أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد البشيتي - -نور-.. صورتنا!














المزيد.....

-نور-.. صورتنا!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 2353 - 2008 / 7 / 25 - 10:10
المحور: الادب والفن
    



إنَّه كموعد أذان الإفطار في رمضان، فأفراد العائلة جميعاً، في العالم العربي، يتحلَّقون مساء كل يوم، حول تلفزيون MBC4 لمشاهدة مسلسل "نور" التركي المدبلج إلى العربية في اللهجة السورية، والذي بفضله سُوِّقَت تركيا (كثيراً، وأكثر من ذي قبل) في مشاعرنا السياحية والسياسية.. والثقافية، وإنْ تسبَّبت، في مسلسلها هذا، وعن غير قصد، ببعض المشاكل العائلية بين الأزواج، أو بين الآباء وأبنائهم.

كثيرٌ من مثقَّفينا، الذين بينهم وبين مسلسل "نوار" جدار من الاغتراب الثقافي، يُنْكِرون مشاهدته، أو الاهتمام بمشاهدته، أو التفاعل الإيجابي معه، فذكَّرني موقفهم هذا بموقف جمهور واسع من المثقَّفين (الجادين والملتزمين.. واليساريين) من شِعْر نزار قباني في المرأة، فهم كانوا يلعنونه نهاراً وعلانيةً، وعند الإدلاء بآرائهم "الرسمية"، ليتوفَّروا على قراءته ليلاً وسِرَّاً، فنحن قوم جُبِلْنا على أن يكون ظاهرنا غير باطننا، وباطننا غير ظاهرنا، حتى في السياسة والفكر، وفيهما على وجه الخصوص.

مسلسل "نور" هو تركي؛ ولكنَّه عربي لجهة أثره وتأثيره ووقعه في النفس، فهو في مناخنا السيكولوجي فحسب، أو في المقام الأوَّل، ينتشر انتشار النار في الهشيم، فهذا المسلسل، الذي في حدِّ ذاته مُفْتَقِرٌ إلى الأهمية الفنية والفكرية، يكتسب كل أهميته تقريباً من هذا الاهتمام العائلي العربي الواسع بمشاهدته، ومِمَّا يتركه من أثرٍ في نفوس مشاهديه العرب، حتى أصبحت إجابة السؤال "لماذا هذا الاهتمام والتأثُّر؟" من الأهمية بمكان لدى الباحثين السوسيولوجيين الجادين.

المرء لا يرى في غيره، عندما ينظر إليه ببصره وبصيرته، إلاَّ تلك الأشياء التي يفتقر هو إليها، ويرغب في امتلاكها والحصول عليه، فالأصلع يرى في غيره الشَعْر أوَّلاً، وسريعاً، والسمين يرى النحافة، والفقير يرى الثراء، والضعيف يرى القوَّة، والمريض يرى الصحة، والذي يعاني في علاقته بـ "نصفه الآخر" تصحُّراً عاطفياً، يرى الخصب والرغد في العيش العاطفي لدى مَنْ ينعمون به، و"سلطان العائلة"، كالأب أو الجد، الذي أصبح في عائلته كملكة بريطانيا، والذي يحنُّ إلى ما أصبح أثراً بعد عين من سلطانه ونفوذه، لا بدَّ له من أن يُعْجَب ويتأثَّر كثيراً بشخصية ومكانة الجد "فكري" في مسلسل "نور".

هذا المسلسل يشبه "المرآة" التي نرى فيها ما نرغب في استعادته، أو امتلاكه، من أشياء فقدناها، أو نفتقر إليها، وكأنَّ "الصورة" التي نُحِبُّ أن نظهر أو نكون فيها، لا "الصورة" الحقيقية والواقعية لنا، هي ما يشدنا إلى هذا "المسلسل ـ المرآة".

إذا كنتِ زوجةً فها هو "الزوج مهنَّد" يؤلِّبكِ على زوجكِ، الذي لا يسمعكَ كلاماً يهفو إليه قلبكِ، الذي كان، قبل الزواج، حديقة، فأصبح بعده، وبفضله، صحراء قاحلة؛ ولا يُفاجئكِ بالثمين من الهدايا، ولا بورود وشموع ينثرها هنا وهناك من أرجاء وزوايا المنزل.. وغرفة النوم على وجه الخصوص؛ ولا يُظْهِر لكِ، في حبِّه وكرهه، في فرحه وحزنه، "الطفل" الكامن فيه، فزوجكِ، ولو كان شاباً، لا يُظْهِر لكِ، في ذلك، وفي غيره، إلاَّ شيخاً يَعْدِل الإمبراطورية الرومانية عُمْراً.

نحن معشر الرجال العرب يجب أن نعترف بـ "قصورنا العاطفي (والرومانسي)"، فتجاربنا في الحُبِّ والزواج إنَّما أظهرت وأكَّدت أنِّنا فاشلون في الحُبِّ والزواج، ناجحون فحسب في التناسل والتكاثر، وفي بذر بذور الطلاق، وفي الحصول على مزيدٍ من الزوجات، فمجتمعنا، وتاريخنا، علَّمانا "المرأة"، و"علاقة الرجل بها"، بما أصابنا بـ "البطالة العاطفية" في علاقتنا بـ "النصف الآخر ("الأقل أهميةً").

على أنَّ هذا الاعتراف لا يعني، ويجب ألاَّ يعني، أنَّ النساء عندنا على خير وجه وحال، فهذا الذي يُعْجِبُهُنَّ بـ "مهنَّد" إنَّما يُظْهِر ويؤكِّد أنَّ الأزمة في العلاقة بين الرجل والمرأة تضرب جذورها عميقاً في المرأة أيضاً، فـ "الزوج مهنَّد" لا يعطي "زوجته نور" من محتوى وشكل علاقة الحب والزواج إلاَّ ما يقع موقعاً حسناً من نفس امرأة مَسَخَت "ثقافة الحب والزواج"، في مجتمعنا، عقلها وقلبها، فقولي لي ما يُعْجِبُكِ في "العطاء العاطفي" لـ "الزوج مهنَّد" أقول لكِ من أنتِ!

"مهنَّد" الأمير، أي الوسيم، الأنيق المظهر، ابن القصور، الثري، الذي بالمال يحلُّ كل المشاكل، ويُحْسِن إلى الفقراء، هو الرجل الذي ما زال مستوطناً أحلام اليقظة لدى المرأة عندنا، والذي لم يغرسه في نفوس النساء عندنا سوى الرجال أنفسهم، بمجتمعهم وثقافتهم.

العائلة عندنا ما عادت بالإمارة التي "تَنْعُم" بسلطان "المستبد العادل"، الذي هو الأب، أو الجد، الذي يستخذي الأبناء والأحفاد لمشيئته، ويظلُّون طَوْع أمره، والذي يَعْلَم كل صغيرة وكبيرة، وتعود إليه وحده سلطة بت وحسم كل الأمور.

هذا السلطان أصبح أثراً بعد عين، وكظِلٍّ فَقَدَ جسمه، فاشتد إليه الشوق والحنين في نفوس الآباء والأجداد الذين يتمنون أن يملكوا من الأسباب ما يجعلهم في منزلة ومكانة "الجد فكري".

و"الحماة" تَحِنُّ إلى فردوسها المفقود، فتميل بقلبها ومشاعرها إلى "شريفة" الآمرة الناهية؛ والفقراء من المشاهدين لا يرون من "حلٍّ واقعي" لمشكلاتهم التي يُنْتِجُها فقرهم (الاقتصادي) إلاَّ في تحلِّي الأغنياء بفضيلة "البرِّ والإحسان"، فالفقير "مروان" ما أن يشعر بشيء من "القهر الطبقي" حتى يُسْرِع المُحْسِن "مهنَّد" في مساعدته وإغاثته، فيحلُّ "الشعور الأُسَريِّ" محلَّ الشعور بـ "القهر الطبقي".

مسلسل "نور"، ولجهة نجاحه في أن يجتذب إليه عيون وأسماع واهتمام الملايين من العرب، إنَّما يُظْهِر ويؤكِّد أنَّنا في "أزمة ثقافة وقِيَم"، لا نرى من "حلٍّ" لها إلاَّ في جعل "كفَّة الماضي" ترجح أكثر، فأكثر، على "كفَّة المستقبل" في حاضرنا.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رايس تدير الحملة الانتخابية لماكين!
- -أزمة المعلومات- في جرائدنا اليومية!
- -الدولة-.. عربياً!
- -اتِّفاق التهدئة-.. نتائج وتوقُّعات!
- غساسنة ومناذرة ذهبنا إلى باريس!
- تسلُّح مُنْتِج للضعف!
- توقُّع الأسد.. و-مبادرة- فياض
- هل يخضع نفط العرب ل -انتداب دولي-؟!
- بيريز الغاضب على عباس!
- مهاجمة إسرائيل لإيران.. متى تغدو حتمية؟
- خبر له وقع الصاعقة.. من -فينيكس-!
- من أجل صحافة على هيئة -منشور زجاجي-!
- مدراء وموظَّفون!
- لماذا تردُّ طهران على -التهويل- ب -التهوين-؟
- أسئلة الحرب!
- تهدئة مع حصار مخفَّف قليلاً!
- صحافة الموت وموت الصحافة!
- جدل -الأزمة السكانية- في مصر!
- خطوة سعودية قد تكون تاريخية!
- -الفشل الوشيك- و-التحدِّي الكبير-!


المزيد.....




- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد البشيتي - -نور-.. صورتنا!