أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جواد البشيتي - ثلاثية -الإيمان- و-العقل- و-المصلحة-!














المزيد.....

ثلاثية -الإيمان- و-العقل- و-المصلحة-!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2352 - 2008 / 7 / 24 - 10:47
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


في تجربة طويلة من الحوار، أو النقاش، أو الجدال، خضتها مع "الآخر"، من كل لون ومذهب واتِّجاه، تأكَّد لي، بفضل نتائجها، وعلى وجه العموم، أنَّ "الإيمان" أقوى من "العقل"، الذي طالما صوَّره المنتمون إلى أفكار ومذاهب تقوم على "العقل (الخالص)"، بحسب وجهة نظرهم فيها، على أنَّه "يَحْكُم (أو يقود) العالَم".

ثمَّ توصَّلْتُ، إذ أمعنت النظر في تجارب "الإيمانيين" و"العقليين"، إلى أنَّ "المصلحة" أقوى من "الاثنين"، أي من "الإيمان" و"العقل"، فـ "التاريخ الواقعي (والحقيقي)" لـ "التجربتين"، وأصحابهما، إنَّما يُظْهِر ويؤكِّد، وعلى وجه العموم أيضاً، أنَّ "الثلاثين من الفضة"، وأشباهها، هي "الرقبة" التي تُحرِّك "الرأس"، أكانت رأس "الإيماني" أم رأس "العقلي"، من الناس، أفراداً وجماعات.

هذا "الثالوث"، أو "المُثلَّث"، أي "الإيمان" و"العقل" و"المصلحة"، لا يجوز أن نَخْتَرِع تفسيراً له من قبيل أنَّه يَعْكِس الإنسان في أجزائه الثلاثة، وهي "الجسد" و"الروح" و"العقل"، فالقول بـ "الأجزاء الثلاثة" فيه كثيرٌ من التطاول على "حقيقة" الإنسان، وهو جزء من ذاك "المنطق" الذي يَتَّخِذُ أصحابه مِمَّا هو في حاجة إلى الإثبات والدليل "مًسلَّمةً" يُفْرِزون بها الصواب من الخطأ في الفكر والتفكير.

نحن جميعاً نعي أهمية "العِلْم في الصِغَر"، فهو "كالنقش في الحجر"، أي تَعْجَزُ أقوى "ممحاة" عن محوه. وهذا "العِلْم"، الذي ليس كله، بل ليس معظمه، بـ "عِلْمٍ"، إنَّما نتلقَّاه ونحصل عليه في الطور الأوَّل (والتأسيسي) من حياتنا الفكرية وهو ما أسمِّيه "طور الرضاعة الفكرية"، ففي هذا الطور يكفي أنْ "تُعَلَّم" أنَّكَ قد جُبِلْتَ من صخور القمر حتى تَعْجَز كل علوم الحياة عن إقناعكَ، بعد ذلك، أي عندما تصبح في سِنِّ الرشد، بأنَّكَ لستَ من القمر وصخره.

قد تَعْجَز عن أن تُقْنِع غيركَ بما أنتَ مقتنعٌ به، أو عن مُحاجَّة خصمكَ، ودَحْض حجَّته، واثبات صحَّة معتقدكَ؛ ولكنَّكَ تبدي عجزاً أكبر عن نَبْذ ما ارْتَضَعْتَ من فِكْرٍ ومُعْتَقَد، فهنا يتحوَّل، ويُحَوَّل، "الفكر" إلى "إيمان"، وهنا يضرب "الإيمان" جذوره عميقاً.

ولو تصوَّرنا "الوعي"، أو "الفكر"، الذي نَكْتَسِب على هيئة هرم فإنَّ "قاعدته"، أي طبقته الأشد صلابة، هي "الوعي"، أو "الفكر"، الذي نحصل عليه في ذلك الطور.. "طور الرضاعة الفكرية".

وهذا الذي قُلْتُهُ في أمر "الوعي ـ الإيماني"، أي "الوعي" المتحوِّل إلى "إيمان"، لم أقُلْهُ إلاَّ لأُظْهِر وأؤكِّد أهمية وخطورة "طور الرضاعة الفكرية"، فهنا، وهنا فحسب، يُخطُّ ما تَعْجَز أقوى ممحاة، بعد ذلك، عن محوه.

في ذلك الطور يكمن التعليل والتفسير لظاهرة سلوكية في منتهى الأهمية، هي ظاهرة "الوهم المستبدِّ بنا سلوكاً"، فنحن لو أمعنا النظر في كثير من سلوكنا لاكتشفنا أنَّ الأوهام هي الحاكِم والمتحكِّم والمُقرِّر. إنَّ لكل زمان ومكان ما يشبهه ويناسبه من "الأوهام"، فمعارف البشر ليست كلها "حقائق". إنَّها، دائماً، مزيج من "الحقائق" و"الأوهام"، تارةً ترجح كفَّة "الحقائق" على كفَّة "الأوهام"، في فكرنا وتفكيرنا وسلوكنا، وطوراً ترجح كفَّة "الأوهام" على كفَّة "الحقائق".

إنَّكَ، وعلى سبيل المثال، مُقْتَنِعٌ تماماً، وبفضل العِلْم والتجربة، بأنَّ هذا الشيء الذي تواظِب على فعله (أو على اجتناب فعله) ليس بالشيء الذي يُقرِّه العِلْم والتجربة؛ ومع ذلك تَجِدُ "يد الوهم" تدفعكَ في الاتِّجاه السلوكي نفسه، وكأن لا أثر للعِلْم والتجربة في سلوككَ. أنتَ تراهُ طيراً يطير؛ ومع ذلك تُصِر على أنَّه عنزة!

بهذا الذي حَصَلْتَ عليه من "طور الرضاعة الفكرية"، وابْتَنَيْتَ منه قاعدة الهرم في شخصيتكَ الاجتماعية تَدْخُل معترَك الحياة، فيُمزِّقُكَ صراعٌ طبيعي وحتمي بين ما ارْتَضَعْت من "الفكر ـ الإيمان" وبين "العقل"، لتكتشف، من ثمَّ، أنَّ "الإيمان" يظلُّ أقوى من "العقل"، وأنَّ الطير يظلُّ عنزة مهما طار!

أمَّا "المصلحة"، في زمان ومكان "تسلَّع"، أي أصبح "سلعة"، فيهما كل شيء.. وكل ما كان من قبل منزَّها عن "التسليع"، فهي فحسب التي في مقدورها أن "تُقْنِعَكَ" بأنَّ "الفائدة المصرفية" ليست من جنس "الربا" إذا ما غَيَّرْنا اسمها، وبأنَّ الشمس هي التي تدور حَوْل الأرض.

"المصلحة" هي وحدها التي يحقُّ لها، والتي في مقدورها، أن تلغي كل بديهية هندسية إذا ما تعارضت معها، وأن تؤوِّل حتى "كلام الله" بما يخدمها، فهي تعلو ولا يُعْلى عليها.

ولكنْ، إيَّاكم أن تظنُّوا أنَّ "المصلحة"، ومهما عُظُمَت، يمكنها أن تلغي فينا "الباطِن" من "الإيمان" و"العقل"، فالذي بـ "ثلاثين من الفضة" قال إنَّ "الفائدة المصرفية" ليست من جنس "الربا"، وإنَّ الشمس هي التي تدور حَوْل الأرض، يظلُّ، في سِرِّه وباطنه، مؤمناً ومُقْتَنِعاً بأنَّها من "الربا"، وبأنَّ الأرض هي التي تدور حَوْل الشمس، فـ "الانتهازية الفكرية" إنَّما هي عِلْم وفن جَعْلَ "ظاهرنا"، أي ألسنتنا وأقلامنا وأفعالنا، في تضادٍ (مفيد) مع "باطننا".

"العقل"، الذي شعاره "أُحِبُّكَ يا أفلاطون ولكنِّي أُحِبُّ الحقيقة أكثر"، أو "أنتَ إنْ نَطَقْتَ مُت، وإنْ سكتَّ مُت، فقُلْها ومُت"، ليس هو الذي يَحْكُم ويقود العالَم، فـ "الإيمان" أقوى منه؛ و"المصلحة" أقوى منهما الاثنين!





#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -المجلس الأعلى للإعلام- إذ حسَّن -مسطرته-!
- ادِّعاء القدرة على -تثليث الاثنتين-!
- -نور-.. صورتنا!
- رايس تدير الحملة الانتخابية لماكين!
- -أزمة المعلومات- في جرائدنا اليومية!
- -الدولة-.. عربياً!
- -اتِّفاق التهدئة-.. نتائج وتوقُّعات!
- غساسنة ومناذرة ذهبنا إلى باريس!
- تسلُّح مُنْتِج للضعف!
- توقُّع الأسد.. و-مبادرة- فياض
- هل يخضع نفط العرب ل -انتداب دولي-؟!
- بيريز الغاضب على عباس!
- مهاجمة إسرائيل لإيران.. متى تغدو حتمية؟
- خبر له وقع الصاعقة.. من -فينيكس-!
- من أجل صحافة على هيئة -منشور زجاجي-!
- مدراء وموظَّفون!
- لماذا تردُّ طهران على -التهويل- ب -التهوين-؟
- أسئلة الحرب!
- تهدئة مع حصار مخفَّف قليلاً!
- صحافة الموت وموت الصحافة!


المزيد.....




- إسرائيل تعلن اقتراب نهاية الحرب مع إيران بعد أن حققت أهدافها ...
- هجوم روسي -ضخم- على العاصمة الأوكرانية كييف ومحيطها
- كاميرا مثبتة بسيارة توثق غارة إيرانية قُرب أشدود بإسرائيل.. ...
- مسؤول إيراني لـCNN: طهران تريد من أمريكا أن -تدفع- ثمن هجمات ...
- من البحرين الى الإمارات.. تعرّف إلى خريطة الانتشار العسكري ا ...
- الصواريخ الإيرانية تجبر الإسرائيليين على البقاء في الملاجئ ل ...
- إساءة عنصرية لروديغر في كأس الأندية... والفيفا يحقق
- بوتين يندد أمام عراقجي بـ -عدوان- إسرائيلي -غير مبرر- على إي ...
- هل أنهت الضربات الأمريكية التهديد الإيراني لإسرائيل؟
- الاتحاد الأوروبي يؤكد على أن إيران -يجب ألا تمتلك أبدا القنب ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - جواد البشيتي - ثلاثية -الإيمان- و-العقل- و-المصلحة-!