أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - ثائر الناشف - وداعاً - كيلو- ... الأمانة بقلم الأمين














المزيد.....

وداعاً - كيلو- ... الأمانة بقلم الأمين


ثائر الناشف
كاتب وروائي

(Thaer Alsalmou Alnashef)


الحوار المتمدن-العدد: 2026 - 2007 / 9 / 2 - 11:40
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    


عندما يستبد الخوف بقلب امرئ ٍ, لا يملك أدنى وسيلة للتعبير وإيفاء الغير حقه , وقد يبخسه حقه , الذي كفلته السماوات بكتبها المقدسة , قول الحق دون مواربة , ما أقوى كلمة الحق ! حينما تقال لأهل الحق وأصحابه , الفرق شاسع لو قيلت رياءً لأهل الباطل تكبيراً لرؤوسهم المتعفنة .
لأجل الخوف الذي يمزق شرايين قلبي النحيلة ويشل أعصاب رأسي , لم يتحرك قلمي ويخط حرفاً واحداً عرفاناً وتذكاراً لذلك القابع خلف قضبان اليأس الصدئة , التي سينبت منها الأمل كالنبع المتدفق في سريره , ليرتوي منه الظامئ الهيمان .
لقد سودت صفحات الصحف بأروع الكتابات التي تحدثت عن ميشيل كيلو بأوقات محنته القاسية , لحظة الإعلان عن بدء مسرحية تخوينه واعتقاله ومحاكمته , وما تخللها من فواصل مميتة , تارة تنذر بانتهاء المسرحية باعتبار أن بطلها شخص واحد هو "كيلو" , مصيره المحتوم يعرفه الصغير قبل الكبير من الجمهور المشاهد , وتارة أخرى أريد استمرارها , وقد استمرت , إفزاعاً وإرعاباً للجمهور لئلا يصفق ويهتف مناشداً بطلها بالاستمرار , رغم معرفته المسبقة بالنهاية المؤلمة لذاك البطل الوحيد الواقف على الخشبة , لا يصارع سوى خياله ولا يعرف أهو خياله المتولد من حلكة ظلام المسرح وضعف أضواءه , أم هو شبح هبط عليه وسط هذه الظلمة الموحشة ؟.
ذلك لا ينفي وجود مسارح أخرى وأبطال آخرين في كل بقعة من (الأمة السورية) الآثمة بقوميتها الكنعانية , كما يقول انطون سعادة , الحالم بسورية واحدة , نقيض كيلو الحالم بسورية واحدة موحدة لأبنائها المخلصين , النقية الطاهرة من كل الأدران المهلكة , لا تغيب عنها شمس الحرية العالية بعلو الرفيق الأعلى , لا يكدرها مكدر ولا تنالها إلا نفوس الأباة .
طالما دفعتني نفسي الخائفة المتضورة جوعاً وفقراً ويتماً بالكتابة عن كيلو , سرعان ما شرعت مراعف قلمي تنزف حبراً , كلما تذكرت تلك اللحظات وعبراتها الحارة التي جمعتني صدفةً كما أرادها القدر بكيلو , في منتصف شهر فبراير عام 2006 , في اتحاد الصحفيين بدمشق , قبل صدور إعلان بيروت – دمشق والاعتقال بأيام قليلة .
هممت حينها بالدخول إلى مكتب بالاتحاد لتنفيذ معاملة مالية بالنيابة عن أحد زملائي في وكالة الأنباء سانا , التي تركتها بقرار ذاتي غير آسف , علني أصارع بعدها نوائب الأيام وغوائلها وفراغها الموحش , لا أجد نفسي هزمت , لأني لا زلت في بدايات الصراع ولا أظن بأني قادر على بلوغ النهايات , لشيء واحد هو تلك اللقمة المغمسة بالدم التي لن تصمد أمامها أعتى جيوش العالم وأقواها .
باللحظة التي وطأت قدماي قاع المكتب بادرت بإلقاء التحية على الحضور , فوجئت بوجود السيد كيلو يحدث مستمعيه حديثاً شيقاً , لم يتسن لي معرفة مضمونه كوني دخلت المكتب وقت لفظه للكلمات الأخيرة التي أنهى بها حديثه , أنجزت معاملتي وخرجت على الفور , فلم أغادر المبنى حتى سمعت وقع أقدام قريبة يتردد صداها لأذني , التفت شمالاً فوجدت السيد كيلو يهم بالخروج أيضاً , تسمرت في مكاني حتى اقترب مني صافحته وسألته عما إذا كان يعرفني , ابتسم ابتسامة خفيفة وقال .. عرفتك كاتباً في صحيفة ( المحرر العربي) دون أن يتوقعني بهذا السن , كنت قد بدأت حياتي الصحفية مستكتباً بالمحرر الصادرة من لبنان , إلى أن منعها وزير الإعلام السابق مهدي دخل الله من التوزيع في سورية كغيرها من الصحف .
تدرجنا على مهل تاركين المبنى وراءنا , سألت الأستاذ ميشيل سؤالاً بسيطاً يتردد على ألسنة كل الناس حول آخر الأوضاع الإصلاحية التي تختص بعيشهم , فهم قصدي على ما يبدو وأجابني باقتضاب لا يوجد أي جديد , الأوضاع كما هي , ومضى يحدثني عما سأكتب وأين سأكتب مستقبلاً ؟ كأنه ينتظر كتاباتي حتى يقرأها وربما ليستلذ بفحواها ويأتمنني على أداء الأمانة الصحفية , شعرت بأن ثمة من يشد على يدي ويرفع من همتي عالياً , عسى أن يغدو طريقي الوعر مفروشاً بالأفكار المنيرة بدلاً من الأشواك .
أبلغته بأني سأكتب حيث توجد الحرية وُيحترم الرأي , لأن الصحافة رسالة إنسانية سامية لا تعدو أن تكون مجرد رسالة تجارية صرفة وحسب , فالحرية والصحافة صنوان , هما كالأواني المستطرقة , أن غابت الحرية انعدمت الصحافة , والعكس صحيح .
انتهى مشينا القصير قبالة السفارة الفرنسية , ودعت كيلو وداعاً لا لقاء من بعده , وظللت أحدج بالسفارة سارحاً بخيالي إلى مقهى بشارع الشانزلزيه عائداً بالتفكير إلى ستينات القرن الماضي , تذكرت مقالة للزميل نهاد الغادري كتبها في مجلة المستقبل الباريسية بعنوان " من باريس مربط خيلنا إلى باريس مربط رجالنا " يروي فيها الغادري أنه التقى في المقهى عن طريق الصدفة بثلاثة من رجالات سورية جمعهم القهر والغربة وهم : أكرم الحوراني ورشدي الكيخيا وعبد الرحمن العظم .
ربطت بين الصدفتين , صدفتي مع ميشيل كيلو التي انتهت عند بوابة السفارة الفرنسية , وصدفة الغادري مع الرجال الثلاثة , قفزت إلى ذهني مقولة شعبية رددها أجدادنا في حلب والشام تقول (يا ديغول خبر بلدك , باريس مربط خيلنا ) اليوم تغدو باريس مربط رجالنا وعتبة يقف عندها كل سوري , ليُقلّب بين كفيه صفحة من صفحات الأرشيف الفرنسي , ويسأل نفسه ماذا أُخِذَ منا وأعطي لنا مقارنةً بشقيقنا لبنان , سؤال برسم الإجابة .



#ثائر_الناشف (هاشتاغ)       Thaer_Alsalmou_Alnashef#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثنائية النفط والديمقراطية والمواجهة المقبلة
- جسر (بري) المقطوع
- متى يخرج الغرب من شرنقته الاستعمارية ؟
- التحرير المنقوص عند حزب الله
- الأقليات العرقية ودورها المسيّر/ أرمن لبنان نموذجاً
- تروتسكية حزب الله تفقد المسيحيين صوابهم
- تيار المستقبل .. الخوف الذي يضعف الحقيقة
- مستقبل العلاقات السورية - الفرنسية في عهد ساركوزي
- الخروج السوري الوشيك من الجامعة العربية
- تثليث لبنان : صيغة ايرانية لنسف الطائف
- الحوار الأميركي - الإيراني حول العراق
- انتفاضة لبنانية لاستعادة القرار الوطني
- ثرثرة سورية - إسرائيلية من دون معنى
- لا ... حدود للصمت في سورية
- حزب الله - عون : مشروعان متناقضان
- صلابة موسى لا تنفع مع دمشق
- برنامج عون يخرج من صمته
- المسارات الخاطئة في الإستراتيجية السورية
- الارتهان الإقليمي سيد الموقف في لبنان
- مربعات حزب الله الأمنية


المزيد.....




- سفير إيران لدى الأمم المتحدة ليورونيوز: أوروبا مسؤولة جزئياً ...
- عراقجي: لسنا من يستهدف المستشفيات بل مجرمو الحرب الإسرائيليو ...
- جمعيات حقوقية تتهم حكومة نتنياهو بعدم توفير ملاجئ لكبار السن ...
- في مواجهة ترامب.. رايتس ووتش تدعو الاتحاد الأوروبي للدفاع عن ...
- سلام وجراندي يشددان على أهمية توفير الظروف الملائمة لعودة ال ...
- لاكروا يؤكد سعي الأمم المتحدة الجاد لضمان تمديد مهمة اليونيف ...
- الأمم المتحدة تحذر من ظهور بؤر مجاعة في اليمن خلال الأشهر ال ...
- فرنسا: نشر 4 آلاف عنصر أمن في -عملية تفتيش وطنية- لاعتقال ال ...
- مسئول إيراني يعلن اعتقال 24 جاسوسا إسرائيليا غرب طهران
- ممثلو عملية التشاور العربية: قضية اللاجئين جوهر القضية الفلس ...


المزيد.....

- ١-;-٢-;- سنة أسيرا في ايران / جعفر الشمري
- في الذكرى 103 لاستشهادها روزا لوكسمبورغ حول الثورة الروسية * / رشيد غويلب
- الحياة الثقافية في السجن / ضرغام الدباغ
- سجين الشعبة الخامسة / محمد السعدي
- مذكراتي في السجن - ج 2 / صلاح الدين محسن
- سنابل العمر، بين القرية والمعتقل / محمد علي مقلد
- مصريات في السجون و المعتقلات- المراة المصرية و اليسار / اعداد و تقديم رمسيس لبيب
- الاقدام العارية - الشيوعيون المصريون- 5 سنوات في معسكرات الت ... / طاهر عبدالحكيم
- قراءة في اضراب الطعام بالسجون الاسرائيلية ( 2012) / معركة ال ... / كفاح طافش
- ذكرياتِي في سُجُون العراق السِّياسِيّة / حـسـقـيل قُوجـمَـان


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - أوراق كتبت في وعن السجن - ثائر الناشف - وداعاً - كيلو- ... الأمانة بقلم الأمين