحليق صوب التفرد والشمولية في الكتابة أم أراد تحقيق غاية هي بطبيعة الحال ليست غايته،فهو خرج من فلك أهدافه الروائية والتي كانت تخترق المتاهات التراثية وزيف الواقع المصري تحديداً(أرياف)ظلت خارج التحديث الحاصل في مناحي الحياة،عبر(خطط)كانت أسفار ممتعة أحدثت وأيقظت فينا الرغبة في المغامرة لممارسة أساليب كتابية أكثر تلاصقاً وتلاحماً بما يجري من حولنا،يقول ص(7)/وبدأت أتجه إلى الإنسان موضوع بحثي المستمر،ثم الوثائق ثم الكتب/ما الذي يراه الكاتب الآن طبعاً بعدما مر زمن ليس بالقليل على ما أراد التنبؤ به،من توقعات تحمس لها وألهم أو نفخ أوداج(المعني)،الجهة التي أرادته يؤسفني أن أقول(بوقاً)عالي الصوت لتبسيط أو توضيح صورتها بعدما خطت لنفسها أهدافاً غاية في البدائية ورسالة تدميرية تغيرية وشمولية لتوحيد أمة(اتفقت على أن لا تتفق)كما صرح به(بو رقيبة)رحمه الله،أي إنسان نشده الكاتب كي يستند على أقواله،أليس من المستحيل بقاء همسة صادقة تحت سطوة الطغاة،أو نسمة هواء صحيحة غير ملوثة بالفساد،أي ملفات بقت تحمل بصمة الحقائق،ألم تزح كل فئة آثار الفئة المزاحة،أي الكتب كانت تزهو فوق أرفف المكتبات وهي تحكي ما يجري على أرض الواقع من سلبيات وانحرافات في سير العيش،إذ لم يكن هناك من دوافع إلاّ تلوين ـ طالما لديه قرّاء ومتابعين ـ أراده الكاتب كي يسحر به عقول المغدورين من أبناء أمة(وسط)معطلة من غير فعالية تذكر،وما أكثر الرعناء الذين يعلقون كتب تجميلية كأمجاد تعيش من بعدهم أو بتعبيرٍ آخر قلائد ذهبية على رقابهم المقطوعة كي لا يندموا على ما فعلوا،أو على أقل تقدير كي تقر عيونهم في قبورهم،قد يجد الكاتب اليوم تحديداً أكداس ملفات وألسنة بشر بعد زوال الغمة وهي بصريح العبارة تزيل القناع لتكشف عن الوجه الآخر،الوجه الحقيقي الذي لا يسر بطبيعة الحال،على أقل تقدير إحداث موازنة في طرح الأمور بحيادية وموثوقية ليكن التأريخ هو الشاهد والمفسر والحاكم على الملفات المؤسسة لكيان المسيرة الإنسانية،لقد سطع سيف لا يرحم تحمله يد امتدت أظفارها إلى كل بيت،وعلى كل لسان أن يكف اللهج بما يرغب وليقبع ويسكت ويردد ما يروّج تحت شعار(نفذ ثم ناقش)وإلاّ الهاوية مثواه،كان المفروض من باب الأمانة التاريخية وشرف المهنة وقدسيتها أن يوازن الكاتب ما بين الجلاد والضحية،طالما ليس هو من أهل الدار كي تمتد المشانق لتلتف حول رقبته رغم أننا لا نؤمن بموت الإنسان كرهاً كما حملته أمه(وهناً على وهن)مهما كانت درجة(شريريته)وسلبياته،كان يجب أن يعطي(الآخر)حق قول ما لديه،(حتى تكتمل الصورة)إن جاز التعبير،ويأتي الكتاب بشكلٍ أكثر مقبولية لدى جميع الأطراف،المتضادة والمحايدة،وربما يكون هو(فاعل خير)إن حصل من خلال إيصاله صوت (الآخر)المراد قمعه للآخرين،بطريقة مقنعة توضح نواياه وما يرغب أو يريد من أساليب بغية التعايش السلمي دون اللجوء إلى منطق الغاب ونزف المقدرات البشرية والموارد هباء،أليس الوثائق كتب موضوعة تضعها أيدي غالباً ما تدوّر العربة لصالحها،ألم يبدل التأريخ ويكتب وفق رؤية كل عصر ونهج كل مصر،ألم تطلق تلك (الظاهرة العراقية)حملة كبرى دعي إليها من دعي لكتابة التأريخ،ألم تزحف مكنسة الحق لتكنس كل ظلاّمٍ للعبيد،هذا لسان حال الواقع،وما يجري اليوم بالتحديد رغم الكثير من القنوات التي لا ترحم بل تروّج لثقافة العنف،كونها بدأت تتحسس بلهيب حرية غير مزيفة هذه المرة ما فتئ يأكل عروشهم الورقية،وهي تعي مسبقاً ما ستؤول إليها قوادم السنين بعدما تتهرأ أوراقها وتستفلس أفكارها،يذهب الكاتب/كانوا يخوضون قتالاً من نوعٍ آخر،من أجل وحدة العراق الوطنية أو تطبيق الحكم الذاتي،قتال ضد قوى التخلف والرجعية وهكذا تمضي الخطوط متوازية/(ص7)،أين هم الآن تلك(الفئة)التي أذكت روح الحماسة لدى متورطين بالتلميع من غير رؤية أو سابق معرفة،بطبيعة الحال يمكن الوصول إليهم بيسر،كونهم الآن صاروا عراة تتقاذفهم ألسنة الحق إلى الدرك الأسفل من التأريخ،والذين وصفهم الكاتب بـ/قوى التخلف والرجعية/عادوا من رحلة جهادهم،بهم تستقيم الحياة،يواصلون رأب التصدعات التي خلفها(الظاهرة)في مجتمع راقٍ أرادوا تفكيكه،لكنه صبر حتى ظفر،وأن/وحدة العراق الوطنية/عملت السلطة المنحلة على نهشها وتمزيق أواصرها المتشابكة كي تتمكن من الهيمنة عليها وعدم نزف كثير جهود لترويض أجيالها الناهضة،ولم يكن/الحكم الذاتي/إلاّ تمويهاً شيطانياً لنرفزة الجيران(سوريا وتركيا وإيران)كونها دول تقمع أو تصهر أشلاء حيوية من الأمة(الكوردية)الممزقة قسراً،أراد عرّاب السياسة المنقرضة أن(يحرّك الجو)كما يحلو لدعاية تلفازية أن تصف مشروباً غازياً أسمه(كاديه)..!!
***
السياسيون على علم أن من ذهب إلى(الجزائر)ليوقع تلك الوثيقة المشؤومة،تلك الصفقة العلنية التي باعت ميراث شعب وهيأت أرضية خصبة لحربٍ تدميرية أشعلت الضوء الأخضر لبداية النهاية لعصرٍ مظلم،تلك هي أجندة أصحاب النزعات المريضة،التضحية بالغالي والنفيس من أجل السلامة والصحة والعافية الشخصية،لقد أهدى نصف(شط العرب)ومواقع أرضية حيوية(زين القوس وخضر وهيلة) مقابل وقف الإمدادات وفرض أسلاك الحصار حول فرسان(الكورد)وهم يناضلون من أجل حقوق إنسانية لا تهدد أو تبدد بل تقوي من كيان المجتمع وتنشر السلام،يسمي الكاتب التمرد الكردي بـ/لجيب العميل/كما كانت تحلو لصحافة النظام وأدبيات الحزب أن تصف،ولا نبغي سوى تسليط قليل ضوء على الواقع،لنرى من أتخذ السياسة هواه،ومن أتخذها منارة لنزع حقوقه،ألم يقف مُوَقِع تلك(الوثيقة الخيانية)إن جاز التعبير وأمام أنظار العالم عبر جهاز التلفاز ليمزق ما أبصم عليه ويعلن الحرب على دولة جارة ربما كان هو مختلف من حيث وجهات النظر مع سياستها فدفع الشعب الثمن باهظاً جراء تهوره،في حربٍ شرسة دامت لسنواتٍ ثمان أغرقت البلاد تحت وزر الديون والفوضى والفساد إلى أجيالٍ ربما تمتد وتمتد،وهيأت أرضية خصبة لاحتلال كامل لكيان البلاد شعباً وأرضاً ومقدرات،ألم يطعن بالبلد الذي سانده من أجل تحقيق هدفه،كيف يا ترى تمكن الكاتب من تفسير مجريات الأمور وقولبتها تحت يافطة(دفاع مشروع) لاستئصال/الجيب العميل/ألم يكن في بال(الغيطاني)أن نضال الشعب(الكوردي)كان أقدم من السلطة،يقول الكاتب/ليس من خلال الوقائع المدونة،إنما من خلال البشر الذين خاضوها/تأكيد من الكاتب على لجوئه لأنفار مهيئون مسبقاً ومعدون أيديولوجياً لمناسبات إعلامية تلميعية في كل المجتمعات التي راهنت على الفردانية في الحكم تحت شعارات مسوّقة قسراً،أن التأريخ بات وثيقة متحركة على أيدي تحاول تلويث براءة الحياة وأسرارها المقرورة خدمة ليس للصالح العام بل لأغراض شخصية تريد الهيمنة والطغيان في الأرض،والكل يعرف أن كل سلطة غالبة لا تتورع من نزف الغالي والنفيس من أجل إزاحة صورة من سبقتها من أذهان الرعية والعالم والتأريخ،كيف إذاً تقول الصدق إذا ما أرادت أن تنقل صورتها إلى العالم،لابد أنها لعبة إعادة كتابة التأريخ وإلاّ كيف نفسر القضية،يورد الكاتب/انتهاء التمرد إلى الأبد/لم يوفق في رؤيته وحساباته التبصيرية لمجريات الأمور،كون الأجوبة تأتيه لا ينقب عنها هو،أو هي محاولة استبدادية للتنفيس عمّا يحتشد في النفس من هموم وسموم،نقول أن كتّاب الشعوب والذين يراهنون على شعبية كتاباتهم يدركون أن الشعوب تتناسل ذاتياً،مهما تأخرت مستحقاتها الفطرية لابد من يومٍ(القيد أن ينكسر)تترجل من صهوة الجياد لتحصد ثمار المعاناة، فـ(التمرد)الذي أورده نما وكبر وأثمر وصار علامة مضيئة يقف(الآن..الآن..وليس غداً)العالم ساهراً لتطبيب جراحاته وبسط العرفان والعون أمامه،ها هو يسهر لمداواة بلاد فككها الذي وظف الكاتب قلمه وخياله من أجل نفخه وقيادته إلى حتفه،ما هكذا تقرأ أوراق السياسيين العائمين على بحور الدم والرماد أيها الكاتب الذي أحببناه من خلال رواياته دون أن نراه،وما زلنا نسامح من جرحنا وقتلنا لأننا ندرك أن التسامح ركن العافية الأساس لأرض الله الواسعة،لقد كفّر(غونتر غراس)عن خطيئته عندما أزال همّاً ثقيلاً جثم على صدره حين أعلن بلسانٍ فصيح أنه كان أحد فتيان (هتلر)،أليس(الاعتراف بالذنب فضيلة)أم أننا ما زلنا نتجنب كتابة السيرة الذاتية كوننا أمّة تستحي من الآخرين،في ص(8)يكتب/تلك الحقيقة التي أرجو أن أكون قد سجلتها كما رأيت وسمعت،وكما عشتها/لا نجد أنه خاض تجربة مريرة كي يحصد باقات الحقائق لتحرير كتابه،لقد كان ضيفاً معززاً مكرماً وهذا ديدن كل عراقي مهما كانت هويته أو طائفته ـ والمصريين بذلك خبير ـ إكرام الضيف،تنقله مروحية عسكرية تطوف به أماكن يجهلها،لابد أن بوصلة الطيار كانت معبأة بما هو قوالب معدة سلفاً كما تسر عيون السلطة،وذلك(الملقن المرافق)لا يتكلم إلاّ ما هو نافع ومفيد ومرضي وخادم لسيده،يحدونا السؤال:ماذا رأى..ماذا سمع..؟؟لابد أنها منتخبات تكفي إلباس السلطة ثوب الحق طالما صوت الآخر مقموع وصورته ممرغلة بأكاذيب رصينة تلهجها ألسنة معروفة لا تتعاطى الشكوك،السياسي الشيطان يعرف من ينتخب لصيانة تواجده ومن هو مؤهل وقادر من غير تردد أو خوف القيام بكل ما يومض في ذاكرته من إجراءات احترازية تدفع مركبته ضد تيار الحياة،قلنا أن الكاتب كان الأجدر به أن يتسلل إلى الجانب الآخر من تلك القضية كي يوازن الأمور ولكي يتجنب السقوط في حبائل الشيطان ويكون تأريخه عرضة للنهش،فهو يقول/واجب الكاتب أن ينقب عمّا أدّاه أبناء وطنه وأمّته/هل نقب(الغيطاني)قبل أن يطرح مشروعه،الكتاب يقول:كلا..!!كونه جلس في طائرة مروحية وراح يقتنص ما يسمع ويرى من خيال متحرك..!!
***
ليكن في علم الذين ضللتهم السياسة المنحلة أن(البارزاني)لم يرفض(بيان آذار)إذ ليس من العقلانية والحكمة أن يرفض ذلك الطبق الشهي المقدم وهو يناضل من أجل حق العيش البسيط بأمان،أن السلطة هي من افتعلت واختلقت اللعبة كونها كانت تدرك أن(البارزاني)كان الرحم المغذي للقضية وهو راية (الكورد)الخفاقة،سياسي معروف على كافة الأصعدة السياسية وفي كل بقعة من بقاع العالم،كانت السلطة تخشاه وتخشى أن يكون الرجل الذي حقق دولة،كون أبسط الحقوق الممنوحة له يعني جذب العالم وتسليط الضوء عليه،وهذا يؤدي إلى تكوين كيان متعافي ومتين كما يحصل في يومنا هذا،وبالتالي تكون صحوة قيام دولة ممكنة وواردة طالما الثوابت دقت إسفين السلام وتحررت من براثن الطوباوية المفتعلة من لدن سدنة الظلم،أليست تلك الحادثة الشهيرة والتي أمر بها قائد عمليات الشمال وقت ذاك كما يذكر الكاتب،إرسال رجال ومعهم أردية(دين)بحجة التفاوض مع(البارزاني)وكانت تلك الأردية ملغومة دون علم المتفاوضين،انفجرت ونجا(البارزاني)من كيد(السيد الرئيس)الذي كان(نائباً)يومذاك ،تلك هي حقيقة من سيل الحيّل التي كانت تدبرها السلطة لقتل الخصوم اللامعين وهذا ديدن كل طاغية الخلاص من كل من يتخيله ند خصيم،ومن أساسيات تثبيت السلطة هو أشغال الشعب بالحروب الطويلة وبث الروع في الرعية من خلال القتل والتجويع وفرض أعلام ذو اتجاه واحد،وجعل كل إنسان لسان حال السلطة من خلال الوشاية،ألم يتم تدمير(الجبهة الوطنية)وقتل الرموز السياسية والدينية وتشريد البعض منهم وملاحقتهم من قبل أزلام مخابراتية وكتم أنفاسهم أينما كانوا،ثمة غزل يورده الكاتب،غزل بطعم العسل/در بندي خان ـ الجولان/ تفضيل المحلية على القومية،قد تكون شرارة تلهمنا لإدانة قلم الكاتب ووصمه بالمأجورية،كونه تغاضى علناً عن همٍ شاغل وأنقاد لرغبة ذاتية،حين رسم(خارطة طريق)غير موفقة،فهو كما يسرد يجلس داخل(هليكوبتر)برفقة طيّار وقائد عسكري/طويل القامة،أسمر،ملامحه عربية أصيلة/ص(11)،ويذهب في نفس الصفحة/لاحظت أن القائد العراقي يوجه الطيّار،يده تحدد الاتجاه/زلة قلم تدين الكاتب بأنه مقاد وفق خطة مسبقة،هكذا وضعوا الكاتب في حبائل وشرنقة تمويهية لا فكاك منها،رسموا له الدرب وهيئوا له كل ما أرادوا بثه عبر قلمه،وهو الذي يقول/واجب الكاتب أن ينقب/كيف تمكن من فرزنة الحقائق،وإعطاء صفة الرجحان لتلك الفئة التي تؤويه وتطعمه،وهو في علوٍ شاهق ومتحرك فوق مكان مجهول بالنسبة له،حتى أنه يصف رحلته/إنما اتجهت إليهم فوق قمم الجبال وفي المناطق الوعرة بشمال العراق/ ص(7)،ليس ثمة تفسير سوى انفلات خيالٍ روائي،كونه يضفي أبعاد أسطورية على وقائع تسجيلية يومية ربما هي مفتعلة خدمة أو سلّماً للارتقاء من قبل أصحاب الأحلام المريضة،/كيف يمر الليل عليهم،أي أصوات يسمعون،كيف يصعدون هذا المنحدر القاسي،كيف تمضي أيامهم..الخ/ص(12)،لم تكن محاسبة ضمير،أو تحريكه،كون الجانب الآخر أيضاً يهيم في أرض الله التي بلا قيود للحالمين والمجاهدين من أجل حقوقهم أو محاربة الظلم والظلام،يا ترى لو عرف كيف كان(الكورد)في تلك الفترة،كيف واجهوا حرباً لا هوادة فيها ولا هوان،أسلحة دولة ضد أقلية ليس في حساباتها الذهنية سوى عشق الحياة والرقص والتغني بالجمال الذي وهبها الخالق لهم رغم أنف الرافضين أو غير المعترفين بهويتها،شعب كان أصل حضارة كما يذهب المؤرخ اليوناني الشهير(هيرودتس)،أو ما ترويه الكهوف ومخلفات القاطنين فيها في العصور السحيقة،هل عرف الكاتب ما الذي جرى بعد هطول أطنان القذائف وإزالة غابات طبيعية كانت تثمر وتدر واردات معيشية للناس،إزالة أرياف وقرى ووقف الزراعة أو موتها،كلها خلّفت آلام وفساد في تضاعيف المجتمع العراقي وبالتالي أدت إلى سياق السلطة نحو الهاوية التي هي مثواها،لأن القوة هي أغراء تام للشهوات الدنيوية وانجراف أعمى نحو الهلاك،يصل الكاتب عبر الطائرة إلى(زين القوس)وهي من المناطق التي تبرعت بها السلطة مقابل المساندة لخنق(الكورد)،وكانت لعبة ماكرة،لأن(رأس البلاء)أعلن صراحة استنزاف قدرات البلد ولم يبق في جعبة القيادة الجوية سوى(16)قذيفة صاروخية،تمكن بتنازله الأثيم عن شرائح دسمة من أرض العراق أن يقنع العدو المساند لعدوه ولو إلى حين،هكذا قال التأريخ يوم بدأت حرب السنوات الثمان تحت ذرائع واهية لإقناع الرعية وسوقهم إلى محارقها،القارئ يتساءل كيف يكتب(الغيطاني)/ألمح ابتسامة على وجه جندي عراقي/ص(13)،وهو يجلس في طائرة مروحية،المرء يبدو نقطة واهية(طالما الأرض تدور)..!!
***
هاهم(حراس البوابة الشرقية)تركوا البلاد مضغة مهانة،أليست هذه النتائج كلها سلبيات السلطة المتراكمة،ألم يئن الأوان مراجعة الكاتب لما كتب والاعتراف الجميل كي يكون كائناً خطّاءً مغفور الزلل،على أقل تقدير محو ما أعلن حوله بخصوص(زبيبة والملك)أو ظاهرة الكوبونات التي أتلفت مواردنا البترولية،(هذه التهم ما تزال تروّج لها ما لم يخرج الكاتب من صمته كما خرج ـ غونتر غراس ـ ويعلن الصراحة التامة حول القضية،لقد حوّلت السلطة آنذاك وفيما بعد الجيش إلى أداة قمع لا ردع،فعلت ما فعلت في وضح النهار،كان من الممكن أن يتفرغ الكاتب لـ(الجولان)وأن لا يخلط بين قضيتين متباينتين متناقضتين،قضية محلية داخلية وقضية لها علاقة بوطن جريح،كان يمكن أن يسرد ما يشاء وتلميع ما يرغب،لا على حساب القومية(الكوردية)،لنجا من الحسابات المؤجلة لشعب كان يتقدم بخطوات واثقة نحو حلمه الكبير،كان من يجب أن يتجنب مثلبة تحويل موهبته إلى كراريس حزبية توزع مجاناً وتدار حولها نقاشات حزبية لا تخرج من فلك مدح السلطة وقدح كل قوى الخير المجابهة،يورد الكاتب/فأنهم يعرفون أيضاً القرى الكوردية التي يقاتل رجالها دفاعاً عن الحكم الذاتي ضد الملا مصطفى البرزاني والمتمردين معه/ص14،والكل كان يعرف آنذاك أن ـ البرزاني ـ ليس حالة طارئة،فهو كما كان ـ جيفارا ـ كما كان ـ سيمون بوليفار ـ رجل حمل آلام شعبه وأراد أن يجلب من أنياب الزمن بعض موجبات حقوقه،فهو إنسان ضرورة في مرحلته،سكن الصميم المرحلي لتلك الحقبة المؤلمة،الحقبة الثورية والتي تحررت فيها الشعوب المناضلة من براثن وعنجهيات الحكومات الأوتوقراطية،إلاّ الشعب(الكوردي)الذي وضعوه بين فكوك ضارية لا ترحم،فكوك تنهش كلما بان ضوء ساطعاً من ربوعه،وحده الشعب الذي أطماعه لا تتعدى تركه العيش بسلام،لنتخذ جانب الحياد ونسمح للكاتب أن يجري على شبكات الانترنت استفتاءا عالمياً حول شخصية ـ البرزاني ـ أنا واثق أن النتائج ستأتي مدوية،ليس هناك ضد،ليس هناك جهة محايدة،ستصب النتائج كلها حول مكانته بين الشخصيات الثورية،فكيف يكتب القرى تقاتل(المتمردون)وهو يجلس في عرش متحرك،داخل طائرة مروحية،يتحكم الطيّار بالقيادة والسير وفق خطط الطيران ومناطق الأمان،فالكتابة من الهواء عن ثوابت تاريخية،أشبه بالمثل الشعبي(من الماء للماء)صحيح أن السلطة أتت بمغررين ضعفاء النفوس أغرتهم بالمال والمناصب الورقية ودفعتهم لمواجهة أخوتهم،ًبعدما وضعتهم بين المطرقة والسندان،بين مطرقة السلطة وسندان التهجير والترحيل إلى صحاري الموت،أكثر هؤلاء كانوا من سكنة المناطق غير الخاضعة لسلطة(الحكم الذاتي)وحتى هؤلاء كانوا ينسلون من المجابهة كلما سنحت لهم الفرصة ليلتحقوا بأخوتهم في الجبال،ينفلت الكاتب من سكة الواقع ليهول الجانب المقاتل،يقول/أسلحة متقدمة لمقاومة الطائرات، بعضها أمريكي،وبعضها انجليزي وإسرائيلي/ص14،من يقرأ هذا المقطع لابد أنه يقع في فخ الكتابات الأيديولوجية لتجيير النفوس البريئة،وضخ الحماسة الهوجاء في تضاعيف قلوبها،يريد الكاتب أن يوهم أن(الجيب العميل)كما وصفه تنغيماً لمقولة الحزب آنذاك،يريد ربطه بالعمالة وتسليخه من ثوب ثوريته، أي أنهم(مرتزقة)ضارباً عرض الحائط المسيرة التي بدأت بإعلان الدولة الكوردية(مهاباد)على يد القاضي الشهيد(محمد)،وناسفاً كل البطولات التي سطرها(هيرودتس)في مدونته التاريخية،والتحديات المصيرية ضد العثمانيين والإنكليز،لا يجب التعامل مع شعب دخل الإسلام من غير ترهيب وحرب،ولو كان الشعب(الكوردي)صاحب أطماع مثلما الشعوب الأخرى لكان صاحب إمبراطورية كبيرة،وقف في محله غير راغباً بالغزو والسطو على جاراتها،كما فعلت كل الأقوام الأخرى،لو كان ما أورده الكاتب بخصوص مصادر الأسلحة صحيحاً لأنتصر الكورد في معركتهم ونالوا كامل حقوقهم،طالما تقف وراءهم ثلاث قوى عالمية تمتلك صولجان تحريك التاريخ كيفما تشاء،لا ينأى(الغيطاني)من التنميق الروائي في كتابه،فالرومانسية حاضرة وبقوة،كما أن التجزيء المتبع يصب في صالح عدم إملال القارئ، يسحبه بمهل إلى منطقة القناعة المزيفة،تارة يسحب قارئه إلى حرب(الشمال)وطوراً يأخذه إلى حرب (تشرين)كأن القارئ يبحث عن لغز بوليسي وهو يعب في جوفه مشاهد لا تخرج من فلك التحديات التي تواجهه،كونه معبأ سلفاً بترنيمة الثورة الفلسطينية عبر كتب المراحل الدراسية،وهو يعيش في أفق غائم كما صورت الحكومات المستقبل الذي استشرفوه بعقول خاملة وإرادات واهنة،أمّا بخصوص زحف الجيش العراقي إلى نصرة الأخوة السوريين،ليس لنا رغبة في الخوض فيه،كونه جانب عسكري، ربما هناك قادة شاركوا فيها ويمكنهم بيان صحة ما ورد في كتاب(حراس البوابة الشرقية)،يصف جبل(به مو)/هذا شهد خلال عام 1965 وفي منطقة مضيق ـ سه رتك ـ معارك قاسية/ص33،أليس هذا اعتراف نبيل طرحه الكاتب من غير وعي وعبر مقصلة الرقابة التفتيشية،أنه يقر بأن الحركة الكوردية عريقة،أقدم من السلطة التي أرادت طمسها عبر حرب إبادة شاملة،أمّا(الجناح الرجعي في الحركة الكوردية لمشروع الحكم الذاتي) مغالطة تاريخية في التوصيف،كان يجب أن يصفهم بـ(الجناح المسلح)،لقد أظهرت الحكومة رجعيتها السلفية لحظة بدأت بتطبيق مشروعها الشوفيني لصهر الأقليات الأخرى ضمن أطرها الراديكالية،وكان خير شاهد على ما نقول التعداد السكاني للعام 1977،كان الإنسان أمام خيارين لا ثالث لهما،أمّا أن تكتب قوميتك(عربي)أو(كوردي)وليس هناك مجال للأقليات الأخرى،فكان حقاً على أصحاب الأحلام التحررية أن يحملوا السلاح ويعرقلوا المشاريع التدميرية للبشر مهما كانت التضحيات ومهما أمتد بهم الزمن،فالثائر يدرك أن النزعات الدوغمائية للحكومات الشمولية مجرد هذيانات مرحلية شيئاً فشيئاً تتحطم على صخرة الواقع،رغم قوة الأعلام وتحريك الأقلام المأجورة لتشويه الحركة(الكوردية)وتلميع السياسة الدموية بقت الطموحات قائمة للحركة المسلحة وراحت تتحدى رغم تضييق الخناق واستخدام الوسائل التدميرية الشاملة بحقهم،يواصل الكاتب دس أشياء منافية ومخالفة للواقع،يبدو أنه يمشي في مكان مظلم،أو كأعمى ترك في عراء، يكتب/وفي نفس الوقت يضربون جسم السد نفسه،بغرض تدميره/ص34ـ35،يقصد سد(دوكان)هذه مغالطة لا تغتفر للكاتب،لأن الشرفاء والثوريون لا يحاربون الجماد،كيف يريد المقاتل(الكوردي)تشويه سمعته النضالية،وكيف يريد تدمير حواجز تخدمه في نضاله وهو بالتالي زواله يدمر الكثير من شعبه أرواحاً وممتلكات،وبالتالي تزحزحه نحو خانة(الإرهاب)،لنرى من قام بتدمير الطبيعة،أليست الحكومة هي من قامت بإزاحة الغابات المثمرة،أليست هي التي دمرت الحقول المنتجة للمحاصيل المهمة لقوت الناس،أليست هي التي أبادت الزرع والضرع،من هو أيها الكاتب الذي ما زال يشغلنا بأدبه صاحب النزعات التخريبية في(بلاد ما بين النهرين)يقيناً لو جئت إلى ربوع الشمال،ضيفاً عزيزاً مكرماً،ستجد أنك كنت في حالة سرابية لانصهار إيديولوجي أتى في زمن ركود العقل العربي،هنا ستجد الحقائق التي كنت أو جئت يومها للبحث عنها،ستجد الفئات التي قلت عنها(المرتزقة)تحمي الحرية وتدافع عن السلام والتآخي،سيمطرونك بالبسمات والمصافحات وربما ستقرأ في عيونهم تلك الفطرة الكونية التي أمتاز بها الشعب(الكوردي)،فطرة مسامحة أعداءه مهما أثموا بحقه،يقول الكاتب/ماذا لو تحرك الظهر،الذي نركبه نحن وهوت الطائرة وأفضل ـ لو حدث لنا الحادث ـ أن نسقط فوق حشائش الوادي/ص35،رغبة عجيبة للكاتب،رومانسية الجرس،تدخل باب الأسطرة،ربما هي ممارسات ترطيبية لجو السرد،أو رغبة(صبيانية)لتقريب النفس قربان للسلطة الطاغية،/الجنود القدماء يستطيعون التسلق المتواصل لمدة أربع ساعات بدون تعب،ويتنافس الجنود في قلة عدد الوقفات/ص36،هذا الشطر منقول من قبل الملقن الذي يرافقه داخل المروحية العسكرية،فالقادة غير ميدانيون،أنهم يلمعون تواجدهم بحكايات خرافية لإرضاء القيادة العسكرية والحاكم،فالأوامر قاسية في الجيش،وكانت البنادق مهيأة لإعدام من يتلكأ،وكم من تابوت عاد كتب عليه(جبان)،لقد كان الجندي تحت مطرقتين تطرقان بلغة الموت،وكانوا يفضلون الموت كشجاع كي تستحق عائلته راتب الشهيد،ومن المفارقات القصصية التي يزجها الكاتب من عندياته في متن الكتاب،سقوط قذيفة تقذف بجنديين إلى وادي سحيق،يبقى أحدهما(12)يوماً،قبل أن يراه جندي ويمد حباله لسحبه مع الجندي القتيل،/كان أحدهما قتيلاً والآخر في حالة سيئة،لقد عاش الجندي الأول سبعة أيام،كان جريحاً،وكان الجنديان يتبادلان الحديث،يسليان بعضهما،حتى أستشهد الأول على مرأى من زميله،فبقي الثاني وحيداً مع الجثة لمدة خمسة أيام في وحدة وصمت وعزلة وسبات الموت،كانا يقتاتان على الحشائش المزروعة حولهما/ص37،لا أعرف كيف تمكن الجندي الناجي الجائع المتهالك فاقد الطاقة من التسلق بالحبل،وفي نفس الصفحة يورد/يبللان لسانهما بقطرات الندى والمطر المتساقط من السماء/يمكننا أن نحيل هذه القضية لطبيب متخصص كي يبين صحة المعلومة ومدى قدرة الإنسان على التحمل في ظرف مشابه،ربما كتب الكاتب الكثير من الشطور بنفسه الروائي،كون الخيال يتواجد بشكل غير لائق وغير معقول في كتاب تسجيلي يحكي الواقع بكل تجلياته،والبحث كما هو سائد ليس ميدان الخيال،والبحث يحتاج إلى إقناع علمي،كونه تعامل صريح مع المحسوسات والثوابت،أمّا الأدب ميدان حر بلا حدود أو حواجز يمكن للأديب الخروج من الواقع وترتيب الكثير من الفصول الغرائبية والرمزية حتى لو جاءت فنطازية لا تصالح الذائقة البشرية،يذكر جملة(طلع الجبل)فهو يريد وسم الذين التحقوا بالثورة المسلحة بعد بيان الحادي عشر من آذار من عام 1974،واصفاً إياهم بـ(القوى الرجعية)و(معاداة الثورة والإنجازات التقدمية)ص38،لا أعرف عن أي إنجازات عنى الكاتب،أليست كانت ثورة(خيانية)داخل بيت الحزب،شلّة تكنس شلّة،ذلك هو المفهوم الثوري عبر التاريخ لكل حكومة أتت بمكنسة الثورة التي لا تستحي،أعني التآمر داخل البيت الرئاسي تحت مسميات يتم توظيف المال بغية حشره في أذهان الناس،لا تعدو المنجزات سوى(تأميم النفط)غباء معلم كونه تجاهل الحسابات التي ستترتب على الفعلة فيما بعد،والتي جاءت ردة فعل مؤجلة كلّفت المنطقة شرفها ومالها وأرواح ناسها وتراثها ومستقبلها الغامض،محاربة الأقليات وتصهير إرثها داخل بوتقة العرقية السلفية،كما فعل النازي(هتلر)،(مجانية التعليم)والتي تحولت بمرور السنوات إلى(مجانية التسليب)وتدهور المستوى العلمي والثقافي،وتم العودة إلى(النظام الإقطاعي)وتحويل أراضي الدولة إلى ممالك زراعية للمسئولين،لا أيها الكاتب،ليس من منجزات مشرفة للسلطة إبّان فترة غطرستها،لقد تم تصفية الجبهة الوطنية وقتل الرموز الحزبية بلا أسباب كي تنفرد السلطة بالواحدية المستبدة،فالقضية(الكوردية)قضية حقوق خادمة لكيان الدولة لا حقوق انسلاخ،وليس وراء كل بوق ناعق نافخ حقيقي،لذلك تأتي الصيحات الإعلامية مزيفة قالبة الحقائق بأباطيل مفتعلة وأكاذيب يتم حشرها قسراً في أذهان الرعية،لقد وجد(الأكراد) أنفسهم بين خيارين قاتلين،خيار الرضوخ والانصهار القسري في مجتمع يدفعهم إلى مرتبة أدنى،وخيار التهجير والتغريب والتدمير النفسي عبر وسائل تعليمية غاصبة،يحاول الكاتب أن يقسم هؤلاء إلى نوعين من الاختيار المصيري لأتباع قائد الكفاح المسلح،قسم يربطه بحكم العلاقة بـ(البارزاني)يسميه(الارتباط العشائري المتخلف)والقسم الثاني يقول عنه(لأنه قدر الموقف لصالح المتمردين)،ليس هذا ولا ذاك،فالمهمة كانت مصيرية،كون العشائر كانت على حدٍ فاصل،في كل جانب يتربص الموت،فبقاءهم يعني أن السلطة ستجعلهم أكباش فداء،لأنها ستقوم بدفعهم أمام زحف الجنود كي يضرب(الأخ أخاه)فتكون المحصلة النهائية قتلى الطرفين هم أكراد،لذلك وجدت العشائر أنها تعيش مرحلة اختبار وتقرير مصير،ولم يكن المثقف الكوردي(انتهازياً)كما يصف وليسوا أصحاب قلوب هشة كي يحلموا بحيوات رومانسية،كانوا حملة مشاعل تنويرية،بحثوا عن ملاذات آمنة كي يسطروا أحلامهم بحرية تامة،رافضين أن يتحولوا إلى غربان ناعقة أو أبواق كاذبة تنعق من أجل تجميل سحنة السلطان،لقد مرت سنوات الهدنة من 1970 ـ 1974 بترقب وتربص من قبل السلطة،كانت تهيأ المستلزمات التدميرية لصهر القومية(الكوردية)وتبديل جغرافية المكان،بعد تجريد ناسها وتبديلهم بناس لا تنسجم طبائعهم مع المكان،ولا المناخ،يراود الكاتب سؤال يقف أمامه بخجل مفتعل،(موقف بعض المثقفين الواعين محل تساؤل)ص38،مأزق آخر يقع الكاتب فيه من غير وعي،تلك هي صفة الكتابات التي تعالج مواضيع خارجة عن أرادة كتّابها،أليس من حقنا أن نرد السؤال له،/ ما هو موقفه من القضية الكوردية/لم أختار الكتابة عن سلطة لا يمت لها بصلة،أليست الطبقة المثقفة مستهدفة عبر كل العصور من الساسة والحكام والملوك،أليس من حق المثقفين(الكورد)أن يدافعوا عن قضيتهم وتراثهم ضد سياسة ديالكتيكية لا تبقي ولا تذر،استخدمت العنف لتحقيق منجزاتها الشوفينية..!!
***
[قرر مجلس قيادة الثورة أن تكون العمليات العسكرية ذات طابع إنساني تماماً...........أن الجيش لم يحرق قرية ولم يعدم امرأة ولم يمس طفلاً]ص39
وفي نفس الصفحة(والتي رأسها صدام حسين،كان يتابع بنفسه أدق الحوادث وأصغرها شأناً)،لنبدأ أولاً بقائد عمليات الإبادة الجماعية،كان آنذاك في(خريفه)الـ(39)أليس هذا دليل قاطع على التهور وعدم العقلانية لشاب بعمره يمتلك سلطة قيادة شعب صاحب تراث وتاريخ عريق،خصوصاً أنه يتعامل مع قضية كبرى وحساسة،تتعلق بمصير شعبين ومستقبل المنطقة،وهو يقود حشود ضباط متمرسين،ثم أليس هذا يعني أن العلاقة التي تمت بين الكاتب و ـ صدام حسين ـ آنذاك تقدمت مع السنوات كي تنهال السهام على الكاتب بخصوص(كوبونات النفط)ورواية(زبيبة والملك)،لنعد لذلك القرار الذي أورده الكاتب في متن كتابه،ليقم بزيارة ميدانية إلى ربوع الشمال،ليرى بنفسه كم قرية أبيدت وكم شجرة اقتلعت وكم طفل دس في التراب وهو حي،وكم امرأة اغتصبت ودفنت في مقابر منسية،كشفتها الأيام بعد انقراض السلطة،كم شيخ قتل،كم حقل دمر وكم غابة حلقت قبل حرقها،مرة أخرى يزل قلم الكاتب الذي راح خبط عشواء،يلصق الحدث بالحدث كي يجعل من كتابه مدونة نادرة وخادمة،حين يورد ملحمة(مم وزين)الشهيرة،هو يريد تبيان النهاية المأساوية على أنها نهايات مقرورة لدى القومية (الكوردية)،متناسياً أنه أقر بشرعية الأمة(الكوردية)،لأن الملاحم هي هويات الشعوب الكبيرة ونتاج ثقافة متنورة ومؤثرة في الذاكرة البشرية،زبدة حضارة لا يمكن المساس بها،ويغالط الكاتب التاريخ حين يعرج نحو الشيخ(محمود الحفيد)يقول/وذلك منذ العشرينات عندما قامت بريطانيا بمساندة ـ الشيخ محمود ـ وتنصيبه ملكاً على الأكراد في ـ السليمانية ـ وذلك بهدف إرهاب العناصر الوطنية التي برزت خلال ثورة العشرين/،أليس هذا يجافي الحقيقة،لقد كان الشيخ(محمود)من أعداء الانكليز،وهو من قام بإرسال القوات لمحاربتهم في الجنوب هكذا يقول التاريخ،كان الانكليز يمارسون لعبة(جر الحبل)معه،تارة يشدون عليه وتارة يرخون الحبل له،وفق أهواءهم السياسية،والكل يعرف أنه كان يتمرد دائماً عليهم فكيف يقوم بمعاداة عدو عدوه،ولدينا الفلسفة الكاملة حول هذه القضية(عدو عدوك صديقك)،يذكر ص58،/مما يبرز البعد الإنساني للقومية العربية أثناء تعاملها مع قومية مختلفة/أي بعد إنساني يريده صاحب كتاب(حراس البوابة الشرقية)،في أي بلد عربي يتمكن نفر من القوميات المختلفة أن يرفع رأسه أو ينادي بلغته،في أي رقعة،أين هم(الأمازيغ)،أين هم(جنوب السودان)،أين هم(أكراد)العراق ـ لحظة كتابة الكتاب ـ (أكراد)سوريا،(أقباط)مصر،لا يبدو أن القومية العربية اليوم تشبه القومية العربية في السابق،شتان ما بين زمان الوصل وزمان الفصل،ثم أين هي الحرية كي تتمكن الأقوام المختلفة أن تعلن عن نفسها،ألم تقم معظم الحكومات العربية بطرد(اليهود)من أراضيها مما ساعدوا مساعدة تاريخية لتكوين(إسرائيل)،كان يجب أن يتركوهم أشلاء ممزقة متناثرة في أماكن منسية،كي لا يسقطوا في فخ الخيانة الكبيرة،ألم تهجر السلطة الناس التي لم تمتلك الجنسية العراقية لأسباب كانت تتعلق بالـ(سفر برلك)،حصلوا على الجنسية التبعية كي يتخلصوا من براثن ـ العثمانيين ـ يوم كانوا يسفرون الشباب للحروب التي لا تنتهي،لقد كان بيان(الحادي عشر من آذار) مصيدة سياسية لتحويط وتقويض الشعب(الكوردي)قبل صهره في فرن النسيان،جملة أهداف كانت تحاك خيوطها سراً،منها التخلص من الرموز(الكوردية)القيادية،وتنصيب(أذناب)تعمل بعصا السلطة السياسية لتحقيق(الآمال الكبيرة)لـ(المهندس) الذي راح يصوغ القرارات ويسيّر القافلة العراقية نحو أحلامه،في ص80 يكتب الكاتب/وثمة أوراق فوقها كلمات بالكوردية أو العربية لقد أحرقوا القرية وأجبروا جميع سكانها على الرحيل معهم إلى ـ إيران ـ حيث معسكرات الإيواء/لقد وضحنا أن أصحاب القضايا المصيرية يتعاملون مع أعدائهم أو هاظموا حقوقهم بروح نضالية نزيهة،لأنهم يفكرون بالمنجزات التاريخية ووسائل الأعلام الخارجية وهم يواصلون درء الأخطار عنهم،فليس من المعقول أن يلوثوا سمعتهم بطرق(تترية)،فالأشراف لا يحاربون الجماد،والتاريخ كشف ولو بعد حين من كان عدو الجماد والبشر والطبيعة،يقول أيضاً/بعد 11 آذار بدأ الملا مصطفى البرزاني في تنفيذ مخططه الرامي إلى الانفصال وفي المعارك الهامة كان يقدم السورانيين في المعارك ويجعل البهدانيين في المؤخرة وهذا هو أسوأ شكل للقيادة يمكن أن يصاحب الزعامة العشائرية/لنطرح سؤالنا على الكاتب،لم قامت السلطة بتقديم حشود من (أكراد)خارج نطاق الحكم الذاتي أمام الجيش وهم غير عارفين بالشؤون الحربية وأسلحتهم يدوية،أليس الهدف ضرب(الأخ أخوه)والتخلص منهم معاً،والتقسيم الذي أشار إليه ليس تقسيماً عشائرياً،بل هو تقسيم(جيبولكتيكي) للمنطقة(بهدينان ـ سوران ـ كه رميان)،وبعد انتهاء المعارك مباشرة كشرت السلطة عن أنيابها العرقية وراحت تزيح القرى والغابات في أسوأ عملية تهجير جماعية عبر كل العصور،ما تزال آثار التدمير واضحة حتى يومنا هذا رغم مرور أكثر من ثلاثين عاماً ناهيك عن تسكين أو توطين آلاف العرب الملمومين من شتى البلاد أولائك الذين كانوا في فقر مدقع أو بلا معيشة جلبتهم السلطة لتغير وجه الشمال ولغته(الآرية)،فالدلائل ما زالت تبرز وتعلن أن(خمسة آلاف) قرية كوردية كانت بعيدة عن خط المواجهة كلها دمرت بعد ترحيل ناسها إلى الجنوب،الجنوب القاسي على ناس خلقها الخالق كي تتحمل الثلوج وبرد الشتاءات الصارمة وتعشق الحرية والسلام..!!
***



[سيدي نحن نتدفأ بالثلوج]ص86
على ما يبدو أن(الغيطاني)أعد صاروخاً من العيار الثقيل كي يتبرع للمجهود الحربي أو يجحفله مع جيش السلطة،لتدمير شعب لا يريد سوى التكلم بلغته والاحتفال بتراثه ضمن المحيط الشامل للحاضنة التي تؤويه،حاضنة بلد تشكلت من أعراق متناصرة عبر التاريخ،أمّا رؤيته بخصوص(بيان آذار)لم تكن موفقة،
لأنه لم يكن خدمة لوجه الله،كان اتفاقا خلا من كل نزاهة(الأرض مقابل التأييد)،وكانت تلك الوسيلة الشيطانية لخنق القضية(الكوردية)بعدما لاح في الأفق الضوء الأحمر لبداية النهاية للسلطة التي جاءت من أبواب خلفية من غير إرادة الشعب،كان من الممكن أن يجنب(الغيطاني)نفسه من مصيدة وفخاخ التاريخ،لو أنشغل بتأليف كتاب رحلات،كون الشمال مكان يجذب ويعطي الشهرة لأنه غير مرسوم بدقة في أذهان الناس،وهو ربما يدرك أن اللعب بالسياسة ديدن العاطلين وأنصاف الموهوبين والعاجزين من الكتّاب،حين تتعطل ملكة الكتابة،غالباً ما يستدير الكاتب الفاشل نحو منصة السياسة كي يدفن فشله بمقالات واجبها صبغ الصحف،ليغطس في عالم متنافر مع جمال الأدب وتأثيره في حياة البشر،في ص(103)يحاول الكاتب أن يلصق صفة الخيانة والغدر على (الأكراد)يورد/طلب العصاة من جندي أن يصيح منادياً رجال الوحدات الخاصة،يقول لهم أن الرابية محررة وعند اقترابهم يفتحون النار،لكن الجندي رفض فألقوه حياً إلى المضيق/من يقرأ هذه العبارة سيدرك أن الكاتب ضعيف الرؤية وفقير الثقافة،كيف يلقي فئة مسلحة تبحث عن حقوق بأسير إلى الهلاك،لم لا تحتفظ به من باب تبديل الأسرى أو تحقيق مطلب آخر،فالأسير كنز كبير في الحروب يا صاحب السعادة،والنقطة الأخرى،هل من المعقول أن يفعل أسيراً تلك البطولة الشخصية،فالأسير ذليل ضعيف بوسعه أن يبيع الدنيا من أجل حريته،هكذا فعلوا(حراس البوابة الشرقية)أيام أسرهم في حرب السنوات الثمان،لأنهم يدركون أن السلطة التي قذفتهم في آتون المحارق سلطة باطلة،وأن الفئة التي تقاتلهم ليسوا قوات غازية كي يبدوا بطولاتهم الشخصية،بل هم أخوة تربطهم روابط لا تنتهي،وهناك فاصل حيوي في لغة الحرب،هو فاصل الخدعة، إن لم تخدع عدوك ليس بوسعك أن تفلح في حربك،تلك هي فلسفة الحروب في كل العصور من أيام المنجنيق والسيف والرمح وحتى أيام الصواريخ القارية،والسنوات التالية كشفت الأوراق الكاملة للسلطة،فعرف العالم من هم أولئك اللذين أعلنوا وطنيتهم وأسرفوا في تبذير أموال شعوبهم من أجل الذات وليس من أجل المصلحة الكبيرة للشعب،يمضي المؤلف في رص استفزازاته التشويقية/وفي مواقع أخرى قاموا بتلغيم بعض جثث الجنود لتنفجر عند شدها أو أمساسها وهو أسلوب لم تتبعه إلاّ القوات الإسرائيلية/ص(103)أليس هذا تصريح سافر بدمج القضيتين،وأن الغاية منها هو ربط المقاتلين (الأكراد)بالدولة العبرية،تلك هي المقبلات الإغوائية لدس كل ما هو خادم في أذهان الناس،كجزء من متطلبات التلميع الشكلي والأخلاقي للدكتاتوريات التي تعج بها المنطقة عبر كل العصور،بطبيعة الحال أنه طلاء مؤقت لتمرير المرحلة،سرعان ما تتكشف الأوراق وتستوضح الأمور،عند ذاك يغدو كل من كتب ووصف أنه مجرد بوق وآلة تلميع ليس إلاّ،كان يجب أن ينتبه الكاتب لمستقبله قبل أن يغامر ويخاطر في أرض ليس هو منها،ألم يكن الشعب(الكوردي)محاصراً بالدبابات والطائرات وكل أنواع المسوغات الخادمة لخنق المنطقة،وأن الذي حصل مجرد تطبيق فقرات وبنود قرار(آذار)بعدما قامت السلطة استغلال مدة الهدنة من1970إلى1974وتلغيم المنطقة الشمالية بالجيش وأزلام الحزب وكل أنواع السلطات الأمنية والمخابراتية للإجهاز على الشعب(الكوردي) ورموزه في لحظة التطبيق،لقد وعت القيادة(الكوردية)ما يجري بين أعينها لذلك احترست من كيد الكائدين،هذا الفاصل تكرر لدى السلطة يوم قامت بزج مئات الرجال من صنف المخابرات في السفارة(الكويتية)لاحتلال البلد الشقيق كما حصل،قبل أن تجر السلطة المنطقة كلها إلى وحل تاريخي لا ينضب،نتساءل هل حقاً يفعل (الإسرائليون)مثل هذه الأعمال،الجواب يأتي من مخلفات السلطة،فالبلاد اليوم فيها هذه الأشكال الدنيئة والتي تفخخ الحيوانات والأجداث البشرية لقتل ناس البلد تحت ذرائع انتقامية وليست ذرائع التحرير كما يتوهم كل من لم يكتوي بنيرانها،يواصل الكاتب/ويعلوا الجنود على الموقف،لا يمثلون بجثث العصاة كما فعلوا هم،لا يلقون بها من الجبل بل تم نقل الجرحى من العصاة إلى المنطقة الطبية التابعة للقوة،عولجوا وبعد السيطرة تماماً على الموقف قاتم الجيش بإعادتهم إلى قراهم/ص(104)يا سلام(يا حضرة الناظر)أنك تكتب ما يملون عليك،تلك هي حقيقة كتابك،تعال و(شوف)ما الذي ظهر من حقائق،آلاف الأجداث بملابسهم بهوياتهم مدفونيين،تعال وأسمع من الذين نجوا أو الذين هربوا من الضباط خارج البلاد والذين تحت رحمة القضاة وهم يخرجون أوراقهم البغيضة،كيف تم قتل العزل من نساء وأطفال وشيوخ لا ناقة لهم ولا جمل سوى أن أبنائهم يريدون تحيق أحلام شعبهم،سأسرد لك واقعة مشهودة وبلسان من حضر تلك المحاكمات الصورية الفورية والتي أجازت لكل جندي أن يفعل ما يشاء على هواه،قال لي أحد الجنود(دخلنا قرية وأمرنا الضابط:نسائهم حلال عليكم،الذكور يجب أن تقتلوهم،تم قتلهم وإلقاء جثثهم إلى الوديان،فجأة رأينا شاب يتقدم من الضابط،أوقفوه وسأله الضابط:كم عمرك..!!أجاب بلكنته المتعثرة:17سنة..!!:في أي مرحلة دراسية أنت..!!:في الصف السادس..!!:ما تريد أن تصير..!!:أريد أن أدخل الكلية..!!صاح الضابط خذوه وأرسلوه إلى الكلية..!!قام جنديان بسحله وأوقفوه على تلة ورشقوه بصلية قذفت به في آتون الوادي بينما كان الجند يواصلون تحطيم الفتيات داخل الغرف وفي الهواء الطلق/هذه حالة واحدة بإمكانك أيها الكاتب أن تزور الشمال وأجلب الجندي لك ليسرد لك وقائع تلك الجرائم التي ارتكبت بحق الشعب(الكوردي)زمان السلطة الهمجية،وكيف يجرأ(الغيطاني)أن يقول أن السلطة تقوم بعلاج الجرحى وأعادتهم إلى قراهم،فالقرى أزيلت يا عالم،وأن الذين تم إعلان العفو العام عنهم وعادوا إلى منازلهم تم سوقهم إلى معسكرت بحجة ترتيبات تتعلق بأمورهم الخاصة وتسريحهم من الخدمة،اكتشفوا أنهم في سجن كبير،فيما بعد عرفوا أسمه(أبو غريب)..!!
***
يريد الكاتب أن يربط القضية(الكوردية)بدولة(إيران)متناسياً أو غير عالم بأن(إيران)هي من قبرت الحلم(الكوردي)ومن يومها راحت دول المنطقة تراقب وتحاصر وتميت كل بادرة حلم،يكتب/يوضح هذا درجة الارتباط بين قيادة الملا وإيران،أن الذي يطلب وقف إطلاق النار هو شاه إيران ثم يلتزم به الملا/ص(120)لو كان الأمر صحيحاً لما أجبر ـ الشاه ـ (الأكراد)التخلي عن مطاليبهم،خصوصاً أن ـ الشاه ـ أستغل الموقف لصالحه،كورقة ضغط على حكومة مستجدة قوامها(عسكريتاريا)،لقد قدمت السلطة أجزاء من البلد كي تتخلص من(أبن)يريد الحرية والسلام،لقد وجد(الملا)أن المؤامرة الخيانية ستفتك بالقضية كلها،كان يجب أن يتخذ الحل الصواب ويوافق على وقف أطلاق النار للعمل من مكان آمن وبطرق أخرى لنيل حقوق شعبه،وفي ذات الصفحة يقول/وفي نفس اليوم أصدرت أوامر محددة إلى الطيارين العراقيين وبطارية المدفعية الثقيلة بعدم تدمير الجسور التي تقع في المناطق الخلفية المتاخمة للحدود الإيرانية/يا ترى لم تركت السلطة تلك الجسور والسدود طيلة فترة الحرب،إذا كانت تمد المقاتلين الأكراد بكل أنواع الإمدادات(اللوجستية)،لابد أن الكاتب كتب ما يمليه عليه شخص غير متمرس بالثقافة النقدية،مجرد يحكي لصحافي كي يأخذ ما هو مفيد،لكن الكاتب مرت عليه مثل هذه الهفوات،كونه دوّن ما يسمع وتسارع لطبع كتابه من غير أن يقرأه خبير كون الأسماء المعروفة تطبع كتبها بلا مراجعة،يقول أيضاً/لإتاحة الفرصة أمام القوات الإيرانية للانسحاب/لو كانت القوات الإيرانية في داخل الفرن لقامت المباغتة من الجنوب والوسط،تلك مثلبة أخرى يسقط فيها الكاتب..!!
***
ص(125)يقول(الغيطاني)/وهو فردي في قيادته،إرهابي،أنه خبير في تحطيم نفوس من يحيطون به/ربما وصف من غير أن يدرك سيرة حياة صاحبه(قائد عمليات الشمال آنذاك)الذي جلبه للكتابة عنه،فالأيام كشفت من يستحق هذا الوصف،وهذه التوصيفات تثبت أن الكاتب غير ضليع بقراءة الأوراق المستقبلية،وهو مستقطب للسباحة في نهر يجهله،ولكي ننهي قراءة الكتاب بعجالة بعدما تهرأت حكاياته، وبان الغاية منه،في ص(170)يشهد الكاتب بقول(مصري)يريد من خلاله أيهام السلطة ونفخه كي يطير/إن الثورة التي عالجت تلك المشكلة المعقدة بهذه البراعة،سوف تعالج المشكلة التي ستنشأ منذ الآن بنفس القدرة،وأنها تدور حول البناء والاستقرار بعد أن انتفى منها عنصر الحرب/لقد قلنا بما فيه الكفاية أن الكاتب كان تائهاً في صحراء من غير دليل،كان دليله أعمى،أو مخادع من طراز نادر،ساقه ليسقط تاريخه الأدبي في مستنقع السلطات الدكتاتورية،هذا يكشف لنا التاريخ،أن الدكتاتور غالباً ما يستقطب الأسماء اللامعة من الأدباء كي يتدثر بكتاباته ويحقق لنفسه مواطئ أقدام في النفوس،كي يستر جرائره،أين هي حكمة القيادة،أين منجزاتها،ماذا فعلت بخيرات بلد تكفي سد حاجات ربع العالم،لا أيها الكاتب،أن السلطة لم تحتمل السلام والهدوء،جاءت من الشوارع الدامية للحياة،وراحت تبحث عن الحروب،مثل الكلاب المسعورة،لا تقر لها قرار ما لم(تعظ)،أو الأفاعي المجروحة،لا تهدأ ما لم تلدغ،كل ما تركوه،بلاد مدمرة،محتلة،جائعة،تحت ديون قاسية،فقط الحسنات الوحيدة التي تركوها،أنهم دفنوا الضحايا مع هوياتهم الشخصية،وفي قبور جماعية،ربما كان غباء منهم أم أن الله تدخل وأعماهم كي يكشف جرائمهم فيما بعد،كونه يمهل ولا يهمل،وإنهم تركوا قصور شخصية تفوق القصور التي تحفل بها(ألف ليلة وليلة)،تركوا بساتين إستمدواها من حكايات(شهرزاد)وأضافوا عليها الخدمات التكنولوجية..!!
***
قد يسقط الكاتب جراء ظروف قاهرة،وقد تقوده شهواته العمياء إلى مطبات،لكن من يعي نفسه بعدما تتكشف له الأمور ويعلن براءته أو سهوه لابد أنه يرتقي الذاكرة ويجد من حوله مناشير التأييد تنهال عليه من لدن أصحاب القلوب التي تنشد الأعمار والجمال والحرية والعدالة وإسقاط أوراق التهميش والإقصاء،ليجد من تعثر أنه تعافى من أدران الكوابيس التي باغتته في لحظة فقدان الوعي،وأن الجليد لا يذيبه إلاّ(الصفح)كما جاء في رواية(أندريه موروا)..!!
***
**(حراس البوابة الشرقية)جمال الغيطاني ـ دار الطليعة ـ بيروت ـ غير مثبت التاريخ..
ملحوظة مهمة:توجد عبارة(printed in italy)..



#تحسين_كرمياني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين دمعتي(احمد خلف)و(حسين نعمة)دمعة كاذبة
- القارة الثامنة
- الرجل الذي أطلق النار
- في حوادث متفرقة
- مسرحيات مفخخة//حين يكون المبدع أداة مجابهة// محي الدين زنكن ...
- أينما نذهب ثمة ورطة
- إنهم يبيعون الإهداءات
- أغتيال حلم..أو شاعر آخر يتوارى
- تواضعوا..يرحمكم الله
- سيرة الدكتاتور..من الفردانية..إلى الأفرادية..
- بلاد تائهة..
- سر هذا الضحك
- من سيربح العراق
- لا تلعنوا آب رجاء..
- هل حقاً كاد أن يكون رسولا..
- ما الشعر
- لغة الثقافة ولغة السلطة..تاريخ شائك بالتحديات
- أصل الكورد والبحث عن الهوية


المزيد.....




- ترجيحات بتأجيل التصويت على عضوية فلسطين في الأمم المتحدة
- السلطات الفرنسية تطرد مئات المهاجرين من العاصمة باريس قبل 10 ...
- حملة مداهمات واعتقالات في رام الله ونابلس والخليل وبيت لحم
- عباس يرفض طلبا أمريكيا لتأجيل التصويت على عضوية فلسطين في ال ...
- زاخاروفا تدين ممثل الأمين العام للأمم المتحدة بلسانه
- 2.8 مليار دولار لمساعدة غزة والضفة.. وجهود الإغاثة مستمرة
- حملة مداهمات واعتقالات في رام الله ونابلس والخليل وبيت لحم ( ...
- أكسيوس: عباس رفض دعوات لتأجيل التصويت على عضوية فلسطين بالأم ...
- اليونيسف: استشهاد ما يقرب من 14 ألف طفل في غزة منذ بدء الحرب ...
- اعتقال عدد من موظفي غوغل بسبب الاحتجاج ضد كيان الاحتلال


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - تحسين كرمياني - جمال الغيطاني في(حرّاس البوابة الشرقية)هل دوّن ما رأى أم سرد ما أملي عليه