أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخنبوبي - قراءة الأستاد علي الزهيم الجلوي الباحث في الأدب الأمازيغي في كتاب -المجموعات الغنائية العصرية السوسية..فكر،تاريخ وفن-لمؤلفه أحمد الخنبوبي















المزيد.....


قراءة الأستاد علي الزهيم الجلوي الباحث في الأدب الأمازيغي في كتاب -المجموعات الغنائية العصرية السوسية..فكر،تاريخ وفن-لمؤلفه أحمد الخنبوبي


أحمد الخنبوبي

الحوار المتمدن-العدد: 2358 - 2008 / 7 / 30 - 06:45
المحور: الادب والفن
    


إلى الراحل في صمت : مولاي عبد الكبير
شوهاد يرحمه الله

توطئة:

لقد شكلت المجموعات الغنائية العصرية الأمازيغية، ظاهرة متميزة وحدثا فنيا بامتياز،لأنها استطاعت بوعيها الفني أن تحدث تغييرا على مستوى الشكل والمضمون أو ما يمكن أن نسميه المبنى والمعنى.

هكذا إذن رسمت لنفسها مسارا كان صعب المراس في بادئ الأمر لأسباب، ذاتية وموضوعية، لكنها تغلبت عليه في نهايته لأنها أكسبت لنفسها جمهورا عريضا وفيا لها ولمسارها الذي يحمل من التميز الشيء الكثير. في ظل هذا السياق، وفي بداية السبعينات بالذات من القرن الماضي، اشتعلت شرارة الفن الأمازيغي على يد ثلة من الشباب الأمازيغي التواق إلى نسمات التعبير الحر، فظهرت أوسمان. كإعلان لاخضرار سوف يحصل لاحقا ولأن البروق/البرق إسم يدل على معنى له أهميته عند النبات والمزروعات، والذي بفضله تبقى مخضرة كما يرى كلود ليفيبير "Claude Léfébure" . وهذا الحدث المرتبط بالخصب سوف يساهم فيما بعد في انقشاع السحب لتظهر الأنوار أو الأشعة "ءيزنزارن" ومرة أخرى لتكون هناك تحولات طبيعية وفرص متاحة/ ءيزماز لتعطي هذه الفرص للطبيعة رذاذا يسقي بتؤدة إنه أرشاش. وهكذا في مسيرة وفي خريطة الفن الامازيغي الممتدة عبر مسيرة زمنية قاربت ستا وثلاثين سنة.

في ضوء هذا المولود الجديد/مولود المجموعات الغنائية العصرية الأمازيغية، وعبره استطاع الباحث الأستاذ أحمد الخنبوبي أن ينجز أنطولوجيا لامحة لهذه المجموعات الغنائية العصرية، محاولا بذلك كشف النقاب عن ما كان مطمورا متوارى عن الأفهام، ولعله بهذا العمل يسعى إلى النبش في هذه الذاكرة التي أغفلها، بل نسيها الكثيرون. وسوف نحاول من خلال هذه القراءة أن نقوم بمسح للكتاب من حيث شكله الخارجي والداخلي مع إبراز خصائص بعض المجموعات المتميزة شكلا ومضمونا. ولعلنا نحن كذلك بهذا نساهم في بلورة هذا المشروع الفني الذي قدم الشيء الكثير للفن المغربي عامة، والأمازيغي منه على وجه الخصوص. ولعلنا كذلك نعترف لهذه المجموعات والرائدة منها ببعض الجميل لأنها حافظت على هويتنا الأمازيغية في زمن يحس فيه كل من يتحدث هذه اللغة بنوع من الخجل، واليوم لازالت هذه المجموعات تحافظ وتذود عن كرامة الإنسان الأمازيغي المستضعف وتحافظ له عن كيانه في لحظة زمنية اتسمت بالعولمة المتفسخة على مستوى الأغنية المصورة التي تريد سحق أخلاق الحياء والحشمة والطهر لدى بني مازغ، وتريد له التبعية لصنمية الفن الشرقي المعولم الآتي من لبنان والخليج العربي، ألم تقل مجموعة إزنزارن يوما ما:
ءاسي سيعر ءاياكادير باسيت ءوساتور
ءاسي سيعر ءاوتمازيرت ءيواكال نون

ثم ألم تقل مجموعة أرشاش : كتاخ زوند ءيضوضان شركات تيديكلت
لحاسادا ءارتاطو ويدا ءيمون تاسوتين

وأخيرا ألم تصرح مجموعة ءيكيدار مشيرة إلى هذا المسخ التغريبي الوافد فقالت:
ءيمغيد ءوعوريض خ طوزومت ن لعارضا نون
سوان ءيزوران خ ويياض ييكوت ءوعوريض

I - قراءة في عتبات الكتاب الخارجية :

أ – عتبــــــة العنـــــــوان :
لعل ما يلفت الانتباه، هو أن العنوان كتب بخط عريض ولون أخضر، وكأنه تذكير بذلك الاخضرار الذي أعلنه كلود ليفيبير "Claude Léfébure" سالفا. وهذا العنوان مكون من أربع كلمات وهي المشكلة للعنوان الرئيس، وهذه الكلمات هي كالتالي: المجموعات + الغنائية + العصرية + السوسية: والكلمات الثلاث الأخيرة أي الغنائية والعصرية والسوسية ،هي كلها نعوت وصفات للكلمة الأولى"المجموعات"، والتي هي مبتدأ لخبر محذوف تقديره"كائنة" أو موجودة، وهذه النعوت والصفات بينت ووضحت طبيعة هذه المجموعات من حيث وظيفتها ودورها أي أنها غنائية تمارس فعل الغناء، كما بينت زمكانيتها، فالزمن أنها راهنية أي اتسمت بكونها تنتمي إلى هذا العصر الحديث، والمكان أنها مرتبطة بفضاء هو منطقة سوس.

وكلمة المجموعات جاءت بصيغة الجمع (جمع المؤنث السالم) لمفردة وهي المجموعة، وهذا يدل على كثرتها وتشعبها بل وتنوعيها على مستوى الأسماء والمسميات والدلالات وكذا الموضوعات والأغلفة الإيقاعية والألحان.

وفي أسفل العنوان الرئيس هناك عنوان مصاحب وهو بدوره مكون من ثلاث كلمات وهي فكر تاريخ وفن.إذ يعني ذلك أن هذه المجموعات تحمل فكرا ومضمونا ولها تاريخ ومسار، ثم إنها تحمل حمولة فنية على مستوى المضمون الشعري المتميز بفنية رائعة وعلى مستوى الألحان الإيقاعية التي تميز كل مجموعة على حدة.

ومما يثيرنا كذلك في الغلاف الخارجي اسم المؤلف، وقد كتب في أعلى الغلاف وبلون أسود. واسم المؤلف في أي كتاب يعد عتبة نصية هامة إذ أنه يمنح سلطة توجيه المتلقي/القارئ من خلال العلائق الجدلية التي تربط إسم المؤلف بنصه. فالمتلقي/القارئ يستطيع أن يحدد هوية الجنس الأدبي أو الجنس الثقافي والفكري الذي يبدع فيه المؤلف(..) بالإضافة إلى ما يمكن أن يشير إليه هذا الاسم من تعالقات ذهنية مع هوية المؤلف، الجغرافية والتاريخية والجنسوية( ذكر/أنثى) . وما يمكن أن يستحضره المتلقي/ القارئ عن المؤلف من خلال بيئته وانتماءاته وكتاباته( ). ومن هذا المنطلق فإن اللقب المرتبط بالمؤلف له ارتباط بفضاء معروف في أرياف تيزنيت هي منطقة"الخنابيب" وهي فضاء يضم عددا من الدواوير ومنه دوار الفيض الذي ينتمي إليه المؤلف، والغريب أن معظم سكان هذه المنطقة يتحدثون الدارجة المغربية. وهي تابعة إداريا لجماعة أكلو.

وحين نتحدث عن أحمد الخنبوبي. فإننا نستحضر على مستوى الإنتماء والكتابات شخصا فاعلا جمعويا نشيطا من الشباب العاملين على مستوى العمل الجمعوي الأمازيغي، ومما يؤكد هذا القول حضوره المستمر والمتميز على مستوى العديد من المنابر الثقافية والصحفية رغم أن تكوينه الجامعي كان في القانون العام وعلم الاقتصاد إلا أن ميولاته الموسيقية والشعرية والأدبية أدت به إلى كتابة هذا العمل المتواضع حسب قوله في الصفحة الخامسة عشرة.

ب- صـــــــــــورة الغـــــــــــــلاف :
إن ما يثير الانتباه في الغلاف هو تلك الصورة التي أبدعها وقام بتركيبها الفنان عبد الجبار فهيم أحد أعضاء مجموعة تودرت والتي ينتمي إليها الباحث أحمد الخنبوبي. بحيث أن أية قراءة لهذه الصورة تحيلنا على أول مجموعة ظهرت في الدشيرة، ألا وهي مجموعة" تبغاينوزت" إذ يظهر في الصورة عنكبوت معلقة في خيوط بيتها الواهن، هذا النصف العلوي للصورة وقد أخدت من حيز الصورة الشيء الكثير. ثم في النصف السفلي للصورة، نرى ثلاث آلات وهي آلة البانجو ثم آلة القيتارة ثم الطامطام. فما هي العلاقة الرابطة إذن بين هذه الآلات وهذا المخلوق؟أي العنكبوت. إنها علاقة فن وصمود فالعنكبوت تبني وتنسج بيتها صابرة رغم أنه من أوهن البيوت كما يبين قول الله عز وجل في سورة العنكبوت الآية 41" وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون". وهل يدل هذا كذلك على أن بيت ومشروع هذه المجموعة "تبغاينوزت" كان بدوره واهنا بالفعل لأنه لم يبق لها وجود؟

II – المضامين الداخلية وسؤال المغامرة عند المجموعات العصرية :

يتوزع الكتاب في فضاء ورقي عدد صفحاته تسع وتسعون صفحة يمكن إجمالها فيما يلي: ففي الصفحة السادسة نجد رجاء من الكاتب قصد الترحم على أرواح رواد المجموعات الراحلين، ثم في الصفحة السابعة نجد إهداء، وبخصوص هذا الإهداء، والذي هو بدوره عتبة نصية لا تنفصل دلالتها عن دلالة العنوان أو اسم المؤلف أو غيرها من عتبات النص، فهو عبارة عن إشارات دلالية ذات خاصية موازية لخاصية العنوان، وصيغته هنا أنه جاء بصيغة عامة، بحيث يوجه الكاتب إهداءه إلى كل فنان يحترق لينير للآخرين، وهو إهداء يتعالق مع العنوان والمضمون، فهؤلاء الفنانون هم بالفعل شموع تحترق لتمنح الضوء للآخر. وقد صدق في هذا قول الشاعر علي شوهاد حين قال: ءيكا بولهوا تاشمعت ءيكلين / ءينا دكاءيكا وا ضو ءيمدوت.
وفي الصفحة التاسعة نجد تقديما للكتاب قام به أحد الكتاب العصاميين وهو حسن معتصم من إيفران الأطلس الصغير، ويشغل هذا التقديم حيزا قوامه خمس صفحات، وهذا التقديم الرائع قد صيغ بطريقة فلسفية ربط فيه المقدم بين الموسيقى ومجالات أخرى كالحياة والطبيعة والدين، وغاص في عمق التصور الفلسفي لكبار الفلاسفة والمفكرين مثل:ألالاند وفيشير وألبير كامي ثم الفيلسوف الألماني: فريدريك نيتشه. كما اعتمد على آراء أرسطو وكلود لفي ستراوس، وتعريفات اللغويين كإبن منظور إضافة إلى هيجل وجان جاك روسو وغيرهم.

أما في الصفحة الخامسة عشر فنجد مفتتح القول للكاتب كان بمثابة مقدمة مهد بها الكاتب لبحثه. إلا أن الحيز الأكبر من الكتاب استحوذ عليه بسط المجموعات البالغ عددها أربع عشرة مجموعة عصرية، من الصفحة الثالثة والعشرين إلى الصفحة الحادية والثمانين. أي بما قدره من الصفحات ثمان وخمسون صفحة. وقبل بسط هذه المجموعات فهناك تحديد للسياقات والإفرازات التي أفرزت ظهور المجموعات وقد ختم الكاتب كتابه، بخاتمة مختصرة حيزها صفحة واحدة وهي الصفحة الثالثة والثمانون، ومادام كل بحث يعتمد مراجع تعزز القول، فإن الكاتب أفرد للمراجع أربع صفحات بدءا من الصفحة الخامسة والثمانين إلى الصفحة الثامنة والثمانين، ولا ننسى أن هناك ملحقا قيما ألحق فيه الكاتب للكتاب أسماء حوالي مائة وتسع وثمانين مجموعة غنائية ضمنها تلك التي تناولها في الكتاب. وقد صنفها الكاتب انطلاقا من العقد الزمني للتأسيس والنمط الغنائي إضافة إلى التسمية ودلالتها، وقد قسمها إلى ثمانية أصناف . فهناك ظواهر طبيعية وأسماء الحشرات والقبائل وهناك ما يدل على بعض القيم وتيمات مختلفة ...

ولكي يقرب الكاتب صورة بحثه أكثر، وليضع المتلقي والقارئ في سياق وفي صلب هذه المجموعات، فقد وظف حوالي خمس عشرة صورة وهي عبارة عن صور لبعض الأعضاء داخل المجموعات أو صور لأغلفة بعض الأشرطة التي أنتجتها هذه المجموعات، لكن هناك ملاحظة أساسية وهي أن هذه الصور فقدت بعض معالمها حين تم استنساخها، وحبذا لو تم وضع هذه الصور كما هي في الأصل حتى تؤدي دورها وقصدها أكثر.

III – رصــــــــد القـــــــــول فـــــــــي المجمــــوعات :

كما سلف القول، فالباحث أحمد الخنبوبي تناول في هذا الكتاب أربع عشرة مجموعة غنائية عصرية وصفها بكونها سوسية رغم أن هناك واحدة ضمنها لا تنتمي إلى جغرافية سوس بل إلى الحوز وبالذات منطقة إمي نتانوت. أما المجموعات التي تم التطرق إليها في البحث فهي على التوالي: لاقدام، إزنزارن(ءيكوت عبد الهادي)،ءوسمان،ءيزنزارن الشامخ، اٍزماز، إيتماتن فأرشاش ثم تيتار وتيليلا و إكيدار، ثم تودرت فأيت العاتي، ثم أودادن واخيرا لارياش .

أ- التصــــــــــنيف حسب الحمــــــــولة الفكــــــــرية :
لقد ربط الباحث كل مجموعة بتوجهها سواء على مستوى المضامين والحمولة الفكرية وقوة الكلمة أو حسب الإيقاعات والألحان لدى المجموعة: هكذا نجده يصنف مجموعة لاقدام في خانة أنها مدرسة الاجيال الموسيقية، في حين نجد حضور الحس السياسي لدى مجموعة إيزنزارن(ءيكوت عبد الهادي)، أما مجموعة أوسمان فهي في نظره مجموعة ظهرت بقوة واختفت بسرعة يعني في نظرنا الأسم يدل على المسمى.وما يميز مجموعة إزنزارن الشامخ في نظر الكاتب أنها ساهمت في إحياء تراث الروايس. وما يؤكد هذا في منظورنا هو مساهمتها في إعادة تسجيل لأغاني الحاج بلعيد، وبعض من أغاني أزعري.

إزماز من جهتها نعتها الباحث ووصفها بأنها رمز للأصالة والابتكار ولعل المقصود بالأصالة هو كونها ارتبطت بمضامين أحواش، أما الابتكار فيرتبط بابتكارها الآلة الثلاثية المتميزة. وأيتماتن أحدثت قفزة نوعية في الأغنية الأمازيغية إذ كانت من المجموعات الأولى التي وظفت القيتارة الكهربائية. ومجموعة أرشاش تمثل الذاكرة التراثية للمجموعات الموسيقية الأمازيغية، وهذا قد يرتبط لدى الباحث أحمد الخنبوبي باستلهامها للإيقاعات الموظفة في أحواش بشكل واع. ولا ننسى مجموعة تيتار التي أحدثت ألحانا سحرية في تجربتها التي لم تدم طويلا . أما بخصوص تليلا فقد شكلت صوتا متميزا لإمي نتانوت .وتبقى مجموعة إيكيدار ملتقى للموسيقى الأفريقية الكناوية والامازيغية. ومجموعة تودرت والتي ينتمي إليها المؤلف فإنها ارتبطت بالطبيعة إذ أحبتها حيث أنها أحدثت ثورة رومانسية في مضامينها ، وما أغنية "زريغ أجيك" إلا نموذج على ذلك بحيث تغنى بها الكثيرون صغارا وكبارا.

وفي الاخير تناول ثلاث مجموعات تصب كلها في قالب واحد وهو القالب الغزلي، إنها مجموعات: أيت العاتي، أودادن ثم لارياش.

ب – الإطـــــــــــــار الجغـــــــــرافي للمجمــــــــوعات :
إن الملاحظ في الفضاء المكاني والجغرافي الذي انبعثت منه هذه المجموعات هو أن خمسين بالمائة منها يوجد في أكادير الكبرى موزعة ببن إنزكان والدشيرة وبنسركاو وأيت ملول ثم تيكوين. أي ما يمكن أن يطلق عليه مدن الهوامش حيث نجد : لاقدام ثم إزنزارن بمجموعتيهما وإيكيدار وأودادن وتيتار ثم أيت العاتي. وهذا يؤكد أن الفن ينبثق من الهامش المستضعف.

أما خمس عشرة بالمائة من هذه المجموعات فنجده في تيزنيت/ متمثلا في تودرت وأيت ماتن ثم خمس عشرة بالمائة في تافراوت ممثلة في ازماز ولارياش وسبعة بالمائة في طاطا ممثلا في أرشاش وسبعة في المائة في إمينتانوت ممثلا في تليلا وأخيرا سبعة بالمائة في الرباط ممثلا ب: ءوسمان.

IV – ثـــــــــــلاث مجمـــــــــوعات تحت المجهــــــــر :

سوف أختصر القول في هذه المداخلة للحديث عن ثلاث مجموعات ضمن المجموع العام: وهي : مجموعة إزنزارن ءيكوت عبد الهادي ثم مجموعة أرشاش وأخيرا مجموعة يكيدار ،لألفت النظر أن هذه المجموعات لم تعط حقها من الاهتمام والدراسة بالشكل المطلوب، ولأؤكد أنها مدارس قائمة بذاتها، ولا ننسى أن ءيكيدار هي امتداد لإزنزارن عبد الهادي .

إن ما يميز مجموعة إزنزارن عبد الهادي، هو ذلك الحس السياسي الملتزم، وبجرأة قل نظيرها حتى عند من يطبل لهم ويزمر لهم اليوم، ويستفيدون في انتهازية مطبقة، فالكاتب أحمد الخنبوبي يرى أنه "يمكن لمتتبع أغاني إزنزارن أن يلمس الحس السياسي في أغانيهم وبقوة منذ الشريط الصادر في أواخر السبعينات".انتهى

إن المجموعة بالفعل شكلت منعطفا مهما في مسار الأغنية العصرية الأمازيغية. فمن منا ينسى أغان من مثل : ءيمحضان، ءيمرجانربي، طبلة، توزالت،ءانمال ، ءيزيليض ، روا ، ءاطان ،تيلاس ، تخيرا ، تاسوتاد ، أكاس، ءيكيكيل. وفي هذا السياق يجب ألا ننسى جنديين مجهولين وراء هذا التميز وهما الشاعران محمد حنفي وعبد الرحمن عكوادو، واالذان من خلال نصوصهما وصلت المجموعة إلى أوج العالمية ،ولا ننسى براعة الفنان الكبير: عبد الهادي ءيكوت بحيث اتسقت الكلمة الهادفة القوية مع النغمة الشجية لتشكلا تناغما أطرب الأجيال، ولازال يطرب. كذلك لا يجب أن ننسى حضور الأعضاء الآخرين الذين بصموا ببصماتهم على مشروع هادف بدءا من مولاي براهيم الطالبي ذي الصوت الشجي المتميز في "ءيمي حنا" و"ءانمال" وغيرهما من الأغاني ،ولحسن بوفرتل المهووس بالإيقاعات المستلهمة من فضاء كوليزي بإنزكان وعشقه الكبير لإيقاعات طمطمه المتميز. ثم مصطفى شاطر البارع في إيقاعات السنتير. وحسن بايري وجمال زكوار ثم عبد الرحمن بارضا هؤلاء كلهم صنعوا أسطورة الخلد ومجد المجموعة ونستقي من إبداعاتها رؤيتها للوضع السياسي المحتقن في وسط الثمانينات من القرن الماضي حين تقول في قصيدة : تيلاس:
لعاقل ءايسوينكيمن ساولن نانييد
لحاق ءيمضيلت ءوقاريض كن فلاس ءيسمكان
إلى أن يقول :
وانا ياد ءيكان ءيزم كين فلاسن تيضاف
ءاراسن سغالن ءيزموزال تيسياسن لاطرت
ءاسنا تن غين لوحن كيس تاودا س ءوكوراي
كنتين غ ءيزيطي ووزال د ومن فلاس ءاكراف
ماش ءيزم واليت ءيكان ءورءيسن تاسركمت.

وفي الطرف الآخر نجد حضور مجموعة أخرى، رسمت هي بدورها لنفسها مسارا متميزا، منذ ثمان وعشرين سنة ألا وهي مجموعة أرشاش، هذه الأخيرة انبعثت من رحم أحواش بالأطلس الصغير. وفي ربوع ءيسافن وإبركاك ثم تافراوت لتصنع لنفسها طريقة لها من الخصوصيات الفنية والإيقاعية الشيء الكثير. هكذا نجد حضور كلمة قوية موازية لنغمة صداحة ساحرة. هكذا تلتقي الكلمة الشاعرية للشاعر مولاي علي شوهاد بنغمة موسيقية مؤثرة للفنان المقتدر مولاي الحسين وخاش ليصنع الإثنان مدرسة قائمة الذات. لأن الأول(مولاي عي شوهاد) مهووس بألق الكلمة التي تخرج وتؤدى بصوت رنان قوي ومعبر، والثاني (مولاي الحسين وخاش) العاشق لأوتاره حتى النخاع واللاصق التصاق الجلد يالعظم ""ببانجوه"، والعمل داخل مجموعة أرشاش عمل متكامل يصنع انسجامه فريق عاشق للإيقاع ومحب للكلمة المعبرة الهادفة، هكذا خلد المرحوم عزيز الهراس بإيقاعاته على آلة الطمطام ألحانا خالدة نستحضرها في أغان مثل: العمبر – والشباب وتيديكلت...وإيقاعات أحواش التي يؤثت بها مولاي ابراهيم إسكران العديد من الألحان الموشومة بإيقاعات أحواش. وذلك بمعية شاعر أسايس المرحوم مولاي عبد الكبير شوهاد الذي يبصم على العديد من الأغاني بصمة من أحواش بلمسات من تازرارت بصوت قوي وجذاب. والشاعر مولاي عبد الكبير رحل في صمت دون أن يلتفت إليه أحد لأنه ليس من المتملقين ولم يدق قط بابا للاستجداء فرحل شريفا وهو أصلا شريف. ثم لا ننسى رجل المهمات محمد صالوت أكرام كل هؤلاء أبدعوا ونسجوا من كلمات مولاي علي ونغمات مولاي الحسين وخاش، وإيقاعات مولاي ابراهيم أسكران ومولاي عبد الكبير رحمه الله وعزيز الهراس يرحمه الله ثم الآخران.أقول نسجوا كنزا فنيا رائعا لازالت ربوع الأطلس الصغير واٍبركاك تردد ألحانه ولازال يجري مع مياه إسافن العذبة ليسقي حقول الفن الملتزم.

هذا الإرث الضخم الذي يخلد حضارة الأمازيغ لم يعط حقه من الدراسات لأن ذنبه أنه كان ولازال أمازيغيا وأنه لم يتملق ولم يقف على عتبات الأسياد ليمنوا عليه. في زمن عولمي معولم يراد فيه لكل شريف أن يتخلى عن شرفه لكي يصل، ولو على حساب المبادئ والقيم. فكيف ننسى روائع من مثل : أركان ،تموزغا ،ءاكساب،العمبر،ءاسلم ، تلخاتمت ،ءيماتالن، ءابوكاض، ءيرور ءوغروم ،وغيرها ونستقي من إبداع المجموعة ومن قصيدة "نملت" ما يلي :

ءيلاد ءورشاش نواضو ءيسار ءيسنخليف ءيخ ءيسويات تسكاخ ءيكران ءيضل تاياض
توتاخ نملت ءيكيدار كان داك ءيغاســـــان تاسيوت نسن تنسرد ءاسغار ءيكا تاســـــوت

إلى أن يقول: داتمكزازنت تغراض ن سواري لي يوسين روحان ءيكفافن ءيكي ءورءوسين ءاساتور
ولا ننسى أن المجموعة وظفت من الايقاعات الشيء الكثير من اٍيقاعات أحواش كأجماك و أهنقار و درست ،فكيف يغيب عنا إيقاع تلخاتمت وهو من أحواش إبركاك، وتم توظيف إيقاعات الدقة المراكشية في قصيدة سيدي حمو، ثم الإيقاع المتميز لقصيدة أركان وهناك إيقاعات عالمية كإيقاع السامبا البرازيلي في قصيدة"ءيدريمن دلعيبب".

ونصل في الأخير إلى مجموعة وظاهرة أخرى هي ظاهرة مجموعة إيكيدار، والتي هي امتداد لمجموعة إزنزارن بل هي ابنتها وربيبتها تخلقت من لحمها ودمها واغتذت بلبنها. فالمجموعتان تتقاسمان معا عناصر الفن المرسوم بكونه فن "تزنزارت"، لكن مجموعة ءيكيدار تميزت بشيء آخر، وهو أنها أضافت لألحان تزنزارت إيقاعات كناوية حتى أطلق على هذه المجموعة مجموعة: تازاكنا "Tazagna" يعني أنها جمعت بين تازنزارت وتاكناويت. وهذا ليس غريبا عن المهتمين والباحثين، لأن أعضاء المجموعة نشأوا في فضاء عرف بطقوس كناوية تقام في إطار مواسم ءيسمكان في "تادارت" و"تمعاتيت" و"تيكوين" و"إنزكان"، وفي العديد من المناطق المتاخمة لأكادير الكبرى. فمنها استقت المجموعة هذه الإيقاعات المؤثرة التي احتضنت كلمات راقية وقوية للشاعرين عبد الرحمن عكواد ومحمد حنفي. فكيف بحضور هذين ننسى روائع من مثل:"المنازيل" و"أبنكال" "مداغ ملان" "إنموتار" "أسباب" "الزوبيت" "الصهيون" "تيدا" " أفوكال" " مرانا من "" أمحضار" "كارتوكاس". ومن إبداعاتها نجد مايلي من قصيدة صهيون :

صهيون ءيكشم س تليمامت ءيكوسو كيسنت سوان ءيزوران غ ويياض ييكوت ء وعوريض
ءيكاد ءوغريب ءاشوال نكر لحشمات نــون ءيكــــد ءوغريـــب ءاعبار سنكدان وادوالاتـــاد
واويداتنــت ءورونيـــن ويداتنــت ءيـــــلان ما ف ءورتغيم لجام ءيزد ءيسء ورتليـم ءافوس
كشمن ءيجداعن ءاماوال ءورتياسن كيــــن ءاتين كيس ءبنعضاب ماد ء ينجمن ء يفــرك
طرزا طاعــــت بينــــاك ء يســان لجومات كين ء يركابن طاظسا ءيك ء وماوال لوحـــلــت

وفي الأخير لا يسعنا إلا أن نشكر الجميع والأخ أحمد الخنبوبي خصوصا ونتمنى له التوفيق في أعمال قادمة بحول الله والسلام عليكم ورحمة اله وبركاته.




#أحمد_الخنبوبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار حول كتاب -المجموعة الغنائية العصرية السوسية..فكر،تاريخ ...
- حوار حول العمل الجمعوي الأمازيغي بالمغرب مع الباحث السياسي أ ...
- ورقة للنقاش مقدمة للمؤتمر الوطني التاسع لجمعية تماينوت
- حوار صحفي حول كتاب -المجموعات الغنائية العصرية السوسية..فكر، ...
- ورقة للنقاش مقدمة للمؤتمر الوطني الثامن لجمعية تاماينوت
- قراءة حسن معتصم في كتاب-المجموعات الغنائية العصرية السوسية.. ...
- الأمازيغية.. والحركة الحقوقية بالمغرب
- الأمازيغية.. و التطورالتاريخي للدستور المغربي
- دسترة الأمازيغية بالمغرب..لغة وطنية أم لغة رسمية
- الهوية المغربية ..في منظور الحركة الأمازيغية
- مقاطعة الحركة الأمازيغية و أطياف سياسية أخرى للانتخابات التش ...
- حوار حول الشباب و العزوف السياسي بالمغرب و موضوعات أخرى مع أ ...
- حركة تيضاف.. سابقة من نوعها في تاريخ القضاء الإداري المغربي
- قراءة في صيرورة المجموعات الموسيقية الأمازيغية العصرية
- رأي حول الانتخابات التشريعية بالمغرب
- الحركة الأمازيغية بالمغرب اليوم.. والحاجة إلى نقد ذاتي
- العلاقات المغربية- الشرق الأوسطية.. في خطاب الحركة الأمازيغي ...
- المجموعة الموسيقية الأمازيغية تودرت..نمودج الغناء الرومانسي ...
- الحكم الذاتي بسوس ..الحيثيات و الأسباب
- حوار حول المنع الدي تعرضت له جمعية أفرا مع رئيسها أحمد الخنب ...


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الخنبوبي - قراءة الأستاد علي الزهيم الجلوي الباحث في الأدب الأمازيغي في كتاب -المجموعات الغنائية العصرية السوسية..فكر،تاريخ وفن-لمؤلفه أحمد الخنبوبي