أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - توفيق أبو شومر - هل المثقفون هم فقط الأدباء؟














المزيد.....

هل المثقفون هم فقط الأدباء؟


توفيق أبو شومر

الحوار المتمدن-العدد: 2343 - 2008 / 7 / 15 - 04:10
المحور: الادب والفن
    


طلب مني بعضُ الأصدقاء ( المثقفين) ممن ينوون تأسيس مركزٍ ثقافي أن أرشِّح اسما لأحد المثقفين ليكون ضمن الهيئة الإدارية للمركز ، فرشحتُ لهم اسما ،وكان الاسم لمهندس بارعٍ من المهندسين ، فثار عليّ الصديقُ ، وادّعى بأن الاسم المرشح لا يعرف عن الثقافة شيئا ، فهو ليس قصاصّا ، ولا شاعرا ، ولا حافظا للقصص التي تصلح لسهرات المثقفين والأدباء ، وإن كان مهندسا مبدعا في مجال عمله ، فهو يحفظ الأرقام والإحصاءات الرقمية ، ومكانه فقط في نقابات المهندسين ، والجمعيات غير الحكومية المتخصصة في الأبحاث العلمية .
ظللتُ أحاول أن أعثرَ على تعريفٍ للمثقَّف منذ زمن طويل ، وظللتُ أجمعُ التعريفات التي ترد عى ألسنة من تسنى لي الاطلاع على ما كتبوا ،غير أنني لم أتمكن من بلورة صيغة واحدة يتفق عليها المثقفون العرب على وجه الخصوص ، فمنهم من يُعرف المثقف بأنه القادرُ على الحفظ والاسترجاع ، وإغناء الجلسة بالقصص والأقاويل والأشعار.
ومنهم من يُعرف المثقَّف بأنه الأديب الذي أصدر مجموعات من القصص ودواوين من الأشعار ، وهذا التعريف هو الشائع بينهم .
ومنهم من يُعرف المثقف بأنه المُبرِّزُ في فن الحوار، الذي يعرف كيف يردّ حين يُسأل وكيف يُسكت خصومه حين يكتب أو يرد، وكلما كان الحديثُ والحوار مبهما ، ازداد الإعجاب بثقافته .
ومنهم من يُعرف المثقف بأنه الشخص الموظف في وزارة الثقافة أو القطاعات الثقافية الحكومية، أو المراكز الثقافية غير الحكومية .
ويجب أن أعترف في البداية أن الأنواع السابقة تدخل في باب الثقافة ، ولكنها ليست تعريفات للمثقّف والثقافة بالمعنى القاموسي للكلمة، والتي أعود إليها في كل مرة ، لأنني أجد في اشتقاقها القاموسي شمولا ودقة في تحديد مدلولات الثقافة ، فما أزال أضع الفعل العربي القاموسي (ثقف) كأساسٍ لتعريف الثقافة:
فثقَّف عود الشجر، أى شذّبه وسوّاه وأخرجه من حالته ، وهي حالة المادة الخام ، إلى حالة أخرى جديدة ، ليصبح سهما ، أو يصير عصا ، أو يتحول إلى عمود من أعمدة البيت ، أو يصير مادة جمالية في شكل من أشكال الصناعات التقليدية .
ومما جاء في المعاجم أيضا (ثَقِفَ) الخل أي اشتدت حموضته ونضج ، وفلان ثقف أي صار ناضجا ، واشتقوا أيضا معنى آخر من معاني الثقافة وهو (الثِّقَاف) وهي أداةٌ من خشبٍ أو حديدٍ تثقّف بها الرماح لتستويَ وتعتدل .ومن المعاني أيضا للثقافة ، الملاعبةُ بالسيف .
إذن فالثقافة هي عملية شاملة ، غايتها الأساسية تحويل البشر من حالتهم كمخلوقات بشرية ، إلى عقولٍ يحملون غاياتٍ سامية ، ورسالات ثقافية واعية ، وتتم عملية التحويل بواسطة التثقيف المنظم المدروس، ليصبحوا قادرين على الحياة ، والعيش في وسط حضاري ، كبديل عن الوسط الغابي.
كما أن موسوعة ليكسكون تشير في جزئها الرابع في باب (culture )إلى التعريفات السابقة أيضا ، فالثقافة في الموسوعة هي مجموعة من العمليات الأخلاقية والدينية والحضارية التي تستهدف البشر، كمجتمع متحضر وتشير الموسوعة إلى أن إدوارد تايلور ، هو أول من وضع تعريفات للثقافة والمثقفين عام 1871م فقال :
الثقافة تشمل المعارف والعقائد والفنون والأخلاق والقوانين ، وكل المهارات والعادات المطلوبة للإنسان بصفته عضوا اجتماعيا، وقد استخدمتْ كلمة( المثقفين) لتشير إلى المبدعين من الموسيقين ونوابغ الأداب والفلاسفة ، كما أنها كانت تشير أيضا إلى أساليب الحياة كطريقة تناول الطعام ، واستمرّ تطور التعريف حتى وصل إلى مبدعي الطاقة النووية أيضا .
إن حصر تعريف الثقافة عند كثيرٍ من المثقفين العرب في أن ( المثقَّف ، هو الأديب فقط ) يعود إلى التراث العربي القديم المتمثل في أن الأدب بفروعه المختلفة كان هو الفن الرئيس عند العرب فالخطيب والشاعر والقصاص والإمام كانوا هم المثقفين في ذلك العصر ، وهم بالطبع لم يلتفتوا حتى للتعريف العربي المشهور ، وهو أقرب التعريفات إلى الثقافة بمعناها الشامل ، وهو تعريف ( الأدب) ذاته ، فقد عرفّه الناقدون القدماء تعريفا دقيقا فقالوا: " الأدب هو الأخذُ من كل شيء بطرف "
إذن فالأديب العربي وفق التعريف السابق للأدب ، كان يجب أن يعرف معظم العلوم حتى يصبح أديبا .
وأشيرُ هنا إلى ظاهرة جديدة بين عدد من الكتاب والأدباء من أبناء جلدتنا فهم يفاخرون جهارا بأنهم أعداء الكمبيوتر والإنترنت وملحقاتها ، وأعداء الحساب والرياضيات ، وأعداء المعاصرة كلها ، فهم يحيون حياتهم الخاصة ، ويظنون بأنها هي الثقافة ، وهم في الوقت نفسه يقيسون الآخرين بهذا المقياس القاصر ، ولم يلتفتوا إلى تناقضهم هم ، فهم وفق التعريفات الثقافية يخرجون من زمرة (المثقفين) لنقص معارفهم .
وما أزال أحتفظ بمقال كتبه د. أحمد مستجير في مجلة الهلال مارس 1996م بعنوان" الأدب والعلم والثقافة الثالثة" وقد اقتبس قول تشارلز بيرس 1905-1980م جاء فيه : " هناك فرقٌ بين تعريف الثقافة بمعناها الشامل، كعملية تطوير ذهني ، وبين الثقافة كجماعة أدبية ، فإذا جلس الأدباءُ إلى بعضهم ، ووصفوا أنفسهم بالثقافة، فإنهم يُخرجون كلَّ العلماء مثل رذرفورد، وأدنجتون، وأدريان وهارداي ، فيتخيل بعض المثقفين ، ممن يدعون الثقافة بأن معرفتهم ببعض الآداب، تجعلهم يحكمون على من لا يعرفونها بالجهل ، بينما هم جاهلون في كل مجالات العلوم ".
وما أزال أيضا أحفظ قولا للرئيس الأمريكي ولسن الذي وضع تعريفا للشخص المهذَّب أي المثقف فقال :
"يشترط في الرجل المهذب ، أو المثقف أربعة شروط: أن يعرف علما من العلوم ، وأن يعرف تاريخ العالم ، وأن يعرف الأفكار السائدة في عصره، وأن يعرف لغة أخرى غير لغته على الأقل"

12/7/2008م



#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوقفوا (جموح) الصحافة الإلكترونية !
- الآثارالعربية ... ومحاولة هدم الأهرامات !
- كتب مدرسية ( مُقرَّرة) في الجامعات !
- عوالق شبكة الإنترنت !
- من يوميات صحفي في غزة !
- الإعلام وصناعة الأزمات !
- محمود درويش يبحث عن ظله في الذكرى الستين للنكبة !
- مجامع اللغة العربية ليست أحزابا سياسية !
- لا تَبكِ.. وأنتَ في غزة !
- كارتر وهيلاري كلينتون وأوباما !
- الزمن في قصيدة محمود درويش (قافية من أجل المعلقات)
- أوقفوا هذا العبث في غزة !
- سؤال ديوان : لماذا تركت الحصان وحيدا لمحمود درويش ، حقلٌ من ...
- جمعية المختصرين !
- مأزق التعليم الجامعي في العالم العربي !
- هل المدرسون مُتطفلون على الوظائف الحكومية ؟
- موتوسيكلات .. لأوتو سترادات غزة !
- غفوة ... مع قصيدة مريم العسراء للشاعر أحمد دحبور
- في وصف إسرائيل !
- لقطات حديثة من العنصرية الإسرائيلية


المزيد.....




- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - توفيق أبو شومر - هل المثقفون هم فقط الأدباء؟