أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - ثائر الناشف - دمعة على قبر الكواكبي














المزيد.....

دمعة على قبر الكواكبي


ثائر الناشف
كاتب وروائي

(Thaer Alsalmou Alnashef)


الحوار المتمدن-العدد: 2117 - 2007 / 12 / 2 - 11:31
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
    


هنا رجل الدنيا, هنا مهبط التقى , هنا خير مظلوم , هنا خير كاتب
قفوا واقرأوا أم الكتاب ... وسلموا عليه فهذا قبر الكواكبي
بهذين البيتين الشعريين لخص الشاعر الكبير حافظ إبراهيم حياة ذلك السوري الفار من قبضة الاستبداد وبطشه , الباحث عن الحرية والانعتاق لوطنه
وسائر الأوطان .
هذان البيتان كتبا على رخامة قبر الكواكبي ليحفرا في وجدان كل حر تاقت نفسه إلى الحرية , عند قبره يختلط عبق التاريخ بعبير الحرية , ليس بعيداً عن قبره تشمخ قلعة صلاح الدين التي شيدها محمد علي باشا على جبل يطل على أحياء القاهرة العتيقة .
رحلة البحث عن الحرية بدأها عبد الرحمن الكواكبي منذ نعومة أظافره في أحياء حلب القديمة , انتهت باغتياله في مقهى يلدز ودفنه مع قلمه وأفكاره في أحياء القاهرة , واستمرت مسيرة الاستبداد الظافرة جيلاً بعد جيل لا تعرف بداية ولا نهاية , معاكسة حركة التاريخ وسنن الكون وقوانين العلم , بأن لكل بداية نهاية , إلا الاستبداد لا نهاية له , هو كل الإعصار الهادر , من يحاول الاقتراب سيبتلعه لا محالة .
لا مكان للأحرار في زمننا المقلوب على أمره , والذي تسير فيه عقارب الساعة عكس اتجهاها والتاريخ معطل حتى إشعار آخر , إنها معركة حامية بين العين والمخرز , عين الحرية ومحرز الاستبداد .
ما الثمن الذي دفعه الكواكبي في عام 1902 ورفاقه من بعده بأربعة عشر عاماً ؟ أي العام 1916 الذي خضبت فيه ساحة المرجة بدمشق والبرج في بيروت , إذا كان الثمن هو تقديم حياتهم مقابل قيام ثورة العرب الأولى , التي طهرت الشام والحجاز ممن أطفئ نور الحياة في نفوسهم الأبية , فوا أسفاه , تباً لمن تاجر بدمائكم الزكية من أبناء جلدتكم اللاحقون , وأعاد عجلة الاستبداد للدوران مجدداً تحت شعارات جوفاء خرقاء لا تمت للتاريخ الذين هم خارجه بأي صلة , فكيف يطيقون رفعها ؟ ألا يستحون .
قبل وصولي قبر الكواكبي عاهدت نفسي , وأنا أمضي مشياً بين باب الوزير وشارع العفيفي حيث يرقد , بألا يرق قلبي , لكن عيني غالبته لحظة وقوعها على القبر , وانفجرت دمعة لو اجتمعت قوى الأرض لن تستطيع حبسها .
إنه قبر من دعا إلى مقارعة استعباد المستبد وفضح طباعه , من ترك وطنه في الظلمة الداجية مرغماً تحت سيف البطش , على أن يعود إليه بعد زوال الليل الطويل وانبلاج فجر جديد , من لُقِبَ يوماً بأبي الضعفاء لمناصرته حقوق الضعفاء ورفع المظالم عنهم .
وقفةٌ أعادتني إلى ذلك الزمن الذي عاشه الكواكبي قبل مئة عام وأكثر , في ذلك الزمن عَرَفَ الناس استبداد السلاطين , اليوم لم يعد هناك استبداد بل ما هو أبشع من الاستبداد , إنها ديكتاتورية القادة العظام المتفشية , لا استبدادية السلاطين بانكشاريتهم النافقة , ديكتاتورية قامت على خبث القادة ويقظتهم , بعكس الاستبداد الذي قام على سذاجة السلاطين وتفاهتهم .
قضى الكواكبي مسموماً في عصر الاستبداد , بعد أن دسوا له السم الزعاف في قلمه , بينما الديكتاتوريات الآن تلغم الأقلام بالحديد والنار , قلت له لو كنت حياً كيف ستواجه ديكتاتورية عصرنا ؟ هل ستفر مجدداً ؟ فإنهم سيفجرونك حيث أنت , إن أرادوا .
لكن إرادة الانعتاق تتغلب على إرادة الاستعباد , لو شاءت ذلك , ولعمري ما تغلب الباطل على الحق , دائماً الحق يَغلُب والباطل يُغلَب , الحسرة على البلد الذي صدر منه أمر الاغتيال , اسطنبول التي صدرت منها شتى فرمانات الاستبداد , ها هي اليوم تشرق على أهلها وعلى محيطها العربي الذي لا يزال متخلفاً بأبهى صور التسامح والحرية .
لقد انتصرت إرادة رفيق دربك المصلح مدحت باشا ولو بعد قرن وربع من الزمن على اغتياله الشبيه باغتيالك , أراد لاسطنبول أن تشرق , فأشرقت على يد أحفاده الآن , إرادتك أيها السيد الفراتي أكبر من أن تشرق الشمس في سورية , أردتها في أم القرى أن تشرق على الشرق كله , غير أن هذا الشرق تناثر كما يتناثر الزجاج حينما ينكسر .
لن تنكسر إرادتك وأنت ترقد في قبرك أبد الدهر , يومُ أحفادك اقترب , سيأتي ولن يتأخر , عندها سيتغير وجه الشرق , وتقوم قيامته , ولن تبقى للاستعباد والاستبداد قائمة .
كاتب وإعلامي سوري من القاهرة



#ثائر_الناشف (هاشتاغ)       Thaer_Alsalmou_Alnashef#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سياسات حزب الله الكسروية
- هل يظهر - بن لادن - في أورشليم ؟
- الخروج من عصر الشعارات
- رقصة المكابري السورية
- ألا يكفي لبنان قاعدة إيرانية واحدة ؟
- إرهابيون .. مستنعجون ولسنا انقلابيين
- هل التوافق الدولي ممكن حول لبنان ؟
- الأفق الإيراني المفتوح على العراق
- المواصفات السورية لمؤتمر السلام
- دهائية نجاد السياسية - مكشوفة -
- فتح - الحدود أم فتح - الإسلام ؟
- عباس والبحث عن السلام المفقود
- الرد السوري المبطن
- تصورات الضربة الأميركية المحتملة لإيران
- وداعاً - كيلو- ... الأمانة بقلم الأمين
- ثنائية النفط والديمقراطية والمواجهة المقبلة
- جسر (بري) المقطوع
- متى يخرج الغرب من شرنقته الاستعمارية ؟
- التحرير المنقوص عند حزب الله
- الأقليات العرقية ودورها المسيّر/ أرمن لبنان نموذجاً


المزيد.....




- فرنسا تؤجل قرار الإفراج عن اللبناني جورج عبد الله أقدم سجين ...
- بعد أربعة عقود في السجن... محكمة باريس تحسم مصير جورج عبد ال ...
- بالعاصمة بيكين: نبيل بنعبد الله يلتقي مسؤولين رفيعي المستوى ...
- ليبيا.. ضبط أحد المتهمين بقتل المتظاهرين في -مجزرة غرغور- بط ...
- فرنسا: الناشط اللبناني جورج عبد الله أمام القضاء يوم 17 يولي ...
- شبيبة القطاع الفلاحي تعبر عن تضامنها مع طلبة معهد الزراعة وا ...
- حركة النضال العمالي والشعبي بالمغرب وكفاح فلسطين
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 16 يونيو 2025
- العدد 609 من جريدة النهج الديمقراطي
- “المستأجرين” بالاسكندرية تدعو لتأسيس فروع للرابطة.. والحكومة ...


المزيد.....

- سلام عادل- سيرة مناضل - الجزء الاول / ثمينة ناجي يوسف & نزار خالد
- سلام عادل -سیرة مناضل- / ثمینة یوسف
- سلام عادل- سيرة مناضل / ثمينة ناجي يوسف
- قناديل مندائية / فائز الحيدر
- قناديل شيوعية عراقية / الجزءالثاني / خالد حسين سلطان
- الحرب الأهلية الإسبانية والمصير الغامض للمتطوعين الفلسطينيين ... / نعيم ناصر
- حياة شرارة الثائرة الصامتة / خالد حسين سلطان
- ملف صور الشهداء الجزء الاول 250 صورة لشهداء الحركة اليساري ... / خالد حسين سلطان
- قناديل شيوعية عراقية / الجزء الاول / خالد حسين سلطان
- نظرات حول مفهوم مابعد الامبريالية - هارى ماكدوف / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية - ثائر الناشف - دمعة على قبر الكواكبي