أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - فاطمه قاسم - حديث بين الدموع














المزيد.....

حديث بين الدموع


فاطمه قاسم

الحوار المتمدن-العدد: 2211 - 2008 / 3 / 5 - 10:58
المحور: القضية الفلسطينية
    


ياسيدتي غزة

أيتها الأم الثكلى الموجوعة بأبنائها الصرعى في ميادين الوغى , أيتها المؤمنة بأقدارك , الشجاعة في صبرك الجميل , والحكيمة في تدبير أمورك في أيام الشدائد , لم تكن أيامك سوى شديدة الوطأة وعابسة يا سيدتي غزة الموجوعة حتى القهر ,اعذريني لأني أريد أن أتبادل معك الحديث عبر غبش الدموع الساخنة !
أقول لق يا سيدتي غزة, انك الآن على مفترق طرق, طريق تفضي إلى درب الآمال والسلامة, وطريق تقود إلى درب الألم والندامة,
أن تكوني أول الوطن وعنوان الكيان كما أرادك ياسر عرفات في صلب مشروعنا الوطني, أم أول التوطين في الصحراء كما يخطط الأعداء الظالمون, حين ينصبون لنا الكمائن فنقع فيها, لنا عيون ولكنها لا ترى, ونمتلك أذان مرهفة ولكنها لا تسمع.
الأعداء : واه ما أكثر الأعداء ودرجاتهم وطبقاتهم , احتاروا في عظمة حلمك , وقوة صبرك , ووفرة عطائك الوطني , فقرروا أن يبعدوك عن مسارك الأصلي ويسلخونك عنه , وان يفصلوك عن سربك الحقيقي , وان يزرعوك هنا حزينة وحيدة على حافة الصحراء كراية في مهب الريح .
غزة مثقله بذاتها حين تتحرك وحيدة , وغزة مقبرة بهجومها حين تغلق في وجهها جهات الأرض الأربع , وغزة منكفئة ضد بعضها حين ينطفئ الضوء من نوافذ الأمل , وتسود العتمة ولا يتعالى في الليالي المظلمة سواء عواء الذئاب
ألان, بعد شهور طويلة وأيام أطول, نصحو على الأسئلة القديمة من جديد, لماذا انس-حب الإسرائيليون من جانب واحد, وتركوك خارج السياق ؟
لماذا جعلك الاسرائليون غنيمة سهلة , وحديقة مفتوحة بلا أسوار ,وجعلوك حقلا للتجارب القاسية بلا قيود ؟
ها نحن نطالب بدولة, فيقولون لنا انظروا غزة, هل هذا نموذج الدولة التي تريدون ؟ ونطالب بالتواصل فيقولون , هل تريدون التواصل مع الجحيم على غرار غزة !
اعرف يا سيدتي غزة أنهم ظالمون , ظالمون حتى الجريمة , ولكنهم أوقعونا بشباكهم واخذوا يعاقبونا على النتائج , ونحن عالقون في غابات الوهم , وشطحات الجنون , هذا ليس هذيان
في البدء كنت يا غزة .
أول الثورة وأول الرصاص, أول لحجارة, أول الوطن, أول الانبعاث الفلسطيني, وأول الأمل,
في البدء كنت أنت ,
ولما رأى الأعداء انك على وشك اكتمال الحضور, تصايحوا بحقد, امنعوا هذا الميلاد من التحقق, أن تحولت القضية إلى دولة, وتحولت الشعارات إلى كيان فلسطيني, ماذا سنفعل حينئذ ؟ لن يبقى في أيدينا شيء نفعله ! هيا اوقفو الميلاد , لا تدعوا دولة فلسطينية تولد من رحم القرارات الشجاعة , اقتلوا الجنين في مهده , لان ميلاد دولة للفلسطينيين هو تجسيد جديد للقيامة ,ونحن أعداء فلسطين نريد لفلسطين الموت والاندثار ولا نريد لها القيامة .في الأيام الفائتة التي عاشتها غزة , تحت وطأة العدوان الإسرائيلي , كان هناك شيء رهيب يحدث , تصوروا , في خمسة أيام سقط حوالي مئات من الشهداء والجرحى , شهداء لم تتمكن سيارات الإسعاف من انتشال جثثهم ! ولم يتمكن المسعفون من الوصول إلى العديد من الجرحى !ولم يتمكن الأطفال من الخروج من منازلهم التي انهارت فوق رؤوسهم ,وبعض الأمهات اللاتي قبلن بموت أبنائهن ولم يتمنين سوى الجاثمين ليتاح لهن البكاء عليهم , ولكن القذائف الإسرائيلية كانت قد حولت طلبهن آلة استحالة , فقد تحول الجسد إلى أشلاء انتشرت لتكون علامة فارقة يوم يأتي زمن الندم , فقد تقاسمها الأسقف والأبواب والجدران وأفرع الشجر , وحفر التراب , ولم تجد بعض الأمهات سوى أكياس صغيرة مليئة بالمزق البشرية , ليس إلا !
يا الهي, حتى الموت نفسه يهتاج من بشاعة الموت فيزداد مأساوية, حتى البكاء على ضحايانا في غزة ليس ممكنا في كل الأحوال.
والآن يا غزة:
هذه ليست نهاية الحرب بل بداية الجولة, وهذه ليست كل ما جرى بل هو عينة صغيرة مما سيأتي ! فإلى أين تذهبين وأنت تحمين الأبناء بجسدك وصدرك ,
هنا موت وهناك موت , وما بين الماء والصحراء ليس هناك سوى العذاب , والقوم تركوك وحيدة , اختبئوا خلف واجهات الخلاف , وان الخلاف نفسه لعبة !اختبئوا وراء واجهات الخلاف ,ملئوا أفواههم بالشعارات , وراحوا يقذفونها في وجه بعضهم ,
مرة يتحدث العرب عن الممانعة والاعتدال , ومرة يتحدث الفلسطينيون عن المقاومة والمفاوضات , إنها مجرد واجهات ليس إلا , ولا يصل إليك ياسيدتي سوى الصدى , وموجات الموت جماعات وأفراد .
أيها القادمون من غزة
كيف تركتم القوم هناك ؟
تركناهم على حالهم في غزة ينتظرون أن يصبحوا أرقاما جديدة في تعداد القتلى, ومادة مثيرة بعض الشيء في نشرات الأخبار.
في العواصم :
في العواصم العربية والإسلامية القريبة والبعيدة , خرج بعضهم في مظاهرات ومسيرات يحملون يافطات مكتوب عليها " أغيثوا غزة " المسيرات صرخت في الشوارع لبعض الوقت , ثم حين جاء موعد الطعام , تحسس المتظاهرون بطونهم , وقاموا بطي أعلامهم ويافطاتهم الملونة , وعادواالى بيوتهم وبقيت غزة هنا وراء الكلام , وحيدة , مفجوعه , أما الأعلام واليافطات والشعارات التي طويت فلم تكن سوى مهنة يحترفها العاجزون .
اعذريني يا أمي غزة
أنا حزينة جدا اشعر بالقهر والظلم
وما الذي يمكن أن تقوله إنسانة حزينة ؟



#فاطمه_قاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المبادرة اليمنية والارادة الفلسطينية
- الممكن والمستحيل في إعلان الاستقلال
- غزة اول الدولة ام نهاية الدولة
- انتحار الورد ؟
- الوضع الفلسطيني أين العقدة
- لبنان الاخضر لبنان المحترق
- ماوراء الحدث
- المشهد اكثر تعقيدا
- الدم يزهر وردا
- جنازة في عرس وعرس في جنازة
- على أبواب المؤتمر السادس
- فن المصالحة ؟
- الموت موجود والدواء مفقود
- الثلث الضامن والأرتباط المعطل !
- التعليم وقاعدة الانطلاق الرئيسية
- رسائل دموية
- اللواء صائب نصار وزمن الثورة
- اوقفوا هذا الانتهاك
- تعالوا نضئ شمعة
- من منكم يملك وساما مثل وسامي ؟


المزيد.....




- بوركينا فاسو: تعليق البث الإذاعي لبي.بي.سي بعد تناولها تقرير ...
- الجيش الأمريكي يعلن تدمير سفينة مسيرة وطائرة دون طيار للحوثي ...
- السعودية.. فتاة تدعي تعرضها للتهديد والضرب من شقيقها والأمن ...
- التضخم في تركيا: -نحن عالقون بين سداد بطاقة الائتمان والاستد ...
- -السلام بين غزة وإسرائيل لن يتحقق إلا بتقديم مصلحة الشعوب عل ...
- البرتغاليون يحتفلون بالذكرى الـ50 لثورة القرنفل
- بالفيديو.. مروحية إسرائيلية تزيل حطام صاروخ إيراني في النقب ...
- هل توجه رئيس المخابرات المصرية إلى إسرائيل؟
- تقرير يكشف عن إجراء أنقذ مصر من أزمة كبرى
- إسبانيا.. ضبط أكبر شحنة مخدرات منذ 2015 قادمة من المغرب (فيد ...


المزيد.....

- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر
- الفلسطينيون إزاء ظاهرة -معاداة السامية- / ماهر الشريف
- اسرائيل لن تفلت من العقاب طويلا / طلال الربيعي
- المذابح الصهيونية ضد الفلسطينيين / عادل العمري
- ‏«طوفان الأقصى»، وما بعده..‏ / فهد سليمان
- رغم الخيانة والخدلان والنكران بدأت شجرة الصمود الفلسطيني تث ... / مرزوق الحلالي
- غزَّة في فانتازيا نظرية ما بعد الحقيقة / أحمد جردات
- حديث عن التنمية والإستراتيجية الاقتصادية في الضفة الغربية وق ... / غازي الصوراني
- التطهير الإثني وتشكيل الجغرافيا الاستعمارية الاستيطانية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - فاطمه قاسم - حديث بين الدموع