أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد علي - العراق و ثقافة الخوف














المزيد.....

العراق و ثقافة الخوف


عماد علي

الحوار المتمدن-العدد: 2333 - 2008 / 7 / 5 - 10:26
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بعد مرور عهود و حتى قرون عديدة على تاريخ العراق الدموي و ما كرًسته الحروب و القتال من الهلع و الخوف في نفوس المواطن العراقي و اصبحت له حصة الاسد من تاثيرات و اعراضات الفزع و الخراب و الدمار الذي تعرض له هذه البقعة الخاصة من الارض بسسب ما تحتويه من الخيرات و ما له من الاهمية من حيث الموقع الاستراتيجي و ما برز منها العديد من الافكار و العقائد التي انبثقت منها و ما ادت الى ان تكون موقعا نموذجيا لوقوع الواقعات، و ما التراكمات النفسية التاريخية التي توارثتها الاجيال و غُرزت في كيانها و اصبحت جزءا لا ينفصل منها، و من اهم هذه الصفات الخوف الباطن على الرغم من عزة النفس التي تمنع اظهار هذا الخوف الى العلن، و يتضمن هذا الخوف من المؤثرات على حامله و النتائج الجلية على فكره و عمله و صفاته و اهمها الازدواجية في الفكر و العمل و التناقض في الاعتقاد و الايمان باشياء متفاوتة في نفس الوقت.
هناك مواضيع عديدة هامة و حساسة تتعلق بهذه الصفة و اهمها الجراة في العمل و حرية الراي و التعبير و التمرد على السلبيات و المعوقات والالتزام بالصفات البالية التي مضى عليها الزمن، لابد ان نعترف بان التصاق هذه الصفة و تعمقها في كيان الفرد تفرز صفات و خصائص جانبية و تاثيرات سلبية و تعابير و افكار تضر بشكل مباشر الصالح العام قبل الفرد و تدخل في خانة الامراض الاجتماعية و الاخلاقية التي تؤدي الى ازدواجية العمل و المعايير و تدخل حاملها في التناقضات المريبة في حياته الشخصية و العامة .
كما حلل علماء الاجتماع ثقافة الخوف بانها الاساس و البنيان الرئيسي للتفكير المزدوج و العمل و الفكر المتناقض، بحيث يؤمن المصاب بشيء و يحلل الوضع و يستنتج العكس، و يؤمن بفكر و ينادي بالعكس منه و يرى من الصفات و المميزات الاجتماعية العامة عكسها. هذه الثقافة تثقل كاهل المواطن بشكل لا تجعل حامليها واثقي الخطوات، بل يدخل المواطن في دوامة عدم الثقة بالنفس و غير منتج و يكون كثير الاخطاء في حق نفسه و في حق العام، يمكن له معرفة الحقيقة دون الاعتراف بها لخوف من لاشيء في كثير الاحيان او الالتصاق بالاوهام .
المؤلم في الامر ان افرازات ثقافة الخوف المغروز في كيان اي فرد انه يضيع في متاهات العيش لعدم تنظيم حياته و في مناداته لافكار و مباديء و حقوق يؤمن بها، و يصعب عليه ابداء آرائه واضحة كما يؤمن و بعيد جدا عن حرية الراي و الفكر و التجديد و يثبت بقوة على ماهو عليه خائفا من التغيير.
بما نعلم جميعا ان هذه الثقافة منتشرة في العراق و ملتصقة بكافة المواطنين و خاصة الذين بقوا في العراق لحين سقوط الدكتاتور، علينا ان نفكر في كيفية فتح الطريق امامهم للعودة الى كيانهم الصحيح الواثق بعيدا عن هذا الفزع متغيرين، و ينعمون بالحرية التي يجب ان تؤثر على تركيبتهم و صفاتهم ، و على الذين يدعون انهم حاملي راية التقدم و التغيير في العراق و هم الذين يدعون بانهم منهمكون في بناء منظومة العراق الجديد، العراق الديموقراطي الفدرالي التعددي الحر، عليهم قراءة البعد الاخلاقي الايديولوجي النفسي للشعب العراقي وافراده من كافة قومياته و طوائفه و مذاهبه قبل التخطيط لما يصبون اليه، يجب العمل على ازالة ما يعوق تقويم و تهذيب و تثقيف العراقي بشكل صحيح و على الجميع بما فيهم النخبة ان يجردوا ما في جعبتهم من افكار و اراء لنشر الارضية الصحيحة لعمل و تطبيق الافكار المختلفة المتباينة و على وعي تقدمي و رؤيا حكيمة للعقول المبدعة في جميع المضامير.
بالعمل الجدي و المثابرة و الكدح و شيء من الموهبة يمكن تصحيح المسار و هذا ما يحتاج الى الاصرار و الصبر من دون ملل و كلل، فينال الانسان نجاحه و يكتسب من نجاحه ما يريد و معه القرائن، و ينال الوضع النفسي المريح و الاجتماعي الرفيع و السمعة الطيبة و يفيد الجميع و الوطن قبل اي شيء، و بهذا الطريق يمكن نسبيا و بالحاح و جدية السيطرة على ثقافة الخوف المزروع في كيان الفرد العراقي و به نضوي له الطريق ليسلكه صحيا في عمله و حياته الخاصة، و بيتعد تدريجيا عن الازدواجية و التناقضات و يقترب من الصراحة و لا يقول قولا او يفعل فعلا لما يضر به و بالمجتمع.
على الرغم مما سبق من شرح مسبات الخوف و ما يؤول اليه حامل هذه الصفة و المؤثرات السلبية على سير حياته الا انني اشك في تعريف محدد لهذه الصفة المكتسبة و ما يمكن ان تلصق بها صفة الثقافة بما لهذا المفهوم من مضمون حسن عما هو تقويم و تثقيف و ترشيق لاية صفة حسنة و لما يمكن ان تكون العكس الاتجاه في التطبيق و العمل، و لكن هذه الصفة التي نسميها بثقافة الخوف موجودة بعمق و تركيز قوي في كيان الفرد العراقي.
اليوم، و ما نحن فيه من المتغيرات علينا التفكير جيدا في وسائل التطوير و التقدم الفوقية و التحتية و صفات و اخلاقيات الفرد العراقي ،وحالته النفسية و الاجتماعية هي من اهم المحاور الاساسية التي يجب الاهتمام بها من اجل تطهيرها من الافرازات السلبية و اعادتها كاملة سالمة صحية معافية الى صفوف المجتمع، حينئذ يمكن ان نفيده و نستفيد منه و كل حسب اعماله و اختصاصه، و به يمكن ضمان النتيجة المرادة من نشر الحرية و الديموقراطية و ثقافة تقبل الاخر و عدم الكره و الحقد و تعلم ما يفيد البشرية. و من المؤسف جدا كما هو طبيعة الحياة الاجتماعية ان الطبقة المعدومة الكادحة الفقيرة هي التي تتعرض لهذه الامراض الاجتماعية الثقافية و تظهر هذه الصفات عليها اكثر من غيرها، و لذلك هذا الواقع يفرض نفسه ان يعمل المعنيون في هذه الجهة و الاهتمام بهم قبل غيرهم .






#عماد_علي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الجوع يفتت وحدة الارض و يمزق اوصال الشعب
- من يفوز في مرحلة مابعد الراسمالية
- رسالة الى المراة العراقية
- سلطة اقليم كوردستان العراق تلغي دور الشعب
- تدويل القضايا العراقية لمصلحة مَن؟
- كيفية اعتماد المعايير الاساسية لمقترحات ديميستورا
- دغدغة سورية لقهقهة اسرائيلية
- قراءة سريعة لمفاوضات الكورد مع الحكومات المركزية العراقية
- اهم القضايا التي تحتاج الى التحليل و الحل
- هل حقا استقر الوضع في العراق ؟
- الاهتمام بمجاهدي خلق من تناقضات السياسة الامريكية
- المسؤولية الاخلاقية للسياسي المبدئي
- لماذا سيطرت الاصولية بعد سقوط الدكتاتور في العراق؟
- هل يولٍد الفقر الغضب ضد الراسمالية لينتج عصر المساواة؟
- هل تحديد نسبة النساء في الانتخابات(الكوتا) من مصلحتهن؟
- الدبلوماسية العراقية و كيفية انقاذها في نهاية المطاف
- كيف يُمحى الارهاب في العراق؟
- ملامح السياسة الامريكية المستقبلية في العراق
- آليات ترسيخ المجتمع المدني في العراق
- الامن الوطني و حق العراق في مياه الدجلة والفرات ام النفط مقا ...


المزيد.....




- هل دخل الشرق الأوسط في عصر جديد فعلًا؟.. ولي نصر وناداف إيال ...
- السفارة الأمريكية في قطر تنصح مواطنيها بالبقاء في أماكنهم.. ...
- مركز يٌحتجز فيه نشطاء وصحفيون.. فيديو متداول يظهر لحظة قصف إ ...
- لماذا حظرت بريطانيا حركة -فلسطين أكشن-؟
- إيران: من يحكمها فعليا؟
- أهداف إسرائيل تغيرت في إيران.. ماذا عن موقف المعارضة الإيران ...
- غزة.. مكان -دائم- للموت والدمار والانتظار
- ضربات إسرائيلية -مكثفة- على إيران.. ماذا استهدفت؟
- في سوريا -المجزأة- بعد سقوط الأسد.. مبادرات لتعزيز التماسك ا ...
- مسؤول إيراني: الحرب قد تستمر عامين ومستعدون لذلك


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عماد علي - العراق و ثقافة الخوف