أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إلهامى الميرغنى - الانحياز الفني في فيلم حين ميسرة















المزيد.....

الانحياز الفني في فيلم حين ميسرة


إلهامى الميرغنى

الحوار المتمدن-العدد: 2176 - 2008 / 1 / 30 - 09:41
المحور: الادب والفن
    


انزعج بعض الكتاب من فيلم حين ميسرة للمخرج المبدع خالد يوسف لأنه عرض واقع لم يخترعه الفيلم ولكنه قائم من خلال أكثر من 1300 تجمع عشوائي تضم أكثر من 20 مليون مواطن مصري لم يستطيعوا العيش في مساكن آدمية في ظل سياسات السوق الليبرالية المتوحشة وذلك وفق إحصائيات الحكومة المعلنة. لم ينزعج هؤلاء الكتاب من أفلام الأكشن والمغامرات ، ولم ينزعجوا من أفلام الكوميديا الهابطة والتفاهة لم يزعجهم كتكوت وبوحة ويا أنا يا خالتي ، لم يزعجهم كون غالبية الافلام يعيش أبطالها في فيلات لها حمام سباحة والآف المصريين يعيشون بلا صرف صحي أو مياه نقية ، لم يزعجهم أثاث شقق المسلسلات المصرية والصالونات التي تضم أربع غرف صالون ومستويين بسلم داخلي بينما مشروعات إسكان مبارك للشباب تقدم شقق 46 متر و60 متر وكل يوم تحفل الصحف بمشاكل العشوائيات.

إن الفن انحياز ولا يوجد شئ أسمه حيادية في الفن والثقافة لأننا نعيش في ظل مجتمع طبقي به سكان العشش الصفيح وسكان مارينا ودريم لاند ودماك ومدينتي به ركاب الهمر والشروكي وركاب الميكروباص والتوك توك .لم يزعج هؤلاء الكتاب صورة الحارة الشعبية المبتذلة في اللمبي وسيد العاطفي وخالتي فرنسا والشرشحة الشعبية فهذا هو نمط الفقراء الذي يريدون أن يسود السينما لتضحك الناس علي فقرها.ولكن خالد يوسف كسر القاعدة وخرج علي المألوف وأوضح انحيازه الذي أزعج فريق من كتاب البهوات وأصحاب الفيلات والشاليهات.

لقد أحبطني خالد يوسف في فلميه السابقين ويجا وخيانة مشروعة وشعرت بأنه استسلم لقيم السينما التجارية وشعرت بتكرار تجربة حسين كمال الذي قدم المعطف والمستحيل وقدم بعد ذلك أبي فوق الشجرة ولم يعود لسيرته الأولي ، كذلك المخرج أشرف فهمي الذي بدأ برائعة ليل وقضبان ثم استسلم لقوي السوق وكذلك سعيد مرزوق الذي قدم الخوف وزوجتي والكلب ثم استسلم وعشرات من المبدعين الذين قهرهم السوق الرأسمالي المتوحش والمقاومين لم نجد لهم إنتاج علي مدي أعوام فأين توفيق صالح وسيد سعيد وعلي بدرخان ؟!.ولأن خالد يوسف قاوم وصمد وعاد ليعبر عن هموم الفئات التي لا نراها علي الشاشة الفضية استحق كل هذا الهجوم لأنه ألقي حجر في الماء الراكد وأعلن انحيازه بوضوح فحقت عليه اللعنة.

إن الكثير من سكان المدن الكبرى في مصر لم يتوقفوا عند التجمعات العشوائية التي يعبرون بها خلال ذهابهم وإيابهم ولا يعرفون طبيعة البشر الذين يعيشون فيها. ولقد استطاع خالد يوسف وباقتدار أن ينقل لنا جانب من حياة هؤلاء البسطاء ويقود اوركسترا سينمائي يقدم معزوفة ممتعة من الفن الصادق .قد نسي البعض أو تناسي مشاهد سقوط بغداد وكيف زحف الجياع نحو القصور الرئاسية والمتاحف في مشاهد لا تنسي ، المشكلة إن خالد يوسف يدق ناقوس الخطر لنستيقظ ونعرف أن لهؤلاء البشر حقوق لدينا جميعاً ومن قبلنا الدولة التي اكتفت بدور السمسار وتركت السوق لقوي البغي والاحتكار لتدهسنا تحت عجلاتها.

لقد عرض الفيلم لحياة إنسانية لبشر بهم خير كثير وبهم شر كثير يعيشون واقع مرير ولا يملكون الخروج أو الفكاك منه وهي دعوة للتمرد علي هذا الواقع وتغيره وليس الاستسلام له كقدر حتمي ، لأن لهؤلاء البشر حقوق علي الدولة وحقوق علي أصحاب الضمائر الحية.وفي مشاهد رائعة رأينا كيف لسكان العشوائيات أن يفرحوا سواء في مشهد الاحتفال بالعيد عقب خروج البطل من السجن أو عند زواج عمرو عبد الجليل الثانية أو عندما سهر الأبطال يدخنون الحشيش الذي كان مفترض لعادل أن يبيعه .وعندما ركب عمرو سعد وعمرو عبد الجليل المرجيحة في مشهد طفولي رائع يرقي لمصاف مشاهد السينما العالمية ليذكرنا برباعية صلاح جاهين " أنا اللي بالأمر المحال اكتوي ، شفت القمر نطت لفوق في الهوا ، طلته مطلتش وأيه أنا يهمني وليه، مادام بالنشوي قلبي أكتوي" .

إن الفقر ينتهك الفقراء وأجسادهم ذلك ما عبر عنه الفيلم سواء في حوار غادة عبد الرازق وسمية الخشاب حين قالت لها إنها لا تملك شئ تبيعه غير جسدها ، أو في مفاوضات الرجال مع الساقطة التي تبيع المتعة مقابل النقود ، ولقد قدم خالد يوسف مشاهد عبقرية ربط خلالها بين جسد سمية الخشاب واغتصابها وسقوط بغداد ليعرف الجميع أننا جميعاً منتهكون ومغتصبون وأن هناك قوة عاتية تستهدفنا جميعاً أفراداً وأوطاناً.ذلك ربما لم يغضب مهاجمي الفيلم أو لم يلحظوه؟!!

كما أن الصراع علي السلطة بين النظام القائم والإسلام السياسي هو مجزرة الجميع فيها خاسر والضحية هم بسطاء هذا الوطن.لقد سقط عشرات الضحايا من رجال الشرطة ومن رجال الإسلام السياسي وكانت الأرض مليئة بالجثث والدم لتكثيف الإحساس بالخسارة للجميع. والحل هو إزالة العشش ليدفع الفقراء الثمن مضاعف.وتوقعت أن تهرب هالة فاخر وأسرتها كما يهرب الجميع وراء السراب الحكومي ولكن ما حدث مع عشش قلعة الكبش ودار السلام والحرية في بورسعيد جعلها تفضل الموت تحت جرافات الحكومة بدلاً من البحث عن الوهم ومعها كوم لحم ، كما أن بشاعة المشهد يعكس أن فقراء هذا الوطن هم الذين يدهسهم الصراع بين الحكومة والإسلام السياسي.

لقد حشد الفيلم خلطة متكاملة من معاناة الفقراء سواء البطالة أو سكان العشوائيات أو أطفال الشوارع وكلها ظواهر نتحدث عنها منذ سنوات ونعاني منها ولكن خالد يوسف جسدها لنا في أشخاص من لحم ودم وكانت القسوة جزء من الحقيقة التي يريد البعض إلا يراها بالتغطية عليها.

عند نهاية الفيلم خفت من توجه الجميع إلي القطار وخفت أن يخذلني خالد يوسف ويلتقي عمرو سعد وسمية الخشاب ولكن توجه كل منهم لعربة مختلفة ووجود أبنهم الذي لم يروه وحفيدهم فوق سطح القطار جسد بعبقرية رائعة ضبابية المستقبل كلنا نركب قطار هذا الوطن في الدرجة الأولي أو السبنسة أو فوق السطح والمصير بأيدينا نحن نصنعه معاً هذه هي الرسالة التي وضعنا فيلم حين ميسرة أمامها.

تحية إلي خالد يوسف الذي استعدناه في هذا الفيلم رغم أنني لا اعرفه وتحية لكل فريق العمل السيناريست ياسر عبد الرحمن والمبدع الرقيق رمسيس مرزوق والمهندس الفنان حامد حمدان الذي استطاع أن يجسد لنا بؤس الحي وعشوائية بناؤه وكل فريق الممثلين الذين نجحوا في نقلنا إلي عالم نمر عليه دون أن نتوقف أمامه ولكهم أجادوا باقتدار عمرو سعد وعمرو عبد الجليل واحمد بدير وهالة فاخر وسمية الخشاب والرائعة وفاء عامر وسوسن بدر وكل فريق العمل.لقد أجبرونا علي أن نفكر معاً في الحل من اجل مستقبل هذا الوطن.ومن اجل ألا نجد سكان العشوائيات يزحفون لتدمير كل شئ كما حدث يوم سقوط بغداد.

إن الفن موقف ورسالة ولقد قدم خالد يوسف الرسالة التي ينحاز لها فلماذا يغضب الآخرين ؟!




#إلهامى_الميرغنى (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التأمينات الاجتماعية بين الحل الحكومي واجتهادات اليسار
- الملكية المشتركة هل هي طريق لتجاوز الرأسمالية ؟!
- قصة موت معلن
- الفساد الحكومي .. بين الواقع والتقارير المضروبة
- المقاومة الاجتماعية والعبور للمستقبل
- التغيرات في السياسة الخارجية المصرية
- عشوائية الحكومة
- إسرائيل تفوز بالمبارة بين فتح وحماس
- تأملات فى الاحتجاجات العمالية الأخيرة في مصر
- حصار حرية التنظيم النقابي
- استمرار عدوان الليبرالية المتوحشة علي الحقوق الاقتصادية والا ...
- يعيش دستور 23 .. يسقط الخونة عملاء الاستعمار
- أيها اليساريون .. لا اقتنع بما تقولون لكم أفكاركم ولي أفكاري
- عفوية الجماهير وأزمة اليسار
- صحة المصريين للبيع
- مستقبل التطور الرأسمالي في مصر
- هل نبدا معركة تحرير النقابات العمالية؟
- حول موقف اليسار المصري من بعض القضايا الاقتصادية والاجتماعية
- اليسار المصري بين التحليل الطبقي وطق الحنك
- يريد الشعب حزباً من نوع جديد


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إلهامى الميرغنى - الانحياز الفني في فيلم حين ميسرة