ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 2162 - 2008 / 1 / 16 - 00:14
المحور:
كتابات ساخرة
هنيئاً للمثقفين العرب بتتويج الشام عاصمة للثقافة , لكن أي ثقافة ؟ هذا ما لا نعرفه , فتاريخ هذه العاصمة العجيب , لا يسمح بتحديد هوية الثقافة التي ستحملها , قيل بأنها ستكون عربية , وقبلها كانت عثمانية ورمية بيزنطية ,على الرغم من كون أهلها عرب أقحاح , جذورهم تمتد إلى اليمن ونجد والحجاز .
من حقنا أن نساءل كرعايا عرب , ولسنا مثقفين , كي لا يقال بأننا من ذوي الاتجار بها , وأننا لا نعرف ألف باء الثقافة , أو كي لا نسأل , من الذي نصّبنا مثقفين على هذه الشعوب العربية المغلوبة , كما تساءل أحد كتاب صحيفة الثورة السورية بطريقة تهكمية , حين صدور إعلان بيروت – دمشق , ربما اتهمنا مبتكرو نظرية المؤامرة , بأن أميركا هي التي نصبتنا , ولا يستبعد أن تدخل إسرائيل في التفاصيل , عندها سنكون خونة , بتهمة الترويج لثقافة الانبطاح الأميركية , والسلام على الطريقة الإسرائيلية .
إذاً , نحن بعيدون كل البعد عن هذه الفرقعة الثقافية , والسؤال الواجب طرحه , من ستمثل الشام في هذه المناسبة ؟ هل ستمثل الثقافة النابعة من أرض المجتمع العربي وهمومه , أم ستمثل ثقافة الأسياد الحاكمين بأمره تعالى ؟ ممن يعلقون نياشين الثقافة على صدور مثقفيهم الأطهار , مثلما كانت تفعل كنائس الغرب في العصور المظلمة , بتوزيع صكوك الغفران على من ترضى وتشاء .
عين العرب منصبة اليوم على أكلهم وشربهم , لبسهم وبذخهم , طربهم وجنسهم , هذه هي ثقافتهم التي سترفع الشام رايتها عالياً , ثقافة جنسهم وثقافة سكرهم .
ليت الشام ظلت شريفة في عين العرب , كما ظلت في عين الترك , ولو أنهم انقضوا على مثقفيها في أواخر عهدهم فيها , حينما استفاقت نزعتهم الطورانية من سباتها الطويل .
الشيء بالشيء يذكر , غير أن الشيء المريب البادي للعيان , أن لا بغداد ولا بيروت تكفيان لسد النقص الحاصل في الشهية الإيرانية المفتوحة على ما حولها . ففي بغداد تستحي من الظهور والتعبير عن رغبتها علانية في أخذ حصتها التاريخية من هذه العاصمة بحجة وجود أميركا, في بيروت .. مع الحل تارة وضده تارة أخرى , بحسب تقلبات المناخ الإقليمي , أما في الشام , وما أدرانا ماذا تعني جلق بالنسبة لشاهنشاه فارس , وشام بني أمية بالنسبة لآيات طهران وأئمتها المنتجبين .
هنيئا للشام التي لو ضام الزمان عليها , ستبقى الشام .
كاتب سوري
-------
القاهرة
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟