الى من يهمه الأمر .. مع التحية

فلاح أمين الرهيمي

الحوار المتمدن-العدد: 2327 - 2008 / 6 / 29 - 10:38
المحور: المجتمع المدني
    

إن الشعوب التي لها امتداد عريض وعريق في التأريخ تكتسب أصالتها ووجودها من تجاربها خلال المخاضات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعرضت لها خلال مسيرتها الطويلة عبر مراحل زمنية عسيرة وقلقه ومختلفة والأمر طبيعي لأن الشعوب ليس من طبيعتها التوقف والجمود وعدم الحركة وإنما ديناميكية الحياة تدفعها الى الإمام مما تؤدي الى مسيرة التأريخ وتقدمه والانتقال من مرحلة الى أخرى ومن خلال هذه المسيرة لا بد ان تجد في طريقها المطبات والحفر والحجر الذي قد يؤخر مسيرتها ويؤخر وصولها الى أهدافها المرسومة وهذا لا يعني الانحراف عن الخط المرسوم والطريق الصحيح ولكن قد يؤدي الى إجراء بعض التعديلات حسب ظروف الزمان والمكان والفر دانية الشخصية واختلافها مع الواقع الموضوعي بحيث لا يؤدي الى انحراف كبير يؤدي الى ضياع معالم الطريق ويخلق الضبابية والاضطراب على الخارطة التي تعتمد عليها في سلوكنا ومسيرتنا وفي بعض الأحيان يحدث الانحراف في المسيرة نتيجة عدم الرؤيا الصائبة والاضطراب الفكري وضعف الوعي الإيديولوجي مما يؤدي الى اختلاط الأوراق وتشويش خطوط الطريق الذي يجب إن نسلكه وحينما نشعر ونحس إن خط سيرنا قد انحرف عن الطريق الصحيح يجب تداركه وتصليح وتعديل مسارنا والعودة بمواصلة المسيرة في الطريق الصحيح بالرغم من ان ذلك قد يكلفنا التعب والمشقة والوقت وإنما المهم الاستفادة من ذلك الخطأ ويحفزنا على تلمس الطريق الصحيح ويزيد من يقظتنا وحذرنا وعزيمتنا ويوسع ويعمق تجاربنا من اجل الوصول الى أهدافنا .
إن أية تجربة جديدة قد تكلفنا من الجهد والوقت وقد نصيب فيها النجاح أو الخطأ وعلى كل حال فأننا نسلك الطريق لأول مرة قد يؤدي بنا الى غابة كثيفة الأشجار أو الى صحراء قاحلة لا نعرف من أين نذهب أو أي طريق نسلك فيصيبنا اليأس والقنوط فيسيطر علينا الإحباط والفشل حينما تتقاذفنا الأمواج في بحر هائج فلا نجد إمامنا ونرى سوا المياه والصحراء والتلال والجبال فيدفعنا ذلك الى الاستعانة بأية وسيلة تنجينا من الضياع والغرق والنجاة بأنفسنا بسبب الابتعاد عن الطريق المجرب والصحيح والانحراف عنه الى تجربة جديدة وطريق آخر قد يؤدي بنا الى ما نسعى إليه به لا نعرف مسالكه وتعرجاته والتو آته وليس له وجود في خارطتنا مما يجعلنا ان نجرب طريقاً نغرق في متاهته وقد يؤدي بنا الى الانحراف عن أهدافنا فنجد أنفسنا رضينا او أبينا نسلك طريقاً لم ندركه سابقاً او نعرفه من خلال خارطتنا فنسير غير واثقين من أنفسنا . هل هي أهدافنا ؟ فنسقط بين الصحيح والخطأ مما يؤدي الى تسلل الاضطراب والمتاهات النفسية والأفكار المتشابكة والمتناقضة بين الشك واليقين وبين الصحيح والخطأ حتى نضيع في مختبر الأفكار والرؤيا والاجتهاد مما يؤدي بنا ذلك السلوك وهذه المتاهات الى أهداف مختلفة ومتناقضة مع طموحاتنا بسبب اندفاعنا وانحرافنا عن طريقنا الواضح الصحيح والمجرب والذي يؤدي الى الأهداف التي نطمح بها وتشبع رغباتنا وأمالنا في ظروف سياسية واقتصادية واجتماعية موضوعية وإقليمية ودولية اضطربت فيها الرؤيا والاجتهاد وضاعت فيها المقاييس بحاره هائجة ورياحه عاصفة يتطلب فيه الوقوف على صخرة صلبة وثابتة لا تهزها الرياح ولا تزعزعها الأمواج العاتية مما يؤدي الى غرقنا في البحار أو تمزقنا الرياح في جوف الصحراء فتدفعنا الرمال فيضيع ماضينا وشهدائنا وآلامنا وعذابنا في السجون والمعتقلات والتشريد مع أمانينا وطموحنا ومستقبلنا المشرق السعيد والى فقدان ذلك الخزين الثري والكبير من الوعي والمعرفة والتراث من التجارب الغزيرة والواسعة .
ان المرحلة الآنية والظروف الحالية التي نقف بها ويقف فيه شعبنا على قاعدة مترجرجة ومتذبذبة وقلقة اختلط فيها الحابل بالنابل تتسارع فيها الأحداث وفي بعض الأحيان تتجاوز سرعة الزمن فأصبحت همومنا أكثر من مشاكلنا ولذلك ليس نحن الآن في ظرف فيه من التقلبات والإحداث والتطورات تفسح الفرصة والمجال الى اختبار التجارب والرؤيا والاجتهاد وان هذه الظاهرة تتطلب ان تسود فيها ظروف مستقرة ومطمأنة وهادئة من الممكن ان تمتحن فيها الأفكار والإيديولوجيات بالرغم من إننا نمتلك موسوعة ضخمة وخزين كبير وزاخر من الفكر والمعرفة والتجارب الذي يعتمد على القوانين العلمية الحاسمة والموثقة . ان فشل التجارب سوف يؤدي الى انهيار ذلك الطود الذي شيدته الجماجم والدماء والدموع والآلام والحرمان ويؤدي الى تزعزع الثقة وتسلل اليأس والإحباط الى نفوس جماهير الشعب مما يحمل المسؤولية التاريخية أولئك الذين خاضوا تلك التجربة وأدت الى فشلها وانهيارها .

#فلاح_أمين_الرهيمي (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل