لذة التعب الثقافي والتخريب على المثقفين

جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 2186 - 2008 / 2 / 9 - 10:29
المحور: سيرة ذاتية
    

قرأت في زماني أكثر من 15 خمسة عشر عاما حتى بدأت أكتب أول مقال لي , وأذكر أنه كان بعنوان :إبستيمولوجيا المعرفة ,أما ثاني مقال لي فكان بعنوان : العاطفة والحنان في شعر نادر هدى, وهو شاعرأردني نثري كثير وغزير الإنتاج.

وتوقفت عن الكتابة لإعتقادي أنني بحاجة لمزيد من القراءة أكثر حتى أتمكن من الغوص في أعماق النقد الأدبي.
وتركت العمل الأدبي وتفرغت للقراء ة في مشاريع الفكر العربي , وعلى العموم كانت مسيرتي لا تخلو من محاولات التنغيص على الثقافة والمبدعين , وكنت أينما سرت لا بد من أن أحمل بيدي كتاب أو مجلة أشتريهما وانا أمشي في الأسواق أو وأنا ذاهب للعمل أو وأنا قادم من العمل وكنت مازلت على هذه العادة حتى اليوم.
ورغم أن الناس تصفها بأنها عادة سيئة إلا أنها أفضل من عاداتهم السيئة والقبيحة التي يجلسون بها وهم في الخمارات أو في بيوت الدعارة أو في السرقات أو في لعب الورق أو في الكلام الفارغ ولا يستحون أنهم طوال عمرهم لم يقرأوا كتابا واحدا .

وكانت الناس تنظر لي بعين السخط ويصابون بالهبل حين يعرفون أنني أقرأ في كل يوم أكثر من 11إحدى عشر ساعة, وكنت أقول لهم أتعتقدون أنني هكذا أكتب من خلال وحي ينزل لي إنني أتعب كثيرا وأتلذذ بتعبي حين أمسك قلما وورقة لأكتب شعرا أو نثرا أو مقالا في الأدب الديني.

ولا تخلو حيات أي مثقف من المشاكل اليومية الإعتيادية وكان يزداد إصراري على السير في الثقافة كلما شعرت أنني مضطهد أو متعب من العمل الثقافي وكان يزداد إصراري على الثقافة كلما شعرت أن هنالك من يسدي لي بنصيحة ترك العمل الثقافي , وكنت أواجه تخريبات كثيرة من الحسودين والحاقدين على الثقافة والمثقفين .

ساحة العمل الأدبي والثقافي لا تخلوا من الأشرار الذين يعكرون صفو ومزاج المثقفين ,هذا إذا تغاظينا قليلا عن سرقاتهم لأفكار الكتاب والمبدعين الحقيقيين ونظرنا فقط إلى أساليبهم الحقيرة في إختراق الأندية الثقافية الإلكترونية بعد أن يكونوا قد فشلوا في ألتجسس والإختراقات شبه الأمنية للتخريب على أصحاب المنتديات الثقافية .

والتخريب على الثقافة والمثقفين له أناس متخصصون وحقراء فعلا ولربما أن كلمة حقراء قليلة على أولئك الحقراء أو ربما أننا بهذا الوصف نسيء للحقراء أنفسهم فالحقراء لا ينزلون لمستوى تفاهاتهم التي يتصفون بها وهذا يعني أنهم أكثر بكثير من كلمة حقراء وكلمة حقراء قليلة عليهم وهم بتصرفاتهم هذه نعجز عن وصفهم وتضيق بهم الكلمات وتعجز الأوصاف والتشبيهات والكنايات والتوريات عن وصفهم بل حتى البلاغة العربية بما بها من إعجازات لغوية !.

إننا أمام ظاهرة ..جد جدا مقرفة إنها ظاهرة :الإختراقات الإلكترونية والتخريب على المثقفين.
وإن أولئك الذين يكيدون للمنتديات الأدبية والثقافية هم أصلا لا يحملون أي إحترام لأنفسهم وجهلهم وتخلفهم يجعلهم يغتاظون من نجاحات بعض المثقفين الجادين في العمل الثقافي والذين يحملون هما كبيرا للثقافة والإبداع.
وتلفت إنتباهي أشياء كثيرة أراها على صفحة جوجل مثلا : زيارتك لهذا الرابط يسيء لجهازك الخاص بك , وعند فتح الرابط يغلق الجهاز ويعمل لوحده أحيانا رستارت .
ترى لماذا مثل هذه الإساآت ؟ لماذا لا يغارون من النجاحات ويحاولون الإجتهاد والنجاح كما تنجح بعض المواقع الأدبية ؟
من المحتمل أن يكون السبب أنهم يضنون أن العمل الثقافي يأتي هكذا بدون تعب أو إرهاق .
إن العمل الثقافي متعب جدا ولكنه لذيذ جدا فهو العمل الوحيد الذي يتلذذ أصحابه وهم يعانون منه ومن تعبه وإرهاقه .
ويقال أن مهنة المحاماة متعبة جدا , ولكنني أقول أن العمل الثقافي والإبداعي والصحفي هو أكثر عمل متعب على الإطلاق وبه عبء كبير على صاحبه ولكنه لذيذ جدا .
وألذ عمل أعمله طوال نهاري هو القراء ة والكتابة ولكنهما لذيذان جدا ولم أتذوق بحياتي ألذ من طعم العمل الثقافي والإبداعي لأنني أشعر أنني أعمل عملا مفيدا لي وللناس وللبشرية .
ومن هنا لا يعرف المخربون طعم الثقافة والإبداع كم هي لذ ة العمل الثقافي وتعبه .
لذلك هم يتعبون فقط لا غير بدون أن يتذوقوا حلاوة التعب والإرهاق ولهذه الأسباب يخربون على الثقافة وهم لا يشعرون إلا بالتعب لأنهم لا يبدعون وعاجزون عن الإبداع ظنا منهم أن قراءة كتاب واحد يجعل منهم مبدعين .

وأقول لأولئك المخربين أن الكتاب والمبدعين الحقيقيين قرؤا مآت الكتب وقلبوا آلاف المجلات وآلاف الكتب حتى وصلوا لدرجة مثقف متواضع جدا أما أنتم أيها المخربون فإنك قرأتم كتابا واحدا وأردتم أن تكونوا مبدعين وفشلتم ولهذا تخربون على المثقفين الحقيقيين .
وانا لا أتحدث عن نفسي أنني كثير القراءة وحسب وإنما أتحدث عن العشرات أمثالي الذين يقضون معظم ليلهم وهم يقرأون لكي يكتبوا مقالا واحدا .

#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل