أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أشرف بيدس - معذرة .. سيدي العزيز














المزيد.....

معذرة .. سيدي العزيز


أشرف بيدس

الحوار المتمدن-العدد: 2342 - 2008 / 7 / 14 - 06:17
المحور: الادب والفن
    


حتي الكلمات لم نعد نملكها..يستصعب علينا نطقها ، وتثقل بها الأحشاء.. وباتت عبئا علينا، فلفظتنا وألقت بنا في مزبلة التاريخ فأراحت نفسها بعد طول عناء من ألسنة تداولتها بالسوء والنكران والتنكيل ، ولم تحسن استخدامها.
سكتت عروش اللغة وسلاطين المفردات واختلفت المعاني وامتزجت فصارت مرادفات ومضادات، وطلاسم ولوغاريتمات، وحق قول الشاعر حينما قال :
كفرت بالأقلام والدفاتر
كفرت بالفصحي التي تحبل
وهي عاقر
تيتمت الأبجدية في دكاكين الحكايات وأرصفة الثرثرة والنميمة.. وتسكعت في مجامع اللغة ومنتديات الحصافة والبلاغة بين مؤيد ومعارض .. وانتهي بها المطاف للنزول إلي المزادات الرخيصة وأوكازيونات البواقي، وأسواق الشعراء الذين يكتبون الرثاء والمدح والهجاء والتأبين والتأييد والتركيع والترفيع والتنطيع.
تاهت الحروف تبحث عن ملجأ عن مأوي عن قافية مكسورة لقصيدة بلا عنوان .. تاهت الحروف تبحث عن شفاة لا تعرف الكذب والرياء واللعب بالألفاظ ومخارج الكلمات.
سقطت اخر الكلمات عندما سقطنا نحن في بحور التناقضات ومتاهات السفسطة.. ونواصي النحو والصرف والنعت.
لم يبق من بيزنطة سوي حواراتها البالية التي لا تسمن ولا تغني من جوع. فضللنا الطريق.. ولا عزاء
ضاعت الكلمات وضاعت معها قضايانا المصيرية والحيوية .. وعندما كانت ترتفع أصواتنا الناعقة الصارخة كانت تدوي في الآذان استغاثات الحروف.
سيدي ..
إلي هذا الحد كانت تخيفهم كلماتك وآراؤك ومقولاتك ؟.. هل أفزعتهم فزعة المذعورين؟ واقلقت عليهم مضاجعهم وقلبت عليهم هواجسهم فاعادوا التفكير مرة اخري، فقرروا الخلاص منك في وضح النهار.. وبقرارات ليلية غير مكتوبة.
هل استباحت عباراتك النافذة الغائرة الطالقة العاتية سكينتهم المؤقتة وراحت تنبش في حصونهم الرخوة، وتفتت شعاراتهم الجوفاء التي أوهمونا بها فصدقناهم في يوم من الأيام .. فهرعوا وفزعوا وصالوا وجالوا يتمايلون من شدة الطلقات والهذيان، والموت البطئ.
هل أنت قوي بهذه الصورة وهم ضعفاء بتلك الصورة.. حاولت أن اقرأ ما حدث استعيد العبارات والكلمات .. حاولت أن أفتش عن بعض الأخطاء والسلبيات والشطحات.. حاولت أن أضعك تحت المجهر كي أراك دون رتوش أو تذويق أو مكسبات طعام..
حاولت أن اجتر من الماضي القريب بعض الالفاظ لادققها وافحصها وافتتها.. وإذا لزم الأمر أدغدغها وأطحنها وأكلها والفظها .. حاولت ولكنني فشلت ورسخت كلماتك بالأحشاء وتمازجت وتواحدت وتوائمت ..
دعنا نطفئ المصابيح حتي نري الحقيقة دون فيونكات .. دعنا ننظر خلف النوافذ المغلقة ونحصي عدد الأقنعة والماسكات والرتوش والوشوش التي يرتدونها صباح مساء وكم اللافتات التي ينشرون عليها شعاراتهم الملفقة والمزيفة والخادعة.
هل تهاوت شعارات الماضي السحيق وانكسرت علي أقدام الفاتحين الجدد، فابتلعوا كل المقولات الرنانة والطنانة والزنانة التي ألهبت صدورنا يوم أن كانوا.
هل حقت عليهم نظريات علم الاجتماع «الحرمان النسبي» فعندما شبعوا تنصلوا وتبرأوا من كل أفكارهم ومعتقداتهم، وصلواتهم .. واشهروا واعلنوا أمام العامة عصيانهم للتحضر والمدنية والحق..
هل انكسر المصباح الذي كان يضئ لنا غياهب العتمة وصرنا نتخبط في الطرقات والردهات نبحث عن معني وتفسير لما حدث ويحدث.
هل آن اوان الصمت في زمن النفاق وهل حق قول الشاعر
لا يسلم الجسد النحيل من الأذي إن لم تنافق
عندما تتم محاكمتك هذا يعني انها محاكمة للشعب الفلسطيني باطفاله ونسائه ورجاله وشيوخه وحجره وشجره وهوائه.. لا تبتئس، فنظرات الصغار الذين راقبوك علي الشاشات كانت شهادة براءة موقعة دمائهم ..
فمن شاهد البرغوثي وهو مكبل .. ومن سمع البرغوثي وهو يتكلم .. ومن نظر في عين البرغوثي يدرك ان الشعب الفلسطيني لم يستسلم أبدا.. فهو واحد من آلاف ينتظرون في قائمة الوطن.. هناك مئات الآلاف مثل البرغوثي .. فهل سوف تتسع سجونهم الضيقة لكل هذا الكم..
هل غابت الشمس الجميلة عن مدينتنا.. وعن ساحات البيوت ومدارس الأطفال.. هل أكلت الرطوبة جدران البيوت وحوائط الذكريات.. وتسلل السوس ينخر فينا القسوة ويدمي قلوب الحياة..
كم كنت وحدك والشتاء طويل والبرد قارس.. فكانت عيوننا الدافئة تفرد ظلالها عليك.. كم كنت وحدك والهواء شحيح، وتنفسنا ملء صدورنا هواء لك..
الأرض الثكلي بالجرحي والقتلي والعطشي والجوعي مازالت تنبت عشبا أخضر يأكل منه الطير والإنسان.. عندما يوصد العسكر المعتوه باب زنزانتك عليك .. ويتركك للوحدة والتفكير.. تأكد أن كل الأبواب مفتوحة لك حينما تعود.. ولسوف تعود..




#أشرف_بيدس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عصر الشهداء والجواسيس
- غرام الافاعي
- أعياد ميلاد ومواكب أموات
- الموت الرحيم
- عبد السلام النابلسي : حسب الله السينما المصرية .. فقر و-عنطز ...
- عاطف الطيب : رادار الموهوبين
- سينما ما بعد النكسة : تكذب .. ولا تتجمل
- بهيجة حافظ : بنت الإسكندرية الارستقراطية التي عشقت الفن
- خطاب التنحي: وانتفاضة الجماهير في 9و1. يونيو
- الإرهاب في السينما : تخاذل مقصود أم وعي مفقود
- في عام النكسة : السينما لم تدفن رأسها في الرمال
- سينما نجيب محفوظ : واقعية وجريئة
- المرأة والسينما والانتخابات
- سعاد حسني في ذكراها السابعة: حالة خاصة جداً
- فؤاد المهندس سفير الكوميديا
- شبح اللمبي .. يطارد محمد سعد
- يوسف شاهين : تنويعات من التمرد والغضب والحب
- «الأم» في السينما المصرية.. نهر متدفق من العطاء
- فوضي حالات الاستثناء
- من «قيافا» حتي «اولمرت»00 يمتد طريق الآلام


المزيد.....




- الإِلهُ الأخلاقيّ وقداسة الحياة.. دراسة مقارنة بين القرآن ال ...
- بنظامي 3- 5 سنوات .. جدول امتحانات الدبلومات الفنية 2024 الد ...
- مبعوث روسي: مجلس السيادة هو الممثل الشرعي للشعب السوداني
- إيران تحظر بث أشهر مسلسل رمضاني مصري
- -قناع بلون السماء-.. سؤال الهويّات والوجود في رواية الأسير ا ...
- وفاة الفنانة السورية القديرة خديجة العبد ونجلها الفنان قيس ا ...
- مطالبات متزايدة بانقاذ مغني الراب الإيراني توماج صالحي من ال ...
- -قناع بلون السماء- للأسير الفلسطيني باسم خندقجي تفوز بالجائز ...
- اشتُهر بدوره في -أبو الطيب المتنبي-.. رحيل الفنان العراقي عا ...
- عبد الرحمن بن معمر يرحل عن تاريخ غني بالصحافة والثقافة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أشرف بيدس - معذرة .. سيدي العزيز