أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - إلهامي الميرغني - مستقبل التطور الرأسمالي في مصر















المزيد.....


مستقبل التطور الرأسمالي في مصر


إلهامي الميرغني

الحوار المتمدن-العدد: 1724 - 2006 / 11 / 4 - 12:19
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


"ملاحظات علي تعليق الزميل عادل المشد"

قد آن يا كيخوت للقلب الجريح
أن يستريح ,
فاحفر هنا قبراً ونم
وانقش على الصخر الأصم :
يانابشا قبري حنانك , ها هنا قلب ينام ,
لافرق من عام ينام وألف عام ,
هذي العظام حصاد أيامي فرفقاً بالعظام .
أنا لست أحسب بين فرسان الزمان
أن عد فرسان الزمان
لكن قلب كان دوماً قلب فارس
كره المنافق والجبان
مقدار ما عشق الحقيقة .
قولوا " لدولسين " الجميلة..
أخطاب « .. قريتي الحبيبة :
هو لم يمت بطلاً ولكن مات كالفرسان بحثاً عن بطولة ..
نجيب سرور

جمعتني بالزميل عادل المشد تجربة عمل مشترك أيام ماكنا رجالة وبنقف وقفات رجاله زي محمد أبو سويلم ، ثم أخذتنا ظروف أكل العيش فقذفت بي إلي الخليج لأعود بعد سنوات بإصابة جديدة ، لأجد أن الكثير من الثوابت قد تغيرت وجرت في النهر مياه كثيرة.

كنت أتابع أخبار وتحركات الزميل عادل كما أتابع أخبار كل رفاقي الذين تقاسمت معهم سنوات الجمر الذي بردته الأيام والسنين.فقد عرفت بدوره في اللجنة الشعبية لدعم انتفاضة الشعب الفلسطيني ، ثم الحملة الشعبية. كما تحمست لما كتبه منذ فترة حول أهمية قيام ملتقي لليسار، وتزاملت معه من جديد في اتحاد اليسار، وحين قرأت تعليقه على الحوار الذي تم مع الزميل سامر سليمان أدركت أنه قد جرت في النهر مياه كثيرة وأن كل منا لما يعد في نفس موقعه القديم فكل منا تحرك في اتجاه غير الآخر وترددت في الرد ثم قررت أن أناقش الأفكار التي طرحها الزميل حتى نحدد حدود الاختلافات بيننا ومن ثم نكتشف هل يمكن أن نعمل معاً بشكل مشترك مرة أخري . أم أردد ما قاله سيدنا الخضر لموسي عليه السلام " هذا فراق بيني وبينك"!!!
لقد اختتم الزميل عادل مداخلته الهامة بقوله " إذا كانت بعض هذه الآراء صادمة لكثير من الزملاء في اتحاد اليسار، فيكفي أن تثير تلك الصدمة آراء أخري قد تكون أكثر نضجا مما طرحته من أفكار". ومعه كل الحق فقد طرح بشجاعة ووضوح أفكاره عن الكثير من القضايا التي يراوح حولها البعض خوفاً من الفرقة ولكنه كان مقدام في الدخول إلي هذه المناطق بما يتيح لي ولباقي الزملاء فكرة تعميق أفكارنا بشكل أوضح.

أما عن الصدمة من الأفكار التي طرحها فهي غير موجودة بل ونتوقع أكثر من ذلك ، فهناك مقولة لأحد أبطال ديستوفسكي "الجريمة والعقاب" يقول: " طالما أن الله غير موجود فكل شئ مباح" ومن حق أي زميل أن يطرح رؤيته لتطور الرأسمالية في مصر ، كما انه من حقي وحق آخرين الاختلاف والرد.هكذا تتحدد الاختلافات بيننا بشكل واضح ولكي نسير علي " ميه بيضا " حسب التعبير المعروف.

لقد طرح الزميل عدد من الموضوعات التي اتفق معه فيها واري أن نفكر فيها جميعاً بشكل مشترك ومنها:
• إن الموقف من القطاع العام والاستثمار الخاص لا بد أن يشتق من الهدف العام لليسار.
• أن يكون موقفنا من تطوير قوي الإنتاج ، وعلي رأسها قوة العمل هي المعيار الرئيسي الذي يحدد موقفنا من القضايا المختلفة.
• إننا نحتاج إلي سلطة مستقلة نسبياً عن الطبقات المالكة لوسائل الإنتاج كشرط ضروري للنهوض الاقتصادي.
• بدون بناء حركات اجتماعية تعبر عن الطبقات الشعبية ، لا يمكن تحقيق أي قدر من الاستقلال النسبي لسلطة البرجوازية. ( وهذا هو لب دورنا في المرحلة الحالية) .
• يجب النضال بقوة ضد خصخصة الخدمات وضد رفع الدعم . ( يجب وضع خطة للدفاع الاجتماعي في هذه القضايا)
• دعوة لتبني اتحاد اليسار لقضية إنشاء اتحاد عمال مستقل.

هذه هي القضايا التي اتفق فيها معه أما ما اختلف فيه من الأفكار الرئيسية في الورقة فهي :
ـ يرفض الزميل الحديث عن يعض الأفكار ويقول " بالنسبة لي يبدو أن استخدام توصيفات من هذا النوع، أو حتى استخدام تعبيرات وردت في تلك الفقرة من نوع "تدمير هيكل الإنتاج الوطني" أو" تفكيك بنية الاقتصاد" أو حتى " من أجل مزيد من الاعتماد علي الخارج"، كما لو كان هدفا في حد ذاته يتم السعي إلي تحقيقه، يبدو لي أن استخدام هذه التوصيفات غير الدقيقة ، نندفع إليه جميعا في بعض الأحيان بسبب المفارقة الصارخة بين ما نراه ممكنا وضروريا وأيضا لائقا ببلدنا، وبين الواقع المرير الذي نعيشه". وليسمح لي الزميل العزيز ببعض التساؤلات:
• بماذا نسمي تآكل 1.2 مليون فدان من الأراضي الزراعية الخصبة والذهاب لاستثمار مليارات الجنيهات لاستصلاح أراضى صحراوية؟!
• بماذا نسمي تراجع الإنتاج المصري من القطن وقصب السكر وانعكاس ذلك علي صناعتى الغزل والنسيج والسكر وكذلك علي احتياجات المصريين من هذه المنتجات؟!
• بماذا نسمي تصفية أصول إنتاجية مملوكة للدولة وبيعها كمعدات خردة وارض فضاء ؟ كما تجاوز عدد المصانع المتوقفة عن الإنتاج من القطاع الخاص 800 مصنع حيث أغلق 400 مصنع بمدينة العاشر من رمضان، و151 مصنع بمدينة السادس من أكتوبر، و170 مصنعا بمدينة برج العرب. وكشف تقرير صادر عن جمعية المستثمرين بمدينة السادس من أكتوبر أن 29% من المصانع بالمدينة، أغلقت أبوابها بسبب التمويل و11% بسبب الارتفاع الذي شهدته أسعار الخامات.
• بماذا نسمي إنفاق مليارات الجنيهات على قري سياحية ومشروعات عقارية مثل مدن الأشباح بينما انتشرت العشوائيات لتضم 17‏ مليون شخص يعيشون في‏1109‏ منطقة عشوائية في‏20‏ محافظة؟1
• ماذا يعنى تهريب أكثر من 200 مليون دولار إلي خارج مصر بينما نتسول استثمارات نقدم لها كل التسهيلات ولا تأتي؟!
• ماذا يعنى دخول بنوك القطاع العام في شراكة مع البنوك الأجنبية طوال الثمانينات والتسعينات ثم بيع حصتها بأبخس الأسعار ؟!
• ماذا نسمي إجبار بنوك القطاع العام على تمويل استثمارات فاشلة وتعثر كبار المقترضين عن السداد وتركز الائتمان الذي جعل 20 مستثمر يحصلون على 14.2 مليار جنيه بمتوسط 712 مليون جنيه لكل عميل و12.4 مليار لثماني عملاء بمتوسط 1.5 مليار جنيه لكل عميل؟!

الأمثلة عديدة وأستطيع سرد عشرات الأمثلة وليسميها الزميل عادل ومن لف لفه ما يشاءون . هذه هي الرأسمالية التابعة التي تحكمنا، وإذا كان الزميل يعترض على تعبيرات مثل تدمير وتفكيك هيكل الاقتصاد فإن ذلك هو ما تقوده ماما أمريكا علي المستوي العالمي وبماذا نسمي استنزاف الثروات الطبيعية من بترول وفحم وخوض الحروب من اجل السيطرة عليهم ، وبماذا نسمي التدمير البيئي وتزايد الانبعاث الحراري ورفض التوقيع علي اتفاقية كيوتو ، الا يسمي ذلك تخريب وتفكيك تقوده الرأسمالية المتوحشة من الولايات المتحدة وحتى أصغر دولة رأسمالية في العالم . وبماذا نسمي حرب الموز وحرب المنسوجات في العالم؟
ـ كما يرفض مقولة أن المزيد من الاعتماد على الخارج هدف في حد ذاته. وهنا اسأل وبماذا نسمي تنامي حجم الكمبرادور وزيادة مشاركتهم في صنع القرار ؟ الا يعتبر محمد منصور وزير النقل ممثل لهذه الفئة في الحكومة الحالية ؟كم وكيل للشركات الأجنبية عضو في لجنة السياسات؟ ألا تشكل العمولات التي يحصل عليها كبار موظفي الدولة حافز للمزيد من الاعتماد علي الخارج ؟ الم يتم تقليص زراعات وصناعات مصرية لصالح الاستيراد؟ لقد قالت أحد دراسات مركز المعلومات "يشكل الاستيراد خطورة تعرض الاقتصاد المصري لمخاطر تقلبات الأسعار العالمية.إن ارتفاع أسعار القمح في السوق العالمي بنسبة 10% يكلف الاقتصاد المصري 550 مليون جنيه. كما تؤثر تغيرات سعر صرف الدولار الأمريكي على أسعار القمح حيث تشكل الولايات المتحدة الأمريكية واستراليا أهم الدول التي نستورد منها بينما توجد دول أخرى مثل روسيا ورومانيا والهند وتركيا لو تم الاستيراد منها يمكن تخفيض 25% من تكلفة الاستيراد ( أ.د حمدي الصوالحي ، د. أحمد لبيب نجم ـ أثر تقلبات الأسعار العالمية للقمح على الاقتصاد المصري). لماذا يتم الاستيراد من الولايات المتحدة رغم الخسائر الا يشكل ذلك هدف للفاسدين في الحكم وللوكلاء الذين يعيشون على زيادة الواردات؟!!!
ـ يقول الزميل " أجد نفسي هنا في مواجهة مع أحد التقاليد الشائعة في أوساطنا ، ألا وهي نعت البرجوازية المصرية دائما وأبدا بالعجز والتخلف، بل والحكم علي مستقبل تطورها من واقع هذا الحكم علي نشأتها. وما يهمني هنا ليس فحسب عدم الدقة في دراسة تاريخ نمو البرجوازية في مصر ، والذي كان مليئا بصراعات بين قطاعات حركتها الرغبة في الدفع بالنمو الرأسمالي إلي آفاق مهمة ( لا يجب أن ننسي طلعت حرب في هذا السياق) ، وأخري أعاقت تلك الفئات الطموحة بحكم ارتباطاتها برأسمال الأجنبي أو بسبب عدم فك ارتباطها بطبقة كبار ملاك الأرض شبه الإقطاعيين . إن حقيقة أن الغلبة كانت للفئة الأخيرة، قد أنستنا أن نمو البرجوازية المصرية شأنه شأن كل الظواهر كان مليئا بالتناقضات. الأهم من ذلك التاريخ في تقديري هو الحكم علي مستقبل تطور الرأسمالية والقطع بعدم وجود أي أفق للنمو الرأسمالي في مصر" لقد استشهد الزميل بمقولة لرمز من رموز الرأسمالية المصرية هو طلعت حرب ولكن ليسمح لي بأن استعين بمقولة هامة لطلعت حرب عندما سعي لتأسيس بنك مصر حين قال " إن أموال البلاد معطلة ، بعضها مكتنز ، وبعضها في بنوك أجنبية،وكلاهما لا تستفيد منه البلاد شيئاً مذكوراً " أين طلعت حرب من طلعت مصطفي وطلعت السادات؟! أم علينا أن نشتري الوهم في انتظار رأسمالية محترمة ستأتي في المستقبل.
ـ كما يتساءل " هل تتحكم النشأة في الصيرورة ؟" وأجيبه نعم لأن المقدمات تقود للنتائج ، والتراكمات الكمية تؤدي إلي تغيرات كيفية ، وتغيرات الاقتصاد تتبعها تغيرات في السياسة ( معلش اتحملني أنا دقة قديمة ) . وغير مستعد لأن أركب الهوا في انتظار الرأسمالية الحلوة المنتجة اللي هاتعمل ديمقراطية وطبقة عاملة وحاجات حلوة خالص بس نصبر ونديهم فرصة مئتين ثلاثمائة سنة كمان خليهم ياخدوا وقتهم !!!!!!! وكما غنى فريد الأطرش فإن " الحب من غير أمل أسمي معاني الغرام ". علينا الانتظار حتى تظهر لنا الرأسمالية المصرية المستخبي والمتغطي الذي لا يراه قصيري النظر من أمثالي. علينا أن ننتظر لأن التغيرات الرأسمالية آتية لا ريب فيها لأنها قدر وحتمية ، أما الاشتراكية فهي مشروع مؤجل ليوم الحساب إلي أن تبني الرأسمالية الكويسة.
ـ يتحدث علي أن " التطور الرأسمالي سيناريو محتمل " وأنا اعتبره ليس سيناريو بل هو فيلم هابط نعيش أحداثه منذ عدة عقود ويجب أن ينتهي.إننا نعيش منذ سنوات في ظل الرأسمالية المشوهة التابعة ، أما الرأسمالية المنتجة التي تستكمل مهمات الثورة الوطنية الديمقراطية والتطور الرأسمالي فهي وهم غير موجود سوي في أذهان بعض الذين لا يتصورون الحياة بدون استغلال رأسمالي.
ـ كذلك يتساءل " لماذا تنغلق إمكانية النمو في مصر رغم حدوثها في أماكن أخري" وأقول أن لكل تجربة خصوصيتها ولكن التطور الرأسمالي العالمي لن يسمح بظهور نمور جديدة اوحتى قطط ولنرجع لكتاب الراحل العظيم الدكتور رمزي زكي عن " التجربة الآسيوية " لنعرف مدي وجود أفق للنمو الرأسمالي في الدول المتخلفة أم أن ذلك كان زمان وجبر. إن الإمبريالية والنظام الرأسمالي العالمي في منتصف السبعينات شئ وفى نهاية القرن ومطلع الألفية الثالثة شئ مختلف ، كيف يتحقق ذلك السيناريو في ظل شروط منظمة التجارة العالمية وحصار منظمات التمويل الدولية؟! ما هو مستقبل ذلك السيناريو في ظل العولمة المتوحشة وسيطرة الشركات المتعددة الجنسيات على الاقتصاد العالمي.فمن عبر انتهي أمره ومن لم يعبر عليه التفكير في طريق آخر.
ـ ينتقد الزميل ما كتبته قائلاً : من أي خبرة تاريخية استقينا أن التطور الرأسمالي يصبح ممكنا فقط إذا صار ضخ استثمارات للدولة في مجال الإنتاج السلعي بنص تعبير الزميل الهامي؟ ألم تدلنا جميع الخبرات التاريخية بلا استثناء بما فيها تجارب الدول الاشتراكية "سابقا" ، ودول التحرر الوطني- بما فيها مصر الستينات- أن القفزة التي تتحقق في البداية عند مركزة الاستثمارات في يد الدولة سرعان ما تتبدد ، ويتلوها ركود يبتلع كل ما تحقق في قفزة البداية؟ وهنا أحيل الزميل إلي ما جاء ضمن مقدمة جيمس ولفنسون لتقرير البنك الدولي السنوي عام 1997 المعنون "تقرير عن التنمية في العالم ، 1997 ، التنمية في عالم متغير " إن معجزات النمو في شرق آسيا في فترة ما بعد الحرب لم تأخذ بنهج الدولة التي تقوم بأقل دور ممكن ، بل أثبتت أن التنمية تحتاج إلى دولة فعالة ، تقوم بدور الحافز والميسر للتطور ، وتشجع أنشطة الأفراد ودوائر الأعمال وتكملها . ويقول الأستاذ أحمد فؤاد بلبع مترجم كتاب الفجر الكاذب لجون جراي : إن التنمية التي تسيطر عليها الدولة قد فشلت ، ولكن فشلت أيضاً التنمية التي تتم بغير تدخل الدولة – وهي رسالة تصل إلينا بوضوح تام من خلال معاناة سكان الدول التي إنهارت مثل ليبريا والصومال . وقد أثبت التاريخ أن الحكومة الجيدة ليست من قبيل الترف ، فهي ضرورة حيوية فمن غير دولة فعالة يتعذر تحقيق التنمية المستدامة ، سواء في جانبها الاقتصادي أو الاجتماعي. وأنا بدوري أسأل الزميل عادل وأنصار وجهة نظره أين حدث في العالم نمو رأسمالي يقوده قطاع الخدمات في ظل تخلف قوي الإنتاج وفى ظل تخلف قطاعي الزراعة والصناعة؟ باريت يعطونا أمثلة لنستفيد.
ـ يعتبر الزميل أن الحكم علي عدم وجود فرص للنمو الرأسمالي في بلادنا محبطاً ؟ ولا اعرف محبط للطبقات الشعبية أم للمنتظرين السمنة من .... النملة ؟! وكيف يمكن للطبقة العاملة في بلادنا أن تنمو بدون رأسمالية ، فإن ذك يصادر إمكانية بناء الاشتراكية؟ أم إننا من أنصار حرق المراحل والعياذ بالله.
لا ياصديقي ليس حرق للمراحل بل تحديد مهام تطوير قوي الإنتاج وتحديد الحلف الطبقي القادر علي تحقيق ذلك بغض النظر عن تسمية هذه المرحلة.تطوير الهيكل السلعي وإعادة توزيع الدخل بشكل أكثر عدالة، انه استكمال للمهام بحلف شعبي وليس لانتظار مشروع وهمي عن رأسمالية نقية لا بد أن تأتي ولو بعد حين.
إن الرأسمالية المنتجة في القطاعين الزراعي والصناعي تعاني الويلات أمام الشرائح الأخرى وشهرياً تخرج عشرات المشروعات من السوق لأنها تعجز عن مسايرة الفساد الجاري ، وربما يعرف الزميل عادل أكثر مني عشرات الأمثلة لمشروعات تقلصت وخرجت من السوق بسبب انسداد فرص النمو أمامها ولأن العملة الرديئة هي التي تسود والعملة الجيدة تخرج من السوق كما تعلمنا من قانون جريشام.
ـ يفضل الزميل تعبير مشروع للنهضة علي تعبير التنمية المستقلة ، ولكنني أعتقد أن هناك شروط لهذا المشروع منها انه مستقل عن مصالح الليبرالية المتوحشة وتوافق واشنطن ، ومستقل عن تكثيف الاستغلال الطبقي ولصالح الطبقات الشعبية وإعادة توزيع عادل للدخل. هل يمكن أن يتم ذلك بدون قيادة الرأسمالية لهذا المشروع؟ هل يمكن للحلف الشعبي استكمال مهمات التحول وتطوير قوي الإنتاج في ظل سلطة شعبية جديدة؟ وماذا ستكون طبيعة هذه السلطة ؟ هناك العديد من الأسئلة التي يمكن البحث فيها بعيداً عن الطبقة الرأسمالية النقية التي لن تأتي .
ـ يصل الزميل إلي القمة حين يعلنها بوضوح " أن تعبير التنمية المستقلة ينطلق من مفهوم فك الارتباط عن المنظومة الرأسمالية العالمية، وهو ما أراه هدفا غير ممكن في ظل الأوضاع العالمية القائمة اقتصاديا وسياسيا.أقصي ما يمكن الطموح إليه كهدف مرحلي في ظل تلك الأوضاع هو الاحتفاظ بدرجة معقولة من الاستقلالية النسبية مع عدم امكان الخروج من النظام الرأسمالي العالمي " هكذا طرحها وبوضوح حاسم إن الرأسمالية قدر لا فكاك منه ، بينما لم يفكر الزميل في إمكانية حدوث ذلك على الصعيد العالمي من خلال تحالف المضطهدين والمقهورين لإسقاط الليبرالية المتوحشة. إن الإرادة الحرة للبشر قادرة على التحرر من الرأسمالية وتغيير القدر،حقاً توجد شروط لذلك علينا أن نسعى لتوفيرها بدلاً من ترويج أفكار الاستسلام للقدر الرأسمالي.أن كلام الزميل يذكرني بأغنية قديمة لنجاة الصغيرة تقول " هل يملك النهر تغييراً لمجراه" والحقيقة أن الإرادة الشعبية هي التي تحقق ذلك فقد شهدنا تحويل نهر الأردن وتحويل مجري النيل لبناء السد العالي ثم لمفيض توشكي. فلو توافرت الإرادة الشعبية والحزب الثوري يمكن تغيير القدر الرأسمالي وجعل الاشتراكية هدف قريب لو توفرت مقومات قيامه.
ـ ويحدثنا عن أن الموقف من القطاع العام والاستثمار الخاص يجب أن يشتق من الهدف العام لليسار. هنا أفرق بين القطاع العام الذي حمل بأعباء تفوق طاقته وقادته إدارات فاشلة وفاسدة وتم تخسيره إجباريا لصالح القطاع الخاص ولنا في صناعة الحديد والصلب أوضح مثال. إن أي عاقل لا يمكن أن يدافع عن النموذج الفاسد فلسنا ناصريين نحاول استعادة أمجاد الستينات بل إننا نريد قطاع عام قادر على تحمل أعباء النهوض والنمو في ظل رقابة شعبية وإدارة شعبية قادرة على تسخيره لخدمة مشروع التنمية كما اسميه أو المشروع النهضوي كما يسميه الزميل عادل.
أما الاستثمار الأجنبي والخاص فلا بد أن يوجه للقطاعات التي تخدم مشروع التنمية،نحن لسنا ضد الأرباح في هذه المرحلة، ومع توفير كافة الضمانات للاستثمار الخاص والأجنبي بشرط أن يوجه لمشروعات تنموية وليس لإنشاء مطاعم وجبات سريعة وصناعات استهلاكية. نريد تطوير قوي الإنتاج والصناعات الرأسمالية ، لا نريد مشاريع تسليم المفتاح بل نريد تطويع وتوطين التكنولوجيا لخدمة الاقتصاد المصري ومشروع النهضة الذي يتحدث عنه عادل .وكل ما يساهم في ذلك على رأسنا من فوق أما ما يحدث علي مدي العقود الأخيرة فهو تخريب وتفكيك وحاجات أخري ممكن تزعل الزميل.
ـ ليست القضية الدفاع عن ملكية الدولة في مواجهة ملكية الأفراد ، يصر بعض الزملاء علي الخلط بين الخطاب الماركسي المنتقد للقطاع العام والحطاب الناصري وهو خلط متعمد مع سبق الإصرار والترصد.المشكلة ليست مجرد قضية الملكية أو انتقال الملكية بل قضية دور القطاع العام في توفير سلع استراتيجية وسلع في متناول الطبقات الفقيرة.لو يوجد قطاع خاص منتج أهلا به ولكنه غير موجود والقائم منه محدود التأثير. إن شكل الملكية ليس قضيتنا بل قضيتنا اكبر وأعمق واشمل ولا يجب تتفيهها بأنها مجرد تغيير شكل الملكية. ليشرح لنا الزملاء أبعاد تطور صناعة الحديد والصلب وصناعة الأسمنت وتأثير خصخصتهم على مجمل الاقتصاد وعلي صناعة البناء والتشييد.
لقد مرت قضية خصخصة بنك الإسكندرية دون اى مقاومة تذكر وهنا أحيل الزملاء إلي دراسة الدكتورة سلوى العنتري عن القطاع المصرفي في مصر 2020 لنقف علي حجم الكارثة، وأصبحنا نشهد سعار من البنوك الأجنبية المتطلعة للسيطرة علي السوق المصري ، ورغم أنني لا أدافع عن القطاع العام المصرفي بوضعه المهترئ الحالي وخدماته السيئة ، بل أدافع عن أداة رئيسية لتمويل أي مشروع نهضوي يريده الزميل عادل ، وهنا أتذكر ما قاله الدكتور عبدالمنعم القيسوني في بيانه أمام مجلس الأمة في 27/8/1957 حين قال:" إن كثيراً من فروع بنوك الدول المعتدية التي كانت تعمل في مصر تمنح قروضها إلي عملائها في مصر بناء علي أوامر مباشرة تأتيها من الخارج ويؤدي هذا أن سياسات الائتمان التي يقوم عليها الاقتصاد المصري كانت ترسم خارج البلاد ، ووفقاً لما تمليه مصالح غير مصرية . هذا علي الرغم من أن النفوذ الذي كانت تملكه هذه البنوك الأجنبية كان مستمداً مما يتجمع لديها من أموال مصرية ، وودائع يأتمنها المصريون عليها ومدخرات يحتفظون بها لديها، إذ أنه لم يكن لديها بمصر رؤوس أموال تذكر" .
القضية ليست مجرد شكل الملكية بل إلي أين تتوجه سياسات الائتمان.
ـ يقول " لو وجه اليسار عشر ما بذله من دعاية لمواجهة الخصخصة إلي الدعاية المناهضة لعلاقات العمل المشينة في القطاع الخاص ، لربما كانت أوضاع العمال واليسار أفضل" بل العكس يبدو أن الزميل لا يتذكر أن اليسار لم يواجه الخصخصة بالقدر المطلوب حيث تمت تصفية معظم فصائل الحركة الشيوعية التي كان يمكن أن تقود المواجهة ، وكان الجميع مشغولين بمناصرة الشعب الفلسطيني واللبناني ولم يناصر الشعب المصري ، أين التحركات التي تمت لمواجهة الخصخصة وباستثناء بعض الكتابات المحدودة الانتشار أين وكيف كانت المقاومة. ثم لماذا نضع هذا في مواجهة ذاك ؟!!! إن عدم دخول اليسار في مواجهة مع علاقات العمل المشينة في القطاع الخاص تقصير ولكن يواجهه تقصير آخر في الدفاع عن الثروة الوطنية التي تم إهدارها وكلا التقصيرين مرتبطين بأزمة الحركة الشيوعية من ناحية وترتيب أولويات النضال اليساري من ناحية أخري . ولا يجب أن نعيب زماننا والعيب فينا.

لقد أثار الزميل عادل المشد العديد من القضايا الهامة حول مستقبل الرأسمالية ومستقبل التغيير الاجتماعي في مصر وطرح أراء سبق أن طرحت وحدثت حولها خلافات من أيام كارل ماركس ومروراً بلينين وفى مختلف الأحزاب علي امتداد العالم، فالتعويل علي التحول الرأسمالي وكيف يتم ومن يقود التغيير هي قضية مثارة في صفوف اليسار من عشرات السنين وستظل كذلك إلي أن يحدث التحول العالمي الذي ينهي وإلي الأبد الاستغلال الرأسمالي ليبدأ فجر عصر جديد نتطلع إليه ونسعى لنحوله إلي حقيقة غير منتظرين لسمنة تأتي من رحم المجهول.

هل يمكن أن نعمل معاً لوقف خصخصة المرافق والخدمات ووقف إلغاء الدعم ، ومن اجل اتحاد عمال مستقل واتحاد فلاحين مستقل واتحاد طلاب مستقل ، هل نحن قادرين على العمل معاً حول هذه القضايا مع استمرارنا في النقاش حول باقي القضايا التي لازلنا مختلفين حولها.هل يتحمل اتحاد اليسار وجود هذين الاتجاهين وربما اتجاهات أخري بداخله . هذا ما سيتبلور علي أرض الواقع وهو أقوي من أي كلام يمكن أن يقال.



#إلهامي_الميرغني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل نبدا معركة تحرير النقابات العمالية؟
- حول موقف اليسار المصري من بعض القضايا الاقتصادية والاجتماعية
- اليسار المصري بين التحليل الطبقي وطق الحنك
- يريد الشعب حزباً من نوع جديد
- القديس يصعد إلي السماء
- نيران الغلاء تحرق أصحاب المعاشات
- يوم ترجل فارس جيل السبعينات
- أمثال يوسف درويش لا يموتون
- تأملات في أوضاع الطبقة العاملة المصرية 2006
- الفقراء يدفعون الضرائب والأغنياء يتحايلون
- المعاش المبكر والتخبط الحكومي
- كل عام والحوار المتمدن بخير كل عام واليسار العربي بخير
- تمزيق وتدمير الوطن ولى وطن آليت ألا أبيعه ولا أرى غيري له ال ...
- تمزيق وتدمير الوطن
- إعادة صياغة الوعي في زمن العولمة المتوحشة
- اللحم الرخيص
- ملاحظات حول ورقة من أجل حزب اشتراكي جديد
- لماذا وأين نتظاهر؟
- تحرير الأسواق كطريق للتنمية
- كلام أبو لبدة


المزيد.....




- غايات الدولة في تعديل مدونة الاسرة بالمغرب
- الرفيق حنا غريب الأمين العام للحزب الشيوعي اللبناني في حوار ...
- يونس سراج ضيف برنامج “شباب في الواجهة” – حلقة 16 أبريل 2024 ...
- مسيرة وطنية للمتصرفين، صباح السبت 20 أبريل 2024 انطلاقا من ب ...
- فاتح ماي 2024 تحت شعار: “تحصين المكتسبات والحقوق والتصدي للم ...
- بلاغ الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع إثر اجتماع ...
- صدور أسبوعية المناضل-ة عدد 18 أبريل 2024
- الحوار الاجتماعي آلية برجوازية لتدبير المسألة العمالية
- الهجمة الإسرائيلية القادمة على إيران
- بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية ...


المزيد.....

- مساهمة في تقييم التجربة الاشتراكية السوفياتية (حوصلة كتاب صا ... / جيلاني الهمامي
- كراسات شيوعية:الفاشية منذ النشأة إلى تأسيس النظام (الذراع ال ... / عبدالرؤوف بطيخ
- lمواجهة الشيوعيّين الحقيقيّين عالميّا الإنقلاب التحريفي و إع ... / شادي الشماوي
- حول الجوهري والثانوي في دراسة الدين / مالك ابوعليا
- بيان الأممية الشيوعية الثورية / التيار الماركسي الأممي
- بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة ف. آي. لينين (النص كاملا) / مرتضى العبيدي
- من خيمة النزوح ، حديث حول مفهوم الأخلاق وتطوره الفلسفي والتا ... / غازي الصوراني
- لينين، الشيوعية وتحرر النساء / ماري فريدريكسن
- تحديد اضطهادي: النيوليبرالية ومطالب الضحية / تشي-تشي شي
- مقالات بوب أفاكيان 2022 – الجزء الأوّل من كتاب : مقالات بوب ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - إلهامي الميرغني - مستقبل التطور الرأسمالي في مصر