أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - جواد البشيتي - -أزمة المعلومات- في جرائدنا اليومية!














المزيد.....

-أزمة المعلومات- في جرائدنا اليومية!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2345 - 2008 / 7 / 17 - 11:01
المحور: الصحافة والاعلام
    


تُقْرَأ الجريدة اليومية لثلاثة أشياء: "المعلومات"، على أن يجتمع فيها "الجديد" و"المفيد"، و"الرأي"، و"الإعلان". والحديث عن الصحافة عندنا، وعن الجرائد اليومية على وجه الخصوص، إنَّما هو، في المقام الأوَّل، حديث عن "أزمة"، فَمَنْ لا يرى "الأزمة"، ويعترف بها، لا يمكن ألاَّ أن يكون سبباً من أسبابها، أو مِمَّن له مصلحة في بقائها واستمرارها، وكأنَّ معالجة الأزمة هي، في ميزان مصالحه، جَعْل الصحافة في أزمة!

والحديث عن "الأزمة"، أو عن "أزمة"، في الجرائد اليومية إنَّما هو، في المقام الأوَّل، حديث عن "أزمة معلومات"، فـ "المعلومات"، التي جديدها مفيد، ومفيدها جديد، والتي يؤدِّي نشرها إلى كشف الحقائق، وتوضيح الأمور والأشياء، هي الجريدة اليومية؛ لأنَّها في منزلة الروح بالنسبة إليها.

إنَّنا، وفي المعنى العالمي، في عصر "ثورة المعلومات"، فإنسان القرن الحادي والعشرين، وعلى وجه العموم، هو "إنسان معلوماتي"، أي أنَّه يتعرَّض، عقلاً وسمعاً وبصراً، لـ "قصف معلوماتي" مستمر ومركَّز، ومن كل حدب وصوب. ومع ذلك، يظلُّ كثيرٌ من المعلومات مُحْتَكَراً لدى قِلَّة من الناس، فمصالحهم تقضي بحبسها عن الصحافة، وعن "الرأي العام" بالتالي؛ وقد تقضي بنشرها وإذاعتها.

وفي المجتمعات الأكثر والأقدم والأعرق ديمقراطية مِنَّا استطاعت الصحافة، وبعد صراع طويل ومرير، أن تنتزع لنفسها الحق في "عدم الكشف عن مصادِر معلوماتها"، مُعزِّزةً، بالتالي، حقَّاً أخر (وأقْدَم تاريخياً) لها، هو الحق في نشر ما أصبح في حوزتها من معلومات.

والمعلومات التي تحصل عليها، وتنشرها، تلك الصحافة، ليست من قبيل، أو نمط، ما يَظْهَر في "السَبْق الصحافي" في جرائدنا اليومية، أي ليست بمعلوماتٍ، جديدها غير مفيد، ومفيدها غير جديد. إنَّها، والحق يُقال، معلومات تصنع أحداثاً سياسية، بعضها له أهمية تاريخية، فهناك، نرى الصحافة سلطة حقيقية، تصنع الرأي العام، وتصنع السياسة.. وقد تصنع التاريخ أيضاً.

ليس من جريدة يومية "محايدة"، "غير منحازة"، "غير متحزِّبة"، فهي بنت مجتمع مليء بالمتناقضات، وبنزاع وصراع المصالح والميول والاتِّجاهات. وبما يتَّفِق كل الاتِّفاق مع هذه الحقيقة، تبحث كل جريدة يومية عن "الحقيقة"؛ أمَّا "المصباح"، الذي بفضل ضوئه تبحث وتفتِّش عن "الحقيقة"، التي مهما ارتفع فيها منسوب "الموضوعية" تظلُّ، ويجب أن تظل، مُغْرِضة، فهو "المعلومات"، التي في صناديق مقفلة، مفاتيحها في أيدي قِلَّة من الناس؛ وبعض الجرائد اليومية قد تحصل على تلك المعلومات بالشراء، أو بما يشبهه.

وعملاً بمبدأ "الغاية تبرِّر الوسيلة"، قد نبرِّر هذا النمط من الفساد، فلون القط ليس مهمَّاً ما دام في مقدوره أكل الفأر!

ولو كان لدينا من الديمقراطية ما يشبع جوع الصحافة، ويروي ظمأها، لحصلت الجريدة اليومية على المعلومات ليس بـ "الشراء"، أو به وحده، وإنَّما من خلال نزاع المصالح والميول بين الأحزاب والأجنحة والتيَّارات..، فمالكو السلطة (كل سلطة) هُمْ في الوقت نفسه مالكو المعلومات، ويكفي أن نملك من الديمقراطية ما يكفي لإخراج المتناقضات السياسية إلى حيِّز الوجود، ومن السرِّ إلى العلن، حتى تَجِد الجريدة اليومية من له مصلحة في أن يزوِّدها بمعلومات معيَّنة، مجانية؛ ولكن "مُغْرِضة"، أي تَخْدُم (أو تَخْدُم في ما تَخْدُم) أجندة تخصُّ "المزوِّد"، أو "المُسرِّب".

إنَّ هذه الحيوية، أو الدينامية، السياسية الداخلية هي أوَّل شيء تفتقر إليه الجريدة اليومية عندنا، فتعاني، بالتالي، هذا الذي تعانيه من "التصحُّر المعلوماتي". أمَّا إذا سُرِّبت معلومات إلى جريدة يومية فلن نرى في الأجندة الخاصة بمُسرِّبها إلاَّ نزراً من "السياسة"، في مفهومها السياسي، أي في مفهومها الحقيقي، فالمصالح والاعتبارات الشخصية هي الحاكِم المُقرِّر.

لقد تصحَّرت الحياة السياسية الداخلية، فتصحَّرت الجريدة اليومية معلوماتياً؛ وهذا الطين زاده بلةً أنَّ الجريدة اليومية عندنا تعاني عجزين: عجزٌ عن حماية حقِّها في عدم الكشف عن مصادِر معلوماتها، وعجزٌ عن النشر الحر لِمَا حصلت عليه من معلومات.

ويكفي أن يكون "الحق" في أزمة، حتى يصبح "الواجب" هو أيضاً في أزمة، فالجريدة اليومية، وعلى ما أثبت ذلك وأكَّد تاريخ الصحافة في المجتمعات الديمقراطية، لن تكون قادرة على التدقيق في المعلومات (التي حصلت عليها وتعتزم نشرها) وتمحيصها، وتمييز الغثِّ من السمين، وحساب وزنها من خلال وزنها بميزان الحقيقة الموضوعية، إذا ما ظلَّت عاجزة عن الحصول على المعلومات الجديدة المفيدة، والتي ترجح فيها كفَّة "العام" من المصالح على كفَّة "الشخصي" و"الخاص" منها.

إنَّنا نريد لجرائدنا اليومية أن تتمتَّع بحقوق ثلاثة: الحق في الحصول على المعلومات، والحق في عدم كشف مصادِر معلوماتها، والحق في نشر وإذاعة ما لديها من معلومات.

وأحسب أنَّ "الحق الثالث" هو ما تثير إثارته دائماً قضية "الحرية المسؤولة"، فالجريدة اليومية ينبغي لها أن تُظْهِر وتؤكِّد حسَّها العالي بالمسؤولية عند نشرها للمعلومات؛ ولكن.. كُنْ سيِّداً تَكُنْ مسؤولاً، فَمَنْ لا يشعر أنَّه سيِّد نفسه (فرداً كان أم جريدة يومية) لن ينمو فيه الحسُّ بالمسؤولية!



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الدولة-.. عربياً!
- -اتِّفاق التهدئة-.. نتائج وتوقُّعات!
- غساسنة ومناذرة ذهبنا إلى باريس!
- تسلُّح مُنْتِج للضعف!
- توقُّع الأسد.. و-مبادرة- فياض
- هل يخضع نفط العرب ل -انتداب دولي-؟!
- بيريز الغاضب على عباس!
- مهاجمة إسرائيل لإيران.. متى تغدو حتمية؟
- خبر له وقع الصاعقة.. من -فينيكس-!
- من أجل صحافة على هيئة -منشور زجاجي-!
- مدراء وموظَّفون!
- لماذا تردُّ طهران على -التهويل- ب -التهوين-؟
- أسئلة الحرب!
- تهدئة مع حصار مخفَّف قليلاً!
- صحافة الموت وموت الصحافة!
- جدل -الأزمة السكانية- في مصر!
- خطوة سعودية قد تكون تاريخية!
- -الفشل الوشيك- و-التحدِّي الكبير-!
- نمط استهلاكنا مهدَّد ب -الصَّوْمَلَة-!
- ظاهرها -كتابة- وباطنها -إملاء-!


المزيد.....




- رصدته كاميرا بث مباشر.. مراهق يهاجم أسقفًا وكاهنًا ويطعنهما ...
- زلة لسان جديدة.. بايدن يشيد بدعم دولة لأوكرانيا رغم تفككها م ...
- كيف تتوقع أمريكا حجم رد إسرائيل على الهجوم الإيراني؟.. مصدرا ...
- أمطار غزيرة في دبي تغرق شوارعها وتعطل حركة المرور (فيديو)
- شاهد: انقلاب قارب في الهند يتسبب بمقتل 9 أشخاص
- بوليتيكو: المستشار الألماني شولتس وبخ بوريل لانتقاده إسرائيل ...
- بريجيت ماكرون تلجأ للقضاء لملاحقة مروجي شائعات ولادتها ذكرا ...
- مليار دولار وأكثر... تكلفة صد إسرائيل للهجوم الإيراني
- ألمانيا تسعى لتشديد العقوبات الأوروبية على طهران
- اكتشاف أضخم ثقب أسود في مجرة درب التبانة


المزيد.....

- السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي / كرم نعمة
- سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية / كرم نعمة
- مجلة سماء الأمير / أسماء محمد مصطفى
- إنتخابات الكنيست 25 / محمد السهلي
- المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع. / غادة محمود عبد الحميد
- داخل الكليبتوقراطية العراقية / يونس الخشاب
- تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية / حسني رفعت حسني
- فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل ... / عصام بن الشيخ
- ‏ / زياد بوزيان
- الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير / مريم الحسن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحافة والاعلام - جواد البشيتي - -أزمة المعلومات- في جرائدنا اليومية!