أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عفيف إسماعيل - إمبراطورية جدتي















المزيد.....

إمبراطورية جدتي


عفيف إسماعيل

الحوار المتمدن-العدد: 729 - 2004 / 1 / 30 - 04:13
المحور: الادب والفن
    


فناء بيتنا الواسع إمبراطورية جدتي،
 في ختام صلواتها الفجرية  أصحو على  تراتيل دعواتها الخاشعة لنا أجمعين 
ولا تطلب شيئاً لها،
 هل الأمر محض غيرية؟!
 أم
 إنها لا تحتاج من الرب شيئاً؟!
أسير خلفها  رنين خلخالها ممسكاً بطرف جلبابها الفضفاض ، أغنياتها تروي أحواض الجرجير والنعناع أكثر من الماء الذي ترشه عليها، تعطيني قليلاً من الحبوب كي أطعم حمائمها التي تتطائر من حولها وتجعلها مثل سائحة في ميدان الهايد بارك.
في
ركن آخر
حظيرة  عنزاتها
تهب الفناء  الواسع  نفحات  من  رائحة الروث والنشادر ،  تلوي عنقها  تحت  عنزتها السوداء المبقعة بالأبيض، تغمض عينيها وتعتصر ضرعها في فمها وتدعوني لأفعل مثلها،
أركض بعيداً
                تناديني
                  أمد  لها  ماعون الحليب
في
ذات اللحظة
تنبه أمي لبعض الشرر المتطائر من نارها
وفجأة تسألني كم عمرك؟
- ست سنوات
- إذن
تعال هنا
 ولا تجلس تماما
إمسك رجل العنزة الخلفي بين ساقك وفخذك
إضغط بقوة.. بقوة
         بقوة  أكثر حتي  لاتفر منك
                    بقوة .. بقوة.. بقوة..
                              ألست رجلاً؟!
                               إضغط بقوة .. بقوة
                 .. الآن
بعد أن تتلو البسملة
إعتصر الضرع  بيدك اليمني
عليك  بالماعون بالآخري
                .. هكذا
صرت مساعدها الأول لشئون الصباح.
في الظهيرة
والمكان يعبق برائحة رمل النهر المبلول،
                                               والمسك،
                                                           والزنجبيل،
وفضائحية اخبار ليلة الأمس وسط مجلس نميمة الجارات الدائم، تدق بنها الحبشي، فناجيل قهوتها  ذات الفواح المميز وتدور ، وهن يتحرقن شوقاً لقراءة الطالع، تُلطخُ عنق شقيقتي الصغري بعجينة الذرة المملحة  دراً للنُكاف،
وسط صراخ يكاد أن يثقب  سماء الكون، تجدل ضفيرة السعف حول أصبع طفل الجارة المكسور.                                                                          تعطي من  تريد زوجاً خرزة ملونة وبخور..
      ومن  تريد طفلاً زيتاً عطرياً، وبعض نصائح مهموسة
والتي تشكو من صداع مزمن، بحنو تضع رأسها بين يديها، بأصابع دربة ورشيقة تدلك الكتفين، مؤخرة العنق، فروة الرأس، تمسد بحنان صارم علي جبينها، ثم تضع منديلها الذى لا  لون له علي وجهها، وتجذب بين العينين، فنسمع فرقعة وآهة عميقة، وتصيح الجارة:
-  سلمت يداك
   أستطيع الآن ان أري!
   تدعو من تشكو من زوجها السكير أن تصبر عليه قليلاً إلي ان يأخذ كفايته       الحدية،
 وبحسم تقول للأخري:
-  لا فائدة من  مقامر
               أو عاطل
                  او مدمن حشيش.
 صوتها المبحوح يتبعني وهي تغلق باب السنط  ذو الصرير المألوف:
- عد قبل المغيب
  لا تعتدي علي احد
  ومن يصفعك على خدك الأيمن كيل له  ما تستطيع من لكمات وصفعات،
  ولا تأتيني شاكياً
                أو
                        باكياً ابداً.
في أول الليل
تسقيني حكاياتها الشهية
  عن الأقزام والعمالقة
  عن قراصنة البحر وسندباد
  عن جنيات الغابات
  عن ثعابين تلدغ مثل الناس
  عن  سعالي أجمل  من عروسات البحر، يتزوجن في  مواسم الحصاد شباب     القري ، ثم يختفين فجأة ولا يتركن غير بقايا عظام الأزواج  مهملة  قرب شجيرات اللبلاب،
                            .. وانام أحلم  بها
           وبخفافيش تتحدث
تحكي لي عن ماذا يحدث في الكون بعد انام،
كل يوم احلم بها بعد حكاياتها
انام
  واحلم بها
            أنام
               وأحلم بها
                        ذات صباح خانق
                        لم توقظني تراتيل دعواتها الخاشعة لنا أجمعين
بل
    العويل.
20 يناير2004
بيرث

 



#عفيف_إسماعيل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مساء خامد وابتسامات وريفه لطفلة اسمها - رفيف-
- ديسمبريون احبهم
- ما أطولها من ثلاثاء
- COW BOY
- صور من حرب ما
- ارتياب
- فلتهتف .. لا .. للإحتلال
- بيان تأسيسي
- في الصباح
- كهولة
- تشوهات
- ملك .. أم كتابة
- جائزة مراقبة حقوق الإنسان لعام 2003م د. عايده سيف الدولة امر ...
- تجاعيد الشجن - إلي الشهيد عبد المنعم رحمه
- إيلين وقطتها الصغرى
- دنيا
- وسط الدينة
- حوار مع الشاعر المصري حسن بيومي
- سلالة
- مؤجز أنباء عام 2000م


المزيد.....




- الإعلان الثاني.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 على قناة الفجر ...
- التضييق على الفنانين والمثقفين الفلسطينيين.. تفاصيل زيادة قم ...
- تردد قناة mbc 4 نايل سات 2024 وتابع مسلسل فريد طائر الرفراف ...
- بثمن خيالي.. نجمة مصرية تبيع جلباب -حزمني يا- في مزاد علني ( ...
- مصر.. وفاة المخرج والسيناريست القدير عصام الشماع
- الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال ...
- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...
- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عفيف إسماعيل - إمبراطورية جدتي