أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دريسي مولاي عبد الرحمان - هكدا رقصت كلماتي














المزيد.....

هكدا رقصت كلماتي


دريسي مولاي عبد الرحمان

الحوار المتمدن-العدد: 2200 - 2008 / 2 / 23 - 11:10
المحور: الادب والفن
    


في زمن سطوة رأسمال السيطرة كآلهة منتصبة على مشارف الحياة بأسرها.في زمن تعدد الوسائط والمقالب.نبست قديسة من أقاصي المرتفعات الشامخة,تعلو وجهها سيماء من الهيبة والوقار المحترمين.نثرت حكمتها كبدور في الأراضي المقفرة بعدما حرثت بمحاريثها الشعورية أعماقي فأدمتها لفصول متتالية.مع مرور الزمن أثمرت حقولي قمحا ودرة وشعيرا.في وسطها ظهرت شقيقة نعمان متوحدة مطلقا مع الهدوء التام.تحركها نسماتي لأبسط هبة نسمة صباحية. اقتربت منها أداعب أوراقها الحمراء فظهرت في مركزها نقطة سوداء حالكة كظلمة الليل.دنوت منها أشم أريجها فشعرت بدوار في راسي وكان زوبعة متخمة بالأفكار الجميلة والأحلام التي لا تعرف حدودا,والمفاجئات المخفية في أعماق اللاشعور حملتني على متن أطياف إلى عوالم أخرى لم اعرفها قط في حياتي.

في زمن هيمنة السرعة الافتراضية.ظهرت هده القديسة على كل المستويات.في كل أمكنتي,في كل أزمنتي.وأنا الذي أومن بزمن لا موضوعي يكسر حلقة الرتابة والقدرية.برزت من بين ثنايا الزحام.اقتحمت غمار اختراق الضجيج والصخب العالي.تقدمت نحوي متسللة إلى أعماقي المتصوفة لتنخر فيها كرحيق ملثاث.انتشرت دبدباتها المتوغلة إلى أوصالي فسكنت هناك في الداخل.حيث اختلطت علي الأمور في إيضاحها وجلاء صورتها كما الشمس في لحظة الإشراق من افلاق الصباح.اندست ببراعة بين طوابير من الانتظار الطويل لتقف أمامي في لحظة نزقة كأنها حقيقة مطلقة.متيقن أنا أن الحقيقة المطلقة مجرد فكرة وهل استطيع أن أصيرها كينونة تتحرك أمامي.تتنفس. ترتعش بالبرد.تنتشي لما تنتفض دماؤها لتتعرى.أم أنني قد اجعلها أيقونة أتعبدها في زمن الإلحاد واللاتدين.صراحة تماهى فكري مع اطلاقيتها الجمالية العذبة,فارتقى جنوني الى مراتب الصحو الخلاقة سألتها يوما

-هل تودين أن أكون مجنونك؟
ردت بمكر فاضح
-كن مجنون نفسك في حقولي الفسيحة,أنداك يمكن لجنوني أن يرتقي صحبة هلوستك لنلج السماء ونحلق بعيدا

رسمت في محيطي الهادئ بصمات من حضور ثقلي.أعجزتني بتوجسها المتواري من خلال أبواب توصد وأخرى تشرع.تسمرت لأول وهلة مكاني.وقفت أمام هيبتها كنصب تذكاري نحت من أوهام الصورة الجميلة الحالمة.شلال دافق يفيض بكل أشكال الانسياب الناضح بالشهوة والاتقاد.خرير مشاعرها الملحن بإيقاعات الزمن المشرق,الحر.بدا يخط على وقع خطوي مسارا إبداعيا من رقصات بديعة.

في زمن مضطرم بالعربدة الارتجالية,ظهرت بصوتها الجهوري تتما يد على متن أخيلة جامحة قادمة من الماضي السحيق.اقتربت مني فبسطت راحتي يدي لتنزل على ارض حقولي.لمساتها صعقتني بتياراتها الداخلية المرتفعة التوتر.هويت لأثرها في حواف أجراف من التيه.أنا بدوري عهدت التيه لأنه اقرب إلى الاختيار المضطرب المختلط بمشاعر من الاختلال وفقدان التوازن .صرخت في وجهها بشكل صاعق.أغلقت أدنيها فجأة بسبابتيها وانسلت يداها لتغمض عينيها.أنداك برزت لي عين ثالثة في جبهتها العريضة ,انبعثت منها شرارة الومض والتشظي,فانكسرت أشلاء قلبي مبثوثة في تهويمات الأعماق السحيقة تحت وطأة الصراخ الداخلي

-من تكونين أيتها الغريبة؟أخالك من سلالة الشياطين

صمتت ولم تعرني أي اهتمام يذكر.نسمات ريح ربيعية تهب في محيطنا.المنظر يشي برومانسية مميزة.تعرت كاملة من ثيابها فخيل لي أنها ترمي بأفاعي رقطاء تتراقص في الهواء.افترشت الأرض لوقع صدمة المشهد مبهوتا فارغا فاهي وهو يتأوه همهمات من اللامعنى.حبوت على ركبتي وعيناي تتفادى أية لعنة من وجهتها.مددت يدي لانتزع قطعة من ثوبها ومررتها على ضفاف انفي.أنداك شممت روائح العطور المختلطة بعبق شهوة نادرة.تحركت صوبي وتراجعت مفزوعا من قطة برية تروم التهامي بين فكي فخديها وتبتلعني بطريقة الأفاعي المعششة في المستنقعات الاستوائية.قالت بنبرة وحي نزل لتوه من أعالي مجاري صدرها المرمري

-لما ستراني ارقص سارقك أكثر.تيقن أن باستطاعتي أن ارسم كلمات بجسدي.

انثنت وتلوت والتفت.تقدمت بحركات مختلطة بتعبير دوقي جميل.خطوات إلى الأمام ثم إلى الوراء.لفت حول نفسها دورات اقرب إلى رقصة الدراويش.شعرت بدوار يحلق في فضائي فصرخت بأعلى صوتي

-توقفي معبودتي.يكفيني أني أدور في حلقة مفرغة.كفاني دورانا.كفى. كفى.كفى...

استمرت في رقصتها وكأنها ركبت الريح.رددت كلمات اقرب إلى حقيقة تلاشت ملامحها مع الدوران

-الدوران في مداراتي ارتحال عبر الزمن.سفر عبر أطياف المدى البعيد.هياج في الأعماق الدفينة

هكذا رقصت قديستي.هكذا عبرت كلماتي.هكذا كانت أسمائي.مجرد محطات من ارتحال دائم في فضاءات
الجسد الذي يملك لغة تاريخية

فادا أردتم أن تتحرروا من أغلال الكلمات أطلقوا العنان للجسد أن يرقص.فالرقص بحث عن الكينونة.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تحبينني؟
- دين ايماني
- رقصة المطر
- صرخة الليل
- همس الريح
- لحظة عابرة
- تيه في احضان الحقيقة
- روح كينونة
- هوس الخربشة
- النقد عند هيجل1
- نجيب محفوظ.الاحتفاء والتجاوز التاريخي
- اسطورة الحب
- السياسة.المرأة.الحب.اية علاقة
- رحلة صوفية
- زيارة خاصة
- مأساة
- الفكر اليومي العربي ومازقه التاريخي
- في حضرة الرائحة
- مونولوج داخلي


المزيد.....




- البروفيسور كَبَا عمران: التراث الإسلامي العربي الأفريقي في خ ...
- بشير البكر: لماذا سوريا هي -البلاد التي لا تشبه الأحلام-؟ وم ...
- من يملك وجوه الممثلين؟ كيف يواجه نجوم هوليود خطر استنساخهم ب ...
- رابط نتيجة الدبلومات الفنية 2025 لجميع المحافظات الدور الاول ...
- الأول له بعد 4 سنوات دون دعاية.. جاستن بيبر يفاجئ معجبيه بأل ...
- برقم الجلوس الآن.. نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور الأول ف ...
- “رابط شغال” نتيجة الدبلومات الفنية برقم الجلوس فقط كافة التخ ...
- استعلم برقم الجلوس.. نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور الأول ...
- القديسة آجيا كاترين.. تاريخ أيقونة اللغة والجغرافيا والتاريخ ...
- “رابط فعال” نتيجة الدبلومات الفنية برقم الجلوس جميع التخصصات ...


المزيد.....

- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دريسي مولاي عبد الرحمان - هكدا رقصت كلماتي