أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تحسين كرمياني - أصطياد فأر....مونودراما















المزيد.....



أصطياد فأر....مونودراما


تحسين كرمياني

الحوار المتمدن-العدد: 2382 - 2008 / 8 / 23 - 06:34
المحور: الادب والفن
    


[..غرفة(6×4)م،شاحبة الجدران/مروحة من طراز قديم يتدلى من منتصف السقف/مكتبة خشبية بأربعة أرفف تتكدس على أرفهها كتب ومجلات بلا انتظام /اسفل الأرفف ثلاثة أبواب لكومدينات مغلقة/سرير غير منتظم الفراش في نهاية الغرفة/نافذة مغلقة بدرفتين/ساعة جدارية متوقفة/صورة عائلية لشاب وسيم مع امرأة شابة تحمل طفلة/مصباح إنارة باهتة/لوحتان زيتيتان على الجدران،واحدة على الجدار المقابل للباب،الثانية على الجدار المقابل للمكتبة/طاولة كتابة عليها حفنة كتب وأوراق وقلمين حبر ومحبرة..]
ملاحظة : يحق لمن يروم التعامل مع النص ترتيب موجودات الغرفة وفق ما يراه ملائماً لخياله،أو ما يخدم النص..!!
***
..(تتحرك ملاءة فوق السرير لثلاث مرات قبل أن تنزاح،يظهر وجه رجل كهل،يدعك بباطن كفيه عينيه،يمسد لحيته،ينقل نظره صوب الجدار في محاولة استيضاح الزمن)،رباه للمرة الألف نسيت أنها ما تزال خارج الخدمة،ساعة نائمة،نوم أهل القبور،نوم أبدي(يحرك رأسه)لا..لا.لا يهمني الوقت،كل شيء أنتهى،لم يعد الزمن ينفع بعد الذي جرى ويجري وسوف يجري،ولم يعد الوقت سيفاً باتراً كما صدعوا رؤوسنا..(يمد يده اليمين،يخرج جهاز مذياع بحجم كفّين من تحت الوسادة،يحرك منظم الصوت،خشخشات تتعالى،يغلق عينيه،يتضح صوت نسائي جميل،يرفع نبرته بتدوير المنظم،تتسع حدقتا عيناه،يفغر فمه،ينساب صوت ودود/..أقصى موعد لاستلام نصوص المشاركين../يستقيم من إنطراحته)،لابد من متابعة الخبر،خبر سار..سار جداً..يا له من خبر..نهاية الخبر توحي بوجود مسابقة أدبية،نعم مسابقة جاءت في وقت منقذ،هللويا.. هللويا..رباه..لم يخب ظنّي قط،دائما تأتي الفرص العظيمة أوقات الخريف،لا بأس طالما الفرصة مثمرة كل شيء سيسترد عافيته،ألم أقل قلب الكاتب ربيع دائم، خفيف مطر يزهر ربوعه،يورق مشاعره،فالذاكرة تنشط والرغبة تستعر والروح تحلق والأمل..آه..آه..الأمل..الأمل..سيورق طبعاً(يفرك يديه وهو يهز رأسه)سيورق ولو بعد حين،أنا على يقين أنها مسابقة..نعم يا رجل نعم هي ذي فرصتك النادرة مسابقة..مـ..سـ..ـاااااـ..ـبـ..ـقـ..ـة..(يتوقف عن تفريك اليدين،يداعب بكفه اليمين لحيته)أخيراً..أخيراً..من بعد سنين زاخرة بالمتابعة والاحتراق على نيران الوضع العام وما يجري أو بالأحرى ما جرى من ملاحم لا إنسانية،ملاحم..ملاحم..يا لها من ملاحم،كوارث..مصائب..أشترك الصغير والكبير في تحقيق مآسيها،ملاحم دموية،اقشعرت لها أبدان البشر،مآسي شابت لها الولدان،قبل أن ينقشع ظلام دنيانا،أخيراً يا رجل هبط في هذا الوقت الغائم بالذات أوّل غيث منقذ،آن للكلمة أن ترقص،الكلمة الشريفة العفيفة،الكلمة التي نامت من هول خصومها،آن للقلم..إيه أيها القلم قم من كسلك،تناول جرعات دواء وأقذف حمم الصدق الماحقة،عرّي ما حصل ولا تقف كما وقفت أبّان سنوات العقم،سنوات الحروب والتهجير ووأد كل ماهو جميل..كل ما هو نبيل،إيه يا رجل،لا..لا..من الأجدر أن تعلن من غير تباهي طبعاً هويتك(يهز رأسه)نعم..نعم..أنت الآن حر طليق،ولّى زمن التواري والتقنع،ولّى زمن الخضوع القسري،زمن التهريج والتزمير والتطبيل،زمن ظالم،هذا زمان لا يقبل اللف والدوران،زمان النور الوهّاج،النور الطارد،لا..لا..بل الكانس للجهل،الكانس لكل مظاهر الدجل والتسويف والتسويغ المعلن وغير المعلن لنافخوا الأبواق وممجدوا القيم اللاإنسانية،قم يا قلم وحرر ما فيك،آه..اقصد ما فينا من تراكمات أحداث،ترسبات غدت صخور جاثمة على صدورنا،أو بالأحرى تراكمات حقائق كانت إلى ماضٍ قريب ممنوعة،ملجومة،غداً(يهز كفه اليمين)أي غد أريد أن أقوله،لا..لا..ليس ثمة غد بعد الآن،جاء الغد الذي أنتظرناه،وتم دفن الماضي في غياهب لحد،مرحى بربيع زاخر بمطر المبدعين وسحقاً للسنوات العجاف،تصور يا رجل أنها قالت،المذيعة قالت بصوت واضح،يا لصوتها الرنّان،موسيقى أرجعتني لسنوات شجاعتي،(يرفع عقيرة صوته)هللويا..هللويا..لا يمكن أن أتوهم/نصوص المشاركين/مسابقة..مـ..ـسـ..ـااااااااـ..ـبـ..ـقـ..ـة لا محال يا رجل،(يهبط من السرير،يتوجه صوب المكتبة)ياه..هي ذي فرصتك يا رجل،فرصة حياة وشهرة عليك أن لا تفلتها هذه المرة،فرصة إن لم تغتنمها،أنت في خبر كان،فيما سبق اختلسوا منك جوائز كانت أو بالأحرى أنت كنت أحق بها،كنت على يقين أنك فقدت بريق الشهرة جراء دخلاء تجاهلوا براعتك وقوة كلماتك،لا..لا..حتى نوعية كتاباتك،كنت مختلفاً،جوهرياً ومبدئياً،لم تهادن ولم تسكت،كنت دائماً تهيأ لزمن قادم لا محال،لا بأس يا رجل،جاء المطر وعليك أن تهيأ أرض خيالك للحرث والزرع،لا..لا..بل للصعق أيضاً،كانت فيما مضى المسابقات مسبوقة النتائج،تعطى للخلان،مصفقون بلا حياء ورافعو أصوات أو بالأحرى أبواق الكذب،آه..يا رجل دع ما جرى فيما مضى وعليك أن تشدد على ما سيأتي،الفرصة لا تأتي للواحد مرتين..(يبرك على قدميه،يفتح باباً)ما هذا،لا..لا..هذا غير ممكن(يحشر كفّيه داخل إحدى الكومدينات)غير معقول(يخرج نثار ورق ويبدأ بشكل متسارع إخراج ونثر ما تحتضنه كفّاه،تندلق إلى الأرض خرم أوراق حائلة اللون)لا بد من خطأ،لا..لا..ليس هذا وقت مزاح،(يندلق الصوت النسائي من جديد/إعلان/..)لأسمعه جيداً(ينهض ويهرع صوب المذياع،يرفعه،/تعلن مؤسسة ـ ناجي نعمان ـ الثقافية عن دورتها السادسة للعام الحالي 2008،وتستقبل النصوص الإبداعية عبر البريد العادي والبريد الإلكتروني،نهاية الشهر القادم كانون الثاني من العام الحالي،تكون أقصى موعد لاستلام نصوص المشاركين../يلقي المذياع بشكل عبثي..)،لا يهم،لست بحاجة إلى وقت،ما أريده جاهز ومنقح،فقط أراجعه مراجعة لا تتطلب دقة،هي ذي فرصتك،قم..لا وقت للكلام(ينهض ويعود إلى المكتبة،يبرك ويبدأ بفتح الباب الثاني)..غير معقول،ما الذي حدث،يا الهي..عمري..ضاع عمري(يمد يديه،تنهال الخرم،يرفعها وينثرها)..ما العمل،ستة أسابيع فقط،ستة أسابيع أمامي أن أكن أو أفقد فرصة قد لا تتكرر،يا للهول،روايات وقصص وكتابات(يفتح الباب الثالث)لا..لا..لا..انتهى زمني،كل شيء بات فاسداً،نعم..نعم..كلمة فاسد تليق بكل ما كان سواء ولد أو مرّ بأعوام اليأس،سنوات الهم الجماعي والجوع الجماعي والهجرة الجماعية والكسل الجماعي والموت بالجملة،يا رجل دعك من الوساوس وجد حلاً لنهايتك،تحرك..تحرك،وحرّك مخك،عساك نسيت أو خبأت شيئاً ما من فواكه خيالك في مكان ما،دع القلق وأبحث،أي مخطوط من مخطوطاتك ستبوّئك مكانة تليق بمنجزك المخبوء،مكانة لطالما حلمت بها أو وضعتها في بالك،يقيناً يا رجل آن أوان هجماتك الإبداعية،ستذل من قزّمك أو أقصاك من مكانتك، سيعترف بك وهذا إن كان يمتلك قليل جرأة من همّشك أو أغمطك حقوقك أو..لا..لا..ليس حقوقك يا رجل،الإبداع هو أمانة عليك وعلى من هو مؤهل لأداء الأمانات المودعة في مملكة خياله،الإبداع حقوق الفقراء وعشّاق الحرية والجمال،حقوق الزمان والمكان،وقود الزمن والتاريخ والبشر،الإبداع يا رجل خبز الحياة المجاني،لا..لا..ليس حقوقك بطبيعة الحال،أنت فقط ناقل أمانة ليس غير ،كونك قوّال لا يهاب الردى،قوّال صدق بوجه كل سلطان جائر،(ينهض ويبدأ بتقليب الكتب المتراصة على الأرفف،صوت المذياع ينساب بهدوء)هل حقاً أنا أمتلك كياني،أم أنا في لجة كابوس،ليس معقول هذا يا عالم،ليس معقول بتاتاً،ليس معقول إطلاقاً..ليس..ليس..مـ..ـعـ..قـوووووووول..سـ..بـ ..ع..روااااياااااات هن تاااااااارييييييخ مرحلة،تااااااااريييييييخ بلاد هي بلادي،تاريخ حوادث رصدتها رغم وعورة الزمن وخطورته،كتبتها بعرق شجاعة نادرة ولوعة حرمان مدجج باليقين،كتبتها بدم لا بحبر،أين يا رجل سهر الليالي وتلصصاتك،ما خابت قط رؤاك وتأويلاتك،كنت من مكان قريب جداً تلتقط أو بالأحرى تسرق الأحداث،تنقلها من غير تسويف أو تغليف بسليفون الرمز المقيت،يا رجل حافظت على حياتك من الموت،من مشانق خانقي الجمال وعرّاب الحرية(يسقط الكتب بشكل عصبي وتوتر،تتناثر ذرات غبار)نجوت من تلصص المتلصصين وكتّاب التقارير وملفقو ملفات تغييب من ليس من أنصار الواقع المرفوض أوالمفروض ومسانديه،يا رجل الحفاظ على الحياة في تلك الأزمنة، يعني الحفاظ على العالم من هجمات البربرية الجديدة،البربرية اللاغية والساحقة للإرادات الخلاّقة وعشاق الغناء في الهواء الطلق،كيف حصل هذا،لابد من خلل أو من حدوث شيء فوقطبيعي(ينحني ويرجع الكتب ويراكمها بشكل غير منتظم)..لابد من حل،ليس بوسعي أن أخسر على طول المدى،الخسارات المتلاحقة تورث يباب الحياة،خسرت بما فيه الكفاية،آن أن أربح لمرة واحدة،مرة واحدة ستعوض على أقل تقدير ما فقدت من ماء العين وعرق الجبين،ما فقدت من مال و..آه..نسيت(يضرب جبينه بباطن كفه اليسار)نسيت..نسيت..دائماً أنسى،كانت الخسارة القاسية،خسارة قد لا تعوّض،يا لها من خسارة،إيييييييه..يا رجل..تركتك ومضت مع عصفورتك،نعم أنا السبب على ما حصل،فلقت أعصابها وسحبتها إلى دنيا لم تكن من روادها،كانت تبغي الحياة وكنت أنت يا رجل تريد الرفوف العالية والناصعة من أرفف التاريخ،كانت معك،تكتوي وتمضي على إيقاعات رغباتك،لكن ليس للمرأة أن تمضي أكثر مما في بالها من حد فاصل،حدود الحياة عند المرأة هي حدود رغباتها،كان يجب أن تتنبأ بالذي سيحصل،نعم..نعم..أن تتنبأ،أليس الإبداع جزء حيوي من النبوءات الحياتية،أنت قلت كل شيء عمّا ستؤول إليه الأمور،قلت في إحدى رواياتك،نهاية كل فوضى سلام،نهاية حياتنا غبار سيطمر كل كائن يمشي أو يزحف،يسبح أو يحلق ،ها..أنت ترى ما الذي يجري،ظلام يدفع ظلام،والكل يتغنى بالسلام،حقاً أنني خسرتها،خسارتها بمثابة خسارة رواياتي،خسارة قصصي،خسارة أشعاري وكتاباتي النقدية،لكنها لمّا تزل تعيش،أمّا كتاباتي غدت رماد،يا عالم رماد ذرتها سلاسل الجلادين وهراواتهم الباطشة،هم السبب طبعاً،نعم..نعم..(هم)وليس غير(هم)،لولا(هم)لكانت حمامات تحلق في دنيانا،حمامات ستسعد من يريد أن يتعلم أو ينشد أويقات ترفيه،هي الآن في مكان ما،في/سويسرا/تحديداً،معاً هما،/صديقة/سندي ونصفي البعيد،وعصفورتي/أمل/لابد أنها الآن جميلة صاحبة شهادة عالية،آه..أين أنتما يا ترى،ألا تحنان لرجل كنتما ذات يوم تتدفأان به،أنت يا/صديقة/ألا اشتقت لي،ألم يحن عودك لمائي،ذهب زمان الخوف منذ سنة وأنتما بلا بريد أو خبر،تعالا..تعالا..لنبدأ حياة خاصة..(/تعلن مؤسسة ـ ناجي نعمان ـ الثقافية../يمد يديه ويخرس المذياع)ضاع عمري،ضاعت جهودي،ضاعت أحلامي،ضاعت حمامات خيالي،أية مسابقة تأتي في خريف الحياة والرغبات،لا..لا..يا رجل مسابقات اليوم لها ذات الغايات لدى مسابقات الأمس،كلها مزالق للإغواء وجر أصحاب المواهب النادرة إلى دهاليز حياة جديدة تصب في خانات سلطات وجدت الثقافة نهراً رقراقاً تروي أو تبقي غاباتهم خضراء،مسابقات اليوم غوّاية يا رجل،لا يفرحنك الدراهم المعدودات،ولا حفاوة الدعوات،هذا زمان لا يبذر فيه المال إلاّ من أجل سبب،السياسيون تعلموا فن الغوّاية بعد أحقاب من الفشل،عرفوا أن الثقافة أساس الحياة،الملوك كانوا أشطر،نعم كانوا أشطر(ينهض ويذرع الغرفة جيئة وذهابا)الملوك اشتروا ذمم فطاحل الشعراء،رؤساء قلدوهم،لكن الحياة لم تستقم،الحياة تريد الطهارة والعفة والفطرة،الحياة النظيفة الخفيفة لا تصالح من تستهويه السياسة،لا..يا رجل..أنت تهذي،عليك أن تراجع نفسك،ربما هي مسابقة من نوع جديد،ربما هم صفوة مباركة تنشد خلاص ثقافتنا من الموت،من التهميش من التقوقع في حلقة خانقة،صفوة مباركة الخطا تريد أن تنقلنا إلى العالم كما هناك من ينقل العالم لنا،آن أن تبحث يا رجل،يا حضرة الكاتب عن مخطوط نجا من عث أو فساد الزمن،أين..يا ترى أين..(يعود إلى المكتبة،ينحت عينيه في الكومدينات..يضرب كفاً بكف..)الآن أنقصم ظهري،ولكن لا بأس لدي من الوقت ما أستطيع عمل شيء،رواية مثلاً عن..عن..يا لها من فكرة،رواية عن كاتب أكتشف بعد..بعد..خروجه من السجن مثلاً،أنه أشهر من..أو ربما يوم خروجه لا..لا..لن أقول إطلاق سراحه،بل سأقول حرره الثوريون الجدد بعدما أزاحوا الدكتاتور من عرينه،يوم خروجه تخطفه فئة مجهولة،فئة تبحث عن المال اليسير،تقام القيامة في البلد،تتدخل الرموز السياسية،من الأعلى إلى السفل،أو بالعكس من الأسفل إلى الأعلى،كونه يفوز بجائزة/نوبل/للآداب،تتدخل الدول ويتم إطلاق سراحه مقابل قيمة الجائزة،يا لها من فكرة،ستدهش أعضاء لجنة فحص النصوص،يقيناً فكرة ممتازة،فكرة تنسجم مع ما يجري الآن على وجه البسيطة،ليس هناك رقعة ناجية من مخالب المدافع والرصاص والمووووووت ووووووالجوووووع،هكذا أنت يا رجل،دائماً تأتي بأشياء مذهلة وساحرة،نادرة وقادرة على الإقناع،لا تكتب التقليديات وما هو سائد أو بائد،خيالك..يا له من خياااااال،مخك يا له من مخخخخخخ،(ينقر رأسه بأصابع يده اليمنى)أنت حقاً تستحق المقام الرفيع مع الصفوة الممتازة من كتّاب العصور،لم لا..خيالك يأتيك بما ليس للآخرين من فلتات،لغتك هي لغة عصر ولغة مجابهة غير خاضعة،لغة حياة،لغة اليوم والغد، هي ذي فرصتك،هيا..هيا..قم أبدأ العمل الآن،ليس أمامك وقتاً كافياً،دع الوساوس والهذيان وأخرج القلم من/غمده/،أنت يا رجل عليك أن تحقق فوزاً ولو في خريفك المتثاقل..(يتجه نحو الطاولة،ينفخ الغبار ويقعد على كرسي خشبي،يسحب القلم ويقلّب الأوراق المتراكمة)لا تتردد يا رجل،الفكرة اختمرت والوقت ينقرض،أنت الآن في سجن(أبي غريب)قسم الأحكام الخاصة،زواغير السياسيين والمعارضين،أو..ربما تسمع فوضى خارج الأسوار العملاقة والشائكة والمحروسة بالدبابات والمدافع المرعبة،ولم لا نقول رفوف مناشير تتساقط كالمطر فوق رؤوس المعتقلين السياسيين،تلقيها طائرات حربية،طائرات غريبة، يالها من بداية أخالها مقنعة إلى حد ما،السجناء يستبشرون خيراً،أو..ربما البداية مفتوحة هذه المرة عكس النهايات،يا رجل من أين تبدأ عليك أن تعطي القلم فرصة الصولة وتسمح لخيالك أن يحرر السيول المتراكمة،آه..يا للعنة،حتى أنت يا حبر تيبست،وأنت يا قلم..ماذا دهاك،يبدو أن حظي لمّا يزل يجافيني ،حظي لا يصافيني(ينهض ويبدأ بذرع الغرفة)لا تهتم يا رجل،أمامك ستة أسابيع،وقت ملائم وكافي،ستة أسابيع تكفي رواية من أربعين صفحة،ألم يكتب(أدغار والاس)رائعته(الخائن)في ثلاثة أيام،كل شيء ممكن في زماننا،لابد من التركيز على حداثويتها،رواية مركزة خالية من شوائب الوصف وفائض المعلومات،الصفحات محددة،الكلمات تضج في الذاكرة،شعلة واحدة،شعلة صغيرة ستحرر السيول لتغدو مجاريف تكتسح العقول وتحرك النفوس،المسابقة محسومة الصفحات،اربعون صفحة،ولكن هل حقاً تكفي هذه الصفحات لقول ما لا يمكن قوله إلاّ بهكذا طريقة،اليست الرواية عالم مترامي الحدود،تتداخل فيها الحياة،تتناحر فيها الشخوص،يزحف الشر ويقاوم الخير،صراعات مركزية وجانبية،ولكن..كيف بأربعين صفحة يستوعب جنس أدبي هيمن على الثقافة العالمية منذ أكثر من قرنين،لم لم يسمحوا أو لنقل زيادة الصفحات بالنسبة لمسابقة الرواية،الرواية فقط،كونها أكثر شيوعاً،أو رواجاً،ربما سيتسامحون معي،نعم.. نعم..معي سيتسامحون حين يقرؤونها،لابد أن ينسوا الشروط،فالأبداع يفرض نفسه،أنا..أنا..بصدد كتابة رواية كاتب معارض ظلّ في زنزانة إنفرادية حتى موت أو زوال الليل الأبدي وأكتشف أنه صار مثار جدل الثقافة العالمية،معارض أديب تمكن أن يقنع أو يشتري بعض الذمم داخل المعتقل،دفع كل ما عنده من أجل تهريب بعض الأوراق،كانت مشاريع روايات تفضح ما يجري داخل تلك الدهاليز،شباب خرقوا مهنتهم،هرّبوا أوراق السجين،أرسلوها إلى حيث كان يرغب،صارت روايات تأكل أسنان المطابع وتفلق رؤوس النقّاد،لا أحد يعرف كاتبها،روايات..رواياااااات بلا مؤلف،أو الكاتب مجهول الأسم،كاتبي كان من الخوف لا يضع حتى أسماً بديلاً،فقط كان يبغي فضح سياسة بلده في زمن الحريات،سأبدأها من الغد،نعم من الغد،سأشتري حبراً وأقلاماً تليق بالمهمة،حتى أوراقي يجب استبدالها،نعم..أوراقي تمردت أيضاً،لا تنسى يا رجل،عليك أن تبدأ بتحريك الزمن المتوقف،آه..يا زمن..والله زمان كان يا زمن،كان الزمن هو الذي يحركنا،يرينا الجمال والحرية،كان الزمن نلعب به ونسيره وفق رغباتنا،اليوم يوم الزمن،ما الذي حدث،زمن يجافينا،يلعب بنا،الزمن توقف مذ غادرتني /صديقة/،أيها الزمن لم أبغ تحريكك،أردت أن أحتفظ..(يتوقف أمام الساعة الجدارية)لا..لا..يجب أن أحتفظ بهذا الوقت،التاسعة من صباح السبت،أي سبت يا رجل،آه..دائماً تنسى حتى أجل أوقاتك،ولكن أليس من حقي أن أتجاهل الروتينيات،الفكر ظل مشغولاً لوقت قريب بالأشياء المروعة،الخيال مقيداً كان،كنت أراوغ وأختفي خشية سقوط أعين الوشاة علي،وشاة الأمس،ووشاااااة اليوم،آه..آه..وشاة الأمس أهون من وشاة اليوم،وشاة الأمس يمهدون الطريق إلى السجون،ووشاة اليوم يقرون رقبتك من السكاكين،آه..دعني اترك الزمن،لا زمن لدينا،الزمن..الزمن،آه..يا رجل مازلت تسترجع هواجسك القديمة،دعها يا رجل..دعها،وجّه بوصلة ذاكرتك نحو الفرصة الآتية،فرصة قد لا تأتي مرة لاحقة،قد تموت صدفة،الموت في كل(حارة وشارع)قد يخطفوك وينحروك،كما خطف الأدباء الذين لم يتواروا عن أعين قوى الشر والظلام،حسناً فعلت،لكن لا..لا.. لا..من الخطأ أن يتوارى الكاتب زمن الفوضى،يجب أن يكون رأس الرمح،هو من يمتلك صولجان الحكمة،الكاتب قادر أن يغير طالما نكر ذاته ونذر نفسه لتصحيح الأمور،آه..يا رجل بت لا تفرق بين ما هو تاريخي وووو ر..و..تـ..يـ..نـ..ييييي،تتداعى قيمة الأشياء في فكرك،كلما تداخلت الهواجس والضنون،أو كلما شغلت نفسك بالروتينيات،يا رجل تذكر..آه..تذكرت..نعم تذكرت ،ياله من زمن جدير أن يحتفظ المرء بلحظة خلوده،كان الصباح ممطراً،قالت بتحدي وإصرار،قالت بما لا رجعة فيه:أبق حيث أنت يا حضرة الكاتب..!!قالتها بسخرية واضحة،قالت أيضاً:أمّا أنا سألتحق بها لا تفوّت هذه الفرصة يا رجل، لنلتحق بها..!!،هي استثمرت واغتنمت فرصتها،أمّا أنت يا رجل فقدت خضرة عمرك،آه..يا/صديقة/ليتني رافقتك لكنت الآن في وضع مختلف،هناك الحرية رغم النوم على قارعة الطرقات،كان يمكن أن أكون،لا..لا..لن أحرّك هذا الزمن المتوقف،زمن يربطني بقلبي الشارد،بعصفورتي المغردة في حدائق الغربة،يا زمن..عليك أن تحافظ على تحجرك ما لم يلتئم شملنا لنحركك من جديد معاً سنمد أكفنا ونرقص على نغماتك الجديدة،يا زمن عليك هذه المرة أن تبدل إيقاعاتك،نريد نغمات تليق بعصرنا،لا نريد نبضات خاوية وجارحة وكسولة،نريد ألق وهدوء،نريد(يرفع كفه اليمين ويؤشر بسبابته)نريد دقات حقيقية لك،دقات سلام ورخاء،لا دقات حروب ومجاعة،نريد دقات..دقات..دقات نظيفة ،خفيفة،تك..تك..تك..تك..تكتكات تريح الذاكرة وتنشط الرغبات،(يهبط كفه ويستدير،يمشي إلى المكتبة،يتوقف، يبرك،يمرق شيء)ماذا..ما الذي خطف،أأأأرجو أن لا فقدت الرؤية،،شيء خطف،لمحته جيداً،خرج من بين هذا الركام..(يستدير،يلمح فأراً أسفل الطاولة)فأر..أحقاً في غرفتي فأر،آه..أنك ابتلعت جهودي..(يتلفت حوله بحثاً عن شيء)..ولكن لا..لا..لان أقتله،لا..لا..لا أحبذ قتل الكائنات،سواء بسواء،المضرّة والنافعة،ليس من خصالي إيذاء ما يتنفس أو يدب على البسيطة،من حقي إيذاء من ينحرف من أبناء جلدتي،ليس من حقي إيذاء من هو ليس من أبناء جلدتي،فأر..أحقاً يا رجل هذا الكائن الضئيل محارب عنيد للثقافة..( ينهض،يتحرك الفأر ويمرق إلى أسفل المكتبة،يتجه هو إلى السرير ويجلس)من أتى بك ومتى لذت بغرفتي،حسناً يا فأر لكت ما لكت،والتهمت حقوق مودوعة في أدراج مكتبتي،حسناً مضى ما مضى،لنعقد صفقة منتجة لي ومربحة لك،سأعطيك ما تحب،سأجلب لك الجبن،أليس الجبن بلذيذ،يا فأر حرمتني من فرصة أتت في وقتها،حرمتني من نشوة انتصار،حرمتني من فرح سهرت وتحملت ما تحملت من عاديات الدهور للسهر عليه،لكن علينا موازنة الأمور من جديد،أمامي ستة أسابيع كي أخرج من سردابي وأنقذك من الغربة والوحدة،يا فأر(يرفع نبرة صوته)إياك..إيّاك..أن تلعب معي لعبتك مرتين،أنا أمقت المراوغة واللعب في الخفاء،أحب الوضوح،آه..الوضوح..أنت لابد عرفت كل شيء عني.. ( يتحرك الفأر،يقف مذعوراً وهو يرتجف)لابد أنني أو بالأحرى ما في خيالي ولج كيانك،ستعرف كم أنا واضح وفاضح لكل خلل أو حلل اجتماعي،يا فأر..كف عن التهام ودائع الزمن فيّ،سأعطيك ما يكفيك ويرضيك..(يصمت قليلاً،يتحرك الفأر داخل الغرفة بسرعة قصوى قبل أن يرجع لمكانه أسفل المكتبة،يهز رأسه)نعم يا لها من فكرة،فكرة..فكرة ممتازة،يقيناً لا يغضبه،فكرة ولدت كما تولد الأفكار الكبيرة،هكذا أنت يا رجل،معين خيالك أنهر دفاقة،ولكن عليّ أن أبحث عن القفص أولاً،أنا لا أظن أنني أمتلك واحدة،ربما أجد عند جاري الصندوق الرحيم، نعم..نعم..صندوق عجيب ورحيم،شيء سار أن تتخلص من عدو لدود دون إيذاءه أو استلاب روحه،سأصطاده وأنقله إلى مكان آمن،يا فأر عليك المثول للفكرة والقبول بهذا الحل المثالي والتوافقي،لا تخشى أنت ستنال حريتك في مكان مؤهل للعيش،هواء نقي وغذاء وفير وماء غير مبرمج أو نتن ..(ينهض)عليّ أن أستعن بالجيران،ربما أجد لديهم ما أبغيه،نعم..يا رجل تحرك،عليك أن تتحرك،الزمن يمضي والوقت ينقرض وليس أمامك سوى أسابيع ستة،هي ذي نهاية مفرحة،أو ربما بداية للقاء جديد مع/صديقة وأمل/أستعن بالجيران يا..يا..يا حضرة الكاتب،جيرانك لابد وأن لديهم القفص الرحيم..(يخرج،ينطلق الفأر صوب الطاولة يتسلق ويبدأ العبث فوق الأوراق..)
***


..(بعد برهة من الوقت،يعود ثانية وبيده قفص مستطيل،يشهره بفرح)يا فأر..أين أنت يا فأر،أظهر وأنظر،لا يؤذيك بطبيعة الحال،شيء مسر،يبدو أن من صنعه يحمل روح شفافة وتعاونية،روح نبيلة ورفيقة بالكائنات الأخرى،حسناً سأنصبه وأمتثل لصمت أرجو أن لا يطول،ليس ثمة وقت،عليّ أن أتحرك وأنجز ما عزمت عليه،لا..لن أسمح لهذه المسابقة أن تفلت من مخالبي،حان وقت الظهور،ولى زمن التلصص والتربص والكتابة من وراء حجاب،يا قلم كفاك نوم،لا تكن مثل أقلام الآخرين الهاجعة رغم زوال الكوابيس الخانقة وحفريات أعداءك(يتقدم من المكتبة وينصب الصندوق بعدما يعلق قطعة خبز يابس بسنارة معقوفة داخل الصندوق يتصل بنابض ممتد إلى بوابة خشبية،يعود إلى سريره)حسناً يا فأر،آن أن نبدأ بتطبيق بنود الاتفاق،لن أحنث بوعدي،ومتى حنث كاتب رفض مهادنة الظلام والعمل مع الشياطين من أجل جاه عليل ومال ذليل،لا..لا..أطمئن،ستنال حريتك كاملة مكملة،ستجد نفسك في ملاذ آمن،وأتفرغ أنا لإنجاز ما أروم إنجازه،يا فأر..لن أبغي الثأر،عار ثم عار من يحاول إرجاع ما مضى،علينا أن نوجه أطماعنا نحو ما نراه في أفق الغد،ليس ثمة وقت لتصريفه على جراحات نزفت وتخلصنا من آلامها،العالم تحرك كثيراً ونحن نمنا طويلاً..(يخرج الفأر من أسفل طاولة الكتابة وينطلق بسرعة إلى أسفل المكتبة)ها..أنت على بعد لحظة واحدة،ربما أدق لحظات الزمن كي تكون خارج هذا السجن،نل حريتك يا فأر،ليس هناك ما هو أجمل وأنبل من الحرية،يكفي المتحرر أن يعب الهواء متى يشاء،يمشي على هواه ويأكل ما يشتهي،أو يحلم بما يحقق لذاته سروره،أنت يا فأر تبدو على ما أعتقد متوحداً مثلي،لا فرق بيننا أنت بمفردك تناضل كي تبقى،أنا أيضاً ما بوسعي لم أبخل به،ناضلت وجابهت قوى الظلام وأحابيل الهاوية،ارتضيت بالقليل وسهرت كثيراً وصمدت بشراسة رغم كهولتي،يا فأر ليس من العقلانية أن يقتص إنسان عصرنا من غريم ربما دفعته حماسة هوجاء أو عوز مضني أن يرتكب حماقة،يا فأر أنت صنوي،صدقني لن أقول هذا مجاملة أو هذياناً،ألم تضح بنفسك من أجل البشر،التجارب المختبرية أكدت أنك تحمل دم بشري في عروقك(يظهر الفأر ويتسلق على الصندوق،يهبط ويدخل إلى الداخل،يرفع بوزه كأنه يشم رائحة خطر)حانت الفرصة يا رجل،هيا يا فأر،مد فمك،برهة واحدة وتكن حراً طليقاً،يا فأر لن أقتلك،حسناً فعلت لكت ما كان ماضٍ قذر،هيّا كل وخذ حريتك،الحرية أكذوبة بشرية،الحرية صنعت للحيوانات وأراد البشر أن يجروا تجارب على أنفسهم،نحن مقيدون وخاضعون تحت قيود خانقة،نعم يا فأر،وحدهم الحيوانات غير منضوين تحت النيور،نيور العبودية،(يخرج الفأر،يتسلق القفص)لم يا فأر،أنت مرعوب حقاً،ربما شبعان،نعم..نعم..أنت لست بجائع،في دمك تاريخي(يهبط الفأر،يدخل ثانية،يقف عند البوابة ويرسل نظرات وجلى إليه)أنت تقول شيئاً،أفهمك يا فأر،الغريب يفهم الغريب،الغريب يجيد لغة الغريب،من العيون بإمكان الرجل الذكي قراءة أغوار من يجابهه،لا تخشى يا فأر،أنا مبدئي وصاحب قلم لن يهادن،جعت ولم أبع كلامي،يا فأر فيك حديث(يصمت قليلاً،يزوي حاجبيه،يسحب نفساً عميقاً)آه..يبدو أنك تبغي الاعتراف بما اقترفت من ذنب،حسناً لن أقدم لائحة قانونية ضدك،لن أشكوك لأحد يا فأر،كلنا نمتهن مهنة مقدسة،أليست قراءة الكتب قرض،لا فرق بين دودة كتب وبين الذي تعمله،كلانا من القوارض،أنا أقرض من أجل إلغاء القديم والأتيان بجديد،أنت تقرض ربما بدافع إلغاء كل شيء ليس ينتمي لعالمك،أنظر يا فأر وراءك وامنحني راحة بال وهدوء من أجل مشروعي الأخير،ليس بوسعي أن أقضي النهار معك،وراءي شغل كثير،وراءي عمل مضني،قلمي يبس وحبري جف وأوراقي تهرأت،يا..(يخرج الفأر ويمرق إلى أسفل المكتبة)رباه..ما العمل،من أين جاء هذا الغريم،كيف تسلل إلى المكتبة وعاث ما عاث من خراب(يضع كفه أسفل حنكه،يبدأ بهز رأسه)ترى هل من وسيلة مناسبة للتخلص منه،أنت يا رجل تمتلك وسائل شيطانية،فكّر وجد لك حلاً ملائماً،حلاً يرضيك ويرضيه،طالما قررت أن لا تؤذي من يؤذيك،إلاّ الجلادون والخارجون عن القيم البشرية،البربريون الجدد،هم من يستحقون هجماتك الكلماتية،أليس من المناسب ربط بوابة الصندوق بطرف خيط طرفه الآخر بيدي،يا لها من فكرة،فكرة أنت مبتكرها،لحظة دخوله أحرر أو لا..لا لن تحرر بل تسحب الخيط ليصطفق الباب عليه،يبدو أنها فكرة مناسبة طالما هو شبعان أو لا يرضيه الخبز اليابس،والله زمان،فأر لا يتناول إلاّ أطعمة إبداعية،روايات وقصص ومسرحيات ونقد،فلسفة وتراث،تاريخ وأشياء أخر،فأر سأسميه(عنتيكة)،أو من الأفضل أن تجد مفردة أنت مبتكرها،نعم..نعم..كلمة..كلمة../سوبرفأر/نعم يا رجل كلمة ملائمة تليق بهذا الفأر،قم وأبحث عن خيط بطول..بطول خمسة أمتار،أو بالأحرى ستة أمتار،نعم ستة أمتار يكفي،ولكن من أين أأتي بالخيط،لا..لا..لن أذهب ثانية للجيران،ليس من المعقول أن أطلب كل شيء،يكفي تكليفهم إطعامي مثل شحاذ أو فقير بلا مدخول،آه..آه..دائماً تجد تفاسير لكل بادرة تطرأ بذهنك،يا رجل لم تخدش مشاعرك النبيلة بهكذا كلام،لم تجرح نفسك الصامدة بين الحين والحين،كل الناس بلا مدخول يؤهلهم للعيش ولو بشكل متواضع،هو الفقر شيمة بلاد العجائب والنقائض،هي خيراتنا ليست لنا،قانون تم تعميمه مذ ابتدأت الخليقة،آه..يا رجل تتعب نفسك بما لا ينفع،دع عنك هذا الكلام وتفرغ لما عزمت عليه(يخرج الفأر،يقف ويرسل نظراته إليه،يهبط كفه بهدوء،يهرب الفأر ثانية،سرعان ما يمرق إلى منتصف الغرفة ويرجع مرة أخرى إلى أسفل المكتبة)لابد أنه مذعور،من حقه أن يرتبك،الفأر من الكائنات الخارقة،لابد أن منظر الصندوق أرعبه،شيء جديد أمامه،حتى كسرة الخبز ربما طعام لم يتذوقه،عليه أو بالأحرى يجب أن أمنحه فرصة للموائمة والتأقلم مع ما حصل من تغيير في المعايير داخل الغرفة،يا فأر،أنت مثلي حذر جداً،كنت مثلك أشم رائحة المتربصين باصطياد أصحاب الأحلام العريضة،كنت أتجنبهم بل أوهمهم،كانوا يحسبونني كهل في خريف العمر،كائن مهمل لن يعض إن جاز التعبير،أنت أيضاً تبدي حذراً شديداً رغم أنني على يقين أنك جائع مثلما أنا جائع،الجائع للجائع نصير،كل وتخلص من هذا المكان الخانق،أنا على عهدي معك،لن أمسّك بضر،ولم أمسّك،لا..لا..أنت لم تفعل شيئاً يضرني،لكت ما كان ملوثاً بهواء زمن ليس ما كنّا نرجوه،زمن جاء خلاف ما اشتهت رغباتنا،هكذا تجري الأمور بغيّاب الرجال الأقوياء،الذين لا يسكتون أوان الأختناقات والأزمات البشرية،رجال الثورات أين هم،لا..لا..أنتهى زمنهم،ليس هناك امرأة تنجب ما كانت النساء ينجبن من معادن نقية،ولى زمن الرجال والنساء،على أية حال،هذا موضوع شائك يا فأر،ليس لدي ما أضيعه من وقت،لنبحث عن مخرجٍ لقضيتنا ،لدينا فرص متكافئة،لك فرصة الخلاص من هذا السجن،كما هي فرصتي التخلص من هذا السجن أيضاً،لابد من عمل شيء،أريد اللحاق بهما،زوجتي وأبنتي،يبدو أنهما لا يرغبان العودة بعدما دب الفساد في كل شيء،الذبح في الشوارع،الدمار،الحرائق،الموت يجرف كل شيء،هيّا كل كي تسدي لي خدمة لن أنساها لك،سأكتب شيئاً يليق بك،نص إبداعي يؤرخ هذا الحوار الصامت بيننا،كل يا فأر..كل..(يتحرك الفأر،يصل إلى الصندوق الرحيم،يدخل بأحتراس)آن أن ننهي اللعبة،أنت على بعد ثانية واحدة من الحرية،هيّا..هيّا..أنظر خلفك ولا تحدّق في،آه..أنك ترتجف،يا للهول كلّما تدنو لحظة الحسم،ترتجف وترجف معك أوصالي،بدني يقشعر كما بدنك،يا للتوافق،يا للانسجام،(يشم الفأر قطعة الخبز باحتراس،يخرج بسرعة لفرقعة برق ورعد)أهذا وقتك يا مطر،وما الفائدة المرجوة منك،مطر بلا فائدة،تأتي في غير أوانك،تأتي لا لتعمر الأرض بل لتفسد ما تبقى لنا،حتى أنت يا مطر،صرت لا تساندنا،(يشتد البرق والرعد وصوت هبوب ريح)يبدو أنني تعيس الحظ حقاً،سابقاً كنت أنتظر فرصة زوال الظلام،ها هو الظلام أنقشع ولا حظ يستبين في أفق ما تبقى لي من حياة،يا لشقاء الحياة،يا لبؤس أجيالنا اللاهثة،(يمرق الفأر إلى نهاية الغرفة ويعود إلى أسفل المكتبة،)ألم أقل أنت مثلي،يحاصرك اليأس،لم لا تستجب لنداءي كي نكسب كلانا الدست،آه..يا فأر بدأت أشعر بوهن ثقيل ينخل جسدي،وهن جديد لم أتذوقه من قبل،لم يحدث أنني شعرت بهذه الغرابة والطعم المتمرد في لساني،أهو الجوع..كلا..كلا..الجوع أعرفه،أدمنته،ليس بجووووووع يا فأر،أهو مشعر الموت،ربما شيء لم أتذوقه،لم أسجن كي أعرف طعم الموت البطيء،لا..لا..(ينهض،يحاول أن يتحرك،يشعر بخواء تام،ينهار،يتحسس نفسه)يا للهول،ما الذي يجري،ليس بوسع قدمي أن تحملاني،ما هذا الممتد من مؤخرتي،يا ويلي،يبدو أنني في لجة حلم أو..أو..أو..كابوووووووس مـ..ـضـ..ـحــ..ـك،أحقاً أنه ذنب،ها..ها..يا عالم ها..ها..أنا عندي ذنب،ذنب طوييييييل وجميييييييل،ما الذي يدور في هذه الغرفة أو بالأحرى في هذا اللازمن أو في هذا اللاعالم،كل شيء جائز وممكن التحقيق،أنا/إنسافأر/يا لها من كلمة،(يتحرك على أطرافه الأربعة،يذهب إلى نهاية الغرفة ويعود)يا لها من متعة أن يمشي المرء على أطرافه،على أقل تقدير يتخلص من آلام المفاصل ومعضلة أشباه الأطباء،ثم أنه ينجو من مخالب الأشرار،نعم..نعم..الشيء المهم أن تتخلص من مخالب الضالين،ألم نرفق بالحيوانات،نحترمهم،لا نحاول أن نؤذيهم خشية عقاب الخالق،ها..ها ..ها..ها..دنيا عجيبة،بشر يلهث لقتل البشر،يبدو أننا نتبادل الأدوار حقاً،صرنا ننتهج شريعة الغاب ونتخذها دستوراً،مقابل التنازل التام لموجبات تواجدنا على البسيطة للحيوانات،(يبرز الفأر وهو يحدق بغرابة فيه)تعال..تعااااااال يا فأر،صرنا متشابهين،تعال نلعب ونلهو على آلام الدنيا،تعال نخرج إلى الفضاء ونلهو كما يحلو لنا،آه..يا للهول ما هذا الذي بدأ يمزق أوصالي،يبدو أنه الجوع،نعم الجوع،غالباً ما يجوع المرء أوان الخوف وأوان الأزمة،جوع لا يرحم وعطش بدأ يفتت لساني،(يتحرك،برق ورعد وزخات مطر)ما لي أشعر بضمور،أشعر بذوبان،يا فأر هل أنت مثلي جوعااااااان،هل أنت مثلي عطشااااااان،آه..يبدو أنك لعنتني وأصبتني بفأريتك،ولكن لم أنت لم تصب بإنسانيتي،لم لا نتبادل الأدوار،آه..يبدو أنك ترفض هذا العرض،الإنسان في محنة عظيمة،حقاً أننا نعاني من محنة الوجود،ولم نحن موجودين بالذات،ولكن هل حقاً أنا..أنا،أم أنني لست أنا،كل شيء جائز ومتوقع وممكن في عصر المعلومات والاستنساخ،ربما أنا..أنا..ولكن ليس بمقدوري أن أعرف أنا..أنا..ربما نكتشف أعاجيب في أيامنا القادمة،أعاجيب تشيب لها الرؤوس،(يتوقف لحظة يضرب جبينه بكفه اليمين)أوه..يا رجل دائماً تنسى نفسك،دائماً تحرر أفكارك،كن في صلب قضيتك،ودع ذلك لروايتك،نعم.. نعم..الرواية تحتاج لكلام كثير،هي..أسمع يا فأر تعال وخلصّني من هذه الشرنقة،آه..ما هذا،ألم..ألم فضيع وغير رحيم بالمرة،وهن على وهن،جوع وعطش واضمحلال،(يزحف باتجاه المكتبة،(برق مباغت،ينقطع التيار الكهرابي)آه..الآن فقدت صلتي بالأشياء،الموعد لم يحن بعد،عليهم اللعنة،دائماً يسرقون حصتنا من التيار،تلك هي العدالة والحرية التي كنّا ننشدها،كنّا لا ننام ما لم نقنع أنفسنا بوهم التحرر من براثن الواقع ورثاثة الماضي،كل شيء حطم قيده وصار يبتكر قانونه الأخلاقي،آه يا فأر أنت سبب كل هذا،ماذا لو استجبت لمطلبي،لكنت الآن في مكان ما وأنا ربما تفرغت من تدوين الخطوط الأساسية لروايتي،آه..أنت السبب لا محال،أنت السبب،ولكن ما باليد من حيلة خادمة،أنا لست بمؤذٍ للكائنات تلك هي الرحمة التي هبطت عليك يا فأر،(يتحرك،يصطدم بشيء)يبدو أنه الصندوق العجيب،أنت يا رجل سميته الصندوق الرحيم،دائماً لديك فلتات لغوية لطالما أرّقت بها رفاقك،تأتي بمصطلحات غاية في الدقة والدهشة،آه..ما هذا..شيء مغرىٍ،يا له من شهي،(يتململ،يحشر نفسه داخل الصندوق،)أحقاً هذا الصندوق يسعني،أم أنني تقزمت،كل شيء وارد،قلت هذا من قبل،كل شيء تبدل،أنسلخ من رداءه القديم وصار يتهلهل داخل أسمال فضفاضة،أردية لا تليق بالمكان ولا بالزمان،ما هذا..شيء له رائحة الحياة،(يمد فمه،صوت برق ورعد واصطفاق باب) ماذا عملت يا رجل،(يحاول أن يتحرك داخل القفص،يدور حول نفسه)آه..أنك أصطدتني يا فأر،كنت أبغي اصطيادك،كنت أروم إنقاذك،ها أنت تباغتني أو بالأحرى استغليت طيبتي،لا..لا..لن أقبل بهذه اللعبة،ليس الاحتيال من شيمتي،الكتّاب لا يحتالون،ليس كلهم طبعاً،هناك من أحتال كي يعيش أو ينال مناصب متحركة،كاتب مثلي قرر من البداية أن ينزف عمره من أجل الآخرين،لا من أجل تمشية أموره الشخصية،أين أنت يا فأر..أين أنت..(يخرج الفأر ويتسلق القفص،يبدأ التحرك فوقه،وسط دهشته..)..!!
***
(صوت انفتاح الباب الخارجي،وقع أقدام بشرية..)،يبدوا أنهم جاءوا،أخيراً جاءوا،لا..لا..لن أعاتبهم،ولم أعاتبهم،هم خير جار،أزالوا وحشتي وأطعموني طيلة سنوات،سأعذرهم بسبب المطر،أو بسبب حظر التجوال المفروض،من حقهم أن يتجنبوا المشاكل،الدنيا ملغومة،الواحد يجد نفسه مساقاً إلى السجن بلا سبب،جاءوا يستطلعون أحوالي،لكن ماذا لو سألوني لم أنني أحشر نفسي في هذا الصندوق،ماذا أقول لهم،حسناً سأقول البرد،البرد اللعين،(يفتح باب الغرفة،تدخل امرأتان وشاب وسيم يحمل حقائب سفر،تخرجان مناديل ورقية تكممان أنفيهما،تمد الفتاة يدها إلى حقيبتها وتخرج زجاجة عطر،تبدأ بضخ رذاذٍ منعش إلى فضاء الغرفة)آه..ما الذي يجري،هل حقاً أنني في الواقع،أكاد لا أصدق،أين الجار،ومن هم هؤلاء،يبدو أن العوائل الزاحفة أو المهجرة أو بالأحرى الهاربة من جحيم ما يجري قد استولوا على منزلي،كل شيء جائز وممكن،مئات العوائل هربت ووجدت مخلفات المباني سكناً لها،كل بيت مهجور،كل خربة صارت بعيون المهجرين جنة مأوى،(تؤشر الفتاة إلى الشاب سرعان ما يخرج،تتقدم المرأة من الصورة،تتقدم الفتاة وتقف لصقها،يبدأ بالصراخ)أنتم..هي..أنتم..من أنتم..كيف سمحتم لأنفسكم اغتصاب منزلي،يبدو أنهما لا..لا..لا يسـ..ـمـ..ـعـ..ـااااان،ماذا أعمل،ليس لدي من حيلة،هييييي أنت أيتها المرأة السمينة،انظري،أنا..أنا..آه..كيف أوصل نداءي،وأنت أيتها الفتاة المتسربلة برداء اللاحشمة،أيتها المتحررة،يبدو أن صوتي قد تحجر،نعم لا صوت لي،لو كان لي صوت لما جرى لي ما جرى،الصوت مهم لتحديد هوية الإنسان،الصوت يعني الأمان ويعني..يعني الوطن،أنا بلا صوت،بلا صوت على ما يبدو..(يدخل الشاب الوسيم ويرافقه شابان،تؤشر الفتاة،يبدأ الشابان بنقل الموجودات إلى خارج الغرفة،تتقدم الفتاة،تقرفص أمام القفص،تحدق بذهول،تؤشر للشاب الوسيم،يتقدم ويقرفص شمالها،تتقدم المرأة وتقرفص على يمينها،تند ضحكة موحدة،ضحكة تمتد وتمتد..تحتدم بصوت دوي هائل قادم من بعيد،ينهض الثلاثة ويلتحمان)يالهم من رعاديد،يبدو أنهم لم يدمنوا المفخخات والعبوات الناسفة،مساكين هذا الجيل الجديد،ألم تقل يا رجل أنتهى زمن النساء الثوريات،أو بالأحرى المنجبات المرضعات اللاتي يصنعن الأسود،(ينفك التلاحم،خوف واضح وفاضح على الملامح،تستدير الوجوه دفعة واحدة نحو القفص،تؤشر الفتاة بسبابتها،يتقدم الشاب،يخرج منديلاً ورقياً،يرفع القفص بحذر،يخطو إلى خارج الغرفة..إلى خارج المنزل..إلى خارج البلدة..إلى خارج البلد..إلى خارج العالم..)



#تحسين_كرمياني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غريب الدار
- حتى انت يا جمعة
- موت الواقع في رواية (موت الأب) لأحمد خلف
- السيرة الدرامية للمبدع(محي الدين زه نكنه)في كتاب ل(صباح الأن ...
- جمال الغيطاني في(حرّاس البوابة الشرقية)هل دوّن ما رأى أم سرد ...
- بين دمعتي(احمد خلف)و(حسين نعمة)دمعة كاذبة
- القارة الثامنة
- الرجل الذي أطلق النار
- في حوادث متفرقة
- مسرحيات مفخخة//حين يكون المبدع أداة مجابهة// محي الدين زنكن ...
- أينما نذهب ثمة ورطة
- إنهم يبيعون الإهداءات
- أغتيال حلم..أو شاعر آخر يتوارى
- تواضعوا..يرحمكم الله
- سيرة الدكتاتور..من الفردانية..إلى الأفرادية..
- بلاد تائهة..
- سر هذا الضحك
- من سيربح العراق
- لا تلعنوا آب رجاء..
- هل حقاً كاد أن يكون رسولا..


المزيد.....




- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - تحسين كرمياني - أصطياد فأر....مونودراما