كتاب المجموعات الغنائية العصرية السوسية..فكر،تاريخ وفن-مجموعة أوسمان

أحمد الخنبوبي

الحوار المتمدن-العدد: 2373 - 2008 / 8 / 14 - 08:23
المحور: الادب والفن
    

لقد كانت إرادة أعضاء الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي، منذ تأسيسها عام 1967 ملحة في لعب دور من اجل تطوير الموسيقى الأمازيغية(22)، وإخراجها من طابعها التقليدي والكلاسيكي، المتمثل في نمطي "الروايس" و"أحواش" بمختلف تجلياته إلى النمط العصري .

وقد كان لقاء الأستاذ إبراهيم أخياط ،رئيس الجمعية مع الفنان عموري مبارك ،في بداية السبعينات بالصدفة ،في أحد الأعراس بمدينة تيزنيت(23). حيث اكتشف الأستاذ أخياط أن التصور الذي وضعه أعضاء الجمعية الثقافية ،لتطوير الأغنية الأمازيغية وعصرنتها، متجسد في الشكل الغنائي، الذي يمارسه عموري مبارك رفقة مجموعة "سوس فايف" ،التي كانت تؤدي أيضا أغاني بالفرنسية والإنجليزية.

وهكذا تشكلت النواة الأولى لمجموعة "أوسمان"، بعد التحاق مجموعة أخرى من العناصر الموسيقية ،لتطعيم و تقوية المجموعة ،التي أخذت في بدايتها تسمية "ياه" ،وضمت المجموعة كل من عموري مبارك، سعيد بيجعاض، بلعيد العكاف، اليزيد قرفي ،سعيد بوتروفين، طارق المعروفي، وإبراهيم أخياط و الصافي مومن علي ، كمؤطرين، و هؤلاء ينتمون إلى قبائل سوسية مختلفة ،بل واٍن طارق المعروفي، ابن مدينة الرباط ،كانت له علاقة خاصة بالموسيقى الأمازيغية.

ميزة "أوسمان" عن باقي المجموعات الموسيقية الأمازيغية الأخرى، هو تأثرها الكبير بالموسيقى العالمية خصوصا الغربية. وذلك ما يتجلى من خلال الآلات المستعملة، حيث تعتمد المجموعة ،على آلات القيثارة الكمان ،الأكورديون وغيرها (24)،و المقامات الموسيقية الحديثة ، وهذا لا ينفي هوية الطابع الموسيقي الأمازيغي للمجموعة، فالتأثر والتأثير في الميدان الموسيقي من السمات التي لا يمكن أن تعيش أو أن تجدد بدونهما الموسيقى .

لقد استفادت "أوسمان" ،من استقرار عناصرها بمدينة الرباط العاصمة، ومن تأطير الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي لها ،إذ اكسبها ذلك شهرة إعلامية، وفرص متعددة للتواصل مع الجمهور، كما أن تقرب أفرادها ،واحتكاكهم بنشطاء الحركة الثقافية الأمازيغية بالمغرب ،أكسبهم وعيا بالقضية الأمازيغية ،مما جعل المجموعة تلعب دورا كبيرا للتعريف بالقضية. فقد كانت إحدى الأمسيات الفنية التي أحيتها أوسمان رفقة "اٍزنزارن "بمسرح محمد الخامس بالرباط ملحمة أمازيغية بكل معنى الكلمة، حيث اكتظت جنبات المسرح وخارجه بالجمهور الأمازيغي، المتعطش لموسيقاه في حلة عصرية.


أضفى تعامل المجموعة ،مع مجموعة من شعراء القبائل القريبة من حاضرة تارودانت ،خاصية مميزة عليها ،فكان تعاملها مع كل من علي صدقي أزايكو، إبراهيم أخياط ، محمد مستاوي ، عمر أمارير، وأحمد بوزيد، ويلاحظ في شعر هؤلاء التأثر الواضح بشعر"سيدي حمو الطالب" فتقول مثلا قصيدة "اٍدرارن" لعلي صدقي أزايكو رغم التجديد الطاغي عليها:


ئيوين ئيدرارن تاكوت يوي لوطا أمان
حملت الجبال السحب و السهول المياه

ئيويخ نكين الهم مان ئيدرارن أتند ئيفكان ئيوزغار
حملت أنا الكرب. أي الجبال أعطته للسهول

ئيريفي نغانيي
اٍني أتقاتل مع العطش

كما أن" أوسمان "، تعد أول مجموعة موسيقية مغربية، غنت بقاعة "الأولمبيا "الشهيرة بباريس، وهو ما يدل على مكانة المجموعة، و مكانة موسيقاها في الساحة الدولية ،وبالرغم من عمر المجموعة القصير، إلا أن مكانتها تبقى كبيرة جدا في الساحة الموسيقية المغربية ،كما يعود للمجموعة الفضل الكبير في تطوير الأغنية الأمازيغية، وجعلها ، و قد استمر أعضاء "أوسمان" كأفراد(25)، في العطاء الموسيقي الأمازيغي وفي البحث الأكاديمي الموسيقي، كما هو الشأن بالنسبة لعموري مبارك ،بلعيد العكاف، والآخرون.


22. اٍبراهيم أخياط،،مقال بعنوان "أوسمان و تحديات المرحلة"،منشور بكتاب "الأغنية الأمازيغية و اٍرادة التجديد-مجموعة أوسمان-"، ص 9 ،من منشورات الجمعية المغربية للبحث و التبادل الثقافي، سنة 2002.
23. اٍبراهيم أخياط ،المرجع السابق،ص 15.
24. كلود ليفيبير،مقال بعنوان"أوسمان شرارة تحديث الأغنية الأمازيغية"،ترجمة مصطفى القادري منشور بالمرجع السابق ،ص 38.
25. كتاب تعريفي بالفنانين المشاركين في الدورة الثالثة لمهرجان "تيميتار"،ص14،صادر عن جمعية "تيميتار"،سنة 2006.

#أحمد_الخنبوبي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل