أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فاطمه قاسم - مقلى الفلافل محطة وقود !














المزيد.....

مقلى الفلافل محطة وقود !


فاطمه قاسم

الحوار المتمدن-العدد: 2266 - 2008 / 4 / 29 - 09:33
المحور: كتابات ساخرة
    


ابتسم أنت في غزة:

وفي قطاع غزة بين بيت حانون في أقصى الشمال إلى رفح في أقصى الجنوب , ليس في وسع الإنسان مواجهة الواقع العبثي , واللامعقول , والقاسي , سوى بابتسامة حتى و إن كانت الابتسامة حزينة .
قبل أيام , استقليت سيارة أجرة للذهاب إلى مكتبي , سيارتي متوقفة منذ فترة طويلة بسبب انقطاع البنزين , وعندما صعدت إلى سيارة الأجرة , وجلست في المقعد الخلفي , صعدت إلى انفي رائحة الفلافل ! و قلت للسائق
لماذا لا تنظفون سياراتكم ؟
سال مبتسما
ننظفها من ماذا ؟
فقلت له
يبدو أن الركاب قبلي كانوا يأكلون ساندويتشات الفلافل داخل السيارة , ألا تشم الرائحة ؟
و انفجر السائق ضاحكا
معذرة , هذه ليست رائحة الفلافل , و إنما هي رائحة زيت القلي الذي تقلي به الفلافل , أصبحنا نستخدمه وقودا لسياراتنا!
في غزة كل شيء ممكن :
أن يتحول مقلى الفلافل إلى محطة وقود ! وان تتحول العربة الكارو يجرها حمار إلى هودج للعروس ! , أنت في غزة , بمعنى أنت في قلب الحصار , و الحصار تحول منذ شهور من عناوين سياسية إلى تفاصيل يومية تدخل في مسامات الحياة نفسها , في غزة المواعيد ليست مؤكدة , لأنك لا تعرف إن كنت ستتمكن من الوصول إلى الموعد بسبب ندرة المواصلات , و لا تستطيع أن تصنع سقف لمصروف العائلة بسبب قفزات الأسعار بشكل مجنون ! وتنظر في عيني المريض الذي لا يملك في مرضه سوى الانتظار لان المعابر مغلقة والعلاج أصبح مستحيلا .
كثيرين من المفكرين و الكتاب اعتنوا بدرجة كبيرة بالحصار الذي يفرض ضد شعب من الشعوب , بهدف تدمير الحياة الإنسانية , و تدمير الحصانة النفسية ! و لكن الحصار قي قطاع غزة أكثر قسوة , لماذا , لان قطاع غزة في الأساس هو مكان غير عادي , شريط ضيق من الأرض محصور بين الماء والصحراء , ولد ولادة قيصرية من رحم النكبة الفلسطينية التي وقعت عام 1948 , قبل النكبة كان هناك لواء واسع مترامي الأطراف , هو اللواء الجنوبي , لواء غزة , و لكن الاحتلال الإسرائيلي قضم آلاف الكيلومترات , ومئات من القرى التي طرد أهلها , و لم يبقى سوى شريط ضيق من الأرض مساحته 362 كيلومترا مربعا فقط , يحتشد فيه ألان أكثر من مليون ونصف المليون إنسان يعيشون فيه داخل مدنهم وقراهم و مخيمات اللاجئين , أعلى نسبة كثافة سكانية في العالم ! تصوروا مليون ونصف المليون بمساكنهم وطرقاتهم و شركاتهم ومصانعهم و مدارسهم وجامعاتهم وكل مستلزمات حياتهم يختنقون في هذه المساحة المخنوقة من الأرض! وهكذا يتحول قطاع غزة إلى اصغر السجون مساحة وأكثرها اكتظاظا , فكيف حين يقع فريسة للحصار , وتغلق بواباته ومعابره , وتدور فيه الحياة على طريقة لا "يموت ولا يحيا " , كل شيء في قطاع غزة يمر من خرم إبرة , كل شيء يستمر على طريقة لحظة بلحظة , ونقطة بنقطة , كل شيء تحت نقطة الصفر , وتحت خط الفقر , وتحت مستوى الحياة !
في قطاع غزة :
نصرخ ليل نهار ,بان الحصار , لم يعد مجرد عنوان سياسي فقط , إسرائيل تحاصر قطاع غزة , لقد نزل الموضوع إلى الأسفل , إلى تفاصيل التفاصيل , إلى النخاع الشوكي , والعصب الحي , تصوروا أن طول قطاع غزة لا يتجاوز 45 كيلومترا , من بيت حانون إلى رفح , ولكن هذه المسافة في ظل الحصار هي مسافة مستحيلة , وبناء على ذلك فان نسيج العلاقات العائلية الاجتماعية يتأثر بالحصار ! وهذه الأيام , كثير من الناس يقضون في انتظار سيارة ساعة و ساعتين وحين ييأسون يعودون أدراجهم ولا يتمكنون من الذهاب إلى حيث كانوا يريدون ! وكثيرا ما يقرع جرس الهاتف , ويكون المتصل هو إدارة إحدى دور الحانة ,أو مدرسة من المدارس , تقول للأهل , دبروا أمر وصول أولادكم بأنفسكم , لان الحافلة الخاصة بالحضانة أو المدرسة ليس عندها وقود !
وبرغم كل ما ذكرته لكم من تفاصيل مفجعة, إلا أنني عندما فاجئني السائق بقضية استخدام السائقين الزيت , "زيت قلي الفلافل" بدل البنزين , وكيف أن مقلى الفلافل تحول إلى محطة وقود , انفجرت بالضحك , واختلاطه رنات ضحكاتي مع نزف دموعي , الخوف أن نسمع بعد أيام قيام طائرات لأباتشي أو أل F.16بقصف بائعي الفلافل بصفتهم الجزء المعطل للسلام , وتذكرت المثل القائل "شر البلية ما يضحك" و بدوري أقول لكم ابتسموا إن استطعتم ,
لمشاهد منقولة من غزة .



#فاطمه_قاسم (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاقوياء دائما يكذبون
- الوطن حين يتحول الى سجال
- سأغادر مدينتك
- هذه انا
- اشواك في العلاقات العربية
- إلى متى هذا الغياب؟
- هل ما زال هناك وقت
- الى متى هذا الغياب ؟
- اخر الحصون ام القرى فلسطين
- القمة العربية والبحث عن بداية جديدة
- حوار أم انتحار
- المرأة العربية بين التغريب والتغييب
- المأزق الفلسطيني انقاذ ممكن أم الذهاب الى الابعد
- إرهاب الدولة أم دولة الإرهاب
- العنف ضد المرأة بين التشخيص والمواجهه
- امريكا وفلسطين والنفط
- زارعة الأمل حاضنة الأجيال
- حديث بين الدموع
- المبادرة اليمنية والارادة الفلسطينية
- الممكن والمستحيل في إعلان الاستقلال


المزيد.....




- وفاة الفنانة الروسية ناتاليا تينياكوفا نجمة فيلم -الحب والحم ...
- من بينهم توم كروز.. الأكاديمية تكرم 4 فنانين -أسطوريين- بجوا ...
- بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة ...
- تكريما لمسيرته... الممثل الأمريكي توم كروز سيتلقى جائزة أوسك ...
- جو بايدن يقتحم موقع تصوير مسلسل شهير أثناء مطاردة الشرطة (صو ...
- باللغة العربية.. موسكو وسان بطرسبورغ ترحبان بالوفد البحريني ...
- انهيار منزل الفنان نور الشريف في السيدة زينب.. وابنة تعلق! ( ...
- كيف أعاد شفيق البيطار بادية بني سعد إلى البيوت بلغة عربية فص ...
- قتلى أو شهداء أو ضحايا؟ عن مفهوم التضحية ما بين اللغة والفلس ...
- الرواية بين المحلية والعالمية.. علامات من الرواية الأردنية


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - فاطمه قاسم - مقلى الفلافل محطة وقود !