ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 2184 - 2008 / 2 / 7 - 10:51
المحور:
حقوق الانسان
ليس من باب التندر والسخرية القول إن أقدم معارض في الكون (إبليس) وحاشيته الملعونة , بل هي حقيقة واقعة ومثبتة من الأزل , لو تأملنا قليلاً في معارضته , لتبين أن معارضته ليست لنظام بعينه أو سلطة زمنية , إنما هي لإله كبير خلقه وخلق الكون معه .
في هذا المقام لا تجوز المقارنة بين اعتراض إبليس على قرار الخالق بالسجود لآدم , وبين اعتراض بني آدم لبعضهم البعض , فالإنسان ليس معصوم من الخطأ , تنفيذه لأي فعل تقابله ردة فعل مباشرة من بني جنسه , مع ذلك يبقى الاعتراض اعتراضاً , فعندما يعترض الإنسان على قرارات أخيه الإنسان , اعتراضه نابع أما حسداً وغيرة أو نصحاً وإرشاداً أو تصويباً للخطأ الذي يراه .
نقول هذا انطلاقاً من نظرية أن الحياة صراع بين الأضداد , الأضداد فقط , من دون الدخول في متاهة الصراع بين الخير والشر , حينها سيدعي كل نظام على وجه الأرض أنه يمثل الخير المطلق لمواطنيه , بينما تمثل المعارضة الشر المطلق أو العكس من هذا .
ينبغي في هذا الصراع الأبدي أن يعترف الأضداد يبعضهم , فلا يعقل أن استثني ما هو ضدي , دون أن اعترف به وبوجوده , وإلا كيف قبلت باستثنائه من الوجود , وتحت أي سياق يندرج الفعل الذي قمت به ؟ أن استثني ضدي من دون أن اعترف به , فهذا يعني فيما يعنيه الخروج من المألوف , ودليل ضعف وليس قوة, هتلر مثلاً , اعترف بوجود اليهود كطائفة غير مرغوب فيها بألمانيا , ثم قام باستثنائهم بطريقته المعروفة , والتي يدفع العالم ثمنها .
ما جرى في سورية الأمس , ويجري في سورية اليوم , يتشابه إلى حد قريب مع الكثير الذي يجري في العالم , مع فارق بسيط , أن السلطة حتى الآن ليست في وارد الاعتراف بالمعارضة , قد يقول قائل من باب الجدل , إنها تعترف بها , فلولا اعترافها , لما قامت أخيراً باعتقال بعض كوادرها .
إنه لأمر جيد أن تعترف بها , لكن اعترافها إن حصل ولا نعرف , فإنه اعتراف على بعض أشلائها المتناثرة , وليس على كلها , شبيه باعتراف حزب الله , بأنه يملك أشلاء جنود إسرائيليين سقطوا في المعارك , ولا يعترف بصاحب هذه الأشلاء , فمرة نسمع همساً أن المعارضة ممنوعة , وأخرى هي التي تحمل قضايا الوطن ولا تتحامل عليه وتلتحم بجبهتيه الداخلية والخارجية .
بالمقابل على المعارضة باختلاف أنواعها, الاعتراف بضدها , أي السلطة المراد تغييرها أو إسقاطها , فلا معنى لمعارضتها , إذا لم تعترف وتقر بوجود ضدها , وضدها لا يقر بها , المعارضة اللبنانية أوضح مثال .
هذا المشهد السقيم يتكرر في عموم الشرق الأوسط , إن دل على شيء , إنما يدل على أن بلدانه كافة , لا زالت رهينة العيش في عصر الأساطير , ولم تصل بعد لمستوى العيش بالآدمية الكاملة .
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟