أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جواد البشيتي - -الدولة-.. عربياً!














المزيد.....

-الدولة-.. عربياً!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2344 - 2008 / 7 / 16 - 10:54
المحور: المجتمع المدني
    


ليس من مفهوم سياسي، أو اجتماعي، يكتنفه الغموض، والعتمة المعرفية، وتتعايش فيه، وتتصارع، الأوهام والحقائق، ويَظْهَر فيه، ويتأكَّد، نزاع وصراع المصالح بين البشر، كمفهوم "الدولة".. و"الدولة" في عالمنا العربي على وجه الخصوص.

المثقَّفون عندنا، والساسة والإعلاميون، يتحدَّثون (معظمهم، أو كثيرٌ منهم على الأقل) عن "الدولة" وكأنَّها "المجتمع"، أو "الشعب"، أو "الأمَّة"، أو "البلد"؛ وبعضهم مِمَّن له مصلحة في أن يعبِّر عن وجهة نظر سياسية معارِضة معارَضة "بنَّاءة مسؤولة"، أو مِمَّن يريد أن يقي نفسه شرور شيطان رجيم في لسانه أو قلمه، يُميِّز دائماً (تمييزاً برغماتياً صرفاً) في ما يقول، ويَكْتُب، "الحكومة" من "الدولة"، فـ "الحكومة" أقرب إلى "الأرض" منها إلى "السماء"، ويجوز، بالتالي، صبَّ جام غضب اللسان والقلم عليها؛ أمَّا "الدولة" فأقرب إلى "السماء" منها إلى "الأرض"، ويجب، بالتالي، تنزيهها عن "الطعن".

هذا، والحقُّ يُقال، إنَّما هو الوهم الخالص، أو الوهم بعينه، ولا ينشره، ويغرسه في العقول والحواس والمشاعر، إلاَّ كل من له مصلحة حقيقية، واقعية، أرضية، في أن تظل العامَّة من الناس تَنْظُر إلى "الدولة"، وتفهمها، على أنَّها "الكائن الأسمى"، الذي يعلو ولا يُعْلى عليه، المنزَّه عن كل نزاع أو صراع بين أبناء المجتمع الواحد، والذي إنْ انحاز فإنَّما ينحاز إلى كل ما يبقيه "الحَكَم النزيه العادل"، الذي إليه يرجع المتخاصمون!

تلك هي "الصورة" التي يراد لها أن تكون "العين"، أي عيوننا، التي من خلالها ننظر إلى "الأصل الواقعي"، أي "الدولة"، والتي، أي تلك "الصورة"، هي "الغشاوة" جعلوها على أبصارنا.

كلاَّ، "الدولة"، و"الدولة" في عالمنا العربي على وجه الخصوص، ليست كذلك؛ لم تكن قط كذلك، ولن تكون أبداً، فهي فئة (ضئيلة) من "المواطنين غير العاديين"، المنظَّمين تنظيماً جيِّداً، وعلى شكل "هرم"، بينهم وبين "المجتمع"، أو "الشعب"، أو "العامة من الناس"، أو "المواطنين العاديين"، هوَّة، عُمْقها يَعْدِل عرض السماوات والأرض؛ وينبغي لهذه الفئة أن تتلفَّع بـ "المصلحة العامة"، وأن تُظْهَر نفسها على أنَّها "مِنَّا وإلينا"، و"الممثِّل العام" للمجتمع بأسره، وخادمه الذي يتلذَّذ بخدمته!

على أنَّ كل هذا الذي اخترعوه لـ "الدولة" من صفات وخواص (سماوية) لم يَحُلْ بينهم وبين جَعْل هذه "المِلْكيَّة العامة"، أي التي يملكها الشعب بأسره، بحسب "فرضية دستورية، تَرِكة (أو إرْثاً) شخصية، يَرِثُها الابن من أبيه، فنحن فَهِمْنا مبدأ "التداول السلمي (والديمقراطي) للسلطة" على أنَّه انتقالٌ للسلطة (الأولى، والفعلية) من الأب إلى الابن إلى الحفيد..

وهذا "المنقول" عبر "الدم"، أي من الأب إلى الابن إلى الحفيد..، إنَّما هو "السلطة المُغْتَصَبَة"، أي التي اغْتُصِبَت اغتصاباً من صاحب الحقِّ فيها، وهو الشعب أو الأمَّة، والتي بعد اغتصابها جاءوا بها إلى "الكنيسة"!

من قبل، كان "المُغْتَصِبون" يُحْكِمون قبضتهم على الجيش والقوى والأجهزة الأمنية، أي على "وسيلتهم" إلى السلطة، وإلى الاحتفاظ بها، والتي، إنْ لم يتوفَّروا على حفظها وصونها، قد تغدو وسيلة غيرهم إلى طردهم من هذا الفردوس، فَهْمْ بـ "القوَّة" جاءوا، وبـ "القوَّة" بقوا، وبـ "القوَّة" يذهبون، فهل من قانون أقوى من هذا القانون؟!

أمَّا اليوم، حيث حلَّت "الروح التجارية" على "رجالات الدولة"، و"أهل الحُكْم" من أكبرهم حتى أصغرهم، فتراهم يتبادلون الغزو مع "التجارة"، يغزونها وتغزوهم، فالفَرْد منهم، بعضه تاجر، أو رجل أعمال، وبعضه شرطي، أو رجل أمن، وبعضه من صنف "الساسة"، الذين يسوسون الأمور بغير عقل، فيُنْفَذ أمرهم، فيقال "ساسة"!

كل ما هو "عام" من الممتلكات، ويسيل له لعاب "مُسْتَثْمِر كبير"، من العرب أو من العجم، يجب أن يُعْمَل على جعله مستوفياً "الشروط المُقْنِعَة (ولو بالظاهر)" لبيعه، أي لـ "خصخصته"، فليس من تجارة يتَّجِر بها "المُمثِّل العام" أفضل من خصخصة "العام" من الممتلكات، فإنَّ في خصخصته "حقٌ معلوم" لهذا "السائل والمحروم"!

التجَّار وأرباب العمل تزوَّجوا، سِرَّاً، "الدولة"، أي "المُمثِّل العام"، إذ تزوَّجوا الحكومة والبرلمان والإعلام..؛ ثمَّ تزوَّج "رجالات الدولة" التجارة و"البزنيس"، فشَقَّ على "المواطن العادي" تمييز "رجل الأعمال" من "رجل الدولة"، و"رجل الدولة" من "رجل الأعمال"، وغدت "السياسة العامة (أو العليا)" جزءاً لا يتجزأ من "عالم التجارة والأعمال"، حتى أنَّ قضايا سياسية وعامة كبرى ما عاد ممكناً وزنها إلاَّ بميزان تجاري، يخصُّ شخصاً أو فئة ضيِّقة.

ومع استشراء العولمة تَعَوْلَمَت "دولنا"، فانفصلت "الدولة" مع "مجتمعها الضيِّق" انفصالاً تامَّاً تقريباً عن "المجتمع" و"الرعية"، وشرعت تضرب جذورها عميقاً (بعدما انتزعتها من "تراب الوطن") في "التراب الأجنبي"، وكأنَّ "شرعية التمثيل السياسي" قد تَعَوْلَمَت هي أيضاً.

كان لدينا دُوُلاً تشبهنا ولو قليلاً، فإذا بـ "العولمة" اللعينة تجعلها كـ "حصان طروادة"، منه يَنْفُذ إلى داخلنا كل نفوذ خارجي وأجنبي ضار بنا؛ وسرعان ما تحوَّلت "الدولة" عندنا من "سفارة" لنا عند غيرنا إلى "سفارة" لغيرنا عندنا!

كانت "الراعي"، فإذا بهذا "الراعي"، الذي سَيَّرَتْهُ رياح العولمة بما تشتهي مصالح سادتها، يَجْمَع "الخراف" من "المرعى" ليتولَّى "الجزَّار الأجنبي" ذبحها، إمَّا بسكِّين السياسة، وإمَّا بسكِّين الاقتصاد؛ ولقد شدَّنا الشوق والحنين إلى عهد كُنَّا نُذْبَح فيه بسكِّين وطنية فحسب!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -اتِّفاق التهدئة-.. نتائج وتوقُّعات!
- غساسنة ومناذرة ذهبنا إلى باريس!
- تسلُّح مُنْتِج للضعف!
- توقُّع الأسد.. و-مبادرة- فياض
- هل يخضع نفط العرب ل -انتداب دولي-؟!
- بيريز الغاضب على عباس!
- مهاجمة إسرائيل لإيران.. متى تغدو حتمية؟
- خبر له وقع الصاعقة.. من -فينيكس-!
- من أجل صحافة على هيئة -منشور زجاجي-!
- مدراء وموظَّفون!
- لماذا تردُّ طهران على -التهويل- ب -التهوين-؟
- أسئلة الحرب!
- تهدئة مع حصار مخفَّف قليلاً!
- صحافة الموت وموت الصحافة!
- جدل -الأزمة السكانية- في مصر!
- خطوة سعودية قد تكون تاريخية!
- -الفشل الوشيك- و-التحدِّي الكبير-!
- نمط استهلاكنا مهدَّد ب -الصَّوْمَلَة-!
- ظاهرها -كتابة- وباطنها -إملاء-!
- أما حان للولايات المتحدة أن تستقل عن العراق؟!


المزيد.....




- أونروا تستهجن حصول الفرد من النازحين الفلسطينيين بغزة على لت ...
- اجتياح رفح أم صفقة الأسرى.. خيارات إسرائيل للميدان والتفاوض ...
- احتجاجات الجامعات الأميركية تتواصل واعتقال مئات الطلاب
- الأونروا: وفاة طفلين بسبب الحر في غزة
- لوموند تتحدث عن الأثر العكسي لاعتداء إسرائيل على الأونروا
- لازاريني: لن يتم حل الأونروا إلا عندما تصبح فلسطين دولة كامل ...
- مميزات كتييير..استعلام كارت الخدمات بالرقم القومي لذوي الاحت ...
- تقاذف الاتهامات في إسرائيل يبلغ مستوى غير معهود والأسرى وعمل ...
- غورغييفا: 800 مليون شخص حول العالم يعانون من المجاعة حاليا
- الأمن السعودي يعلن اعتقال مقيم هندي لتحرشه بفتاة ويشهر باسمه ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - جواد البشيتي - -الدولة-.. عربياً!